الجمعة، 13 نوفمبر 2015

عودة الاستهدافات الإجرامية تخترق مناخ التهدئة وتشريع الضرورة

النهار
وقف لبنان مذهولاً أمام الحصيلة الدموية الباهظة للتفجيرين الانتحاريين اللذين ضربا منطقة برج البراجنة مساء أمس واضعين البلاد في مواجهة موجة ارهابية اجرامية بدت بصمات "داعش" واضحة عليها، مما استدعى استنفاراً واسعاً سياسياً وأمنياً وعسكرياً. وفيما كان المشهد الداخلي يستكين الى رؤية مجلس النواب في انعقاد "نادر" للمرة الاولى منذ سنة تماما في اليوم الاول من الجلسة التشريعية، سدد تنظيم "داعش" هجمته الاجرامية الارهابية على الآمنين في حي مكتظ بعد صلاة الغروب عبر نمط "متطور" في الاجرام استعان فيه بمجموعة من ثلاثة انتحاريين فجروا أحزمة ناسفة في ساعة الذروة فأوقعوا أكبر حصيلة دموية من الشهداء والجرحى لم ترس حتى ساعات الليل المتقدمة على رقم نهائي، لكن آخر حصيلة شبه نهائية اعلنتها وزارة الصحة ليلا أفادت ان عدد الشهداء بلغ 43، وعدد الجرحى 239.
وشكّل دخول "داعش" على خط معاودة الهجمات الارهابية في قلب الضاحية الجنوبية والعمق اللبناني بعدما سارع التنظيم الى اعلان تبنيه التفجير المزدوج في برج البراجنة عاملاً طارئاً يتسم بخطورة شديدة، فيما بدا واضحاً ان التفجير الذي يعتبر الاضخم في سلسلة العمليات التفجيرية الارهابية التي استهدفت لبنان لم يكن متصلاً فقط بالنمط الاجرامي لـ"داعش " وانما "ركبت" للتفجير أيضاً ساعة توقيت سياسية من خلال تزامن التفجير مع استعادة المشهد السياسي الداخلي حداً معقولاً من التماسك ترجمته التسوية السياسية التي اثمرت انعقاد الجلسة التشريعية لمجلس النواب. وأثار التفجير المزدوج بحصيلته الضخمة المفجعة مخاوف من تجدد الموجة الارهابية وخصوصاً في ظل مؤشرات سبقته كان من أبرزها الشريط الذي نشره "داعش" قبل أيام مهدداً فيه مجموعة شخصيات سنية سياسية ودينية لبنانية، وقت تكثفت عمليات مخابرات الجيش والاجهزة الامنية وتمكنت من توقيف عدد من الرؤوس الارهابية المنخرطة في خلايا لـ"داعش".
وللمرة الاولى منذ سنة ونصف سنة وتحديداً منذ 23 حزيران 2014 تاريخ التفجير الاخير في الضاحية الجنوبية، ضرب "داعش" ضربته امام حسينية برج البراجنة على دفعتين، اذ تولى انتحاري أول تفجير نفسه بحزام ناسف، وبعد أقل من خمس دقائق حذا حذوه انتحاري ثان، فيما عثر على انتحاري ثالث مقتولاً بفعل احد التفجيرين قبل ان يتمكن من تفجير نفسه. وبعد ساعات قليلة من التفجيرين، نشر تنظيم "داعش" في مواقع التواصل الاجتماعي صورة من مكان العملية وبياناً تبنى فيه التفجيرين.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان أكثر من وزير اتصل أمس برئيس الوزراء تمام سلام عقب تفجيري برج البراجنة لإقتراح انعقاد مجلس الوزراء في صورة طارئة لمواكبة التطورات التي تنذر بتداعيات دراماتيكية على غرار انفجار الطائرة الروسية في شرم الشيخ. وقد رد الرئيس سلام على هذا الاقتراح بأنه سيجري مشاورات قبل إتخاذ مبادرة، علما أن سلام كما قالت المصادر يحسّ بالمسؤولية الملقاة على عاتقه في هذه الظروف الدقيقة المستجدة. وكانت الخلوة التي عقدها رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب نبيه بري عقب رفع الجلسة التشريعية لدى تبلغ الرئيس بري والنواب نبأ التفجيرين تناولت ما يمكن اتخاذه من اجراءات لمواجهة هذا الحدث الذي اخترق المناخ الداخلي في عز انصراف المجلس الى استكمال اقرار جدول أعمال الجلسة. وأعلن سلام لاحقا الحداد العام على شهداء التفجير الارهابي وتنكيس الاعلام فيما اعلن وزير التربية الياس بو صعب إقفال المدارس الرسمية والخاصة والجامعات. ومساء أعلنت الامانة العامة لمجلس النواب ارجاء موعد الجلسة التشريعية من الاولى بعد ظهر اليوم الى الخامسة عصراً ليتسنى للنواب المشاركة في مراسم العزاء بشهداء التفجيرين.
وعلمت "النهار" أن سفارات الدول الكبرى العاملة في لبنان وباقي السفارات الغربية بعثت برسائل نصيّة الى رعاياها تدعوهم الى إلتزام الحيطة والحذر وعدم التجوّل عند الحاجة.

تنديد فرنسي وأميركي
واعرب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن "صدمته وسخطه" لهذا الاعتداء الذي وصفه بانه "عمل دنيء". وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان إن "رئيس الجمهورية يعبر عن سخطه وصدمته اثر الاعتداء الذي خلف عشرات القتلى وأكثر من مئة من الجرحى في حي برج البراجنة في بيروت ويندد بهذا العمل الدنيء ويتقدم بتعازيه من اسر الضحايا واقاربهم. ان الفرنسيين يشاطرون اللبنانيين الحداد الوطني وان فرنسا ملتزمة أكثر من أي وقت مضى السلام في لبنان ووحدته واستقراره".
كما نددت السفارة الاميركية في بيروت "بشدة بالاعتداء الحاقد" في برج البراجنة وقدمت تعازيها الى عائلات الضحايا.
ووسط موجة استنكارات داخلية عارمة للتفجيرين، اعتبر "حزب الله" بلسان المعاون السياسي للامين العام للحزب حسين خليل ان هذه الجريمة "ليست موجهة ضد حزب أو منطقة أو فئة انما هي جريمة ضد الانسانية جمعاء ومن قام بها هم وحوش لا ينتمون الى البشرية". وأكد ان "مواجهتنا ضد القوى الارهابية مستمرة ونحن في الطريق الصحيح وسنمضي في محاربتنا لهذه المجموعات التكفيرية".
وبرزت في هذا السياق زيارة وزير العمل سجعان قزي لمكان التفجيرين معلناً استنكاره وحزب الكتائب لهما ومقدماً التعازي بالشهداء باسم الرئيس امين الجميل ورئيس الحزب النائب سامي الجميل.

الجلسة التشريعية
وكان المشهد الداخلي تميز أمس بانعقاد الجلسة التشريعية لمجلس النواب في يومها الاول حيث سلكت التسوية السياسية طريقها بسلاسة الامر الذي ترجمه المجلس باقرار 24 مشروعاً واقتراح قانون من أبرزها قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني الذي عدته الكتل المسيحية انجازاً تشريعياً تاريخياً. كما برز في رزمة المشاريع التي اقرت قانون سد بسري وقانون سلامة الغذاء وفتح اعتماد اضافي بـ 4500 مليار ليرة لتغطية العجز في اعتمادات مشروع الموازنة لسنة 2016 وتخصيص 2400 مليار ليرة لمصلحة الجيش وتجهيزه بالعتاد، الى بنود اخرى تتعلق بقروض واتفاقات. وأبرز البنود التي رفعت الى اليوم تتعلق بالمشاريع المالية ولا سيما منها التصريح عن نقل الاموال عبر الحدود وتبادل المعلومات الضريبية ومكافحة تبييض الاموال. اما في شأن ملف قانون الانتخاب، فأوصى بري هيئة المجلس بتأليف لجنة مصغرة لدرس قانون الانتخاب خلال مهلة شهرين والعودة الى اللجان المشتركة.

مجلس الأمن يندّد
 في نيويورك ("النهار")، صرح رئيس مجلس الامن لهذا الشهر المندوب البريطاني الدائم لدى الامم المتحدة السفير ماثيو رايكروفت لـ"النهار": "نندد بأشد العبارات بهذا العمل الارهابي الشنيع الذي استهدف المدنيين في بيروت وسنعمل مع سائر اعضاء مجلس الامن للرد بالطريقة المناسبة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق