الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

القاعدة - إيران وجهاً لوجه في لبنان

النهار
مع ان الحصيلة الدامية للتفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا امس السفارة الايرانية في منطقة بئر حسن بالجناح لم تكن الاكبر قياسا بالتفجيرات الارهابية السابقة في الضاحية الجنوبية وطرابلس قبل اشهر، فإن هذا التطور الارهابي الجديد شكل نقلة بالغة الخطورة على صعد عدة من شأنها ان تستبيح لبنان لصراع اقليمي مفتوح على التطورات الميدانية في سوريا والصراعات الاقليمية الاوسع .
وتمثلت خطورة التفجيرين في استهدافهما اولا السفارة الايرانية في لبنان مباشرة وللمرة الاولى منذ نشوب الازمة السورية. كما برزت هذه الخطورة ثانيا في تشكيل الهجومين الاعتداء الانتحاري الاول في لبنان منذ ثلاثة عقود اي منذ الهجومين الانتحاريين على مقري "المارينز" والمظليين الفرنسيين ضمن القوة المتعددة الجنسية عام 1983 . اما وجه الخطورة الثالث فكان في اعلان جماعة "كتائب عبدالله عزام" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" مسؤوليتها عن الاعتداءين الارهابيين بلسان احد مشايخها اللبنانيين الذي اعتقل سابقا في لبنان واطلق قبل سنتين .
هي مواجهة مباشرة اذا بين القاعدة وايران دفعت الوضع الداخلي نحو متاهة غير مسبوقة كشفتها وقائع التفجيرين اللذين اوقعا 23 ضحية ونحو 150 جريحا وأثارا موجة مخاوف عارمة داخليا وخارجيا ترجمتها ردود الفعل الواسعة التي بلغت حدود صدور بيان عن مجلس الامن فيما كانت الولايات المتحدة في صدارة الدول المستنكرة للتفجيرين .
وعلمت "النهار" من مصادر مواكبة للتحقيق الجاري في انفجاري الجناح ان سائق الدراجة الانتحاري كان يحمل حزاما ناسفا مفخخا بخمسة كيلوغرامات من مادة الـ (ت ن ت) فيما كان الانتحاري الثاني يقود سيارة مفخخة بـ 60 كيلوغراما من هذه المادة,، والسيارة من نوع "شيفروليه فورمولا" وتبين انها مسروقة. وقد أمكن التعرّف على اشلاء الانتحاريين، فأمر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر برفع عينات منها الى المختبر الجنائي لاجراء تحليل الحمض النووي الـ(DNA)، توصلا الى مطابقتها ومعرفة هويتي صاحبيها.
وفي المعلومات المتوافرة لدى "النهار" ان السفير الايراني غضنفر ركن آبادي كان يهم بمغادرة السفارة لحظة حصول الانفجار الانتحاري الاول الذي قضى فيه الملحق الثقافي الايراني الشيخ ابرهيم الانصاري، وعندها عاد السفير الى مبنى السفارة الذي يبعد قرابة 75 مترا عن سورها. وقبل وصول الانتحاري الاول الى سور السفارة راكبا دراجة نارية اطلق حراس السفارة النار عليه فسارع الى تفجير نفسه وقتل معه احد الحراس، ثم اسرع مسؤول الحرس رضوان فارس في اتجاه السيارة التي كان يقودها الانتحاري الثاني مطلقا رشقات من سلاحه، كما سارع احد الحراس الى فتح باب السيارة المندفعة نحو السفارة بعدما اعاقت تقدمها سيارة بيك اب لتوزيع المياه وعندها فجر الانتحاري السيارة فقتل رضوان ومعه عنصران آخران من حرس السفارة. وقالت مصادر امنية لـ "النهار" انه عثر على تذكرة هوية لبنانية في حوزة الانتحاري الاول باسم م. ق. مواليد 1990 وتبين لاحقا انها مزورة . وقد التقطت كاميرات المراقبة التابعة للسفارة صور الانتحاريين ويعمل فريق من الخبراء على التدقيق فيها وتحليلها .
وبعد اقل من ساعتين من حصول التفجيرين، اعلن احد الاعضاء البارزين في جماعة "كتائب عبدالله عزام " سراج الدين زريقات في حسابه بموقع "تويتر" ان هذه الكتائب "تقف خلف غزوة السفارة الايرانية في بيروت"، موضحا انها "عملية استشهادية مزدوجة لبطلين من ابطال السنة في لبنان". واكد ان "العمليات ستستمر حتى يتحقق مطلبان الاول سحب عناصر حزب الله من سوريا والثاني فكاك اسرانا من سجون الظلم في لبنان".

"حزب الله"
وصرح احد وزراء "حزب الله" لـ "النهار" بأن الهجمات الانتحارية كانت واردة في حسابات الحزب وخصوصا بعد انفجار الرويس الاخير الذي رفع منسوب الخطر. وقد قام الحزب مع القوى الامنية بما عليه لمواجهة هذا الخطر. اما انفجارا السفارة امس فقد ادخلا لبنان في معادلة جديدة لأنهما يستحضران النموذج العراقي، وكان الهدف امس تدمير السفارة الايرانية، لكن المخطط فشل وان يكن نجح جزئيا من خلال ايقاع عدد كبير من الضحايا في صفوف المدنيين. أما كيف ستتم مواجهة هذا النمط الجديد من الهجمات، فهو موضع متابعة وتمحيص ولا اجوبة حاليا.

14 آذار
وابلغت اوساط في 14 آذار "النهار" ان فريقها ندد بالاجماع بتفجيري السفارة الايرانية، فيما عقد اطرافها لقاءات مساء امس بعيدا من الاضواء. وقالت "ان ثمة تخوفا من ان يؤدي استمرار تدخل "حزب الله"في سوريا الى عرقنة لبنان. فهم ذهبوا الى الحرب في سوريا فأتوا بالحرب الى لبنان. ومن غير المنطق ان نتوقع منهم تراجعا، مما يؤدي الى جرّ لبنان أكثر فأكثر الى أتون سوريا". ولفتت الى "ان جزءا من 8 آذار لا يرحب بالتورط في الحرب السورية".

بري
اما رئيس مجلس النواب نبيه بري، فاعرب لـ"النهار" عن خشيته "ان يتحول لبنان ساحة للجهاد بحسب توصيف الجماعات الارهابية والتكفيرية على غرار ما هو حاصل في العراق وسوريا وان يغرق بلدنا في هذا النوع من العمليات". ودعا الى اجتماع القيادات السياسية على طريق الحوار والتلاقي، منوها بالمواقف المنددة بالتفجيرين للرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة.

مجلس الامن
وعلى صعيد ردود الفعل الدولية أفاد مراسل "النهار" في نيويورك ان مجلس الامن ندد بشدة أمس بـ"الهجوم الإرهابي" الذي استهدف السفارة الايرانية في بيروت، وطالب بجلب الفاعلين الى العدالة. وحض اللبنانيين جميعاً على مواجهة "محاولات تقويض استقرار بلدهم" واحترام سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية.
وتلا رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة ليو جيي البيان الصحافي الذي أقره أعضاء المجلس. وعبر المجلس عن "تنديده الشديد بالهجوم الإرهابي الذي وقع في 19 تشرين الثاني على سفارة الجمهورية الإسلامية الايرانية في بيروت، لبنان، مما أدى الى مقتل ما لا يقل عن 23 شخصاً وجرح أكثر من 140 في المحيط"، مشيراً الى أن "جماعة مرتبطة بالقاعدة أعلنت مسؤوليتها" عن الهجوم. وأكد أن "الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره يشكل واحداً من أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين، وأن أي أعمال ارهابية اجرامية وغير مبررة، بصرف النظر عن دافعها، وأينما وقعت وفي أي وقت وكائناً من كان مرتكبها". وإذ شدد أيضاً على "الحاجة الى جلب الفاعلين الى العدالة"، ذكر بـ"المبدأ الرئيسي لحصانة البعثات الديبلوماسية، وواجبات الحكومات المضيفة، بما في ذلك وفقاً لمعاهدة فيينا لعام 1961 الخاصة بالعلاقات الديبلوماسية ومعاهدة فيينا لعام 1963 للعلاقات القنصلية، من أجل اتخاذ كل الخطوات المناسبة لحماية البعثات الديبلوماسية والقنصلية ضد أي تدخل أو ضرر، ومنع أي تشويش لسلامة هذه البعثات أو الحط من كرامتها، ومنع أي هجوم على البعثات الديبلوماسية، والعاملين فيها والموظفين القنصليين".
كما ذكر بالبيان الرئاسي الذي أصدره المجلس في 10 تموز 2013، مناشداً "الشعب اللبناني الحفاظ على الوحدة الوطنية في وجه محاولات تقويض استقرار البلاد". وأبرز "أهمية أن يحترم كل الأطراف اللبنانيين سياسة لبنان النأي بالنفس والامتناع عن أي تورط في الأزمة السورية، بما يتسق مع التزامهم في بيان بعبدا".
وخلال تقديمه الإحاطة الشهرية لأعضاء مجلس الأمن عن "الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية"، ندد وكيل الأمين العام للشؤون السياسية جيفري فيلتمان بـ"الهجوم المدمر (الذي) استهدف بوضوح السفارة الايرانية".

واشنطن
وفي واشنطن ("النهار") نددت الولايات المتحدة "بقوة بالهجوم الارهابي المشين على السفارة الايرانية في بيروت" وقدمت تعازيها لعائلات الضحايا. وحض وزير الخارجية جون كيري في بيان له جميع الاطراف على ممارسة ضبط النفس والحفاظ على الهدوء وتفادي "تأجيج الوضع أكثر". وقال البيان إن "الولايات المتحدة تعرف جيداً كلفة الارهاب الموجه الى ديبلوماسيينا في جميع انحاء العالم، وقلوبنا تتعاطف مع الشعب الايراني بعد هذا الهجوم العنيف وغير المبرر والذي أدى الى مقتل احد ديبلوماسييهم على الأقل"، وذلك في اشارة ضمنية الى مقتل الملحق الثقافي في السفارة.
واضاف: "نحن ندعم التزام حكومة لبنان اجراء تحقيق شامل، وندعو جميع الاطراف للتعاون مع التحقيق الذي ستجريه الحكومة اللبنانية في هذه الجريمة ونحض على جلب المسؤولين عنه الى العدالة". وخلص الى ان "اعمال الارهاب تعزز تصميمنا على دعم مؤسسات الدولة اللبنانية بما في ذلك القوات المسلحة اللبنانية وقوى الامن الداخلي لضمان استقرار لبنان وسيادته استقلاله".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق