أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ الذي يدعم الجيش اللبناني يجب عليه أن يؤمّن الأموال لعناصره، في إشارة إلى أزمة رواتب العسكريين، لافتاً إلى أنّ مؤسسات الدولة هي الضامنة، مشدّداً على أنّه لم يعد هناك إلا الجيش اللبناني يلجأ إليه جميع اللبنانيين، معرباً عن أسفه لسقوط شهيدين للجيش خلال مداهمة في منطقة المعاملتين لملاحقة تجار المخدرات، ما يؤكّد أنّ الجيش يقوم بمهام قوى الأمن الداخلي في بعض المراحل وفي بعض المناطق، حيث تستنجد الناس بالجيش فوراً.
وفي حديث إلى تلفزيون "LBC" ضمن برنامج "نهاركم سعيد" أداره الإعلامي بسام أبو زيد، رأى أنّ المشكلة في البلد ليست قضية نفايات بل هي مشكلة سياسية بامتياز، وشدّد على أنّ الأجهزة الأمنية من جيش وقوى أمن وأمن عام وأمن دولة هي ملاذ اللبنانيين الأول والأخير، وقال: "نحن نعوّل على هؤلاء وهم يستحقّون مئة جلسة مجلس وزراء لا جلسة واحدة، ولكن يبدو أنّ الخلاف السياسي أكبر من كلّ شيء".
بين المناصفة والمثالثة
وأعرب أبو فاضل عن خشيته من أن نكون ذاهبين باتجاه ميثاق جديد أو إلى صيغة مثالثة، مؤكداً أنّه ضدّ هذا الموضوع وأنّه يؤيّد المناصفة الفعليّة المسيحيّة الإسلاميّة، واعتبر أنّ على المسلمين وقف العدّ كما أوقف المسيحيون العدّ منذ السبعينات، وأشار إلى أنّ مراسيم التجنيس يجب أن تتوقف.
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ هناك خلافاً بين رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون وبين المجموعة الموجودة في السلطة، وأشار إلى أنّ العونيين والتيار الوطني الحر يعتبرون أنّ العماد عون هو "ديغول" لبنان. ورأى أنّ "الجنرال" عرف كيف ينسج تحالفاته جيّداً مع حزب الله وبتكتل التغيير والإصلاح، وبالتالي عندما نُسِفت التسوية التي تخصّ العميد شامل روكز طار كلّ شيء، فرفع عون السقف وطالب بتعيين قائد جيش جديد مكان العماد جان قهوجي، وهذا ما تسبّب بالمشكل.
واعتبر أبو فاضل أنّنا أمام معضلة حقيقية في البلد من خلال عدم الاعتراف بوجود المسيحيين، رافضاً القول بأنّ عددهم انخفض، لافتا إلى أنّ ذلك يتوقف إذا ما توقفت سياسات قتلهم وتهجيرهم، وأشار إلى أنّ الاتفاق الحاصل بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية هو اتفاق نوايا بالتي هي أحسن إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.
عون يشارك بجلسات الضرورة
ورداً على سؤال، أكّد أبو فاضل أنّ العماد عون يمكن أن يسهّل عقد جلسةٍ حكوميةٍ ويشارك فيها إذا كانت القصة قصة رواتب ونفايات، إلا أنّه أشار إلى أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري يريد فتح المجلس النيابي وبدء التشريع، معتبراً أنّ ورقة الرواتب تشكّل ورقة ضغط سياسية في هذا المضمار.
وجزم أبو فاضل أنّ تكتل التغيير والإصلاح سيشارك في "جلسات الضرورة" الحكومية التي لا تشكّل له حَرَجًا، سواء في ما يتعلق بأزمة النفايات أو برواتب العسكريين، خصوصًا أنه يعتبر نفسه من ضمن الجيش والجيش من ضمنه، وقال: "إذا كان العماد عون يرفض ذلك يكون على خطأ"، وأضاف: "يجب ضمان عدم وقت رواتب العسكريين بأيّ شكلٍ".
وشدّد أبو فاضل على أنّ هذا الجيش ليس لنا غيره هو والأمن العام وأمن الدولة وفرع المعلومات وقوى الأمن الداخلي، خصوصًا في ظلّ الفلتان الموجود في البلد.
على الدولة تحمّل مسؤولياتها
واعتبر أبو فاضل أنّ قضية النفايات ليست مسؤولية المواطنين، وعلى الدولة تحمّل مسؤولياتها في هذا الإطار، مشيراً إلى أنّه يؤيّد جمعيات المجتمع المدني التي تحرّكت في هذا الإطار من حيث المبدأ، وهو يعترض فقط على أحداث الشغب والتكسير والاعتداء على القوى الأمنية.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ مقولة "كل ديك على مزلته صيّاح" تنطبق على قضية النفايات بكلّ وضوح، مشبّهاً موضوع النفايات بموضوع الانتخابات، وشدّد على أنّ الدولة لا تقوم إلا بقانون على أساس النسبية.
سلام لن يستقيل ولن يعتكف
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ استقالة رئيس الحكومة تمام سلام غير واردة في الوقت الحالي طالما أنّ القرار بذلك لم يأتِ من الخارج، مشيراً إلى أنّه يمثّل فريقاً ويمثّل دولة، وتحديداً فريق الرابع عشر من آذار والمملكة العربية السعودية وكلّ الدول التي معها، وبالتالي فإنّ الرئيس سلام ليس وحده، وهو لم يهبط بالمظلة إلى رئاسة الحكومة.
واعتبر أبو فاضل أنّ رئيس الحكومة يعمل بكلّ طاقته وقدراته لكن ضمن المسلمات المسموح بها سنياً، رافضاً القول أنّه يسعى للسرقة أو أنّه "يخبّص"، ورأى أنّه يساير الوضع، جازمًا أنّه لن يستقيل ولن يعتكف في هذه المرحلة، واعتبر أنّ مهمّة سلام هو المحافظة على الحكومة.
مقبلون على تمديد ثالث
وفيما رأى أبو فاضل أنّ الحكومة ستبقى مشلولة إلى أن تضع الحرب في سوريا أوزارها، لفت إلى أنّ الأميركيين لا يريدون فتح مجلس النواب، ولو أرادوا ذلك لفتح البرلمان في خمس دقائق.
وأشار أبو فاضل إلى أنّنا مقبلون على تمديد ثالث لمجلس النواب إذا بقيت الأمور هكذا، وكذلك مقبلون على التمديد للبلديات حكمًا، مرجّحًا أن يتذرّع المسؤولون بالظروف الأمنية لعدم إجراء الانتخابات البلدية في موعدها، معتبراً أنّ البلديات التي حلّت نفسها بنفسها ستكون في مشكلة حقيقية.
وشدّد أبو فاضل على أنّ اللبنانيين ينتظرون ما ستؤول إليه النتائج في سوريا وفي اليمن، واعتبر أنّ لبنان ليس في الأولويات الدولية حتى الآن، وقال أنّه لا يرى رئيساً للجمهورية في المرحلة المقبلة، واعتبر أنّ الموضوع لن يكون سهلاً.
التدخل الروسي لن يكون برياً
من جهة ثانية، اعتبر أبو فاضل أنّ الدور الروسي في سوريا تحوّل من الدعم السياسي ورفع اليد في مجلس الأمن واستضافة المعارضين للنظام في سوريا إلى تدخل عسكري، إلا أنّه شدّد على أنّه لن يكون بريًا في أيّ يوم، مشيراً إلى أنّ الأهمّ هو ضرب البنية التحتية لداعش والدفاع عن نظام الرئيس بشار الأسد، لأنّ سقوط الرئيس الأسد لا سمح لله هو سقوط للدولة في سوريا.
وشدّد أبو فاضل على أنّ روسيا دولة عظمى وهي ثاني دولة في العالم، ولفت إلى أنّ الرئيس السوري بشار الأسد هو الذي طلب الدعم الروسي لمحاربة الإرهاب في سوريا، نافياً أن يكون هناك أيّ إحراج على هذا الصعيد، واعتبر أنّ كلّ من يقاتلون اليوم الرئيس الأسد هم مع إسرائيل، وليس العكس، ورفض القول أنّ سوريا مُباحة لكلّ الناس اليوم.
نوايا عدوانية تجاه سوريا
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى وجود غرفة عمليات مشتركة روسية إسرائيلية، مشيراً إلى أنّ روسيا لن تقاتل إسرائيل إذا ما أرادت أن تضرب أهدافاً محدّدة في سوريا، وقال: "لا أحد يريد أن يفتعل مشكلاً مع إسرائيل أو تركيا كرمى للنظام أو غيره، بل هم يحمون النظام بانتظار الحلّ السياسي".
وتحدّث أبو فاضل عن نوايا عدوانية من قبل تركيا تجاه النظام في سوريا وتجاه الشعب في سوريا، مشيراً إلى أنّ كلّ شيء محتمل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكلّ الاحتمالات واردة، بما فيها احتمال إرسال الجيوش مستقبلاً، واعتبر أنّ المشكلة في سوريا ليس طائفية، وإنما هي مع الإرهاب، وشدّد على أنّ الطائفيين في سوريا لم يوفّقوا في جعل المشكل طائفياً، لافتاً إلى أنّ النظام عنده حنكة وهو باقٍ، باعتبار أنّ الروس لم يتدخلوا في سوريا ليسقط النظام.
رئيس حكومة قريب من المعارضة؟
رغم ذلك، رجّح أبو فاضل حصول تعديل في النظام السوري في المرحلة المقبلة، ولفت إلى وجود معلومات أنّ هناك شخصية مستقلّة وقريبة من الروس وحتى من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سوف تستلم رئاسة الحكومة في سوريا، وعلى أساس هذا الأمر تبقى الأمور كما هو.
ولفت أبو فاضل إلى وجود تطمينات في ما يتعلق بوحدة سوريا، مشدداً على أنّ الأمريكان والروس لا يريدون تقسيم سوريا، وتحدّث عن تعديل للدستور أولاً يليه تعيين رئيس للحكومة قريب من المعارضة، نافياً أن يكون مناف طلاس هو المقصود، مشيراً إلى أنّ هناك فيتو على الأخير من قبل الإدارة السورية.
سوريا ليست أفغانستان
ورداً على سؤال، شدّد أبو فاضل على أنّ سوريا ليست أفغانستان وتركيا ليست باكستان، وتحدّث عن تسوية يتمّ التحضير لها، لافتاً إلى أنّ مؤشراتها هي الضغط الروسي بشكلٍ أساسي، وأشار إلى أنّ هناك توافقاً على بقاء الرئيس السوري بشار الأسد لسنتين مع حكومة جديدة، على أن ينصّ الدستور على أنّ سوريا دولة علمانية.
وتحدّث أبو فاضل عن سلة متكاملة، مشيراً إلى أنّ رئيس الحكومة الجديد الذي سيأتي سيؤمّنه الرئيس الأسد ويحميه، واعتبر أنّ هناك مزايدات اليوم بين السعودية وتركيا، وأقرّ بأنّ السعودية دفعت وقطر الأموال وتركيا أتت بالمسلحين لتهديم سوريا، وأشار إلى أنّ هناك خلافاً على زعامة الإسلام في المنطقة، فالسعودية تمثل الوهابية السياسية في حين أنّ أردوغان هو رئيس الإخوان المسلمين، كما أنّ هناك خلافاً بينهما لا يُستهان به على مصر.
مخيم عين الحلوة يغلي
وفي الختام، شدّد أبو فاضل على ضرورة تواصل الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية لحلّ إشكالية اللاجئين السوريين، الذين نبّه إلى أنّهم قد يشكّلون يومًا ما في حال بقي الوضع على حاله بؤراً أمنية تسيء للبنان، متمنياً أن لا يتكرّر ما حصل في عرسال في مكان آخر.
وأعرب أبو فاضل عن خشيته من أن نشهد تفجيرات جديدة في لبنان في المرحلة المقبلة، داعيًا كذلك الأمر للتنبّه لمخيّم عين الحلوة، لافتاً إلى وجود سلفيين شرسين ومتشدّدين يحاولون القتال في المخيم، وقال: "لا تزال حركة فتح تمثل قسماً كبيراً وكذلك حماس والجهاد الإسلامي، ولكن باستطاعة هؤلاء أن يسيطروا على نصف المخيم بشكل سريع".
وحذر أبو فاضل من قيام بعض القيادات الصقور في تيار المستقبل من طرح فكرة استغلال وجود اللاجئين السوريين وتوظيفهم في إطار صراعه مع حزب الله، وشدّد على وجوب العمل من أجل تدارك الإرهاب كما يفعل قائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وقال: "عين الحلوة مخيم يغلي جداً وأنا لا أستبشر خيراً بهذا الموضوع".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق