بولا أسطيح - خاص النشرة
لم تعد عنجر تلك البلدة الهادئة الساكنة في البقاع شرقي البلاد، فالمخاوف التي تقض مضاجع اللبنانيين عموما من تمدد "داعش" الى الاراضي اللبنانية من بوابة عرسال أو شبعا أو غيرها من البلدات الحدودية، أدّت لاستنفار أهالي البلدة ومعظمهم من الأرمن للدفاع عن وجودهم في حال عجزت القوى الامنية الشرعية عن ذلك، أو شغل الارهابيون الجيش في اكثر من معركة للانقضاض على بلدات أو قرى محددة قد تكون عنجر احداها نظرا لتصاريح سابقة لمتشددين اسلاميين يعتبرون أن البلدة مبنية على أوقاف سنيّة.
الامن الذاتي حلّ ايضا في "حوش موسى" اي عنجر بالرغم من اصرار شبان البلدة على رفض هذه التسمية واعتبارهم أن ما يقومون به من أعمال حراسة وخاصة ليلية،" واجب على كل اللبنانيين نظرا لما تشهده البلاد المحيطة ولبنان من أحداث استثنائية يتوجب استباق ارتدادها عليهم بمراقبة دقيقة ووعي وحذر".
ويقول احد شبان البلدة الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه ان "التخوف مصدره عناصر داعش المتواجدين على الحدود السورية تماما كما بعض من في الداخل اللبناني"، لافتا الى أنّه ومع تخطي عدد اللاجئين السوريين في لبنان المليونين في المناطق كافة دون استثناء، بات الخطر الداعشي أكبر ومحيطا بنا من كل الاتجاهات بالرغم من سيطرة حزب الله على الجرود والجيش في عرسال".
وما يزيد من مخاوف أهالي عنجر، ما وصلهم قبل فترة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن أحد مشايخ طرابلس الذي طالب بـ"استرداد البلدة من الأرمن"، موضحا انّها غنية بالماء وهي بكاملها وقف سني منذ اكثر من 1200 عام منذ عهد الامويين، وزعم أن الأرمن احتلّوها وبنوا عليها الكنائس". وقال الشيخ في خطبته في احد مساجد طرابلس: "فليرحل الأرمن الى بلادهم او ليسكنوا في أماكن الوقف المسيحية كونهم مسيحيون".
وعنجر التّي تحدّها بلدات سنيّة وتستضيف أعدادا ضخمة من اللاجئين السوريين، يرى سكّانها ذات الغالبيّة الأرمنيّة أنّهم قد يكونون مستهدفين بوجه خاص، ما يستلزم اتخاذ اجراءات متشددة.
ويقول أحد الشبان الذين يتولون الحراسة: "عددنا لا بأس به، ونحن نقوم بدوريات ليلية بالتنسيق مع البلدية"، نافيا ان يكون هناك اي تواصل مباشر لهم مع "حزب الله"، واستطرد مضيفا: لا ادري ان كان هناك تنسيق على مستوى قيادة حزب الطاشناق بما يتعلق بالموضوع الأمني مع حزب الله، نحن هنا ننسّق مع الجيش اللبناني المتواجد في المنطقة.
ويتعاطى أهالي عنجر مع أكثر من سيناريو محتمل للانقضاض على البلدة، فلم تعد عرسال البوابة الوحيدة للمتطرّفين الى الداخل اللبناني، خصوصًا بعدما اتخذ الجيش وحزب الله كل الاجراءات التي تمنع من تمدد التنظيمات المتشددة، ونجحا الى حد بعيد بحصر أي معركة جديدة بنطاق بلدة عرسال، ويشير هؤلاء الى معلومات مقلقة عن "تغيير بخططالمنظّمة الارهابيّة داعش التي قد تسعى للالتفاف نحو شبعا عبر السلسلة الشرقية المتاخمة لعنجر".
ولعل ما يجعل مخاوف وهواجس الأرمن أكبر من سواهم أن أجدادهم عايشوا التهجير والمجازر في العام 1915 حين انقضّ عليهم العثمانيون وسلبوهم ارضهم، وهم يخشون أن يتكرر السيناريو في العام 2014 ولكن على ايدي "داعش".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق