داعش تظهر فجأة ، ثم تصبح قوّة عظمى ، تتداعى للتصدي لها أمم الأرض قاطبة ، ثم يعلن رئيس أقوى دولة في العالم ، إن الصراع مع داعش التي تشكل أكبر خطر على أمريكا سيطول ، ولا ينسى أن يضيف كلمة (والعالم) !! إنتبهوا الصراع مع داعش سيطول .. كم سيطول ؟ ربما أكثر من عقدين من الزمن كما طال صراع الغرب مع القاعدة ، التي نُسيت هذه الأيام .. إبشروا إذن , الصراع مع داعش سيطول ، كأني بداعش الحركة الشيوعية العالمية ، أو الإتحاد السوفيتي أيام زمان !!
وداعش هذه يا سادة ، لا تملك قمراً صناعياً لا حربياً ولا تجسسياً ، ولا للأغراض البحثية . والأغرب , أنها لا تملك منظومة رادارات ، ولا نظاماً للتقاطع الصاروخي ، وليس عندها باتريورت ، ولا قبة حديدية كما عند إسرائيل مثلاً ، وهي لا تملك سلاحاً جوياً ، لا سمتيات ، ولا طائرات شبح ، لا سوخوي ، ولا أف 16 ، لا أواكس ولا طائرات مسيرة ذاتياً "بدون طيار" ، ولا حتى طائرات لرش المبيدات . وإذا سيطرت على مطارات جيوش مهزومة , فإنها تستعمل مدرجات هذه المطارات ساحات للصلاة الجماعية، وعقد جلسات البيعة والتثقيف وقطع رؤوس الأسرى من الإعداء ، أو المدنيين الذين لم يبايعوا خليفة رسول الله العربي القريشي ، الواجب السمع والطاعة .
وداعش - يا سادة ياكرام - لا تملك صواريخ مضادة للطائرات ، لا ثابتة ولا محمولة أو منقولة ، وهي كانت وما زالت عارية تماماً ، سواء أكانت داخل بناية ، أو في سفح جبل ، أو في أرض الله الواسعة الممتدة كظمأ صحرائنا الأبدي ، وهي لم تغزو الفضاء ، ولا أرسلت مسباراً للمريخ أو زُحل ، ولا سجل علماؤها براءة إختراع لأي من العلوم التي قد تدخل في المساعدة على تصنيع سلاح الدمار الشامل . و" أبو بكر البغدادي" , لم يأمره الله بمحاربة اليهود ، بل أمرة بقطع رقاب الرافضة ، والمتصوفة ، والعلويين ، والشبك ، ومن لم يبايعه من السنة والمسلمين كافة ، وأمره بتخيير المسيحيين والإيزيديين وبقية الكفار بين الموت ، أو الدخول في الإسلام ، وإعطاء البيعة له .. وله وحده تحديداً ..
وهي - أدام الله عزكم - لا تملك قوات بحرية ، لا طوربيدات ، ولا سفن حربية ، ولا بوارج ، ولا حاملات طائرات ، ولا غواصات ، ولا تطل على بحر ، لا ميناء عندها ، ولا منفذ لها إلا عبر الدول التي كانت وما زالت ترتبط بحلف مقدس مع أمريكا والغرب ، وتربض على أراضيها أخطر وأكبر القواعد الأمريكية ، وقواعد النيتو ، والتي أدمنت الطاعة وتنفيذ الأوامر ، ولم يسجل عليها يوماً من الأيام أنها عصت ماما أمريكا ، أو عرّضت مصالحها للخطر . ولم يعد خافياً على أحد ، أن هذه الدول موّلت ودعمت ودربت ورعت داعش حتى استوى عودها .
وهي - حفظكم الله ورعاكم - لا تملك وسيلة إتصالات خاصة بها ، ولم تحجز لا قمراً إصطناعياً ، ولا حتى حزمة بث ، ولا تملك القدرة على حجب إتصالاتها ، ولا حتى تملك قدرة تمويهها ، التي تتم عبر وسائل الإتصال المسجلة كلها ، والخاضعة لإشراف العم سام ، الذي تجسس على مكالمات المستشارة الألمانية ، والرئيس الفرنسي ، لكنه لا يعرف إتصالات "أبو بكر البغدادي" ، ولا أمرائه ، ولا يعرف تحركاتهم التي إمتدت على رقعة أرض مساحتها آلاف الكيلومترات ، في بقعة يُفترض أنها تحت الرقابة المجهرية المركّزة ، بحيث لا يطير طير إلا وهم له راصدون !
وجنود داعش لم يتخرّجوا من أكاديميات العالم العسكرية ، وإذا كان بعضهم قبل سنوات في جيش قديم ، فإنه قطعاً سيكون ممن ترك سلاحه في الميدان وهرب أمام المحتل دون أن يطلق رصاصة واحدة . لذا , فليس في سجله العسكري لا إنجازات ولا هو ممن ثبُت أنه يملك عقلية مخطط عسكري باهر ، علماً أن الهزيمة لا تحتاج إلى عقلية عسكرية لا باهرة ، ولا فذة، ولا هم يحزنون !
وداعش ليس عندها رتب ، ولا أصناف عسكرية ، ولا أركان ، ولا صاعقة ، ولا قوات نخبة ، ولا حرس جمهوري ، ولا حرس خاص ، ولا فرق ذهبيّة أو فضيّة أو نحاسيّة ، فقط أمير ومأمور ، وبمعنى أصح تابع ومتبوع . وليس لداعش جهاز إستخبارات ، لا محلي ولا دولي ، ولم تخترق يوماً جهاز الموساد ، ولا السي آي أي ، ولا حتى دول الآبار النفطية المجهرية ، ولم تتعرض يوماً ما لإسرائيل ، أو اي من الدول العميلة ، أو السائرة في ركاب أمريكا والغرب ، وهي لا تظهر إلا في حزام الأزمات ، وفي خاصرة من يناصب إسرائيل وأمريكا العداء .
وليس لداعش طموح علمي ، ولا رغبة في إستعمال الذرة لصنع القنبلة الذرية ، فهي رفعت من مناهجها ، دراسة الكيمياء ، والفيزياء ، والتاريخ ، والمواد الفنية، ومنعت الجميع من مزاولة الرياضة ، وطالبت بعد البيعة بإطالة اللحى ، وتقصير الدشاديش ، ولبس اللباس الأفغاني بالنسبة للنسوة ، وأعطت الحق للرجال في إبتياع جارية أو عدة جواري على قاعدة ( وما ملكت أيمانكم) من أسواق النخاسة التي فتحتها في المدن التي قيل أنها حررتها . والغريب أن داعش هذه لا تظهر إلا في المناطق التي تملك فيها أمريكا وحلفاؤها تواجداً فعلياً ، أو نفوذاً ساحقاً ، بحيث يمكن توفير المدد والدعم المادي والحاضنة ..
فكيف بالله عليكم تصبح داعش خطرا على أمريكا ؟؟ ليس هذا فحسب ، بل على العالم كله ، وتعجز أمريكا ، مثلما يعجز العالم كله عن الوقوف بوجه هذا الخطر ، ويطلبون منا التعايش معة عشرين عاماً قادمة بزعم أن الصراع مع داعش سيطول ؟ يا ترى ما الذي سيتبقي منا ، أو مما كنا نسميه أوطاننا ، لو بقيت نار داعش تأكل أخضرنا ويابسنا ؟
أصارحكم ، كلما أمعنت النظر في داعش والدواعش ، في الغرض والإسلوب ، في المتضرر والمستفيد ، كلما إزددت يقينا بإننا أمام خديعة العصر الكبرى التي ينبغي أن لا تمر . هل نرضى بأن نكون حقل تجارب لمجانين أمريكا والغرب المتصهين؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق