السبت، 29 يونيو 2019

بعد السعودية وإيران.. تركيا جسر عبور الإرهابيين

اختيار وإعداد عادل محمد ـ

نعلم بأن المملكة العربية السعودية كانت في الماضي مرتعاً للأفكار الجهادية التكفيرية التي روّجت لها المدارس السلفية الجهادية التي تدار بواسطة المراجع والشيوخ الدين السلفيين المتطرفين، وأحد التلاميذ المشهورين الذي تخرج من هذه المدارس كان أسامة بن لادن الذي شارك مع الفلسطيني عبد الله عزام في تأسيس تنظيم القاعدة عام 1988. كذلك ساهمت السعودية مع الولايات المتحدة الأميركية وباكستان في تأسيس حركة طالبان من أجل طرد القوات السوفيتية من أفغانستان وإسقاط النظام الأفغاني الذي كان يدور في فلك الاتحاد السوفيتي.
في البداية كان هدف من تأسيس القاعدة محاربة الشيوعية في الحرب السوفيتية في أفغانستان وإنشاء الخلافة الإسلامية، ولكن بعد أن استولت حركة طالبان على أفغانستان وأنشأت إمارة أفغانستان الإسلامية بواسطة الملا محمد عمر عام 1996، "انقلب السحر على الساحر" حيث تنظيم القاعدة وحركة طالبان غيّرا خططهما الإستراتيجية بعد تدخل القوات الغربية بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان وسقوط حكومة طالبان في نوفمبر2001، فوجهت القاعدة أسلحتها نحو الولايات المتحدة وحلفائها وقامت بضرب أهداف رئيسة وحيوية في أميركا وأوروبا وإفريقيا والسعودية والدول العربية الأخرى، في حين حاربت حركة طالبان قوات الحكومة الأفغانية والغربية في أفغانستان.
من جانب آخر قام نظام عصابات الملالي بالتدخل غير المباشر في أفغانستان وذلك من خلال تمويل حركة طالبان وزعماء القبائل المناوئة لحكومة أفغانستان بالمال والسلاح، ومساعدة تنظيم القاعدة في نقل بعض قادته وأفراد من عائلة بن لادن إلى إيران. على سبيل المثال الإرهابي المقبور أبو مصعب الزرقاوي انتقل من أفغانستان إلى العراق بواسطة الحرس الثوري الإيراني حيث وصل إلى الحدود العراقية في سيارة محمد باقر ذوالقدر أحد قادة الحرس الثوري. في حين استغل نظام الملالي الأوضاع الأمنية المتردية في العراق بعد سقوط النظام البعثي وقام بالتدخل في الشؤون العراقية بواسطة فيلق القدس التابع للحرس الثوري، الذي قام بتجنيد آلاف العملاء العراقيين، ومعظم هؤلاء ينتمون لحزب الدعوة والتيار الصدري.

الاب الروحي لـ"داعش" أبو مصعب الزرقاوي 

حسب المعلومات الاستخباراتية أن إيران استأجرت واشترت 2700 وحدة سكنية من البيوت والشقق والغرف في مختلف أنحاء العراق، وخاصة في النجف، وكربلاء ليسكن فيها رجال الاستخبارات الإيرانية ورجال فيلق القدس الاستخباراتي الذي يبلغ عددهم نحو 32 ألف إيراني في العراق.
نظام الملالي الذي يتدخل في شؤون معظم الدول العربية ركّز اهتمامه على الحوثيين في اليمن في الآونة الأخيرة. لقد موّل الحوثيين بالمال والسلاح ودربهم على الأعمال التخريبية، ويستغل نظام الملالي المتغطرس تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في اليمن ويحرّض الحوثيين على الاحتجاجات والعصيان. 

تركيا نقطة عبور الإرهابيين إلى سوريا والعراق
تركيا الدولة العلمانية ومهد الديمقراطية تحولت إلى دولة إسلامية بقيادة حزب العدالة والتنمية التركي، وحسب اعتقاد بعض الخبراء السياسيين هو نسخة من حزب الحرية والعدالة المصري التابع لإخوان المسلمين. يبدو أن الحكومة الإسلامية التركية تسعى إلى منافسة نظام عصابات الملالي في إيران في دعم الأحزاب والمنظمات الإسلامية المتطرفة. على سبيل المثال تحت ذريعة مساعدة الشعب الفلسطيني تتدخل في الشؤون الفلسطينية وتهدف إلى مساعدة حركة حماس الإرهابية. كما تدخلت في شؤون مصر وساندت وساعدت الإخوان المسلمين وحاولت إنقاذ الرئيس محمد مُرسي من السقوط لكنها فشلت.

حسب صحيفة "الخليج" الإماراتية و"ديلي ميل" البريطانية، أن المعلومات والمعطيات تؤكد أن معظم الجماعات الإرهابية تستخدم الأراضي التركية نقطة تجمع تمهيدا للعبور باتجاه سوريا والعراق، أن تركيا تمارس دورا تخريبيا مكشوفا في مسعى لتدمير الدول العربية، ففي الدول المحاذية تمارس التدخل المباشر عبر القيام بدور القاعدة الخلفية للجماعات الإرهابية، وفي الدول البعيدة تتدخل بواسطة جماعات الإسلام السياسي الأخرى التي تتولى قيادتها تحت مسمى "التنظيم العالمي للإخوان". ونحو خمسون إرهابياً أجنبياً يدخلون يومياً إلى سوريا والعراق عبر تركيا للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية فيها باستخدام طريق بات يعرف بين الإرهابيين باسم طريق الجهاد وذلك على مرأى ومسمع السلطات التركية التي دأبت منذ سنوات عدة على إرسال مئات الأطنان من الأسلحة إلى الإرهابيين في سورية وتزويدهم بكل أشكال الدعم بما فيها توفير الملاذات الآمنة لهم وغض الطرف بشكل كامل عن تحركاتهم على حدودها.
إن حرس الحدود الأتراك يغضون الطرف عن مرور الإرهابيين إلى داخل سورية مقابل حصولهم على عشرة دولارات فقط الأمر الذي سهل عبور آلاف الإرهابيين من جنسيات مختلفة مع تزايد وتيرة هذا التدفق بشكل كبير في الآونة الأخيرة وارتفاع أعداد الأوروبيين والأجانب الذين يسافرون إلى تركيا من اجل الدخول إلى سورية والقتال في صفوف التنظيمات الإرهابية.‏ وأشارت الإحصاءات البريطانية إلى أن 1500 بريطاني يقاتلون في صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق. وأوضح "غرينهيل" مراسل "ديلي ميل" أن الحدود التركية كانت نقطة عبور 250 إرهابيا في طريق عودتهم إلى بريطانيا ما يشكل تهديدا كبيرا للأخيرة ومشكلات واسعة النطاق للأجهزة الأمنية الدولية.‏ وكان مختار قرية تركية تدعى تشاندير على الحدود مع سورية أكد إن قوات الدرك التركية سهلت عبور مرتزقة تنظيم داعش الإرهابي إلى سورية وارتكابهم مجازر مروعة بحق المدنيين مشيرا إلى تجول هؤلاء المرتزقة في القرى التابعة لبلدة يايلاداغ وعرض صور فيديو تظهر أعمال قطع الرؤوس لسكان القرى بهدف ترويعهم. وعلى سبيل المثال الطبيب السعودي فيصل العنزي الذي انضم إلى داعش دخل سوريا عبر تركيا.

في مقاله: "الايزيديون وقدر الهمجية" يتحدث الكاتب العراقي "كفاح محمود كريم" عن الدواعش المجرمين ويقول: " أي روح وأخلاقيات وأفكار يحملها تتار العصر داعش ومن والاهم من كل الفاشيين والنازيين الجدد من بعثيين صداميين وعرب عنصريين وإسلاميين منحرفين ومرضى السادية والسايكوباث واللقطاء القادمين من الزوايا الملوثة في المدن العربية والإسلامية ومن منحرفي أوربا وأمريكا وشواذها، دفعتهم لذبح آلاف الشباب والأطفال العزل وسبي نساءهم وبيع البنات في أسواق النخاسة في الموصل وتلعفر والبعاج والرقة والشداد".
كما يوصف الكاتب السعودي "محمد آل الشيخ" الإسلاميين المتشددين في مقاله (داعش وجبهة النصرة القاعدي): "الإرهاب – أيها السادة - ملة واحدة، لا فرق بين داعشي ولا قاعدي ولا إخواني ولا سروري، فكلهم إرهابيون، أفاكون، سفاحون، دمويون، متوحشون، برابرة: ولا يغرنكم أنهم يظهرون التقوى والصلاح، أو يحرصون على السنن في مظاهرهم الخارجية، كاللحية الكثة والثوب القصير، أو ما يتلفظون به من عبارات وآيات وأحاديث في خطبهم، فهم يخفون في أعماقهم سمَّ الأفاعي، ونزعات نفسية متوحشة، تعشق الدماء وتبرر سفكها، وتجعل من ارتكابها جواز مرور إلى الجنة والحور العين. وتصفيقهم لما يسمى (الربيع العربي) الملطخ بالدماء، يثبت ما أقول".

تنويه
بسبب ضعف الذاكرة لقد نسيت أن أتطرّق في موضوعي إلى ابن جاري الشاب الذي أصبح ضحية الأفكار الدينية المتطرفة قبل ظهور داعش في البحرين. لقد شاهدته في أحد أيام الجمعة عائداً من المظاهرات ضد الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد في صحيفة يولاندس بوستن الدنمركية في 30 سبتمبر 2005، وبيده علم القاعدة. فقمت بتنبيه العائلات في مقالي "البحرين بين نارين" مع العبارات التالية: لابد من تنبيه جميع العائلات البحرينية بمراقبة أبنائهم حتى لا تغريهم الجمعيات والحركات المتطرفة بالوعود الكاذبة بواسطة عمليات غسيل المخ وليوقعوا بهم في مستنقع التطرف والتفرقة المذهبية والطائفية.

وبعدما اختفى ابن جاري عن الأنظار لعدة أشهر، وحين قابلت والده بالصدفة وسألته عن سبب اختفاء ابنه، قال لي بالحسرة والألم "أرجو أن تدعي له وترجو من الله أن يعيده إلينا بسلامة!". وعندما سألته أين ذهب، قال "ذهب إلى سوريا من أجل الكفاح ومحاربة الكفار"!.

بعد نحو عام من مقابلة والده، انتشر في البحرين خبر مقتله أثناء قيادته شاحنة مفخخة بالمتفجرات في العراق، التي انفجرت وأدت إلى مقتله!؟

عادل محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق