رأى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن "الحزب السياسي موجود حتى لا ينأى بنفسه، بل يدخل في المجالات التي تتاح له. ولكن حين تحدث الأمور بغير ما تشتهيه سفنك، فالأفضل النأي بالنفس والقيام بأي أمر مفيد من موقع مختلف"، مشيرا الى أن "طريقة عمل الحكومة لم تؤدّ إلى أي نتيجة، والأزمة الأخيرة أكبر دليل على صحة موقفنا".
وشدد جعجع في حديث لصحيفة "الأخبار" على أن "الحكومة أو الحوار لا ينتجان أي شيء. ونحن لا نشارك في الحكومة، لكننا في صلب اللعبة السياسية أكثر بكثير من أفرقاء ممثلين فيها"، معتبرا أنه "إذا كان هناك شيء جدي يحصل فهو ما نقوم به، سواء بالنسبة إلى عملنا في الخارج، أو داخلياً كمشروع الحكومة الإلكترونية الذي نعد الاقتراح في شأنه والحملة على المخدرات وغيرهما".
وأكد أن "الحوار سيفشل لأن المواقف ثابتة وتتكرر، وآخر من كرر موقفه هو الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله. لذلك، المشاركة في الحوار مثل ذرّ الرماد في العيون"، موضحا أنه "لو كان هناك أمل بنسبة واحد في المئة في أن يتفق الأفرقاء المشاركون لكنا شاركنا".
وأضاف: "لن أرفض للسيد حسن طلبه إذا كان يريد رئيساً قوياً ونظيفاً ويمثل في بيئته وقادراً على أن ينظم الأمور فأنا مستعد لذلك"، معتبرا أن "السيد حسن يقول موقفه التقليدي لأن رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون مرشح، وهم يهمهم دعم "التيار الوطني الحر" لهم، لذا مضطرون إلى دعمه. علماً أن لهم خلفية أخرى في الرئاسة. في نهاية المطاف المفتاح عندهم، وفي الوقت المناسب سيأخذون ثمناً كبيراً للانتخابات".
ولفت الى أن "رئيس كتلة "المستقبل" النائب فؤاد السنيورة يتحدث بواقعية حين يقول إنه لا 8 ولا 14 آذار قادران على أن يأتيا بالرئيس فلنذهب إلى رئيس توافقي"، متسائلا: "لو كان المستقبل بالمطلق ضد الرئيس القوي فلماذا تبنى ترشحي وصوّت لي في الجلسة الأولى لمجلس النواب؟ نواب "المستقبل" نزلوا كلهم وكانوا أكثر المتحمسين".
وأعرب جعجع عن فخره بأن "تؤيدني السعودية بثقلها العربي والإسلامي كمرشح لرئاسة الجمهورية. لكن الكل يعرف أن سياستنا كـ"قوات" مستقلة ووطنية وحرة"، مؤكدا أن "الزيارات للسعودية وقطر نتيجة علاقات عمرها عشرة أعوام منذ خرجت من الاعتقال. لا علاقة لها بالرئاسة، وخصوصاً أنها في الثلاجة حالياً بسبب ظروف التعطيل الداخلي ومجموعات الأزمات في الخارج".
وأشار الى أنه "في ضوء علاقتنا الطبيعية واليومية مع التيار الوطني، لا أرى أن العماد عون في صدد التخلي عن ترشيحه، فلماذا نتعب ونبحث عن خيارات أخرى. العماد عون لن يتراجع أبداً عن ترشيحه"، مشددا على أنه ليس مع قانون النسبية مع 15 دائرة، "نحن متفقون مع التيار الوطني على أنه في النقاط التي لا نتفق عليها يستمر كل فريق في طريقه بكل مودة واحترام. وقلنا للتيار إننا ملتزمون القانون الذي له أكثرية نيابية جاهزة، أي المشترك الذي توافقنا عليه مع المستقبل والاشتراكي، وإذا لم يقرّ هذا القانون لأي سبب فنحن مستعدون للبحث في قانون آخر. وهم أجابوا بأنهم سيسيرون أيضاً بقانون يرونه مناسباً".
وردا على سؤال حول ما اذا كانت ورقة إعلان النوايا تكبله، قال جعجع: "أبداً، وأتمنى أن يقول لي الجميع أين غيّرنا مواقفنا، أو هم غيّروا مواقفهم. نحن متفقون على ما ورد في إعلان النوايا. نحن والتيار حين أعلنا النوايا لم نتحول حزباً واحداً. وكل حزب يحب أن يمثل جميع المسيحيين".
وحول علاقة "القوات" بحزب "الكتائب" شدد على أن "علاقة جذورها ضاربة وفي الوقت نفسه تحتاج كل يوم إلى عمل وعناية بها"، كاشفا أنه يفكر بتسليم رئاسة الحزب لمسؤول جهاز الاعلام في "القوات" ملحم الرياشي، متابعا: "أنا مخضرم، عايشت جيل الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميّل ثم الرئيس أمين الجميّل والجنرال عون وأرافق الجيل الجديد. بالسياسة لا تفرق كثيراً، لأننا نتعاطى من موقع إلى آخر".
وأكد جعجع أنه "لا يوجد خطان في تيار "المستقبل"، فحين يصدر رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري أي قرار يلتزم الجميع به. ولكن حين لا يكون هناك قرار، يتصرف كل شخص من موقعه وفقاً لقناعاته"، مشيرا الى أن "السنيورة بصفته رئيس كتلة المستقبل يتعاطى بمواضيع لا يتخذ فيها الحريري قرارات مباشرة بها. هناك طبعان مختلفان لا قراران. لكن بسبب غياب الحريري، تصبح حرية الاجتهاد عند كل من المسؤولين على الأرض أكبر وتعطي هذا الانطباع".
وشدد على أنه "لست مع بقاء الحريري ولا للحظة خارجاً. لا تصطلح الأوضاع هنا إلا إذا عاد الحريري وأمسك اللعبة عنده كما يجب أن تمسك. ولكن الظروف التي أدت إلى بقائه خارجاً لا تزال قائمة للأسف"، مؤكدا أن "التنسيق معه مستمر في كل المواضيع. اختلفنا في الرأي حول الحكومة، ولكننا لا نزال ننسق في كل الأمور المطروحة. نحن متفقون استراتيجياً ومختلفون تكتياً على بعض الملفات، مثل طاولة الحوار. أعتقد أنهم يقولون الآن إن الحق معنا، لأن الهدف من الحوار كان البحث في رئاسة الجمهورية، إلا أنهم يريدون أخذهم إلى قانون الانتخابات".
وأضاف: " طبعاً قوى 14 ترفض البحث في قانون الانتخابات على طاولة الحوار. نحن في حالة شغور رئاسي، وطاولة الحوار يجب أن تبحث الشغور الرئاسي. ولكن إذا التأم المجلس النيابي لتشريع الضرورة، لأن هناك طبعاً مواضيع يجب أن تقر ولو من دون وجود رئيس للجمهورية، وعلى رأسها قانون الانتخاب ونطرحه للتصويت في المجلس وليس في الحوار، وطبعاً استعادة الجنسية".
واعتبر جعجع أن "أكثر تيار يهمه الدولة هو "المستقبل"، أما إذا كان هناك أشخاص في التيار يطاولهم الفساد، فهذا لا أعرفه. ألا يوجد منذ عشرين سنة فساد بالدولة؟ على النيابة العامة المالية التحقيق بذلك، وأنا أؤيد تحركها انطلاقاً من ملف النفايات"، مشددا على أن "المستقبل ليس مسؤولاً عن الفساد. أما إذا ثبتت مسؤولية بعض الأشخاص فيه عن الفساد، فسأقول عنه ما أقوله اليوم عن سواه. ولكن لا يجب التعميم وكأن سياسة تيار المستقبل هي سياسة الفساد".
ولفت الى أنه "يجب أن نمر بكثير من الكتل النيابية لمحاربة الفساد قبل الوصول إلى تيار المستقبل. وليس دوري أن أتحدث من هم الفاسدون. هل يعقل أن يقع لبنان سعيد عقل وجبران خليل جبران ضحية أزمة النفايات؟ ألم يكونوا يعرفون أين سيصلون بها".
وجدد جعجع تأكيده على أنه ليس مع "كل طريقة عمل الحكومة. لا فيتو لدينا على أي شخص. ولكن نحن لسنا مع مبدأ الصفقات الذي تقوم عليه الحكومة. من جهة ثانية، الجيش المؤسسة الوحيدة التي لديها مقاييس معينة تعمل بها منذ القدم، لأن قادة الجيش المتعاقبين، بمن فيهم العماد عون، لم يتركوا مجالاً للسياسيين ليتدخلوا بها. لذا، ظلت توجد بعض المقاييس التي تعمل بها. قد نختلف عليها أو نتفق، وهذا بحث آخر"، مشيرا الى أن "المؤسسة بقيت كما نراها اليوم، وهي الأقل فساداً والأكثر فاعلية، وأتمنى ألا أكون مخطئاً. أريد أن يؤخذ ذلك في الاعتبار، علماً أن لا فيتو لدينا على أي شخص".
ورأى أنه "في الوقت الحاضر رأسمال لبنان اثنان: الاستقرار الأمني ونحن في وسط الشرق الأوسط المتفجر والليرة اللبنانية. ويجب عدم المس بهما مهما كانت الاعتبارات"، لافتا الى أن "قرار حفظ الاستقرار في لبنان هو قرار محلي أكثر مما هو إقليميا. ولا يوجد في المقابل أي قرار دولي بالتحريض".
وذكر جعجع أن "قيادة الجيش أكدت أكثر من مرة أنها لن تسمح لأي جهة بالعبث بالأمن الداخلي. لن يقول الجيش إنه لا دخل لديه إذا وقع أي خلل أمني، وهذا عامل لا يجب أن نستخف به. وإذا جرب أحد العبث، أعتقد بأن الجيش سيتصرف على هذا الأساس، كما فعل في طرابلس أو صيدا مع أحمد الأسير".
وحول الحراك الشعبي قال: "في هذه الأيام وفي هذه الظروف الإقليمية يجب أن نكون حذرين من أي تحركات ميدانية. أنا مع كثيرين ممن يتحركون من قرفهم. لكن البعض يندفع لأخذ الأمور إلى اتجاهات معينة، ونخشى من أن يستغل أي فريق الوضع كما حصل مع توقيف بعض التكفيريين". وحول تحرك التيار على طريق القصر الجمهوري، شدد على أن "حدود اللعبة معروفة ولا أحد سيتخطاها. الجيش لن يخالف القوانين ولا المتظاهرون. هي لإثبات وجهة النظر لا أكثر".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق