النهار
غداة العملية النوعية التي نفذها الجيش في بلدة عاصون بقضاء الضنية، وأوقف خلالها أحمد ميقاتي الذي يعتبر أحد المطلوبين الأشد خطورة بين الارهابيين المرتبطين بتنظيم "داعش"، لم يكن تحريك الوضع الامني مساء امس في طرابلس سوى انعكاس لترددات هذه العملية العسكرية – الامنية التي كشفت على ما يبدو امتدادات "نائمة" للخلايا الارهابية.
واتخذت الاشتباكات التي شهدتها طرابلس مساء امتدادا حتى ساعات الليل بعدا خطيرا، اذ تبين ان مجموعات مسلحة أعدت لتفجير الوضع سلفا بدليل الانتشار المسلح الكثيف الذي حصل في عدد من أحياء المدينة وعمليات الكرّ والفرّ التي أعقبت انطلاق الشرارة الاولى للاشتباكات واتساعها الى مناطق عدة. واذ استعادت المدينة أجواء الجولات القتالية السابقة لتنفيذ الخطة الامنية فيها، تسارعت الاتصالات السياسية والامنية ليلا في مسعى لاحتواء التفجير ومنع تفاقم الوضع، وخصوصا بعدما لجأت مجموعة مسلحة الى التحصن داخل احدى الكنائس الامر الذي اكتسب دلالة خطرة.
وكان الوضع قد انفجر عقب اعتداء على دورية للجيش ذكر انها كانت تدهم منطقة التربية التي كان يقيم فيها الموقوف احمد سليم ميقاتي الذي أوقفه الجيش في عملية عاصون. وبعد الثامنة مساء شهدت مناطق السويقة والتربيعة والقلعة اشتباكات حادة سرعان ما امتدت الى الاسواق الداخلية ومحيط التل وباب الحديد والسرايا القديمة فيما وصلت تعزيزات للجيش وانتشرت في معظم احياء المدينة وقطع الجيش طرقا عدة وأقام حواجز تفتيش. وأفادت معلومات أمنية ان الجيش قتل مسلحا قرب التل وأوقف مجموعة من أربعة مسلحين، ثم لاحق مجموعة أخرى لجأت الى كنيسة السريان القديمة في الزاهرية وتحصنت فيها، بينما ضرب الجيش طوقا حول الكنيسة. وأفيد ان ضابطا برتبة ملازم أول وأكثر من أربعة عسكريين من فوج التدخل الاول أصيبوا بجروح في الاشتباكات في الاسواق موقفها الى اصابة ثلاثة مدنيين بجروح.
وعلمت "النهار" ان نحو 50 مسلحا على الاقل تولوا الاعتداءات على الجيش وراحوا يفرون في اتجاهات متعددة لتشتيت القوات التي كانت تطاردهم. ولكن اقفال الجيش عددا من الطرق حال دون تمكنهم من الاستعانة بمسلحين آخرين مما يعني ان التفجير كان معدا سلفا.
وتراجعت حدة الاشتباكات نسبيا بعد عمليات التطويق للمجموعات المسلحة التي نفذها الجيش، ولكن ظل الوضع على توتره بعد العاشرة ليلا وكانت تسجل رشقات رشاشة واطلاق بعض القذائف الصاروخية بين الحين والاخر.
وفي سياق متصل بعملية عاصون، أعلنت قيادة الجيش انه نتيجة فحص الحمض النووي "دي ان آي" لاحدى جثث المسلحين تبين انها للمجند الفار عبد القادر الاكومي.
سلام وقهوجي
وقد اطلع رئيس الوزراء تمام سلام امس من قائد الجيش العماد جان قهوجي على نتائج زيارته الاخيرة لواشنطن ومشاركته في اجتماع رؤساء اركان جيوش الدول التي تنضوي في إطار الائتلاف الدولي ضد تنظيم "داعش". وتخلل اللقاء تقويم للوضع في عرسال عشية جولة جديدة من المفاوضات لاطلاق العسكريين المخطوفين، كما أطلع قهوجي سلام على تفاصيل عملية الضنية التي اسفرت عن مقتل ثلاثة ارهابيين وتوقيف رابع " والتي جنبت منطقة الشمال ولبنان عمليات ارهابية خطيرة كانت قيد التخطيط ". وكانت ثمة متابعة ايضا لما آلت اليه الهبة السعودية الثانية للجيش وسائر القوى الامنية.
وأبدى العماد قهوجي "إنزعاج قيادة الجيش من مواقف تناولت قيادتها والمؤسسة العسكرية ككل".
وفي موضوع العسكريين المخطوفين اشارت معلومات الى ان الجانب اللبناني لا يزال ينتظر عودة الوسيط القطري بمطالب الخاطفين وان قناة التفاوض الوحيدة التي تعترف بها الحكومة هي القناة القطرية فيما القنوات الاخرى التي يتدخل عبرها بعض المشايخ او المسؤولين المحليين قد تؤدي الى عرقلة الجهود المبذولة للافراج عن المخطوفين . واشارت هذه المعلومات الى ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم اتفق مع الجانب القطري على تولي الوسيط القطري المكلف هذه المهمة وحده التفاوض في هذه القضية .
وفي الملف السياسي، تنتظر الاوساط النيابية والسياسية جولات تشاور واسعة اعتبارا من الاسبوع المقبل تمهيدا لبت الاتجاهات النهائية في شأن التمديد لمجلس النواب في جلسة لن يحدد رئيس مجلس النواب نبيه بري موعدها قبل ضمان معالجة العقدة المسيحية وتأمين ميثاقية الجلسة، علما ان هذا الموعد مرجح بعد ذكرى عاشوراء في الثالث من تشرين الثاني المقبل.
مكاري
وتوقع نائب رئيس المجلس فريد مكاري في حديث الى "النهار" ان يطلب عدد كبير من النواب ان يكون التمديد، أيا تكن مدته، مرتبطا بانتخاب رئيس الجمهورية ووضع قانون انتخاب يتفق عليه وان رأيهم سيؤخذ في الاعتبار. وقال ان هذا الربط سيكون جزءا من التفاهم على التمديد بين الكتل التي تؤيده . اما في الملف الرئاسي فأعرب مكاري عن اعتقاده ان لا انتخاب لرئيس جديد للجمهورية في سنة 2014.
"حزب الله"
وعلمت "النهار" ان مسؤولا بارزا في "حزب الله" أكد امام زواره ان مرشح الحزب هو العماد ميشال عون. واوضح ان الوقت لا يزال مبكرا لانجاز الاستحقاق الرئاسي نظرا الى التعقيدات المحيطة به. ولفت الى ان نصاب جلسة انتخاب رئيس للجمهورية لا يوفره العدد فقط، كأن يتفاهم الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط على اكتمال النصاب، بل يجب أن يكون الحزب جزءا من هذا التفاهم لكي تنعقد جلسة الانتخاب الرئاسية.
14 آذار
في المقابل، قال منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد لـ"النهار" إن موقف التحالف من التمديد هو "التمسك باستكمال بناء الدولة من خلال إعطاء إنتخاب رئيس الجمهورية الأولوية. هذا هو موقف 14 آذار".
لكنه أضاف: "نخشى أن يُطرح التمديد لولاية البرلمان من زاوية أنه غير ميثاقي، وفي الوقت نفسه ألا تحصل انتخابات نيابية للأسباب المعروفة والمرتبطة بالحالة الأمنية والظروف المحيطة بلبنان. خائفون أن يدخل مجلس النواب حالة فراغ تُضاف إلى حالة الفراغ في رئاسة الجمهورية، فهذا الوضع يسهّل انتقال لبنان إلى مرحلة المؤتمر التأسيسي الذي تحدث عنه السيد حسن نصرالله قبل سنتين، وفي حينه حذرنا اللبنانيين من خطورة هذا الطرح".
وأشار سعَيد الى أن قوى 14 آذار بكل أحزابها وشخصياتها تقوم باتصالات متلاحقة في ما بينها "لتوحيد المواقف والحؤول دون تفريغ المؤسسات"، رافضاً كشف نتائج هذه الإتصالات حتى اليوم.
وأمس عاد وزير العدل أشرف ريفي إلى بيروت بعد زيارة استغرقت يوماً واحداً للمملكة العربية السعودية، التقى خلالها الرئيس سعد الحريري في سياق الإجتماعات التي يعقدها لبلورة موقف من الإستحقاقات المقبلة والملفات المطروحة. لكن ريفي رفض الإفصاح عن مواضيع البحث التي اقتضت القيام بالزيارة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق