أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ الرئيس التركي رجب إردوغان أراد بعد "قمة العشرين"، وربما دفعه أحدهم، أن يقدم على عمل مجنون، في إشارة إلى حادث إسقاط الطائرة الروسية الذي حدث في وقتٍ سابقٍ هذا الأسبوع، ورأى أنّ هذا الجنون وهذا التعصّب لا يمكن أن يقدم عليه إلا رجل فقد عقله.
وفي حديث إلى برنامج "بانورما" من تلفزيون "روسيا اليوم RT" أداره الإعلامي ارتيوم كابشوك، استغرب أبو فاضل الحديث عن قيام الطيران الروسي بخرق الحدود وكأنّه يطير فوق اسطنبول أو أنقرة، مشدّداً على أنّ الحدود السورية التركية متداخلة جدًا، ولفت إلى أنّه أصلاً لا يوجد عداوة بين تركيا وروسيا، وقال: "روسيا ليست أرمينيا مع احترامي لأرمينيا".
بوتين طُعِن في الظهر
وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ إردوغان ظنّ أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتاز الخطوط الحمر عندما قصف ناقلات النفط لداعش التي كانت تشحن النفط والغاز إلى إردوغان، الذي اعتبر أنّ القوات الروسية الجوية قصفت مناطق التركمان وكأنّ التركمان ليسوا سوريين وكأنّ روسيا بلد صغير، وقال: "لا، أبدًا، الموضوع ليس تقنيًا بأيّ شكل".
واعتبر أبو فاضل أنّ الرئيس التركي إردوغان يحاول لفلفة الموضوع، لكنّه أشار إلى أنّ الرئيس الروسي بوتين طُعِن في الظهر من قبل الجميع، وقالها، فهو عندما اتفق مع إردوغان اتفق معه على إعادة الهدوء إلى سورية والمنطقة، لكنّ مشروع إردوغان هو تفتيت المنطقة وخلق دويلات في الشمال السوري، وانتقال حكومة غازي عنتاب التي فُرِض على رئيسها أن يستقيل وأن تؤلَّف حكومة في الداخل السوري في المرحلة المقبلة.
إردوغان تخطى الحدود
ورداً على سؤال، شدّد أبو فاضل على أنّ الرئيس التركي رجب إردوغان تخطى الحدود، مشيرًا إلى أنّه يحاول الآن أن يلملم ما فعله، ولفت إلى أنّه لا يمكن لأيّ طيران أن يطلق القصف على الطائرة وأن يُسقِطها بهذا الشكل وبهذا الجنون حتى ولو كانت فوق تركيا، موضحًا أنّ الطائرة لم تكن موجّهة ضدّ تركيا، كما أنّ الروس لا يستعدون تركيا، والأتراك ليسوا أعداء للروس.
ورأى أبو فاضل أنّ إردوغان لم يحفظ حسن الجيرة بخطوته هذه بل تعدّاها ليقصف الطائرة وما أسفر عنه ذلك، وقال: "جماعة إردوغان قتلوا الطيار وهو ينزل بالمظلة من الطائرة المحروقة والمضروبة"، وأضاف: "هناك خطأ كبير ارتكبه إردوغان عندما أقدم على هذا الضرب الجنوني".
واعتبر أبو فاضل أنّه لا يمكن بعد اليوم أن يثق الرئيس بوتين بإردوغان، ولو التقى به في باريس في قمة المناخ، معرباً عن اعتقاده بأنّ ذلك لن يعني بأنّ الأمور سوف تسير نحو الأفضل، مرجّحًا أن تتجمّد الأمور، ولكنّها لن تتدهور إلى حرب عالمية، ولن يصبح هناك مشكل بين تركيا وروسيا على الصعيد العسكري.
لا لعثمنة المنطقة
وشدّد أبو فاضل على أنّ الداخل السوري سوف يعزّز بعد هذه الحادثة لصالح النظام في سوريا والشعب في سوريا، وليس لصالح داعش والنصرة وأحرار الشام الذين يقاتلون كلّ الناس ولواء السلاجقة ولواء السلطان مراد ولواء السلطان سليم، وقال: "هذه العملية عثمانية، ولا أحد يريد اليوم عثمنة المنطقة".
ورداً على سؤال، أكّد أبو فاضل أنّ لواء السلاجقة هو لواء مدعوم من قبل تركيا ومن قبل الرئيس التركي إردوغان، مشيرًا إلى أنّه يقاتل الأكراد في كلّ المناطق، هو ولواء السلطان مراد، متحدّثاً عن عدّة ألوية خرجت يعود تاريخها إلى عصر السلطنة العثمانية، عصر الأذى للمنطقة وعصر السخرة وعصر جمع الشباب ودكّهم في السجون واحتلال الأراضي، وهذا الأمر يدغدغ اليوم أحلام إردوغان، لكنّه لن يحصل بوجود الاتفاقات الحالية.
عن أيّ منطقة آمنة يتحدّثون؟
من جهةٍ ثانية، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الأميركي هو الذي دفع إردوغان دفعًا للقيام بمهمّة إسقاط الطائرة الروسية، مشيرًا إلى أنّ إردوغان يتحضّر منذ فترة لتقسيم سوريا وتنفيذ أحلامه، فهو قد رأى حلب المدينة التي نافست وحلّت الأولى عالميًا كعاصمة للنسيج وقد هدّمها وسرق معالمها، وسأل: "أيّ منطقة آمنة وعازلة وهادئة يتكلم عنها الأتراك؟ وأين الديمقراطية في تركيا وهناك 2000 صحافي في السجن؟"
وتساءل أبو فاضل عمّا إذا كان الأتراك، حين يتحدّثون عن منطقة آمنة، يشيرون بالتحديد إلى منطقة ينزل فيها طيّار مسالم بطائرة بمنطقة هم مسيطرون عليها، فيقتلونه قبل أن يصل إلى الأرض، وقال: "هؤلاء وحوش بالنتيجة"، ولفت إلى أنّ التركمان هم سوريون موجودون في دمشق وفي حلب وفي القلمون وأينما كان.
مصالح إخوانية
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ العلاقات السياسية والاقتصادية كانت ممتازة بين تركيا وروسيا، وكذلك الأمر كانت العلاقات جيدة بين تركيا وسوريا، قبل أن يطعن الرئيس التركي رجب إردوغان الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد.
وأكد أبو فاضل أنّ الرئيس إردوغان لديه أيضًا مصالح يريد أن ينفّذها، مشيراً إلى أنّها مصالح إخوانية بالدرجة الأولى، شارحًا أنّه يسعى إلى أن يكون زعيم الإخوان المسلمين في العالم العربي والإسلامي، وهذا أمر معروف.
هذا هو هدف إردوغان
وفي ما يتعلق بالمنطقة الآمنة، كشف أبو فاضل أنّ إردوغان يسعى عمليًا إلى منطقتين آمنتين لا منطقة واحدة، منطقة في الرقة وحلب، ومنطقة أخرى في أماكن التركمان، وقال: "هو لا يريد أن ينتهك سيادة تركيا، أما استرداد الدولة السورية لسيادتها على أراضيها، فهذا ممنوع ولو على جبل صغير".
وأشار أبو فاضل إلى أنّ اللاجئين الذين يطردهم إردوغان ويموتون في البحر في شواطئ اليونان، ويُقدّرون بحوالي الـ800 ألف، هو الذي دعمهم ودرّبهم ثمّ هجّرهم وتركهم يموتون في البحار، وقال: "هؤلاء هو مسؤول عنهم"، وأضاف: "منظر الطفل الميت على الشاطئ اليوناني هو مسؤول عنه لكي يهيّج العالم ولكي يدفع العالم للعمل إلى منطقة آمنة، وهذا هو هدف إردوغان".
إردوغان سيعتذر
وفي الختام، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الرئيس إردوغان يتصل بالرئيس بوتين لكي يقدّم اعتذاره ليس بشكل علني ولكن بواسطة الهاتف، وأشار إلى أنّ الرئيس بوتين يطلب اعتذاراً علنيًا لكي لا تتكرّر حادثة إسقاط الطائرة بشكلٍ أو بآخر.
وتوقع أبو فاضل أن يجتمع الرئيسان بوتين وإردوغان في باريس وأن يقدّم إردوغان اعتذاره عمّا حدث، ورأى أنّ كلّ الذي يصدر اليوم عن تركيا ليس إلا كلام بكلام وكلام في الهواء لا قيمة له في الساحة، وقال: "هناك غضب روسي ورسمي يتدرّج في الملفات والضغوطات والعقوبات على إردوغان بالذات".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق