إنه 11 أيلول فرنسي بكل معنى الكلمة. ساعات طويلة من الرعب عاشتها باريس التي تحولت الى مدينة حرب جراء سلسلة من الهجمات الإرهابية التي أودت بحياة نحو 140 شخصاً إضافة الى عدد كبير من الجرحى، وكان من تداعياتها المباشرة إعلان حالة الطوارئ وإغلاق الحدود، ما يشير الى أن فرنسا بعد 13 تشرين الثاني لن تكون كما قبله.
«هذا رعب.. باريس تتعرض لسلسلة هجمات إرهابية غير مسبوقة» بهذه الكلمات لخص الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ساعات ليلة الأمس القاتمة، التي عاشتها باريس إثر تعرضها لعدة اعتداءات إرهابية، اكدت الشرطة انها كانت متزامنة ومنسقة، مما يعني أن الجناة ينتمون لمجموعة إرهابية كبيرة خططت الهجمات ونفذتها في توقيت واحد في أماكن متفرقة.
العمليات تمت بثلاثة أساليب مختلفة: إطلاق نار، احتجاز رهائن، وتفجيرات.
العملية الأكثر دموية استهدفت مسرح «باتاكلان» حيث تم احتجاز كل الموجودين الذين كانوا يحضرون حفلاً موسيقياً ليعلن لاحقاً مقتل 100 شخص وثلاثة إرهابيين بعد اقتحام الشرطة المسرح بعد بدء الإرهابيين بإطلاق النار على الرهائن.
وبدأت الهجمات الإرهابية عندما هاجم إرهابيون مطعماً يدعى «كومبودج» (كمبوديا) في الدائرة العاشرة من العاصمة، بإطلاق النار من أسلحة رشاشة على بعض الرواد الذين كانوا يجلسون على الرصيف، وبحسب ما صوره صحافيون كان هناك ما لا يقل عن 10 جثث ممددة في المكان بين قتيل وجريح. ولم يعرف ما إذا كانت المجموعة نفسها هي التي قامت بحصد أرواح الناس الذين كانوا موجودين بالصدفة في شارع «شارون»، ونقلت وسائل إعلام عن شاهد عيان أن عدد الذين أطلقوا الرصاص من أسلحة «كلاشنيكوف» الروسية الصنع على الناس في الشارع كانوا ثلاثة شبان لا يرتدون أي أقنعة»، بينما وقعت 3 انفجارات (تفجيران انتحاريان وثالث بعبوة ناسفة) قرب ملعب «استاد دوفرانس» حيث كان منتخب فرنسا لكرة القدم يستضيف نظيره الألماني في لقاء ودي بحضور هولاند، فأوقفت المباراة وهرع المشاهدون الى أرض الملعب فيما تم إخراج الرئيس الفرنسي على وجه السرعة الى مكان آمن. كما سُمع أيضاً صوت إطلاق نار في أحد المراكز التجارية قرب مركز «بومبيدو«.
هذا الإرهاب الذي أغرق باريس خلال دقائق قليلة في بحر من الدم، دفع هولاند الى إعلان حالة الطوارئ القصوى في البلاد. وأمر الرئيس الفرنسي بإقفال جميع مداخل البلاد براً وجواً وبحراً معلناً «عدم السماح لأي شخص بدخول الأراضي الفرنسي حتى إشعار آخر». ودعا هولاند الفرنسيين الى الهدوء والباريسيين الى التزام منازلهم، وشدد على أن «فرنسا دولة قوية وستتعامل مع الوضع بكل حزم»، ثم ترأس لقاء حكومياً أمنياً طارئاً في وزارة الداخلية لمتابعة الوقائع والتحريات مع قادة الأجهزة الأمنية أولاً بأول ووضع خطة محكمة لمنع الوضع الأمني من التفجر في البلاد بصورة أخطر.
وقال هولاند في خطاب متلفز مقتضب استمر ثلاث دقائق إن «حال الطوارئ ستُفرض في كل أنحاء البلاد». وتابع أن «القرار الثاني الذي اتخذته هو إغلاق الحدود، علينا أن نضمن أن لا أحد سيتمكن من الدخول لتنفيذ أي عمل اياً يكن. وفي الوقت نفسه إلقاء القبض» على منفذي الاعتداءات إذا حاولوا الخروج من فرنسا.
كما قرر الرئيس الفرنسي «تحريك كل القوات الممكنة في سبيل شل حركة الإرهابيين وإرساء الأمن في كل الأحياء التي قد تكون معنية». وتابع هولاند «لقد طلبت ايضاً أن تكون هناك تعزيزات عسكرية، وهي الآن في منطقة باريس لضمان عدم وقوع اي اعتداء جديد«.
واعتبر الرئيس الفرنسي في خطابه الذي ألقاه وقد بدت عليه إمارات الانفعال والغضب أن باريس شهدت «اعتداءات إرهابية غير مسبوقة»، أوقعت «عشرات القتلى والكثير من الجرحى»، واصفاً ما جرى بأنه «مرعب«.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس الفرنسي سيجتمع بمجلس الأمن القومي الفرنسي اليوم، كذلك أعلن هولاند إلغاء مشاركته في قمة العشرين في تركيا.
وقالت السلطات الدراسية إن كل المدارس والجامعات بمنطقة باريس ستغلق السبت. وبدأت قوات الجيش تصل إلى باريس. وأغلقت خمسة خطوط من المترو.
وأعلنت الخارجية الفرنسية أن المطارات ستظل مفتوحة ورحلات القطارات ستواصل عملها. وكانت توقفت حركة الملاحة الجوية في مطار أورلي فقط، وليس في مطار شارل ديغول بعدما أغلق الرئيس الفرنسي حدود البلاد.
واستنكر الرئيس الأميركي باراك أوباما الاعتداءات الدامية التي شهدتها باريس قائلاً «ليست فقط اعتداء ضد باريس»، بل «اعتداء ضد الانسانية جمعاء وقيمنا العالمية«.
وأضاف في تصريح مقتضب في البيت الأبيض اثر اطلاعه على احاطة بالاوضاع في العاصمة الفرنسية ان الولايات المتحدة ستساعد فرنسا على «سوق الإرهابيين امام القضاء»، مؤكداً في الوقت نفسه انه من المبكر التكهن بشأن هوية من يقف خلف هذه الاعتداءات.
وإذ اكد الرئيس الاميركي ان هذه الاعتداءات تهدف الى «إرهاب مدنيين ابرياء»، اضاف «يبدو انه في الوقت الذي نتحدث فيه لا تزال هناك انشطة وأخطار جارية. والى ان نحصل على تأكيد من السلطات الفرنسية بأن الوضع تحت السيطرة والى ان نحصل على مزيد من المعلومات لا اود ان اتكهن«.
وقال رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون في حسابه على تويتر تعليقا على هجمات باريس «سنفعل كل ما
في وسعنا من أجل المساعدة»، كذلك قالت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل إنها اهتزت من أعماقها بسبب سلسلة الهجمات التي وقعت في باريس. وقالت في بيان «شعرت بهزة عميقة بسبب الأنباء والصور التي تصل
إلينا من باريس. مشاعري في هذا الوقت مع ضحايا ما يبدو أنه هجوم إرهابي بالإضافة إلى عائلاتهم وكل الشعب في باريس»، كذلك دانت المملكة العربية السعودية هجمات باريس واستنكرتها بشدة، ومثلها فعلت مصر.
واستنكر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «الهجمات الخسيسة» التي وقعت في باريس وطالب بالإفراج فوراً عن الرهائن الذين كانوا محتجزين في إحدى القاعات.
(وكالات، «المستقبل»)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق