أعادت صحيفة النهار في ارشيفها الالكتروني نشر هذا المقال (1أيلول 2020)،وكانت قد نشرته لي في العام 2014.. وكم هو هامٌ استعادة المقال في الذكرى المئوية الاولى لتأسيس الكيان اللبناني بمسعى حثيث من المثلث الرحمات غبطة البطريرك الياس الحويك.
عشية تطويب المثلث الرحمات البطريرك الياس الحويك، لا بد أن نستعيد يوماً مشهوداً جرت وقائعُهُ في مدرسة مار مارون(طرابلس)، وهي إحدى مدارس "جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات".
ففي السادس عشر من كانون أول 1994، وفي إطار فعاليات المئوية الأولى لتأسيس "الجمعية"، عُقدت ندوة حول مؤسِّسها، قُدِّمت فيها مداخلتان: الأولى للأخت جورج ماري عازار (من راهبات العائلة) ، تناولت فيها البطريرك الإنسان والبطريرك المؤسس، والثانية للأستاذ والشاعر باخوس عساف، وقد سلّط الضوء فيها على دوره الوطني.
أ
جل! كان يوماً مشهوداً احتشدت له فاعليات المدينة برمتها. وقد كان لي أن أمهِّد للندوة، فكانت مطالعةٌ أوحت إليَّ بها طرابلس التي كانت ولما تزلْ تدعو إلى كلمة سواء، ذلك أن دينَها هو الوطن، ومذهبها هو الوطن!
وإذْ أستعيدُ بعضاً من هذه المطالعة، فقد قلت: "... ليس عبثاً ولا من قبيل الصُدف أن ننتدي اليوم في طرابلس الفيحاء حول مؤسس "الجمعية"، رجلِ العناية والابن البار لهذه المنطقة المثلث الرحمات البطريرك الياس الحويك. فطرابلس هي مدينة العيش الوطني الواحد، بل هي الأتون الذي تنصهرُ فيه الإرادة الوطنية الجامعة... وأن ننتدي حول الحويك، فذلك يعني استحضاراً لتاريخ رجل كبير لعب دوراً بارزاً في تشكّل الكيان اللبناني، أيام الانتداب الفرنسي. كما كان له دور نشيطٌ، أواخر العهد العثماني".
.. وإذْ أستكملُ مطالعتي في تلك الندوة، فإنني أرى اليوم، وأكثر من أي يوم مضى، أن روح ذلك القديس العتيد تتململ في قبره، تتوجه إلى اللبنانيين جميعاً بصوتٍ مُجلجل، يوصيهم بحفظ الكيان الذي صنعه لهم، ويدعوهم إلى عدم التفريط به تحت أي عنوان، وَقْتَ تغلي المنطقة على إيقاعِ مَراجلِ التفتيت والتشظّي، وتنحدرُ سريعاً إلى هاوِياتٍ لا قرار لها!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق