إمتعاض "الحزب التقدمي الإشتراكي" ورئيسه النائب وليد جنبلاط من إدارة رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري للمعركة الرئاسية، لم يعد خافياً على أحد من المتابعين لكواليس الإتصالات. إمتعاض ليس من الصعب أبداً إكتشافه بمجرد اللقاء مع وزير أو نائب أو قيادي لا سيما الذين يعتبرون من الدائرة الضيقة لزعيم المختارة.
هناك بين الإشتراكيين، من يذهب أبعد من الإمتعاض بكثير، ليحمّل الحريري شخصياً مسؤولية حرق تسوية ترشيح رئيس "تيار المرده" النائب سليمان فرنجية. وفي هذا السياق تقول أوساط قيادية في "الحزب التقدمي الإشتراكي"، "مسؤولية، تبدأ عند خطوة الحريري المتسرعة، بتسريب خبر اللقاء الذي حصل بينه وبين فرنجية، ولا تنتهي عند اصرار تيار المستقبل على تسريب أجواء للصحف وبوتيرة شبه يومية، بأن الجلسة ستنعقد والنصاب سيؤمن وفرنجية سيُنتخب، مهما بلغ حجم الإعتراض المسيحي عليها".
إذاً المشكلة التي فرملت التسوية ووضعتها في الثلاجة على رغم ما حظيت به من دعم دبلوماسي غربي، هو سلوك "الشيخ" سعد منذ بدايتها وحتى اليوم. بحسب القراءة الجنبلاطية، خطأ الحريري الذي لا يغتفر، تمثل بتسريب خبر اللقاء الباريسي بينه وبين فرنجية. تسريب، لم يكن مصدره "تيار المرده" بل فريق الحريري، الذي لم يقدّر حجم الغضب العارم الذي يمكن أن يسببه كشف إنعقاد اللقاء، لدى كل من رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، حليف الحريري الأول في تحالف "14 آذار"، والعماد ميشال عون، رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" الذي ينتمي اليه فرنجية ونوابه.
هذا التسريب، حصل أيضاً قبل أن يضع الحريري نواب كتلته ووزرائه في الحكومة، بتفاصيل اللقاء الأمر جعل المعترضين على التسوية يستفيدون من الأصوات الزرقاء التي راحت تنتقد الحريري وتهاجمه بنبرة عالية، ومن بينها صوت وزير العدل أشرف ريفي وبعض نواب "14 آذار" كالنائب دوري شمعون. "وبدلاً من أن يعمم الحريري على مؤيدي التسوية داخل فريقه"، يقول الإشتراكيون، "بضرورة التسويق لها بروية وبهدوء ومن دون إستفزاز أحد من الحلفاء والأصدقاء قبل الخصوم، لجأ هؤلاء الى خطابات التهديد الفوقية"، ومنها "لا صوت يعلو فوق صوت الشيخ سعد" و"انتخاب الرئيس سيتم بالدماء إذا طارت المبادرة".
أخطاء التسريب وعدم التنسيق المسبق مع الحلفاء، أضف اليها خطاب التسويق الإستفزازي، كلها أوصلت التسوية الى المعادلة التالية:
جبهة مسيحية رافضة لترشيح فرنجية قوامها "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، و"الكتائب". جبهة لم يعد من السهل تخطيها لا من قبل المملكة العربية السعودية، ولا من قبل الحريري أو غيره خصوصاً أنها مدعومة ولو بطريقة غير مباشرة، من "حزب الله" المتمسك "حتى يوم الآخرة" كما يقول سيده، بدعمه لترشيح العماد عون. وفي هذا السياق، يسأل قيادي مقرب من الزعيم الدرزي، "كيف يمكن للحريري أن يقدم على خطوة كهذه ويخرجها الى العلن، من دون التنسيق المسبق مع حزب الله؟ وهل يتوقع الحريري ولو للحظة أن قوى الثامن من آذار قد تذهب الى جلسة إنتخاب فرنجية منقسمة بين عون وفرنجية؟"
على رغم تجميد التسوية، لا يزال بعض رجال الحريري يهددون ويلوحون بها عبر الإعلام، ويقولون إنها ستنجز والأجواء إيجابية، علماً أن إنجازها وفيما لو كتب له النجاح يوماً، لن يكون قريباً أو خلال أيام أو أسابيع كما يتوقع رجال "تيار المستقبل". التهديد والتلويح المستمران، يؤكدان للفريق الجنبلاطي أن ما من شيء تغيّر على صعيد سلوك فريق الحريري منذ انطلاق التسوية وحتى اليوم، لذلك المرحلة تقتضي التريث والترقب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق