نزلاء في مبنى الموقوفين بسجن رومية بدأوا إضراباً عن الطعام (المركزية)
اختيار عادل محمد
17 مارس 2020
تعيش السجون في لبنان حالة غليان، تنذر بانفجار غير محسوب، يتمثّل بحالات تمرّد وعصيان، ناجم عن خشية السجناء من تسرّب وباء «كورونا» إلى داخل زنازينهم والفتك بهم من جهة، ونتيجة الإجراءات المشددة التي تفرضها مديرية السجون، خصوصاً لجهة تقنين زيارات ذوي السجناء من جهة ثانية.
وكشف مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن «نزلاء مبنى المحكومين في سجن رومية المركزي، بدأوا بغالبيتهم إضراباً عن الطعام لمدة أسبوع، ملوّحين بخطوات تصعيدية، ما لم تستجب الدولة لمطلبهم والمسارعة إلى إقرار قانون عفو عام».
ويأتي هذا التحرّك نتيجة الأوضاع الصحية، والخوف من تسلل وباء «كورونا» إلى صفوفهم، ويشدد السجناء بحسب المصدر الأمني على أن «تجاهل السلطة السياسية مطلبهم المزمن المتمثّل بإقرار قانون العفو العام، سيدفعهم إلى إعلان إضراب مفتوح عن الطعام، وتهديد بعضهم بالانتحار، وإن لم يكن التهديد الأخير جدياً».
وأفاد المصدر نفسه، بأن «الوضع الصحي داخل السجون، لا سيما سجن رومية الأكبر والأكثر اكتظاظاً، لا يزال تحت السيطرة، إذ لم تسجّل حتى الآن أي إصابة بفيروس كورونا بين السجناء ولا العناصر الأمنية المكلّفة بمهمة حماية السجن من الداخل والخارج».
وتلافياً لمخاطر «كورونا» اعتمدت إدارة السجون في لبنان إجراءات مشددة، وأوضح المصدر الأمني أن الإجراءات «تبدأ بتقنين الزيارات إلى أقصى الحدود، وإجراء فحص للوافدين إلى السجن سواء من الزوار المدنيين، أو من العسكريين العائدين من إجازاتهم، عند المدخل الخارجي لسجن رومية أو البوابات الداخلية، وأي شبهة ناتجة عن ارتفاع حرارة الشخص يجري نقله مباشرة إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي لإخضاعه للفحص الطبي الدقيق»، مشيراً إلى أن «إدارة السجون، تعتمد أساليب الوقاية، المتمثلة بتعقيم مداخل السجون كلّها، وأماكن التجمعات وغرف التفتيش والباحات العامة، وتستثنى من التعقيم الزنازين حتى لا تؤدي لمضاعفات صحية لبعض السجناء».
وتراقب المراجع القضائية التطورات التي تشهدها السجون، وبدأت باتخاذ الإجراءات الوقائية، وأوضح مفوض الحكومة القاضي بيتر جرمانوس لـ«الشرق الأوسط»، أن «النيابة العامة العسكرية تتخذ التدابير المناسبة فيما يتعلق بوضع السجون الملحقة بالضابطة العدلية العسكرية».
وقال: «بدأنا حصر الزيارات بشخص واحد كل أسبوع لكل سجين، مما يحفظ حق التواصل للسجين مع ذويه، ويحمي في الوقت نفسه مراكز التوقيف من انتشار وباء كورونا». ورفض جرمانوس الخوض في مطلب السجناء المتعلق بالعفو العام، معتبراً أن هذه المسألة ليست من اختصاصه.
ولا يزال قانون العفو العام حلماً يراود أكثر من 6 آلاف موقوف ومحكوم في سجون لبنان من لبنانيين وغير لبنانيين، عدا عن آلاف المطلوبين للعدالة بجرائم مختلفة، وقد أنجزت اللجنة الوزارية - القضائية، مشروع قانون العفو الجديد وأحالته على الحكومة لإقراره وإحالته على المجلس النيابي، إلا أن استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري السابقة حال دون إقراره، فيما تقدّم النائبان في كتلة «التحرير والتنمية» ياسين جابر وميشال موسى اقتراح قانون عفو عام معجّل مكرر، وأدرجه رئيس مجلس النواب نبيه برّي على جدول أعمال الجلسة التشريعية خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، التي عطلتها الانتفاضة الشعبية ومنعت حينها النواب من الوصول إلى مبنى البرلمان في وسط بيروت.
ويعيش سجن طرابلس أيضاً حالة من الغليان جرّاء المخاوف من انتشار فيروس «كورونا» بداخله، وقد عمد عدد من السجناء إلى تشطيب أنفسهم بآلات حادة، وهددوا باللجوء إلى التمرّد وإعلان حالة العصيان. وتخوّف مصدر في لجنة المتابعة لملف الموقوفين الإسلاميين، من «كارثة صحية في السجون جراء تجاهل السلطة السياسية لمطلب إقرار قانون العفو العام المحق والملحّ». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «نحمّل الحكومة والمجلس النيابي مسؤولية خطر تفشي (كورونا) في السجون، لأن الاكتظاظ وغياب التدابير الوقائية ينذر بكارثة غير قابلة للاحتواء»، لافتاً إلى أن «الحكومة لا تزال تتجاهل كل التحذيرات من عواقب ما قد يحصل في السجون اللبنانية».
وفي إجراء يهدف إلى تخفيف الضغوط عن السجناء في هذه المرحلة، أصدر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تعميماً إلى القوى الأمنية وإدارة السجون، كلّفها فيه عدم سوق الموقوفين والسجناء إلى الدوائر القضائية طيلة فترة «حالة التعبئة» التي حددها مجلس الوزراء (التي تنتهي منتصف ليل 29 من الشهر الحالي). ودعا إلى «السماح للسجناء بالاتصال بذويهم هاتفياً إما باستعمال التليكارت في السجون أو استعمال الهاتف الثابت مع الالتزام بمتطلبات الصحة العامة».
أما فيما يتعلّق بطلبات إخلاء السبيل، فقد سمح عويدات بـ«تقديم هذه الطلبات بموجب برقية أو اتصال هاتفي على أن تعطى المكالمة الهاتفية رقم ذمة، وتسجّل كأنها طلب خطي، على أن توضع الكفالة المالية في حال الموافقة على الطلب في قلم نظارة السجن، مقابل إيصال أو إشعار على أن يودع المبلغ لاحقاً في وزارة المالية». كما أجاز النائب العام التمييزي بـ«حصول المقابلات بين السجناء وذويهم من دون إذن خطي».
المصادر: المواقع العربية
عن سجن رومية عام 2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق