المستقبل
رغم هدير محركات اللقاءات والمشاورات المتزاحمة لا سيما ما برز منها خلال الساعات الأخيرة على خط «عين التينة»، إلا أنّ المركب الوطني لم يستطع حتى الساعة تجاوز حاجز المراوحة رئاسياً، حكومياً وتشريعياً. فعلى المستوى الرئاسي يدرس البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي اتخاذ «خطوات ضغط جديدة» بعد جلسة التاسع من الجاري وفق ما كشفت مصادر اللقاء الذي جمعه أمس بوفد المؤسسات المارونية لـ«المستقبل»، ناقلةً عنه «رفضه المطلق للتشريع في ظل الشغور الرئاسي وتأييده ممارسة مجلس الوزراء صلاحياته الدستورية وكالةً عن الرئيس مع تشديده على ألا تطول مدة الوكالة»، وابدى في هذا السياق «استياءً متعاظماً من استمرار تعطيل النصاب لانتخاب الرئيس وهواجس حقيقية من أنّ «حزب الله» يريد الوصول إلى «المثالثة» في السلطة». في وقت لفت تصريح أمس لرئيس كتلة الحزب البرلمانية النائب محمد رعد شدد فيه على أنه «بعد الانتصارات في لبنان وسوريا، الرئيس الذي يضمر الخصومة للمقاومة لا مكان له في بلدنا«.
حكومياً، أكدت أوساط الرئيس تمام سلام لـ«المستقبل» أنّ لقاءه أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري تناول «وضع المجلس النيابي وعمل الحكومة في هذه المرحلة»، مكتفيةً بالإشارة في ما خصّ نتائج اللقاء إلى أنّ «الأمور لا تزال على ما هي عليه». أما على المستوى التشريعي، فتغوص الكتل النيابية في نقاشات داخلية وبينيّة تمهيداً لتحديد الموقف حيال جلسة سلسلة الرتب والرواتب التي دعا إليها بري الثلاثاء المقبل، وفي هذا السياق عقدت قوى الرابع عشر من آذار أمس الأول اجتماعاً تشاورياً إزاء الاستحقاقات والمستجدات السياسية والدستورية، وقال الرئيس فؤاد السنيورة لـ«المستقبل»: «لا زلنا في كتلة «المستقبل» ندرس مع الحلفاء الموضوع في ما يتعلق بالجلسة التشريعية المقبلة ولم نتخذ قراراً بعد حيالها، لكن من المؤكد أننا سنحدّد قرارنا كقوى 14 آذار في هذا الشأن خلال اليومين المقبلين». وعن جلسة الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها الاثنين، أجاب: «لا يزال القديم على قدمه».
وعلى خط كليمنصو، أوضحت مصادر «جبهة النضال الوطني» لـ«المستقبل» أنّ الزيارة التي قام بها الوزير وائل أبو فاعور أمس موفداً من النائب وليد جنبلاط إلى عين التينة إنما أتت تحت عنوان «لا لتعطيل مجلسي النواب والوزراء»، مشيرةً إلى أنّها «الرسالة الأساس» التي يريد جنبلاط التوكيد عليها في هذه المرحلة الاستثنائية. وعن الموقف من جلسة السلسلة الثلاثاء، أوضحت المصادر أنّ «الأمور قيد الدرس بانتظار اتخاذ الكتلة القرار المناسب حيال الجلسة»، لافتةً في هذا الإطار إلى أنّ «جبهة النضال» لا تزال تعتبر أنّ «الإصلاحات المتوخاة في مشروع السلسلة غير محققة في ما هو مطروح راهناً، وهي متمسكة بما طرحته من بنود إصلاحية حقيقية وأساسية لتأمين التوازن بين الواجبات والإمكانات».
بكركي
بالعودة إلى لقاء البطريرك الراعي مع وفد المؤسسات المارونية في بكركي، فقد أطلعه الوفد على نتائج جولته على الأقطاب الموارنة وأوضحت مصادر اللقاء لـ«المستقبل» أنّ الراعي أعرب عن «استيائه الشديد من المراوحة الحاصلة في الانتخابات الرئاسية، وأكد أنّ التشريع في هذه المرحلة مرفوض رفضاً قاطعاً باعتبار أنّ المجلس النيابي يبقى هيئة ناخبة حتى انتخاب الرئيس الجديد استناداً إلى المادة 75 من الدستور»، مشيرةً في ما يتصل بالملف الحكومي إلى أنّ «البطريرك يؤيد ممارسة الحكومة صلاحياتها الدستورية وكالةً عن رئيس الجمهورية مع تشديده في الوقت عينه على أنّ هذا التوكيل يجب ألا تطول مدته الزمنية من خلال الدفع باتجاه الإسراع في انتخاب الرئيس العتيد لأنّ غبطته يرفض أن يبقى جسم الجمهورية بلا رأس». وإذ نقلت عن الراعي قوله: «لا مرشح لديّ ولا أفضّل مرشحاً على آخر إلا بمقدار التزامه بمذكرة بكركي»، أشارت المصادر إلى أنّ «اقتراحاً أثير خلال اللقاء ويقضي بأن يكمل وفد المؤسسات المارونية جولاته لتشمل المرجعيات المسيحية الأخرى والقيادات الإسلامية ممثلةً بالرئيسين بري وسلام والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط»، مؤكدةً في الوقت نفسه أنّ «أي قرار نهائي لم يُتخذ بعد حيال هذا الاقتراح».
الراعي وكيري
من جهتها، كشفت مصادر مطلعة على محادثات البطريرك مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري في مطرانية بيروت للموارنة لـ «المستقبل» أنّ الراعي سلّم كيري «ورقة مكتوبة تعبّر عن هواجس بكركي كي يتولى نقلها إلى الإدارة الأميركية»، وأشارت المصادر إلى أنّ الراعي طلب خلال اللقاء مع كيري «أن تعمل الولايات المتحدة مع إيران والسعودية لتسهيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي بغض النظر عن اسم أو مواصفات الرئيس العتيد، قوياً كان أم غير ذلك، المهم إنهاء الشغور في سدة الرئاسة الأولى في أسرع وقت ممكن». أما كيري فلفتت المصادر إلى أنه «وعد البطريرك بالمساعدة قدر المستطاع في هذا الموضوع مع تأكيده أنّ واشنطن لا تتدخّل في التفاصيل وكل ما يهمها هو تحصين الاستقرار في لبنان».
وفي معرض إعراب الراعي عن قلقه من تداعيات ملف النزوح السوري إلى لبنان، نقلت المصادر أنه قال للضيف الأميركي: «النازحون يستنزفون خزينة الدولة»، فأبلغه كيري أنّ بلاده قدمت مساعدات للبنان بقيمة 51 مليون دولار واعداً بمزيد من الدعم في مواجهة هذه الأعباء، متطرقاً في سياق حديثه أيضاً إلى ملف النفط فأعرب عن عزم واشنطن على المساعدة في موضوع ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل وعلى الدخول في المناقصات ذات الصلة عبر الشركات الأميركية المتخصصة بهذا الملف».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق