بي بي سي ـ
أفادت تقارير بموافقة الحكومة الائتلافية في لبنان على إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق، في محاولة لتهدئة احتجاجات شعبية تعد الأكبر في البلاد منذ عقود.
وتتضمن الإصلاحات المقترحة خصخصة بعض الشركات، وإلغاء ضرائب جديدة وخفض رواتب كبار المسؤولين إلى النصف.
وتدفق مئات الآلاف من المتظاهرين الغاضبين من تدني مستويات المعيشة وزيادة البطالة، إلى الشوارع في وسط بيروت ومدن أخرى الأحد لليوم الرابع من الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
واندلعت الاحتجاجات جزئيا بسبب خطة لفرض ضرائب، على المكالمات عبر تطبيق "واتساب" وخدمات المراسلة الأخرى.
وكان رئيس الوزراء سعد الحريري قد أشار إلى أنه قد يستقيل، إذا فشل شركاؤه في الحكومة المنقسمة في قبول الإصلاحات.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب باسقاط النخبة السياسية، عشية المهلة النهائية للسياسيين لقبول حزمة الإصلاح.
ومن المتوقع أن تتم الموافقة على تلك الإصلاحات رسميا، في اجتماع لمجلس الوزراء اليوم الاثنين.
وكانت مظاهرات الأحد هي الأكبر حتى الآن، ضمن موجة الاحتجاجات التي استمرت أربعة أيام، وهي أكبر حركة من نوعها منذ سنوات، وأدت إلى توقف تام في العاصمة بيروت، والمدينة الثانية طرابلس وغيرها من المدن الكبرى.
وشلت المظاهرات البلاد وهددت حكومة الحريري، وأفادت تقارير بأنه تم التوصل للاتفاق الأحد.
وصرح مسؤول بمجلس الوزراء طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة فرانس برس، بأن الأحزاب الرئيسية في لبنان وافقت على المقترحات، التي يأمل الحريري أن تتبناها الحكومة في جلسة الاثنين.
وقال المسؤول الحكومي: "لقد أرسلها إلى جميع الفصائل وتلقى موافقتها، خاصة من التيار الوطني الحر وحزب الله، وسيذهب غدا إلى مجلس الوزراء للموافقة عليها"، وسمىَّ بذلك شريكين رئيسيين في الائتلاف يعارضان استقالة الحكومة.
وأضاف المسؤول أن خطة الإصلاح لا تهدف إلى فرض المزيد من الضرائب، لكنها ستشمل الخصخصة في بعض القطاعات.
وقال حسن وهو تاجر "إلغاء الضرائب لا يكفي. نريد محاسبة الفاسدين. نريد استعادة أموالنا."
ووافقت المتظاهر رنا مدور على هذا الرأي.
وقالت: "إنهم يكذبون منذ أكثر من 20 عاما. لقد سئمنا ونريد أن يرحل جميع السياسيين".
ويقول البنك الدولي إن أكثر من ربع سكان لبنان يعيشون تحت خط الفقر، في حين أن الطبقة السياسية ظلت دون تغيير منذ نهاية حرب أهلية مدمرة، استمرت 15 عاما حتى عام 1990.
ويحتل لبنان المرتبة 138 ضمن 180 دولة، في مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2018، ويعاني سكانه من أزمة مزمنة في الكهرباء والمياه والخدمات الأخرى.
ويقوم النظام السياسي في لبنان على موازنة القوة بين الطوائف الدينية في البلاد، بما في ذلك المسيحيون والمسلمون السنة والشيعة والدروز.
ومن المقرر أن يترأس الرئيس، ميشال عون، اجتماعا للحكومة صباح الاثنين لمناقشة حزمة إصلاحات الحريري.
وقال المسؤول في مجلس الوزراء إن بعض حلفاء الحريري التقليديين أبدوا تحفظات على الخطة.
وكان سمير جعجع، زعيم حزب القوات اللبنانية المسيحية، قد أعلن السبت أنه سيسحب وزراءه الأربعة من الحكومة.
ويقف لبنان على حافة الانهيار الاقتصادي، وكانت الحكومة تدرس حزمة واسعة من الضرائب الجديدة، لدعم الموارد المالية وتأمين 11 مليار دولار من المساعدات، التي تعهدت بها الجهات الدولية المانحة العام الماضي.
ولبنان واحد من أكثر البلدان مديونية في العالم، حيث يبلغ العجز حوالي 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لوزارة المالية.
وازداد الغضب الشعبي بعد أن أقر البرلمان ميزانية تقشفية، في يوليو/ تموز الماضي، كجزء من الجهود لتأمين الحصول على مساعدات بقيمة 11 مليار دولار.
وتحظى ما أطلق عليها البعض اسم "ثورة واتساب" بتأييد شرائح واسعة من المجتمع اللبناني، وكانت الاحتجاجات سلمية إلى حد كبير، حيث يغني الناس و يرقصون الدبكة التقليدية، لكن تقارير أفادت بإصابة عشرات الأشخاص، في اشتباكات مع الشرطة خلال الأيام الأخيرة.
وشارك اللبنانيون المغتربون في الاحتجاجات، حيث تظاهر المئات في باريس ولوس أنجيليس وواشنطن الأحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق