أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ وجه المنطقة يتغيّر، والاتفاق النووي الذي تمّ التوصّل إليه بين إيران والدول الكبرى خير دليل على ذلك، مستغرباً المكابرة التي يمارسها البعض في لبنان وخارج لبنان، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ مفاعيل هذا الاتفاق لم تبدأ عمليًا بعد.
وفي حديث إلى تلفزيون "المنار" ضمن برنامج "حديث الساعة" أداره الإعلامي عماد مرمل، وجمعه مع عضو المكتب السياسي لحزب الكتائب سيرج داغر، رأى أبو فاضل أنّ الاتفاق الإيراني الغربي أثبت أنّ خيارات قوى الرابع عشر من آذار لم تكن صائبة، متمنيًا عليها إعادة تقييم وضعها والانفتاح على السفيرين الإيراني والسوري، مشدّدًا على أنّ فكرة الحياد غير ممكنة وغير واقعية في لبنان.
وفيما رأى أنّ ما يحصل في اليمن، أكد أبو فاضل أنّه مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ظالماً أو مظلوماً، وأشار إلى أنّه سياسياً مع شخص العماد ميشال عون ويتمنى وصوله للرئاسة، معرباً عن اعتقاده بأنّ لا رئيس للجمهورية بخلاف إرادة عون، ولافتاً إلى أنّ حزب الله يردّ له الجميل ويسير على معادلة إما رئيس من حلفائه أو لا رئيس، لأنه لا يريد تكرار تجربة الرئيس السابق ميشال سليمان، الذي وصفه بأنه كان "ساكن القصر".
وإذ أكد أبو فاضل أنّ فيتو وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل لا يزال قائمًا على عون لأنّ الأخير لم يبع لبنان في الطائف كما فعل غيره، أعرب عن اعتقاد بأنّ عون لم يعد عدواً أو خصمًا لأحد في السعودية، مشيراً إلى أنّ أسهم الجنرال رغم كلّ ذلك تبقى عالية.
خيارات 14 آذار لم تكن صائبة
أبو فاضل أكّد أنّ اتفاق إيران مع الدول العظمى بشأن البرنامج النووي الإيراني أثبت من جديد انّ خيارات قوى "14 آذار" في لبنان لم تكن صائبة في يوم من الأيام، مشيراً إلى أنّ كلّ الناس كانت في جو هذا الاتفاق، في حين أنّ الكثيرين داخل هذه القوى كانوا يراهنون على عكس ذلك، لافتاً إلى أنه يشفق عليهم اليوم بعد هذا الاتفاق.
وفيما شدّد أبو فاضل على أنّ وجه المنطقة يتغيّر، استغرب كيف أنّ البعض بقوا حتى اللحظة الأخيرة يكابرون، ومنهم حزب الكتائب، وهو حزب ميثاقي وحزب رئيسي في البلد، الذي وصل الأمر برئيسه أمين الجميل في بعض الأحيان للقول أنه مع الربيع العربي.
ورداً على سؤال عن النصيحة التي يقدّمها للحزب ولقوى 14 آذار، دعاهم أبو فاضل للبحث عن دير ليعقدوا خلوة فيه لاعادة تقييم الوضع كله، وقال: "وجه المنطقة فعلاً يتغيّر، وأنا كلبناني وكعربي مسيحي يهمّني أن يكون حزب الكتائب موجودًا ضمن المعادلة، فهو يخرج من المعادلة من حيث لا يدري".
جعجع حجّم الجميع ولم يسأل عن أحد
من جهة ثانية، لفت أبو فاضل إلى أنّ التصريحات الصادرة عن عدد من قياديي حزب الكتائب توحي بوجود تبايناتٍ كبيرة داخل الحزب، موضحًا أنّ ما يقوله عضو المكتب السياسي سيرج داغر شيء وما يقوله مثلاً النائبان إيلي مارون ونديم الجميل شيء مختلف كلياً.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ هناك اختلافاً جوهرياً بين ما يقوله الحزب في العلن وما يمارسه فعلياً، وأعطى مثالاً على ذلك أنّ الرئيس أمين الجميل يقول أنه ليس مرشحًا للرئاسة في وجه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في حين أنه فعلياً مرشح، وممتعض لأنّ حلفاءه لم يأخذوا ترشيحه على محمل الجدّ.
وفي هذا السياق، أشار أبو فاضل إلى أنّ جعجع عندما ترشح للرئاسة، ربط قوى 14 آذار كلها خلفه، وحجّم الجميع، وافتعل المشاكل مع الآخرين دون أن يكترث، وبقي هو في الساحة مرشحًا، كما أنه يتفاوض مع التيار الوطني الحر ولم يسأل عن الكتائب، الذي أصبح للأسف في الخلف في قوى 14 آذار.
الجميل يسعى لتوريث ابنه
وخلص أبو فاضل إلى أنّ المشكل في حزب الكتائب أن لا خيارات واضحة له، مذكّراً بكلام للرئيس أمين الجميل بعد لقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يعتبر زعيم الإخوان المسلمين في العالم وزعيم داعش، أنّ المسيحيين في لبنان هم مع التغيير ومع الربيع العربي، مستغرباً أن يصدر كلام من هذا النوع عن الرئيس الجميل، في حين أنّ هناك قضية وجودية تواجه المسيحيين اليوم، لافتاً إلى أنه كان ينتظر منه أن يتحرّك دفاعاً عن المسيحيين لا العكس.
وفيما أشار إلى أنّ هاجس الرئيس أمين الجميل بات اليوم توريث ابنه النائب سامي الجميل رئاسة الحزب، استغرب كذلك الأمر كلامه الدائم عن معارضته النظام السوري، في حين أنّ القاصي والداني يعلمان أنه كان رئيسًا معزّزًا مكرّماً خلال أيام السوريين، وتحدّث عن تخبّط في سياسة الحزب في مكان ما، وقال: "لا شيء عندي ضدّه، لكنّ الأخطاء التي يرتكبها لا مبرّر ولا سبب له".
فكرة الحياد غير ممكنة في لبنان
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ فكرة الحياد غير واقعية في بلد كلبنان، وأشار إلى أنّ لبنان مقسوم إلى قسمين، رافضًا ما يُحكى عن العروبة في سياق تبرير الهجوم الحاصل على اليمن وتصويره كأنه هجوم عربي، وكذلك تصويره على أنه صراع سني شيعي، لافتاً إلى أنه صراع مصالح بين إيران وإسرائيل وبين إيران وتركيا وبين إيران والسعودية بالدرجة الأخيرة.
وأوضح أبو فاضل أنّ الدول المعترضة على الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية هي تركيا وإسرائيل والسعودية، مشيراً إلى أنّ إيران ستصبح شريكة مع أميركا بالنسبة لهذه الدول، ولفت إلى أنّ الأميركي عنده مخطط كبير، ولم تعد الكثير من المواضيع أولوية بالنسبة له، ومنها الملف اللبناني وخصوصًا الوضع المسيحي وملف الرئاسة.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ الوضع المسيحي يتفاقم في المنطقة ككل، ففي سوريا لم يبق لهم نقطة ثقل، وفي العراق هُجّروا واستبيحوا بالكامل، وكلّ ذلك حصل أمام أعين الأميركيين، وشدّد على أنّ الحياد لا يحمي المسيحيين في لبنان، وهم لم يكونوا على قدر المسؤولية. ورأى أنّ الخيار الاصحّ بالنسبة للمسيحيين هو الالتزام والتوافق مع المقاومة والجيش في لبنان، مشيراً إلى أنّ حزب الله يدافع اليوم عن كلّ اللبنانيين وعن المسيحيين أولاً، لافتاً إلى أنّ خيارات حزب الله هي التي تصيب، بينما خيارات 14 آذار تخسر.
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ فريق الثامن من آذار في لبنان هو الرابح من الاتفاق النووي الذي حصل بين إيران والدول الكبرى، وأشار إلى أنّ حزب الله ليس حزباً عادي بل هو الحزب الأكبر في لبنان وهو حزب إقليمي، لافتاً إلى أن دوره من هنا إلى حلب إلى العراق، ومن هنا إلى الشام إلى درعا، وشدّد على أنّ الكلام لا يفيد، والمسيحي اليوم بحاجة لعمل فعلي لحمايتهم.
ما يحصل في اليمن اعتداء
من جهةٍ ثانية، أكد أبو فاضل أنه يستغرب التدخل السعودي في اليمن، رابطاً الهجوم الذي شنّته عشر دول على اليمن في ليلة لا ضوء قمر فيها بتوقيع الاتفاق الايراني الغربي، ورفض وضع الموضوع في إطار الصراع الطائفي المذهبي السنّي الشيعي، متحدّثاً عن صراع على مصالح كبرى في المنطقة، وشدّد على أنّ ما يحصل في اليمن هو اعتداء بكلّ ما للكلمة من معنى، مشيراً إلى أنّ المدنيّين الأبرياء هم الضحايا الأكبر لهذا الاعتداء.
وردًا على سؤال، نفى أبو فاضل أن تكون إيران قد تدخلت عسكريًا بشكل مباشر في اليمن، مشيراً إلى أنّ لديه معلومات تؤكد أنّ اليمن أكثر دولة في العالم لديها سلاح، وبالتالي فاليمنيون ليسوا بحاجة إلى سلاح، لافتاً إلى أنّ إيران لو كانت تريد التدخل فعلياً لفعلت ذلك في البحرين وزوّدت على الأقلّ المعارضة بالسلاح، جازمًا أنّ إيران لم ترسل البوارج إلى اليمن كما يحاول البعض أن يصوّر الموضوع.
عن أيّ عروبة نتحدّث؟
واستهجن أبو فاضل ادعاء البعض أنّ الحرب في اليمن أعاد للعرب كبرياءهم وعنفوانهم وكرامتهم، وأشار إلى أنّ السعودية وقطر هما اللتان تموّلان الحرب في سوريا، وبالتالي تتحمّلان مسؤولية تهجير المسيحيين من سوريا والعراق ومن المنطقة عمومًا، وسأل: "تريد أن تعترف بعروبتي الآن بعد أن تضعفني وتهجّرني؟" وأردف: "منذ خمسين سنة وأنا أقول لك عربي أنا، منذ أيام أنطون سعادة أقول لك عربي أنا، ولم تكن تأخذني على محمل الجدّ. الآن عندما صرت ضعيفاً وهزيلاً كمسيحي في المنطقة، تكلّمني بالعروبة". وتابع: "عن أيّ عروبة نتحدّث اليوم في جسم مريض".
وأكد أبو فاضل أنه لا يزال عند موقفه المطالب بتسليح المسيحيين في لبنان تحت إشراف القوى الشرعية سواء الادارة المحلية للبلديات أو الجيش اللبناني، وطالب بإعادة كرامة المسيحيين وقوتهم في المنطقة، ودعا لحماية لهم وحصولهم على الجنسية السورية، ليكون لديهم قوتهم الذاتية مثلهم مثل غيرهم.
مع السيد نصرالله ظالمًا أو مظلومًا
وشدّد أبو فاضل، في سياقٍ منفصل، على أنه مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أكان أو ظالمًا، لافتاً إلى أنّ هذا الرجل يمثل حالة لن تتكرّر، مؤكدًا أنّ لديه ثقة كبيرة به ويؤيّده، ولفت إلى أنّ لا دولة قوية قادرة أن تحميه، كما أنّ رئيس الجمهورية فاقدٌ للصلاحيات، فهو فقط يستقبل ويودّع الموفدين ويعلّق الأوسمة ويصدر قوانين العفو والتجنيس في أفضل الأحوال.
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنه لا يمكن أن يكون مع سياسة حزب الكتائب أو القوات اللبنانية، ولفت إلى أنه علنًا مع شخص رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وهذا أمر معروف، مشيراً في الوقت عينه إلى أنه يحافظ على علاقات ودّ وصداقة مع مختلف القيادات في البلد الأمنية والسياسية في البلد، بتنوّع انتماءاتهم السياسية والطائفية.
حزب الله يرد الجميل لعون
وفي موضوع الانتخابات الرئاسية، رأى أبو فاضل أنّ حزب الله يسير على معادلة إما رئيس جمهورية يكون حليفه أو لا انتخابات، وأشار إلى أنّ العماد ميشال عون عرف كيف يدير هذه العملية لصالحه، نافيًا أن يكون عون يتعنّت كما يزعم البعض، لكنّه يستغلّ هذا الظرف بالشكل الذي يناسبه، لافتاً إلى أنّ حزب الله يرد الجميل لميشال عون، وهو لا يريد تكرار تجربة ميشال سليمان.
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ لبنان يحتاج اليوم ئيساً توافقياً، وأشار إلى أنّ سليمان لم يكن توافقياً وقد عادى حزب الله وأمل بشكل سريع، في حين أنّ عون اليوم مختلف، واصفاً إياه بأنه "بابا نويل" في هذه الفترة" لافتاً إلى أنه يتصالح مع الكلّ هذه الفترة.
ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الحوار بين التيار والقوات يقلق حزب الكتائب وآل المر والكثير من الشخصيات الوازنة، وإذ استبعد أن يصوت جعجع لصالح عون، إلا إذا مالت الرياح صوبه بشكل قاطع في اللحظة الأخيرة، أشار إلى أنّ عون يحاول ان يكون وسطيا قدر الامكان في هذه الفترة، مستفيداً من المفاوضات بين ايران واميركا التي باتت ندية، كما أنّ ايران ستفتح لها آفاق مع العالم، وعندما يحين الدور ليكون هناك حل سياسي في اليمن فورا سيجلس الايراني مع السعودي.
أسهم عون عالية
ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ الجنرال عون حظوظه اما مئة بالمئة اما صفر، وأكد أنّ أسهمه عالية الآن، لافتاً إلى أنّه يتصرّف على أنه أب صالح للجميع اليوم.
وردًا على سؤال آخر، اعتبر أبو فاضل أنّ الرئيس الجميل لا يمكن أن يكون رئيساً في هذه اللحظة، معرباً عن اعتقاده بأنّ هذه اللحظة تناسب عون كما يعمل.
وفيما أكد أبو فاضل أنه سياسيًا مع عون، رأى أنّ وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل هو الذي يضع الفيتو عليه وهو حاقد عليه ولا يريد لأنه لم يبع لبنان في الطائف كما فعل غيره. وعلى الرغم من ذلك، اعتبر أبو فاضل أنّ عون لم يعد عدواً أو خصمًا لأحد في السعودية، وقال: "طالما عون موجود لا رئيس جمهورية إذا لم يكن هو يريد، علما ان هناك اسماء كثيرة مطروحة، إلا أنّ عون يمثل الشعبية الأكبر في الساحة المسيحية".
وخلص أبو فاضل إلى أنّ مفاعيل الاتفاق النووي لم تبدأ بعد لا في ما يتعلق بانتخابات الرئاسة ولا السياسية الجديدة تجاه المنطقة، وتمنى على 14 آذار أن تذهب نحو السفير الايراني وتشرب قهوة عند السفير السوري، مشدّدًا على أنّ لا مبرّر للمكابرة بعد اليوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق