الثلاثاء، 31 مارس 2020

معاناة الطلاب اللبنانيين والمغتربين في الخارج لا تخفّفها إلا العودة

مسافرون يضعون الكمامات في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت (أرشيفية - رويترز)

اختيار واعداد عادل محمد
31 مارس 2020

يترقّب اللبنانيون، الطلاب منهم والمغتربون في الخارج، ما سيصدر عن الحكومة اللبنانية في جلستها غداً (الثلاثاء) من حلول لقضيتهم، وإمكان عودتهم إلى لبنان في أسرع وقت ممكن، وهم الذين باتوا يعيشون الخوف من أن يصابوا بفيروس «كورونا»، وألا يجدوا من يقف إلى جانبهم في بلاد الاراب، أو سريراً في المستشفى لتلقي العلاج.
وبانتظار قرار الحكومة، لم يتلقَ هؤلاء اللبنانيون أي اتصالات جدية أو إشارة إلى طريقة الإجلاء. واكتفت السفارات والبعثات اللبنانية في الخارج بتسجيل أسمائهم وأخذ معلومات عنهم، من دون أي تواصل جديد، خصوصاً مع الذين يعيشون في مناطق بعيدة عن العاصمة، حيث الهاجس الأكبر الذي يسيطر عليهم هو كيفية الوصول إلى نقطة انطلاق الطائرة اللبنانية، في ظل حظر التجول والتعبئة العامة، وتعذّر إيجاد وسيلة نقل.

ففي إيطاليا، كثيرة هي المدن التي يوجد فيها الطلاب اللبنانيون الذين يواجهون خطر الإصابة بفيروس «كورونا» بعيداً عن عائلاتهم.

وتقول سارة ه.، التي تتابع تعليمها في ميلانو، لـ«الشرق الأوسط»: «بتنا نخاف النزول إلى السوبر ماركت لشراء الطعام، ليس خوفاً من إجراءات منع التجول فقط، إنما من التقاط هذا الفيروس الذي يحصد الآلاف يومياً هنا». وتضيف: «المشكلة الكبرى هي أنه إذا أصابنا هذا المرض، فلا أحد سيعلم بنا. لا أماكن في المستشفيات من جهة، والتكلفة كبيرة جداً من جهة أخرى، والأولوية في الاستقبال هي للإيطاليين». وتختم: «ربما لم نتقيد بالمواعيد التي حددتها الحكومة خوفاً من خسارة عامنا الدراسي ووظائفنا، ولكن اليوم الخوف بات يكمن في خسارة حياتنا، نتمنى العودة إلى بلدنا وعائلاتنا».

وفي إسبانيا، لا يختلف وضع اللبنانيين عنه في إيطاليا. ويتمركز العدد الأكبر منهم في مدينتي برشلونة والعاصمة مدريد، إضافة إلى مدن أخرى، كفالنسيا وسانتياغو دي كومبوستلا.

وها هو الطالب الباحث إلياس حسون، الموجود اليوم في إسبانيا، وتحديداً في مقاطعة غاليسيا لدراسة الدكتوراه في القانون الدولي من خلال برنامج تبادل، يرفع بدوره صرخته، باسمه وباسم زملائه في إسبانيا، حيث تفاقم الوضع جراء التفشي السريع للوباء الذي أصاب 80 ألف شخص، وأدى إلى وفاة أكثر من 7 آلاف.

وعند سؤال حسون عن سبب عدم القدوم إلى لبنان في الوقت الذي حددته الحكومة اللبنانية، يلفت إلى أن عدم إقدامه على هذه الخطوة كان خوفاً من خسارة منحته الدراسية.

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «في البداية، لم يكن معلوماً أن الجامعات ستسمح للطلاب اللبنانيين بالعودة إلى بلادهم، من دون أن يخسروا المنحة أو البرنامج الذي أتوا بناء عليه. وبعد ذلك، تزامن القرار مع موعد تعليق الرحلات بين لبنان وإسبانيا، لتعلن بعدها الحكومة بلبنان عن إغلاق مطار رفيق الحريري الدولي كلياً».

ويتحدث حسون عن وضعه، ووضع زملائه اللبنانيين، قائلاً: «عدد كبير من اللبنانيين لا يمتلكون إقامات دائمة، ومعظمهم لا يمتلك تأمينات صحية خاصة يُعترف بها خارج نطاق المستشفى، كما أنه ليس لديهم المدخول المادي المطلوب بعملة البلد. وإذا كانوا يحصلون على مبلغ معين، فهو لا يكفي، وهم يحتاجون إلى دعم من الأهل في لبنان».

ومن أوروبا إلى الدول العربية، حيث لم يعد أمام اللبنانيين الآن إلا طلب العودة إلى بلدهم. مارون شقير، لبناني يعيش في قطر، ولكن مع تفشي الفيروس بهذه السرعة، عمدت الشركة التي يعمل فيها إلى إقفال مكاتبها، وإيقاف كل اللبنانيين والأجانب عن العمل، بحسب ما يروي لـ«الشرق الأوسط»، ويقول: «هذا القرار اتُخذ نهاية الأسبوع الماضي مع ارتفاع الإصابات، ولكن كان الأوان قد فات بأمل الرجوع إلى لبنان، مع اتخاذ قرار إقفال المطار».

وإلى أفريقيا، حيث يعمل اللبناني فؤاد جمعة في نيجيريا في مقاطعة إيدو ستايت، وبات يعيش الخوف يومياً، على غرار مواطنيه، بعد وصول «كورونا» إلى نيجيريا، وإقفال المؤسسات، كما حدود المقاطعات، وباتت أمنيته الوحيدة اليوم العودة إلى لبنان، ولو كان الثمن الحَجر في لبنان.

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو واضحاً أن الأمور ستطول، ولا شيء مؤمن في هذه البلاد، حيث لا طبابة ولا مستشفيات جيدة، ولا أحد ينظر إلينا أو يهتم لوجودنا نحن اللبنانيين».

من التظاهرات اللبنانية في باريس (غيتي)
لم يجد الطلاب اللبنانيون في بلاد الاغتراب، مطلع هذا الأسبوع، وسيلة أكثر نجاعة من رفع صيحات الاستغاثة في مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما ذاقوا الأمرّين: الشح المستمر في التحويلات المالية من جهة، وأزمة الكورونا من جهة أخرى. سعوا إلى تسليط الضوء، بشتى السبل، على أوضاعهم المعيشية الصعبة، ولم يوفروا وسائل التواصل الاجتماعي لقرع جرس الإنذار. 
عبر الوكالة الوطنية للإعلام، وجه الطلاب المقيمون في إيطاليا رسالة إلى وزيرة الاعلام لشرح ظروفهم الحياتية، لا سيما أن جزءاً كبيراً منهم يقيم شمالي البلاد، أي في بؤرة الوباء.
  
في حديث لـ"المدن"، يشير الطالب محمد كمال إلى أنه تم توجيه هذه الرسالة بعد التواصل مع نحو 150 طالب لبناني في إيطاليا، بغية مناشدة الجهات المعنية للالتفات إليهم خاصة لناحية اجلاء من يرغب بتمضية فترة الحجر في لبنان بعد تردي أحوالهم المادية. وأضاف كمال أنه منذ بداية أزمة الكورونا، جرى التواصل والتنسيق مع أعضاء السلك الديبلوماسي اللبناني الذين أبدوا تجاوباً كبيراً لحلّ مشكلة التحويلات المالية حتى قبل توجيههم للرسالة المذكورة.

قنصل لبنان في ميلانو، خليل محمد، أكد من جهته لـ"المدن" إنشاء خلية أزمة لتوفير كل ما يحتاجه الطلاب اللبنانيون، مادياً ومعنوياً، مشيراً إلى مبادرة أفراد من الجالية للتبرع والتنسيق مع الخلية. وخصّ بالذكر الأطباء اللبنانيين الذين أبدوا كل استعداد للوقوف إلى جانب الطلاب بالتوازي مع عملهم في الخطوط الأمامية للحد من انتشار فيروس كورونا. 

من جانبه أثنى محمد كمال على جهود السفارة اللبنانية ومختلف القنصليات، كما المتبرعين، ما أدى إلى تحسنٍ في ظروف الطلاب، مشيداً أيضاً بالاهتمام الذي ابدته الجهات الرسمية اللبنانية حيالهم. كمال أعاد التذكير برغبة العديد من الطلاب بالعودة إلى لبنان تفادياً للإصابة بالفيروس، خصوصاً أنه ما من أفق للحل في القريب العاجل. 

ورغم تجاوب شركة "ميدل ايست" واستعدادها لإجلاء من يرغب، إلا أن هذه العودة دونها عقبات بسبب إجراءات الحجر وخطة الطوارئ التي فرضتها السلطات الإيطالية. 

ولا تختلف مطالب الطلاب اللبنانيين في فرنسا عن اقرانهم في إيطاليا، لناحية الاجلاء وتوفير المساعدات. عبر صفحة "تكتل طلاب الجامعة اللبنانية" نشرت مي طه، الباحثة في مجال تطوير الأدوية، فيديو أكدت فيه استفحال الأزمة المادية للطلاب بعد انتشار الكورونا. فقبل الحجر، تمكن بعضهم من إيجاد عمل للتعويض عن شح التحويلات المالية ما مكّنهم من سدّ احتياجاتهم. إلا أن الظروف تبدلت بعد الحجر الصحي الذي فرضته السلطات الفرنسية إذ لم يعد لهم مصدر دخل. 

​المصادر: المواقع العربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق