بي بي سي ـ
أقر الكنيست الإسرائيلي قانونا مثيرا للجدل يصف البلاد بأنها دولة يهودية بشكل رئيسي، ما أثار غضب الأقلية العربية فيها.
ويقول قانون "الدولة القومية" اليهودية إن لليهود حق فريد بتقرير مصيرهم، كما يجعل من العبرية اللغة الأساسية للدولة، مهمشا استخدام العربية التي كانت تعد لغة ثانية في الدولة.
ورد النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي بغضب ووصف بعضهم القانون بأنه "عنصري ويؤسس للفصل العنصري"، ولوح أحدهم بعلم أسود ومزق آخرون مسودة القانون.
وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بخطوة إقرار القانون باعتبارها "لحظة حاسمة".
وقال "بعد 222 عاما من إعلان (ثيودور) هيرتزل (مؤسس الحركة الصهيونية الحديثة) لرؤيته، حددنا بهذا القانون مبدأ وجودنا الأساسي".
بيد أن القانون ينذر بالتسبب بالمزيد من الاغتراب للأقلية الكبيرة في إسرائيل من عرب 48 الذين ظلوا يشكون طويلا من التهميش والتمييز ضدهم.
وصوت الكنيست بغالبية اثنين وستين صوتا لصالح القانون بعد نقاشات محتدمة استمرت منذ ظهر الأربعاء، وبدأ التصويت نفسه في وقت متأخر من الليل.
ما الذي نص عليه القانون؟
ويعد القانون الذي سمي بـ"القانون الأساسي: إسرائيل بوصفها دولة قومية للشعب اليهودي"، تشريعا يُعرف إسرائيل بشكل أساسي بأنها دولة يهودية أولا وأخيرا.
ويصف إسرائيل بمحافظاتها (مناطقها الإدارية) الـ 11 بأنها "الوطن القومي للشعب اليهودي" وينص على أن حق تقرير المصير هو حق خاص للشعب اليهودي.
كما يؤكد على وضع القدس في القانون الإسرائيلي، الذي يعرف المدينة بأنها "كاملة وموحدة ... عاصمة لإسرائيل"، على الرغم من أن الفلسطينيين يرون في القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة.
وبشكل مثير للجدل، يشير القانون إلى أن العبرية "لغة الدولة" الأساسية، الأمر الذي يهمش مكانة العربية التي ظلت لعقود طويلة تعد لغة رسمية ثانية إلى جانب العبرية.
بيد أنه نص على أن للعربية "مكانة خاصة" في الدولة وإنها متاحة في الدوائر الحكومية للمتحدثين بها، كما أن استخدامها أمام القضاء لن يتضرر.
وفي إحدى عباراته، شدد القانون على أهمية "تنمية المستوطنات اليهودية بوصفها قيمة وطنية"، على الرغم من أنه لم يوضح هل إن ذلك يشمل أيضا المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
لماذا شرع القانون؟
تعد قضية وضع إسرائيل كدولة يهودية مثيرة للجدل سياسيا، وظلت مدار نقاش لزمن طويل، بيد أنها الآن حسمت وأصبحت قانونا.
ويرى بعض السياسيين اليهود أن المبادئ المؤسسة لإنشاء إسرائيل، بوصفها دولة لليهود فيما يوصف بموطنهم التاريخي القديم، تتعرض للتهديد ويمكن أن تصبح أقل ملاءمة، ويعفو عليها الزمن، في المستقبل.
فالمخاوف من معدل الولادات العالي بين عرب إسرائيل فضلا عن حل الدولتين البديل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قد تهدد الغالبية اليهودية في إسرائيل، وهو ما شجع الدعوات لتشريع يهودية الدولة في قانون.
وظل مشروع القانون موضع نقاش منذ تقديمه لأول مرة في عام 2011، ومر بعدد من التعديلات، وقد خففت النسخة النهائية عددا من الفصول التي عدت تمييزية أو حذفتها نهائيا.
و ليس لإسرائيل دستور دائم، لكنها قد شرعت بمرور الزمن سلسلة من القوانين الأساسية التي باتت تمتلك وضعية دستورية. ويعد قانون الدولة القومية الرابع عشر ضمن تلك التشريعات الأساسية.
وباتت قضية إسرائيل كدولة يهودية ذات أهمية متزايدة في السنوات الأخيرة ونقطة خلاف جوهرية بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقد شدد نتنياهو مرارا على ضرورة أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل دولة يهودية في أي تسوية سلام نهائية للصراع بين الجانبين.
وأشار إلى أن رفض الفلسطينيين لإقرار ذلك يعد العقبة الأساسية أمام السلام، قائلا إن ذلك يثبت أن الفلسطينيين لا يعترفون، بصدق، بحق إسرائيل في الوجود.
وفي غضون ذلك، قال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إنه لن يعترف بإسرائيل كدولة يهودية، مشيرا إلى أن الفلسطينيين قد اعترفوا لوقت طويل بدولة إسرائيل و لا ينبغي توقع أن يمضوا أكثر من ذلك.
ما أهمية هذا القانون؟
يحظى القانون في إسرائيل بأهمية رمزية كبيرة جدا، وهو بالنسبة للأقلية العربية في إسرائيل دليل على تهميش مكانتهم فيها.
ويشكل عرب إسرائيل نحو 20 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 9 ملايين نسمة.
ولدى عرب إسرائيل حقوق متساوية بموجب القانون، إلا أنهم لطالما شكوا من التعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية، ويقولون إنهم يتعرضون للتمييز وسوء الخدمات مثل: التعليم والصحة والإسكان.
وشجبت جماعات حقوق إنسان القانون الجديد، وقالت "عدالة"، وهي منظمة غير حكومية تعني بحقوق عرب إسرائيل إن "هذا القانون محاولة لتكريس التفوق العرقي من خلال الترويج للسياسات العنصرية".
وقال أحمد الطيبي، النائب العربي في الكنيست، بعد إقرار القانون بأنه "موت للديمقراطية".
ووصفه قياديون آخرون من عرب 48 بأنه نوع من الفصل العنصري، في إشارة إلى التمييز العنصري الذي تعرض له السود خلال حكم الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا.
وعادة ما يتهم المنتقدون الغاضبون إسرائيل بأنها تمارس نظاما أقرب إلى الفصل العنصري ضد عرب إسرائيل والفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، الأمر الذي ترفضه إسرائيل بشدة واصفة إياه بأنه تكتيك ابتزازي يستخدمه أولئك الذين يرفضون حق إسرائيل في الوجود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق