نص فرانس 24
احتفل مسيحيو الرقة، يشاركهم المسلمون، بأعياد الميلاد في مدينة الرقة المعقل السابق لتنظيم "الدولة الإسلامية" بسوريا، للمرة الأولى منذ العام 2014. ووسط المباني المدمرة، عكف رجلان يرتديان ثياب سانتا كلوز (بابا نويل) على توزيع الهدايا على الأطفال، في حين علت أصوات كنيسة الشهداء بالتراتيل رغم الدمار الذي أصابها، وسط أجواء من الفرح والفخر.
بين مباني مدمرة في مدينة الرقة السورية، يتجول رجلان متنكرين بثياب سانتا كلوز (بابا نويل) وعلى أكتافهما كيسان من الهدايا، يقرعان الأجراس ويتبادلان الضحكات مع الأطفال في شوارع معقل تنظيم "الدولة الإسلامية" السابق في سوريا.
خلف الرجلين يمشي العشرات من السكان القلائل الذين عادوا إلى مدينة الرقة، ويتوجهون جميعا إلى كنيسة الشهداء الأرمنية في وسط المدينة التي لم يبق منها سوى بعض الأعمدة وسقف متضرر.
سانتا كلوز يوزع الهدايا بالرقة للمرة الأولى منذ العام 2014
وفي الكنيسة، علت أصوات التراتيل من جهاز تسجيل، ووضع صليب خشبي فوق جبل من الركام، وزينت شجرة ميلاد بالأضواء والأجراس الصفراء والحمراء اللون.
ووسط هذا المشهد، وزع رجلا سانتا كلوز الهدايا على الحضور وبينها ألعاب دمى وسيارات للأطفال.
وصل أحد الأطفال متأخرا، تقدم من الحاضرين وسألهم "أين بابا نويل؟ كنت أتمنى أن أراه وأخذ هدية منه"، لكن ذلك فاته للأسف.
وقبل اندلاع النزاع في العام 2011، كان المسيحيون من سريان وأرمن يشكلون واحدا في المئة من إجمالي عدد سكان مدينة الرقة. وكان هؤلاء يحتفلون بأعيادهم في الكنائس ويقيمون القداديس. إلا أن معظمهم فر بعد وصول المعارك إلى مدينة الرقة ثم سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" عليها في 2014.
وخير المسيحيون في مناطق سيطرة التنظيم بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو الرحيل، تحت طائلة القتل. وغالبا ما عمد الجهاديون إلى تدمير الكنائس والمقامات الدينية.
وأقدم عناصر التنظيم المتطرف قبل سنوات على إنزال الصلبان عن كنيستي الشهداء وسيدة البشارة الكاثوليكية في الرقة وأحرقوا محتوياتهما وألحقوا بهما أضرارا كبيرة.
ودعت قوات سوريا الديمقراطية السكان للمشاركة في تلك الاحتفالات الرمزية التي غاب عنها الكهنة والمسيحيون من أبناء الرقة باستثناء مقاتلين من المجلس العسكري السرياني.
وعلى هامش مشاركته في الاحتفال أمام كنيسة الشهداء، يقول القيادي في المجلس العسكري السرياني حورو آرام (24 عاماً) "شعورنا اليوم لا تصفه الكلمات، لا توجد كلمة تلخص شعوري كمسيحي أو كسرياني أو حتى كمقاتل".
ويضيف "شعورنا حين نأتي لنصلي في هذه الكنيسة هو الفخر والفرح، لا أعرف كيف أصفه أكثر من ذلك".
ثم يشير الشاب ذو اللحية الخفيفة إلى الحضور من حوله قائلا "الحمد لله لتواجد كل هؤلاء العالم مع قواتنا. نشعر اليوم بقيمتنا، وأن كل تضحياتنا لم تذهب سدى".
ومنذ استعادة قوات سوريا الديمقراطية السيطرة على مدينة الرقة في 17 تشرين الأول/أكتوبر، عاد مئات المدنيين إلى أحياء عند أطرافها بعدما انتهت الفرق المتخصصة من نزع الألغام هناك.
وتنتشر على جدران المدينة وشوارعها عبارات التحذير من الألغام التي تتسبب بشكل شبه يومي بسقوط ضحايا.
ومع اقتراب عيد الميلاد، عمدت فرق الألغام التابعة لقوات سوريا الديمقراطية إلى تنظيف ما تبقى من كنيستي الشهداء وسيدة البشارة في المدينة، التي خلفت المعارك فيها دمارا كبيرا جعل من الصعب التعرف على معالمها.
وتقول هاجر الأحمد، التي تضع على رأسها حجابا بني اللون وقصدت كنيسة الشهداء برفقة أصدقاء لها، "نحن سعداء لأننا نشارك في الاحتفال في الكنيسة، بعدما كان ’داعش‘ (تنظيم ’الدولة الإسلامية‘) يمنع الاحتفالات ويتهم المسيحين بالكفر".
"الألوان عادت إلى الرقة"
وعند مدخل الكنيسة، يقول القيادي في قوات سوريا الديمقراطية شفكر هيمو "نبارك عيد ميلاد المسيح لكل الرقة (...) نستطيع القول الآن أن الرقة حرة وعادت إليها ألوانها السابقة".
ويضيف باللغة الكردية "يستطيع جميع الناس اليوم أن يعودوا إلى الرقة حاملين ثقافتهم ولغتهم ودينهم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق