المستقبل
بقيت مجزرة طرابلس في عين الحدث، مثلما بقي الهاجس الأمني مسيطراً على عموم المناطق اللبنانية... والمدينة الثكلى بشهدائها وجرحاها التي تواصل لملمة آثار الجريمة المزدوجة التي استهدفتها، تلقّت أمس زيارة عزيزة قام بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اليها، مقدّماً العزاء ومشاركاً في تقبّله مع فعاليتها وشخصياتها وأهل ضحاياها، فيما تمنّت النائب السيدة بهية الحريري على رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان دعوة اللبنانيين المنتجين في كل القطاعات الى "وقفة وطنية" في قصر بعبدا في الأول من أيلول "لتأكيد الإرادة الجامعة لبقاء لبنان ووحدته واستقراره".
الحكومة
في موازاة ذلك، كان الشأن الحكومي يتقدم بشكل ملحوظ على طريق التأليف. حيث علمت "المستقبل" ان الرئيس سليمان مصمّم على "تشكيل حكومة في وقت قريب"، وانه أطلق بالتنسيق مع الرئيس المكلّف تمام سلام عقب لقائهما أمس في قصر بعبدا محرّكات تشكيل الحكومة ووضعاها على "نار حامية".
وفي المعلومات أن الرئيس سليمان بالتنسيق الكامل مع الرئيس سلام سوف ينطلقان من صيغة 8 8- 8 وإذا لم تنجح هذه الصيغة فقد يلجآن الى صيغ أخرى، وهما "لن يطفئا" محركات التشكيل التي عادت للدوران بسرعة نتيجة الوضع الأمني الخطير الذي بلغته البلاد مع التفجيرات التي استهدفت الضاحية الجنوبية وطرابلس.
وقالت أوساط الرئيس المكلّف لـ"المستقبل" ان الرئيس سلام يكثف في الفترة الحالية مشاوراته واتصالاته من أجل تشكيل الحكومة، وهو يتابع هذه الاتصالات بعيداً عن الأضواء للتوصل الى "صيغة حكومية معينة".
وأشارت الأوساط الى أن الحكومة العتيدة ستكون "سياسية غير استفزازية وخصوصاً في ظل الأجواء المشحونة التي تمر فيها البلاد حالياً"، مشدّدة على ان الثوابت التي طرحها الرئيس المكلّف "لا تزال هي نفسها".
وإذ أشارت الى أن الاجتماع الذي عقده الرئيس سلام مع الرئيس سليمان جاء في إطار التواصل المستمر لجوجلة نتائج المشاورات، لم تستبعد الأوساط أن يكون قطار التأليف قد "اصبح قريباً من محطته النهائية".
التصعيد..
على الجانب الآخر، كان لافتاً الكلام الذي قاله رئيس كتلة "حزب الله" النائب محمد رعد من أن "مؤشرات التصعيد تبدو واضحة في المرحلة المقبلة"، معتبراً ان "أعداء هذا الوطن(...) اتخذوا قراراً بتسعير النيران في هذا البلد"، محذراً في الوقت نفسه "من أن تشكيل حكومة الأمر الواقع لا يمكن أن يُفهم منه سوى انه صبّ للزيت على النار"!.
طرابلس
ومن طرابلس، وخلال مشاركته في مجلس العزاء الذي أقيم في "معرض رشيد كرامي الدولي" بدعوة من بلدية المدينة وهيئات المجتمع المدني ودار الافتاء وأهالي الضحايا الشهداء، أمل البطريرك الراعي أن يعي المسؤولون "خطورة المرحلة" وأن تكون الدماء التي أُهرقت "فداء عن لبنان والسلام فيه وفي الشرق الأوسط".
وأكد "ان هذا المصاب مصابنا جميعاً. فنحن عائلة واحدة ولا يمكن إلا أن نفرح معاً أو نحزن معاً، ونحن نصلّي لراحة أنفس الموتى الشهداء وشفاء الجرحى وتأوية ومؤاساة كل الذين هجّروا من بيوتهم وخسروا جنى عمرهم، ونعرب عن تضامننا وتعاطفنا معهم". ووجه نداء الى الأفرقاء السياسيين المتنازعين في لبنان وقال: "لا يكفي أن نندّد ونستنكر ونعزّي بالكلام، أنا أعتقد أن دماء شهدائنا في طرابلس والدماء التي أريقت في الضاحية في بيروت تستصرخ ضمائرنا جميعاً وبنوع خاص الأفرقاء المتنازعين في لبنان وأقول لهم ان كل الذين سقطوا شهداء أعتقد أنهم سقطوا نتيجة عدم التوافق وعدم المصالحة، نتيجة عدم الجلوس معاً، لنتحمل معاً الواقعة في لبنان ونواجه التحديات الكبيرة".
الحريري
وبدورها أكدت النائب السيّدة الحريري خلال زيارة تفقّدية للمدينة حاملة معها تحيّات وتضامن الرئيس سعد الحريري ومبادرة لتقديم مساعدات عاجلة للمتضرّرين من الجريمة المزدوجة فيها، "ان ما رأيناه هو صورة متنقلة للنيل من لبنان. وهي جريمة ليس لها دين أو مذهب(...) وموجهة الى هذه الفرادة في التنوع والاصرار على هذا التنوع". وأشارت الى أنه عندما اغتالوا رفيق الحريري استهدفوا لبنان وعندما استهدفوا طرابلس إستهدفوا صيغة لبنان ورسالته، وعندما استهدفوا الرويس إستهدفوا هذه الصيغة أيضاً".
وتمنّت الحريري على "فخامة الرئيس، المواطن الكبير في دولة لبنان الكبير وعلى إدارات القصر الجمهوري دعوة اللبنانيين المنتجين في كل القطاعات الزراعية والصناعية والاقتصادية والنقابية والتعليمية والصحية والجامعات والمستشفيات للوقوف وقفة وطنية في الأول من أيلول لنتمكن فعلاً أن نرسل رسالة اطمئنان الى أهل طرابلس والضاحية وكل اللبنانيين بأنه توجد إرادة حقيقية ومسؤولية جامعة لبقاء لبنان ووحدته واستقراره وأمنه المتمثل فقط بالجيش اللبناني والقوى الأمنية".
وشدّد "تيار المستقبل" بعد اجتماع لمنسقيّات طرابلس والشمال في حضور النائب الحريري على أن "الدعوات الى الأمن الذاتي هي وقوع في فخّ الذين يريدون تغييب الدولة لصالح مشاريعهم الخاصة في تفكيكها ووضع اليد عليها. منوّهاً بـ"تضامن المواطنين وتعاونهم مع القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي باعتباره الوسيلة الفضلى لضبط الأمن وتوفير الأمان للناس".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق