الأحد، 25 مارس 2018

الحريري يخذل حليفيه المسيحيين

بولا مراد - الديار ـ
 
في الوقت الذي انهى رئيس الحكومة سعد الحريري تشكيل معظم لوائحه الانتخابية قبل فترة، مفضلا في العدد الأكبر من الدوائر خوض المعركة بلوائح زرقاء صافية، كان حليفاه المسيحيان، «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» يتخبطان قبل ساعات معدودة من اغلاق وزارة الداخلية الباب على تشكيل اللوائح مع انقضاء المهلة القانونية المحددة، لحسم خياراتهما الانتخابية المحدودة بعدما كان كل منها يعول على تحالف انتخابي شامل مع الحليف السني يؤدي الى اتساع كتلتيهما النيابية بعد اتخاذهما قرار الافتراق الانتخابي القواتي - العوني وفقا لما قالا انّها مصلحة انتخابية للطرفين.

ولم تستوعب القيادة القواتية حتى الساعة خلفيات قرار «المستقبل» حصر التحالف الانتخابي معها بدائرة عكار المعروفة بـ«الشمال الأولى»، وبعلبك- الهرمل المعروفة بـ «البقاع الثالثة»، كما في دائرة الشوف - عاليه حيث التحالف جاء تلقائيا نظرا الى وجود حلقة مشتركة يستحيل لأي من الفريقين تخطيها هي حلقة الحزب «التقدمي الاشتراكي». وتعتبر مصادر مطلعة ان رئيس الحكومة سعد الحريري «لم يستطع حتى الساعة ابتلاع «البحصة» التي تحدث عنها بعيد أزمته في الرياض وكان يربطها بشكل مباشر برئيس حزب «القوات» سمير جعجع، لذلك ارتأى السير بتحالف انتخابي بالحد الأدنى مع «القوات» تبعا لضغوط ورغبة اقليمية ودولية بذلك، بغياب اي قناعة شخصية، فلو عاد له الأمر لفضل السير من دون «القوات» في كل الدوائر دون استثناء». وتضيف المصادر: «ولعل القطيعة المستمرة بين جعجع والحريري وعدم حصول اللقاء الشهير والمنتظر منذ أشهر بين الرجلين لغسل القلوب، أكبر مؤشر على مدى توتر العلاقة بينهما بعدما تحول الأمر الى خلاف يتخذ بُعدا شخصيا بينهما لا سياسيا وبالتحديد من جهة الحريري».

وان كان ضم «المستقبل» مرشح «القوات» عن المقعد الأرثوذكسي العميد المتقاعد وهبة قاطيشا في عكار الى لائحته المنتظر ان تكتسح العدد الأكبر من المقاعد لم يكن له أي أبعاد استراتيجية وجاء كـ «التحصيل الحاصل»، فان التحالف بين الطرفين في بعلبك - الهرمل يتخذ بُعدا آخر تماما، بعدما تحولت المعركة في الدائرة المذكورة لمعركة أساسية بالنسبة لحزب الله، تدخل أمينه العام السيد حسن نصرالله شخصيا للحشد لها. وقد جاء التحالف القواتي - المستقبلي فيها بعد ضغوط اقليمية - دولية واضحة وصريحة بمسعى لخرق اللائحة بمقعد شيعي على الاقل الى جانب المقاعد السنية والمسيحية.

وبحسب خبراء انتخابيين، فان الفراق الانتخابي بين الحريري وجعجع سواء في زحلة او البقاع الغربي او في دائرة الشمال الثالثة، من شأنه أن يقلص حجم كتلة «القوات» ما بين 3 الى 4 نواب، لتصبح حوالى 8 نواب، علما ان هذا الافتراق لا يؤثر بتاتا في حجم كتلة «المستقبل».

وكان الحريري يُدرك تماما منذ انطلاق الاستعدادات الجدية لتشكيل اللوائح أن التحالف الشامل سواء مع «القوات» او «الوطني الحر» لن يشكل له رافعة انتخابية، بل بالعكس تماما سيقلص عدد نوابه، ما دفعه الى اتخاذ قرار حاسم بحصر التحالف معهما بدوائر محددة وبإعطاء الأولوية لمصلحة تياره على ما عداه من مصالح سياسية.

وقد شكل هذا القرار صفعة كبيرة لـ «التيار الوطني الحر» الذي كان يتحدث قبل زيارة الحريري الأخيرة الى الرياض عن تحالف انتخابي شامل مع «المستقبل»، ليتبين بعد عودته انّه قد تقرر حصر التحالف بدائرة زحلة واعطاء أصوات السنة التفضيلية في البترون لوزير الخارجية جبران باسيل وتوزيع ما تبقى منها على «القوات» و»المردة» في الدائرة نفسها. وبحسب المعلومات، فان تخلي «المستقبل» عن العونيين سواء في عكار او طرابلس او حتى البقاع الغربي سيقلص حجم كتلة «الوطني الحر» النيابية الى حد كبير بعدما كان خبراء انتخابيون يرجحون ان تصل لحدود الـ26 نائبا مع الحلفاء.

الا ان مصادر عونية تؤكد ان الفراق الانتخابي مع «المستقبل» في الدوائر السابق ذكرها لن يؤثر في التحالف السياسي بينهما الذي سيصبح أمتن بعد الانتخابات، لافتة الى ان قيادة التيار لن تقبل السير الا بالحريري رئيسا للحكومة بعد التفاهم الاستراتيجي الذي تم التوصل اليه عشية انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية والذي ترسخ من خلال التعاون الحكومي وتبلور رؤية مشتركة لأكثر من ملف أبرزها ملف النفط والكهرباء.

وكما «الوطني الحر» كذلك «المستقبل» يتمسك بتحالفه السياسي مع العهد الجديد لاقتناعه بأنه سيكون سنده في كل المحطات والاستحقاقات المقبلة وأبرزها استحقاق تشكيل حكومة جديدة وتسمية رئيس لها، لذلك تراه يتعاطى مع حليفه «القوات» كـ«ثانوي» رغم كل ما يتردد عن ان مرحلة ما بعد الاستحقاق النيابي ستشهد اعادة احياء اصطفافي 8 و 14 آذار بحلة جديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق