الجمعة، 26 مارس 2021

كمال جنبلاط : سياسيًّا ومفكِّرًا وشهيدًا - في الذكرى السنويَّة على استشهاده


كتب الدكتور  حاتم جوعيه -                                                                                


موجز لسيرةِ المعلم الشهيد  كمال جنبلاط

وُلد كمال جنبلاط في 6 كانون الاول سنة 1917 في قرية المختارة في جبل لبنان، وقد اغتيلَ والدهُ فؤاد جنبلاط الذي كان يعملُ قائم مقام وهو لا يزال طفلا، فتولت والدته السيدة نظيرة جنبلاط،  شؤونَ تربيتِهِ وتعليمِه. وأدخلته مدرسة : "عين طورة " وقد  بدت عليهِ  ملامحُ  الذكاء  منذ الصغر وأبدى تفوقا كبيرا وملحوظا  في دراسته .  ومما  يروى عنه  من زملائهِ  وأترابه  في الدراسةِ  انه  كان  بعد  انطفاءِ  النور  في غرف  النوم   يضيءُ  شمعة ويكمل  المطالعة والتحصيل  الدراسي  .   ومن  حيث  كونه  ينتمي لأسرة اقطاعية غنية جدا أخذ على عاتقهِ وحسابه الخاص تعليم عدد من زملائه في المدرسة من الذين ظروفهم وأوضاعهم المادية صعبة .  وكانت أمه الست  " نظيرة "  تظن  في البداية  انه  يأخذ  الاموالَ  منها  ليصرفها  على  نفسه وطعامه  ورفاهيته، ولكنها عرفت  فيما  بعد أنه  لا  يهتم  بالمظاهر وبحياة اللهو والترف، وما  كان  يأخذه  من  أموال هو من  نصيب زملائهِ  الفقراء المعدمين- وقد  فرحت أمه لهذا الشيىء، وكما أن ميلَ  كمال جنبلاط الشديد الى الدراسة  والتأمل وصغر سنه لم  يمنعه من التفاعل والانخراط  باعتدال مع  القضايا المهمة المحوريَّة آنذاك . وقد  ذهب  في ذكرى استقلال  مصر عام  1934  الى  رئيس  الرهبان  في  " عينطوره "  وصاحب  القرار في المدرسة   وطلبَ  منه  إعلان   ذلك  اليوم   يوم   عطلة   احتفاء   واحتفالا باستقلال أول  دولة  عربية  فاستجاب  رئيسُ  الرهبان الى طلبه  مستحسنا ذلك بكلِ حبٍّ وسرور .                                                              

 


بعد أن انهى كمال جنبلاط دراسته الثانوية كان طموحهُ يتجهُ الى التخصص في موضوع  الهندسة.. ولكن  أمهُ  اقنعتهُ  بدراسةِ  المحاماة  والقانون لأنها كانت تتمنى أن يصبحَ ابنها سياسيا بارزا يكمل مشوار والده ومشوار العائلة الجنبلاطية العريقة التي  تمتد  جذور زعامتها  في أعماق أعماق  التاريخ ، حيث لعب رجالاتها دورًا رئيسيا فعالا في زعامةِ الطائفة الاسلامية العربية التوحيدية  الدرزية  على  جميع  الأطر والصعد ،  وخاصة  على  الصعيد اللبناني . لم  يخالف  كمال  جنبلاط  رغبة والدتهِ، وسافرَ الى  باريس عام 1938 والتحق بجامعةِ السوربون هناك، وباشر بدراسةِ الحقوق إلا أن ميله الى الهندسةِ والعلوم  ظلَّ  يلح عليه، لكنه انضمَّ  في نفس الوقت  الى معاهد الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع . وفي أثناء  فترةِ الحرب العالميةِ الثانية رجعَ الى لبنان  ليكملَ  دراسة الحقوق  في الجامعةِ اليسوعية  ببيروت . لقد تركت  الحربُ  العالمية  الثانية  آثارهَا  السلبية  على  الوضع   الاقتصادي المعيشي  لدى  اللبنانيين... حيث  انقطعت المواد  الغذائية  وبعض البضائع وارتفعت  اسعارُ المواد الاستهلاكية  اليومية   فاستنفرَ  ذلك  كمال  جنبلاط فتحركَ مع  بعض اصدقائهِ وأسَّسَ "جمعية  تعاونية استهلاكية" عملت على شراءِ الحنطة من منطقة  حوران في سوريا وتمَّ  توزيعها على أهالي القرى اللبنانية بسعر التكلفة، وفي عام 1942 نال شهادة الحقوق وبدأ يمارسُ مهنة المحاماة وبعدها عينتهُ الدولة محاميا لها، لكنه  لم يستغرق وقتا  طويلا  في ممارسةِ مهنة المحاماة، اذ بعد مرور سنة  توفي ابن عمِّهِ "حكمت جنبلاط" نائب جبل  لبنان  وبويع  كمال بالزعامةِ  بعد انتهاء  مراسيم  الدفن  مباشرة

وكان عمره 25  سنة  وفاز  في  الانتخابات  النيابية  عام  1943  وتكرَّسَ وتوغلَ  بذلك  انخراطه  في  السياسة  .   وفي أول  خطاب  له  في  مجلس النواب  أكد   تأييد ه  لتحقيق  الاستقلال   التام   للبنان  وألحَّ  على   تشديدِ  المطالبة  بذلك  "حكومة  وشعبا " وبجميع الوسائل الممكنة من أجل  تحقيق تلك الغاية .  وأشادَ   بموقف  الحكومة  الذي   يربط   بين  استقلال   لبنان  وإعلان  عروبته  .           بدأ  كمال جنبلاط  يتابع  أعمال الحكومات المتعاقبة  في لبنان، بعد  معركة الاستقلال، خاصة  في  نواحي التنمية  والاصلاح ، وبسبب  القصور وعدم الاهتمام  في تلبية مطالب الشعب انتقل كمال جنبلاط   من  صفوف الموالاة الى صفوف المعارضة. وفي عام 1946 وقع مع بعض الشخصيات اللبنانية المرموقة   ذات  النفوذ   السياسي  والاجتماعي   عريضة   تطالب  رئيس الجمهورية  بتشكيل حكومةٍ  من الاشخاص المشهود  لهم  بالنزاهة والكفاءة والمحافظة على الاستقلال التام والذي غدا معرضا  للضياع .  وفي  أواخر سنة  1946  تشكلت حكومة  جديدة  عُهدَ  فيها الى كمال  جنبلاط   بوزارة الاقتصاد الوطني والزراعة والشؤون الاجتماعية. وكانت هذه المرة الاولى التي يدخلُ فيها  جنبلاط الوزارة. وقد أثبتَ للجميع في اثناء ممارسةِ مهامهِ على كفاءةٍ  مثلى ونزاهة كبيرة .  وكان عدوا شرسا للفسادِ والإاهمال  وشنَّ حربًا  شعواء على الرشوة  في الوظيفة ولاحقَ  بنفسه  الراشي والمرتشي . وكان  في  بعض الأحيان  يتنكرُ  ويذهبُ  خفية  لمراقبةِ  موظفي الجمارك وموظفي  ومديري مكاتب وزارته، ولكن الفساد  كان منتشرا ومن الصعب معالجته بهذا الاسلوب.. واتضحَ  له عمقُ المعضلة وتوغلُ الفساد والفوضى والرشى  في الاجهزة  الاداريةِ  والحكومية  في الدولة  فأعلنَ  استقالته  من الحكم  فانفجر الوضعُ  وتوتر الوضع  بينه  وبين  رئيس الجمهورية  الشيخ بشارة الخوري وبقي الخلاف قائما  بينهما على أشدِّهِ  حتى الاطاحة  برئيس الجمهورية على اثر مهرجان  دير القمر التاريخي الذي  تمخض عنه  اتخاذ قرار بذلك ، وكان  كمال جنبلاط  المحرك  الرئيسي  والفعال  لتحقيق  ذلك الأمر  .                                                                                  

عمل كمال جنبلاط مع عدد من رجالاتِ الفكر والسياسة في لبنان بين عامي 1947-1949 على بلورةِ الخطوط الكبرى لمشروع حزب تقدمي اشتراكي فوضع بنفسه الأسسَ والمبادئ الفكرية وبرنامج الحزب وصاغها في ميثاق بعد درس  ونقاش، وتمَّ الاعلانُ  عن  تأسيس هذا الحزب " الحزب التقدمي الاشتراكي" سنة 1949. وفي الاول من ايار سنة 1949 اقيم حفل  بمناسبة الاعلان عن ولادةِ  هذا الحزب  ألقى كمال جنبلاط خطابا قال فيه: "في يوم العمال ، وبينهم  الفلاحون  والصناع  وأرباب  الحرف  القابضون   بايديهم والمسيطرون  على   القوى  الهائلة  الكامنة  بالشعب   وبالجماهير  العاملة والمنتجة، في  هذا اليوم الذي أصبح  يوم ذكرى  وتذكير  بالتعاسةِ  والبؤس والارهاق نتيجة  انعدام العدل الاجتماعي، وظلم الانسان لأخيه الانسان  في هذه الساعة التاريخية من حياتنا التي انعقد  فيها شرف  قيادة حركة التحرير والسعي في سبيل العدالة  والاخوة  والمساواة  الجوهرية بين البشر في هذا المكان من العالم.. نرحب بكم  باسم الحزب التقدمي الاشتراكي الذي  أولانا فضل تمثيله، اعلانا للحركةِ واذكاء للصراع العقائدي المرتقب، وايذانا ببدء انتظام  جماهير رجال الفكر والعمال  والفلاحين  في  سيرورته... في  حلبة النضال العقائدي قد يكون لنا أعداء ولكنهم في الوقت نفسه سيكونون  أعداء التطور والتقدم والحياة الانسانية الشريفة " الخ  .                                

 


مع  ولادةِ  الحزب التقدمي الاشتراكي بدأ كمال جنبلاط  حياة ً مليئة  بالعمل والنشاط  كما لاحظ  منذ البداية ضخامة المشكلة النابعة  من التنوع  الشعبي والطائفي في لبنان وافتقاد الوشائج والروابط الوطنية والقومية الحقيقية  منه وبذل كل  جهد  لتجاوز هذه المعضلة، من خلال موقعه  كقائد وطني تقدمي لبناني ،  وكقائد  للحزب  التقدمي  الاشتراكي ، وبوعيه  وبحنكتهِ  السياسيةِ استطاع َ إبعادَ  الصراع  الداخلي ( الحزبي والطائفي في  لبنان ) وأن  يقودَ (الجبهة   الاشتراكية   عام   1951  وجميع   القوى  والجهات   التقدمية  والوطنية القومية واليسار  في  لبنان وظلَّ على  ذلك حتى  اليوم الاخير من حياته .  وعندما كرَّسَ رئيسُ الجمهورية  كميل شمعون  نشاطاته وامكانياته ومنصبه ودوره السياسي  ضدَّ  القومية العربية  والقضايا  الوطنية  المحلية والقومية المصيرية وكررَ أخطاء عهد  بشارة الخوري في الادارةِ والحكم . كما  دعا الى ربط  لبنان بالغرب  عبر إقامةِ الأحلاف  الرجعيةِ  الأمبريالية بالتنسيق   مع  أعداءِ  العروبةِ  والوحدة  العربية  ( امريكا  والدول  الغربية واسرائيل) وكانت  غاية  هذه الاحلاف تطويق الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وشل  حركة  النهوض الوطني التقدمي  بسوريا، ودفع  هذا  كمال جنبلاط للتحول الى معارضةِ سياسة  كميل شمعون الرجعية العميلة الى حد القطيعة الكاملة معه ، وبعد الانتخابات  النيابية عام   1958 .  هذا وانتهت الأمور في  لبنان  بقيام  حرب  أهلية  سنة  1958  بين المعارضين  لكميل شمعون  وبين  مؤيِّديه .  ولعبَ  كمال جنبلاط  دورا  جنبلاط   بارزا  مهما  لصالح  المعارضين  والجهات  القومية  التقدمية   التي   تريدُ   لبنانَ  حرًّا  مستقلا عربيا  غير  مهجن  ومقيد  بالدول  الغربية  والاستعما ر  .    وفي نفس  الوقت  قام  كمال جنبلاط  بتهدئة الأوضاع   الداخلية  التي  تفاقمت فأفشلَ  سياسة َ كميل شمعون، وتمَّ  انتخاب  فؤاد شهاب رئيسا  للجمهورية خلفا  له  .                                                                              

 بعد  الانتهاء  من أحداث عام 1958،  وضعَ  كمال  جنبلاط  كتابين  بالغي الاهمية حول مجرى الاحداث وأبعادها وارتباطها بالوضع الداخلي اللبناني، وهما : "حقيقة الثورة اللبنانية"  و "في مجرى السياسة اللبنانية" ومما جاء فيهما يقول: "يتضح للقارئ ان الطائفية السياسية  في لبنان هي وليد الجهل، وجهل الزعماء  التقليديين أصحاب  النفوذ  بالدرجةِ الاولى  وان الكفاءة  اذا وُجدت في  حكام  لبنان مع النزاهة  والأمانة الوطنية  وقيام  نظام   للخدمةِ المدنية  مستقل عن الاهواء، كفيل  بحل مشكلة  الطائفية  في القطر العربي  اللبناني " .                                                                             

هذا وأشارَ المعلم كمال جنبلاط  الى  الطريق الوحيد  لخلاص  لبنان بقوله : "على إخواننا الإنعزاليين في  لبنان والجامدين من الفريقين  ان  يدركوا بأن خلاصَ لبنان هو في مجاراةِ  تيَّار التطور نحو مدنيةِ الأنظمة ومدنية الدولة لا  في التعثر  فيما  خلفه  نظام  1864  من رواسب  طائفية. وأضافَ : إنَّ الوقوف  في   وجه  عجلة   التطور سيسحقنا   ويقضي على  لبنان  الحر، الدمقراطي، الموحد. وأصدَر بعد  ذلك  بيانا دعا فيه  لتأليف: حكومة ونظام حكم  على  اساس  وطني عربي  حر  صريح ، لا على اساس  طائفي   في جوهره وهدفه، ودعا الى اتخاذ بعض التدابير في النهج العام وفي التشريع، لصهر  اللبنانيين  وتوحيدهم   والقضاء  على   سياسة  التمييز،  والتحيز ، والفوارق الاجتماعية العميقة السائدة بين المواطنين  .                           

 


وفي عهد الرئيس  فؤاد شهاب  تولى كمال جنبلاط  وزارة التربية  الوطنية فخاض   معركة   قاسية  بهدف  اقرار انشاء  عشرات  المدارس  الثانوية الرسمية ، أعطى غالبيتها  للمناطق المتخلفة  في البقاع والجنوب  والشمال. وتولى  كمال جنبلاط  بعد ذلك  في عهد رئيس الجمهورية  " شارل الحلو" منصب وزير الداخلية وتمكن من تعزيز الثقة والتقارب بين السلطة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية وحرص على تأمين الحماية للمقاومة الفلسطينية ومنع التعرض لها بسوء  أو لأيِّ انسان  فلسطيني مهما  كان، ومن الجدير بالذكر ان كمال جنبلاط قد وزَّع الكثيرَ من الاقطاعات والضياع والاراضي وقرى بأكملها كان  يمتلكها  على اللائجين الفلسطينيين الذين شُرِّدُوا  بعد  نكبةِ عام 1948 ولجؤوا  الى  لبنان، كما ان منطقة  أو  معسكر "تل الزعتر" الموقع العسكري والاستراتيجي المهم الذي  تجمعت  فيه النخبة ُ المختارة من قوى المقاومة الفلسطينية.  كان  تل الزعتر هذا ضمن أملاك  كمال جنبلاط  التي وزعها مجانا على الفلسطينيين المشردين اللاجئين. وقد حدَّدَ  كمال جنبلاط أهدافه في وزارة الداخلية  بما يلي: "فصل قوى الأمن  الداخلي عن الجيش، حرية التظاهر المنظم، حرية  تشكيل الاحزاب، تنظيم  العلاقة  مع المقاومة الفلسطينية، حرية السفر الى خارج لبنان، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعدم  ملاحقة  المطلوبين"  .    وعندما   تولى " سليمان فرنجية "  رئاسة الجمهورية عام 1970 وقفَ كمال جنبلاط مؤيدا لسياسةِ العهد الجديد لازالةِ اشكال  التدخل  الاعتباطي في  حياة  المواطنين ومنع  الرقابة على  الهاتف والضغط على الحريات، كما  أيَّدَ بعضَ الإصلاحات الاجتماعية  التي تبنتها الحكومة والبدء بتطبيق الضمان الصحي.. لكنه وقف بالمقابل معارضا لأيةِ محاولةٍ للارتداد  عن المؤسساتِ  والانجازاتِ  التي  حصلت  للبلاد  خلال العهدين  السابقين ،  وخاصة  مشروع   الانعاش الاجتماعي ،   والمشروع الاخضر،  والتفتيش  المركزي ، ومجلس  الخدمة  المدنية ،  كما  عارضَ المحسوبية ودعا  الى المشاركةِ  الحقيقيةِ  في الحكم  وإقامة التوازن  داخله ورفع  الهيمنة وحيدة  الجانب  في  مختلف جوانب  القرار في الدولة . ومن جراء ذلك ساءت علاقته مع الرئيس فرنجية ، ووصل التراجعُ  ذروته  مع أحداث 1973  بين المقاومة الفلسطينية والجيش، ثم  على اثر أحداث  عين الرمانة في 13 نيسان 1975، التي كانت  بداية صراع  مسلح مدمر أصاب الشعب اللبناني بخسائر فادحة .  وكان دور كمال جنبلاط  وحزبه " التقدمي الاشتراكي" مواجهة  الكارثة بأقصى ما  أمكن من الوعي ورباطة الجأش والخط  العربي  القومي  الحر التقدمي السليم . وكرس نفسه  ايضا  للدعوة لوقف  القتال  وازالة  الاسباب  العميقة  التي  فجرت  الاحداث ،  وخاصة الصراع  بين الحرية ومناوئيه والنظام الطائفي الرجعي المهترئ في لبنان . وفي عهد الرئيس  فؤاد شهاب  تولى  كمال جنبلاط وزارة  التربية  الوطنية فخاض  معركة   قاسية   بهدف  اقرار انشاء  عشرات  المدارس  الثانوية الرسمية، أعطى غالبيتها  للمناطق المتخلفة  في البقاع  والجنوب  والشمال وتولى  كمال جنبلاط  بعد  ذلك  في عهد رئيس الجمهورية " شارل الحلو" منصبَ وزير الداخلية وتمكنَ من تعزيز الثقة والتقارب بين السلطة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية وحرص على تأمين الحماية للمقاومة الفلسطينية ومنع التعرض لها  بسوء او لأي انسان  فلسطيني مهما كان، ومن  الجدير بالذكر ان كمال جنبلاط قد وزع الكثير من الاقطاعات والضياع والاراضي وقرى بأكملها  كان  يمتلكها على اللائجين الفلسطينيين الذين  شرّدوا بعد نكبة عام 1948  ولجؤوا الى  لبنان، كما ان  منطقة  او معسكر "تل الزعتر" الموقع العسكري والاستراتيجي، المهم الذي تجمعت فيه النخبة المختارة من قوى   المقاومة الفلسطينية. كان تل الزعتر هذا. ضمن املاك كمال جنبلاط التي وزعها مجانا على الفلسطينيين المشردين اللاجئين. وقد حدد كمال جنبلاط أهدافه في وزارة الداخلية بما يلي: "فصل قوى الامن الداخلي عن الجيش، حرية التظاهر المنظم، حرية  تشكيل الاحزاب، تنظيم العلاقة  مع المقاومة الفلسطينية، حرية السفر الى خارج لبنان، اطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعدم  ملاحقة  المطلوبين"    .    وعندما  تولى " سليمان فرنجية"  رئاسة الجمهورية عام 1970 وقف كمال جنبلاط مؤيدا لسياسة العهد الجديد لازالة اشكال  التدخل  الاعتباطي في  حياة  المواطنين  ومنع الرقابة  على الهاتف والضغط على  الحريات، كما  ايد بعض الاصلاحات الاجتماعية التي تبنتها الحكومة والبدء بتطبيق الضمان الصحي.. لكنه وقف بالمقابل معارضا لاية محاولة  للارتداد  عن المؤسسات  والانجازات  التي  حصلت  للبلاد  خلال العهدين  السابقين    وخاصة   مشروع  الانعاش  الاجتماعي،  والمشروع الاخضر، والتفتيش   المركزي ، ومجلس  الخدمة   المدنية ،  كما  عارض المحسوبية ودعا  الى المشاركة  الحقيقية  في الحكم  واقامة  التوازن  داخله ورفع  الهيمنة  وحيدة الجانب في  مختلف  جوانب القرار في الدولة .  ومن جراء ذلك ساءت علاقته مع  الرئيس  فرنجية، ووصل التراجع  ذروته مع   أحداث  1973  بين  المقاومة  الفلسطينية  والجيش ، ثم  على  اثر أحداث  عين الرمانة  في 13 نيسان التي  كانت  بداية  صراع مسلح  مدمر أصاب  الشعب اللبناني بخسائر فادحة   .    وكان   دور كمال  جنبلاط   وحزبه   " التقدمي الاشتراكي "  مواجهة   الكارثة   بأقصى  ما   امكن  من  الوعي ورباطة  الجأش  والخط  العربي القومي  الحر  التقدمي  السليم  .  وكرس نفسه  ايضا  للدعوةِ  لوقف القتال  وازالة  الاسباب  العميقة   التي  فجرت الاحداث، وخاصة الصراع بين الحرية ومناوئيها والنظام الطائفي الرجعي المهترئ في لبنان   .                                                  هذا  وقدم  مشروعا  وطنيا للخروج  من الصراع  والقتال  وتبنتهُ  أحزابُ الحركةِ  الوطنية التي  اسسها  كمال جنبلاط  وكان  رئيسها   وسمى  ذلك المشروع  "البرنامج المرحلي للاصلاح السياسي في لبنان" .  وبقي  كمال جنبلاط مستمرا في رسالته الانسانية التقدمية الحضارية المثلى دون رهبة او خوف متصديا لجميع الاخطار والاهوال المحدقة به من جميع الجهات وخاصة  الرجعية العميلة .  وبينما  كان  جنبلاط في  ذروة  عطائه وأوج امكانياته كزعيم وطني حقيقي موهوب، مدركا بعمق ابعاد الوضع اللبناني، ولا يوجد من يضاهيه في مقدرته على معالجة أزمات لبنان ودك الاخطار عنه سقط شهيدا برصاص الغدر والعمالة والخيانة في 16 آذار عام 1977، وهو مسافر بسيارته ما بين بعقلين، وكفرحيم في مكان اسمه "دير دوريث" في جبل  لبنان  وباستشهادِهِ  تأكد  خصومُهُ مثل  أصدقائه  كم  كان حجمه النضالي كبيرا على  كافة الصعد:  لبنانيا وعربيا، وعالميا ، وأسفَ  عليه الأحرار والشرفا ء في الوطن العربي وفي جميع دول بقاع العالم. لم يكن القائد التقدمي الكبير الشهيد  كمال جنبلاط  زعيما محليا فذا فقط ، بل كان أيضا مفكرا وفيلسوفا   وشاعرا  وخطيبا  مصقعا وسياسيا  ومعلما وانسانا  رائدا يشابهُ  الملائكة َ والانبيا ء  والقديسين  في أعماله  وتضحياته وعطائه حتى يوم استشهاده. وإنَّ مفهومَهُ للاشتراكيةِ كمشروع انساني كفيل باسقاط  ظلم  الانسان  لأخيه   الانسان ، وقيام   مجتمع  العدالة   والحق   والكرامة والجمال، مجتمع  خال  من  الفوارق  الطبقية ، عماده  ولحمته  الدمقراطية الشعبية والانعتاق  الشامل  السياسي والثقافي  والمعنوي  والمعيشي،  يعتمدُ بالدرجةِ  لأولى  وقبل أيِّ  شيء آخر على "الوعي"  وفي احتمالات  تفتح  ظاهرة " الوعي "للدرجة القصوى" يكمن أمل البشرية بالوصول للحضارة الانسانية الخالية من الزيف والخداع، والكفيلة باسعاد البشرية وسيادة السلام الاجتماعي والسلام   والأمن  بين  الامم  والشعوب  والسلام  العالمي  على كوكبنا الارضي . ان المعلم الشهيد كمال جنبلاط كان منذ صغره حتى آخر يوم  في حياته ذا نزوع انساني اصيل  وبعيد عن التعصب  وعن الاستعلاء الوطني  والقومي ، يصبو  ويعمل  لأجل  تحقيق  انسانية  جديدة  متحضرة متضامنة، متعاونة، اساسها  وفحواها ولحمتها المساواة الكاملة  في  جميع الحقوق  والواجبات واعطاء  المفاهيم الاخلاقية: الشرف، الكرامة، الصدق، الحظ   الاكبر  في الانتشار  والازدهار  بين   جميع   الناس  على  مختلف انتماءاتم   وطبقاتهم الاجتماعية  .   كان الشهيد المعلم  كمال جنبلاط رجلا متواضعا ومتقشفا يكرهُ حياة الترف والرفاهية والملذات رغم العز والرخاء الاقتصادي الذي  يتمتع  به  فتركَ  قصره الضخم الكبير في قريته المختارة وسكن في غرفة  صغيرة  نائية عن القصر شبه مظلمة متأملا  فيها ومتعبدا ومتزهدا  يفكر  في  الروحانيات  ويتأمل   في  اسرار هذا  الوجود  والعالم الواسع مسلما ومندهشا وساجدا  لعظمةِ الخالق الباري الذي أبدع هذا الكون  المجهول    .                                                                           

وكان كمال جنبلاط  صادقا مع  نفسه  ومع الآخرين وملما  بجميع التيارات الفكرية والسياسية  والفلسفية في مختلف  انحاء العالم  حتى  قيل  عنه  انه انسكلوبيدية  معارف " .                                                    "       :             وكان   يعرف  اكثرَ  من   13  لغة   يتقنها   بشكل   جيد   ومنها  ( اللغة السينسيكريتية الصينية القديمة ) التي  يعرف  رموزها  وأسرارَها، بضعة اشخاص   فقط    في   العالم ،  كما   أن    كمال   جنبلاط     كان   يمارسُ رياضة  " اليوجا "  يوميا  لانه   حسب  ما   ذكرَ  عنه   لهُ   المام بجميع  الديانات  والثقافات   والفلسفات  وابداعات   شعوب   العالم    .     وكانت   له    علاقاتٌ   وصداقة   وطيدة   مع   معظم   زعماتِ    وقادة   الشعوب التقدميين   الاحرار   أعداء    الدكتاتورية    والاستعمار    مثل    الرئيس  الصيني    "  ماوتسي   تونغ  "     والرئيس     المصري    جمال    عبد  الناصر... وجيفارا وغيرهم.                                               .                                        مؤلفاته  :   لقد   قيل  حسب  ما  رواهُ   المقربون  إنه   كتبَ   بخط   يده  زهاء  ثلاثة  آلاف افتتاحية  بالعربيةِ  والفرنسية، واكثر من عشرين الف  تصريح  صحفي  ومئات  الدراسات  والبيانات  التي  وضعها  على  امتداد  ثلاثين عاما  ونيف.  وله  نحو  سبعين خطابا وحديثا  مسجلا  بصوته، وله افلام  سينمائية وتلفزيونية  ولوحات  فنية، وعدة  أطروحات  جامعية ، أما الكتب التي  ألّفها  وأصدرها  فمنها : لبنان  وحرب التسوية ، نحو اشتراكية  اكثر انسانية  السلام، العمال والفنانون، حقيقة الثورة اللبنانية ، الدمقراطية الجديدة، فيما  يتعدى الحرف، في السياسة  اللبنانية، ثورة في عالم الانسان، في الممارسة السياسية ، أدب الحياة ، هذه  وصيتي،  حقيقة  الفكرة  القومية السورية ، نكون  أو لا  نكون ،  ربع  قرن  من  النضال ، البوذية ، العلاج  بعشب القمح ،  وغيرها  من  الكتب .                   كما أن  له  ديوان شعر مطبوع  يحتوي على مجموعة قصائد فلسفية  تأملية ذات طابع  رومانسي صوفي قدسي وهي متحررة من  قيود الوزن التقليدي

خاتمة :                                                                   

وأخيرا- مهما كتبنا عن هذا الانسان العبقري الفذ  الخالد  والسياسي المحنك نبقى مقصرين كثيرا ولا نستطيع إعطاءَهُ  حقه، لانه  ليس انسانا عاديا  وقد جاء في  وقت وفي  زمن كانت  قوى الشَّرِّ والكفر والضلال في لبنان  تريدُ السيطرة والهيمنة على  كلِّ  شيىء  وطمسَ كلِّ  فكر  نيِّر وَوَأدَ  كلِّ صوتٍ وضمير ينادي  بالحريَّةِ والكرامةِ  والحق  ... ورآهُ الكثيرون  من  الأحرار الشرفاء والوطنيين والمؤمنين الأطهار الملاذ والأملَ  والعنوان، والكثيرون منهم وضعوه في مصاف القديسين والأولياء، وفي أخلاقه وسلوكه  وأعماله وتجاربه  واختباراته  الحياتيَّة  التي  مرَّ  بها  يُشابهُ  الرُّسلَ  والأنبياء حيث احتذى  واقتدى  بهم  إيمانا  وعملا  وتضحية   وتفانيا  لأجل  إرضاء الرَّب  جلت قدرته  قبل كل  شيىء  ولأجل  خدمةِ البشريَّة والأجيال  وبما يرضي الله  والرسلَ والانبياء . إنهُ  شهيدُ  الحق والحرُّيَّة  والعدالة  والايمان.. شهيد النضال  والكفاح  ضد  الظلم  والاستعمار،  ضد  الخيانة  والعمالة  والتبعية للمستعمرين  الأجانب . وقلما  تنجبُ  هذه الارض  رجالا وقادة  مثل  كمال جنبلاط.. ربما  كل  بضعة  عقود  أو  قرون  من  الزمان  وتتمخض الحياة ويبعث  الخالق انسانا   فذا  مثاليا  وقائدا  رمزا  ملهما  ومعلما  رائدا  هاديا ومرشدا مثل كمال جنبلاط ، فبعد موتِ الرئيس الخالد جمال عبد الناصر أو استشهاده  وبعد استشهاد المعلم  كمال جنبلاط  بقي العالمُ العربي متخبطا لا توجد  له  بوصلة أو قيادة قوميَّة حرة  ترشده للطريق الصحيح على مختلف الصعد الوطنية المحلية والقومية الشاملة.

قراءة في نتائج الإنتخابات الإسرائيلية


كتب راسم عبيدات ـ

 أظهرت نتائج الإنتخابات التبكيرية التشريعية "الإسرائيلية"  الرابعة خلال عامين،بأن قوى اليمين الديني والعلماني،وقوى التطرف والعنصرية ودعاة الضم وطرد وتهجير الفلسطينيين أمثال بتسليئيل سموتريتش والمحامي ايتمار بن غفير،هي التي سيطرت على المشهد السياسي الإسرائيلي،وأغلب إن لم يكن جميع تلك المركبات السياسية من خانة اليمين واليمين المتطرف،متفقة على ثلاث لاءات لا لدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/1967 ولا لعودة اللاجئين ولا لتقسيم القدس والقدس موحدة وعاصمة لدولة الإحتلال.

نتائج الإنتخابات الإسرائيلية لم تتأثر لا بالمظاهرات الأسبوعية التي  قادتها جماعة " الأعلام السوداء لمدة (39)أسبوعاً والمطالبة برحيل نتنياهو على خلفية فشله في معالجة ملف جائحة " كورونا"  ولا تهم الفساد المنظورة ضده أمام القضاء الإسرائيلي،ولا قدرته على إحضار لقاح جائحة "كورونا" وتطعيم أكثر من نصف سكان دولته،الإنتخابات غلبت الشخصي على القومي ،ولذلك وجدنا بأن حزب الليكود بقي متقدماً في الإنتخابات ،ونتنياهو بقي الرجل الأنسب لتولي رئاسة الحكومة،بفارق كبير عمن يليه من قادة الأحزاب الأخرى لبيد وبينت وساعر وليبرمان.

صحيح ان نتنياهو وحلفائه من القوى الدينية "شاس " و" يهوديته توراه" والصهيونية الدينية لم يستطيعوا تحقيق أغلبية تمكنهم من تشكيل حكومة اسرائيلية بقيادة نتنياهو،وأن الحالة السياسية قد تستمر في حالة شلل وعدم إستقرار وعدم قدرة الحكومة القادمة على سن تشريعات وقوانين،والبقاء في عنق الزجاجة،وربما الذهاب الى إنتخابات تبكيرية خامسة،ولكن يبدو من خلال النتائج المتحققة في هذه الإنتخابات، بأن المعسكر المؤتلف من عشر كتل إنتخابية من أجل إسقاط نتنياهو،ومعظمهم من قوى اليمين،ليس بالقادر على تشكيل حكومة ،ومن المستبعد أن يتفقوا على أن يقود تلك الحكومة يائير لبيد زعيم " يوجد مستقبل".وخيار الذهاب الى انتخابات تبكيرية خامسة قائم،وهو ليس بغير المريح لنتنياهو،ولكن قبل الحديث عن خيار الذهاب الى إنتخابات تبكيرية خامسة.


 لا بد من القول بأن نتنياهو هو شخصية "كاريزماتية" وقيادية له تجربة عميقة في السياسة والإقتصاد والأمن والمال وكيفية إدارة الأزمات،وبغض النظر عن أنه كاذب ،مخادع، مضلل،ولكنه عملي يعرف كيف يوظف كل الأزمات بمختلف مسمياتها سياسية أمنية اقتصادية اجتماعية جائحة "كورونا" لصالحه وكذلك يفعل مع الأزمات الخارجية......ولذلك فهو حسب نتائج الإنتخابات يتصدر المشهد السياسي الإسرائيلي وبات الأقرب لتشكيل الحكومة ،وبينت زعيم يمينا والذي كان وزيراً في حكومة نتنياهو،سيعود صاغراً الى حضن نتنياهو طالباً السماح والغفران،في حين سيجد ساعر زعيم ما يسمى بالأمل الجديد نفسه أمام حزب يتفكك شيئاً فشيئاً لكي يتلاشى ويختفي ....والمستقبل يبدو للصهيونية الدينية ،فحزب "قوة يهودية" الذي يستمد أفكاره وأرائه من حركة "كاخ" المتطرفة التي تنادي بالضم والتهويد للضفة الغربية والطرد الكامل للعرب الفلسطينيين من أرضهم حصلت على ستة مقاعد في زمن قياسي.

نتنياهو خبير في إدارة الأزمات والقدرة على شق الأحزاب،وإستقطاب عدد من قياداتها وأعضائها البارزين،ورأينا كيف فعل ذلك مع حزبي أزرق أبيض وتيلم وحتى العمل،وهو يعرف جيداً بأنه لن يتكىء على صديقه منصور عباس في القائمة العربية الموحدة في تشكيل حكومته،ولكنه قد يصل الى تفاهمات مع عباس عبر صفقة،تمتنع فيها القائمة العربية الموحدة عن التصويت او تدعم نتنياهو من الخارج،ولكن هو يعرف بأن ذلك ينتج حكومة غير مستقرة سياسياً، قد تسقط نتيجة أي خلافات حول القضايا الإقتصادية والإجتماعية،أو القضايا السياسية ،ولكنه يراهن على كسب الوقت،حيث يتيح له ذلك شق عدد من الأحزاب في التكتل المناوىء له،عبر إغرائهم في المناصب والمواقع والوزارات،ورأينا كيف نجح في شق القائمة العربية المشتركة،تلك القائمة التي لم تحصد سوى 6 مقاعد،والكتلة المنشقة عنها " القائمة العربية الموحدة" 5 مقاعد،وهذه القائمة المنشقة، أقرب لصوغ تحالف مع نتنياهو غير معلن ومن تحت باطن،ولعل تراجع القائمة المشتركة،ليس مرتبطاً بنجاح نتنياهو بشقها والحصول على عدد لا بأس به من الأصوات من الوسط العربي،بل الجماهير العربية، الفاقدة للثقة بالدولة الصهيونية والبرلمان الصهيوني، زادت نسبة مقاطعتهم لتلك الإنتخابات.


المشهد العام اليمين بشقيه الديني والعلماني يسيطر على دولة الإحتلال،وقوى ما يسمى باليسار تتجه نحو الإندثار والإختفاء من الخارطة السياسية ..ولذلك سنشهد المزيد من دول النظام الرسمي العربي المنهار والمتعفن تنضم لحلف وإتفاقيات " ابرهام" عُمان والسعودية وقطر والنيجر ...الخ،وكذلك المزيد من نقل العديد من الدول لسفاراتها من تل أبيب الى القدس،كما فعلت الدولة المسلمة كوسوفو ودولة التشيك .... أما على الصعيد الأمريكي فستكون الأولوية للملف الإيراني،المرتبطة به كل الملفات الأخرى سورية ولبنانية وعراقية ويمنية ...وكذلك صراعها المحتدم مع الصين وروسيا على قيادة العالم اقتصادياً وعسكرياً ....فهي تريد أن تنقذ هيبتها وسمعتها واستعادة سيطرتها على العالم،ولكن يبدو بان العهد الأمريكي عالمياً ذاهب نحو الأفول ...اما على الصعيد الفلسطيني سواء جرت الإنتخابات او لم تجر فالنظام السياسي الفلسطيني الحالي،دخل مرحلة الأزمة البنوية الحادة ولا مجال لأي حلول ترقيعية او جزئية،فقط عملية تغيير جذري هي من تحل هذه الأزمة،والأزمة تتصف بالشمولية لكل مكونات ومركبات النظام السياسي الفلسطيني وبدرجات متفاوتة،وسنشهد أفول وإندثار للكثير من المكونات والمركبات الحزبية،وسنكون امام نظام سياسي زبائني يعتاش على الضرائب والمساعدات الخارجية ...والإنقسام سيستمر ويتعمق وربما يتشرعن.....وربما تفلح المتغيرات والتطورات والتحالفات التي تظهر في المنطقة والإقليم،بدفع أقسام من هذا النظام السياسي الى الخروج من تحت العباءة الخليجية والأمريكية والإسرائيلية ...ولكن هذا رهن بوجود معارضة قوية،ولكن تلك المعارضة " مخصية" وجزء كبير منها يفتش على نصيبه عند السلطة القائمة .....ولكن تبقى الساحة حبلى بالتطورات والمتغيرات استناداً الى ما يحدث في المنطقة والإقليم والعالم .

ولعله من الهام جداً القول،بأن الدعوة الى عقد الرباعية الدولية بعد آخر اجتماع لها في أيلول /2018،هو أتى مباشرة من بعد الإنتخابات الإسرائيلية، والمتوقع أن ينجح نتنياهو في تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة.

واضح بان الرباعية صحت من سباتها بطلب امريكي- اسرائيلي،والصحوة من سباتها ليس لنصرة فلسطين والقضية الفلسطينية،بل هي جاءت لكي تنتصر لدولة الإحتلال وحماية قادتها وضباطها وجنودها من إمكانية جلبهم الى محكمة الجنايات الدولية،لمحاسبتهم على ما ارتكبوه من جرائم حرب بحق شعبنا الفلسطيني،فالرباعية الدولية التي غفت طويلاً،بعد أن صادر ترامب دورها وقرارها،عادت في عهد بايدن لكي تتنازل عن إحتكار امريكا لقرار الرباعية، ولتعطي هامشاً ودوراً محدوداً للإتحاد الأوروبي وروسيا والصين،ولكي يصدر عنها بيانها الأول الداعم لإسرائيل، بدعوة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من عدم القيام بخطوات آحادية الجانب من شانها المس بما يسمى بحل الدولتين....وكأن اسرائيل في تغول استيطانها وكل ما تقوم به من تغييرات على أرض الواقع وتهويد للقدس لا يدمر ما يسمى بحل الدولتين،فقط يدمرها جلب قادة الإحتلال لمحكمة الجنايات الدولية، هذا هو "العهر" والنفاق الدولي بأكثر أشكاله سفوراً ...حتى الرباعية في دعوتها للمفاوضات لم تشر الى إطار تلك المفاوضات ولا الأسس التي ستقوم عليها تلك المفاوضات،وكأنها تقول المرجعيات والقرارات الدولية لم تعد قائمة،والمرجعية الوحيدة  ما ستنتجه المفاوضات بين الطرفين ،كذلك اعتبار صفقة القرن كأساس لتلك المفاوضات، وإعتماد قضايا تجميلية من قرارات الشرعية الدولية.

الثلاثاء، 23 مارس 2021

فضيحة المقاطع الجنسية المصورة داخل البرلمان تعصف بالحياة السياسية في أستراليا

 


تستمر الأزمة التي تجتاح الساحة السياسية في أستراليا في الاتساع في أعقاب الفضيحة المتعلقة بظهور مقاطع مصورة لموظفين وهم يمارسون أفعالاً جنسية داخل البرلمان، الأمر الذي أدى إلى فصل موظف بارز من وظيفته.

ويظهر أحد المقاطع المصورة المساعد وهو يقوم بفعل جنسي على المقعد المخصص لإحدى النائبات في البرلمان.

ووصف رئيس الوزراء سكوت موريسون المقاطع المصورة بأنها "مخزية".

يأتي ذلك بعد أن كشفت موظفة سابقة كيف خافت على فقدان وظيفتها بعد تعرضها لاعتداء جنسي مزعوم.

وتزعم بريتاني هيغنز أنها اغتصبت من قبل زميل لها أعلى منها في الدرجة الوظيفية داخل أحد المكاتب في مارس/ آذار 2019، لكنها تقول إنها شعرت بأنها تتعرض للضغط من أجل عدم تبليغ الشرطة عن الحادث.

وأثار هذا الحادث موجة من المزاعم، وفي الأسبوع الماضي، شارك الآلاف من الأشخاص في مسيرات للاحتجاج على الاستغلال والتحرش الجنسي الذي تتعرض له النساء في أستراليا.


ما طبيعة هذه المقاطع المصورة الجديدة؟

تم تسريب المقاطع المصورة إلى وسائل إعلام استرالية من جانب موظف حكومي سابق، قال إنه أصبح "مُحصناً" إزاء تلك الصور بسبب العدد الكبير الذي تلقاه منها.

وبالإضافة إلى المقاطع المصورة- التي صورت قبل عامين- قال إن الأشخاص استخدموا غرفة الصلاة لممارسة الجنس وحتى أنهم أحضروا مومسات إلى داخل البرلمان.

ووصف المخبر الذي كشف الأمر وجود "مجموعة من الرجال الذين يعتقدون أن بإمكانهم فعل ما يريدون" واصفاً البعض من زملائه بأنهم "مفلسون أخلاقياً".


ماذا كان رد الفعل؟

قال موريسون للصحفيين الثلاثاء إنه "شعر بالصدمة"، وأضاف: "علينا أن نرتب هذا البيت. وعلينا أن ننحي السياسة جانباً فيما يتعلق بهذه الأمور، وعلينا أن نتعرف على هذه المشكلة، ونعترف بها، وعلينا أن نجد حلاً لها."

وكان موريسون قد انتُقد في وقت سابق بسبب تعامله مع الحادث، وامتناعه عن لقاء المحتجين الأسبوع الماضي. وكان قد وجه الدعوة لقادة المسيرات الاحتجاجية للالتقاء به في البرلمان، لكنهم رفضوا دعوته قائلين إنهم لن يجتمعوا به "خلف أبواب مغلقة".

وعادت الشكوك من جديد حول معالجة الحكومة للأزمة بعد أن قالت عضوة الحكومة في البرلمان ميشيل لاندري إنها "شعرت بالأسف" لأجل المساعد المفصول من عمله.

لكن الوزيرة في الحكومة كارين أندروز قالت للصحفيين إن ضميرها لن يسمح لها بعد الآن بالبقاء صامتة بشأن التمييز على أساس الجنس في السياسة الاسترالية، قائلة إن تخصيص حصص على أساس الجنس للنواب من الأحزاب السياسية يجب أن يُدرس- وهو أمر ألمح موريسون إلى أنه لن يعارضه كلياً.

وقال موريسون للصحفيين: "لقد جربنا الطريق الآخر ولم يعطنا النتائج التي نريدها ولهذا أود أن أرى أداء أفضل من جانبنا على تلك الجبهة."

يذكر أن حزب العمال المعارض يطبق بالفعل نظام المحاصصة داخل الحزب.

كانت هناك مزاعم منذ زمن طويل بالتنمر والتحرش في الساحة السياسية الاسترالية. غير أن المزاعم التي أطلقتها هيغنز سلطت الضوء على قضايا الاعتداء الجنسي والتمييز على أساس الجنس.

ففي الأيام التي تلت خروجها بقصتها إلى العلن، ظهرت مزاعم أخرى- مع كشف المدعي العام كريستيان بورتر بأنه كان موضوع اتهام بالاغتصاب في العام 1988.

نفى بورتر الاتهام، والشرطة أغلقت التحقيق بسبب غياب الأدلة.

واضطرت وزيرة الدفاع ليندا رينولدز، التي كانت المديرة السابقة لهيغنز، إلى الاعتذار ودفع تعويض لمساعدتها السابقة، بعد أن وصفتها بـ "البقرة الكاذبة".

يقول المنتقدون إن الحكومة كانت بطئية جداً وغير فاعلة في الرد على الاتهامات الأوسع بالتمييز على أساس الجنس وكراهية النساء في الثقافة السائدة داخل البرلمان- وهي مشكلة يقولون إنها تمتد لتعبر الخطوط الحزبية.

وقال حزب العمال إنه سيراجع الثقافة السائدة في الحزب بعد تقديم عشرات المزاعم من مصادر مجهولة بوقوع تحرش جنسي وتمييز على أساس الجنس من جانب ذكور داخل الحزب.


لماذا يواجه موريسون انتقادات جديدة؟

اعترف رئيس الوزراء في مؤتمره الصحفي بوجود انتقادات واسعة النطاق لتصريحاته خلال الشهرين الماضيين.

وهذه الانتقادات تتضمن رد فعل عنيف عليه بسبب ذكره لدوره كزوج وكأب أثناء مناقشته لرده على اعتداء مزعوم.

ويتضمن انتقاد آخر اتهامه بوضع معيار منخفض للديمقراطية عندما قال عن الاحتجاجات: "ليس بعيداً عن هنا، مثل هذه المسيرات، حتى الآن تواجه بالرصاص، ولكن ليس هنا في هذه البلاد."

أقر موريسون الثلاثاء بأن "الكثيرين لم تعجبهم أو لم يقدروا" تصريحاته، لكنه أصر على أنه ملتزم بالدفع نحو إحداث تغيير واسع في الثقافة السائدة.

ولكن بعد ذلك بلحظات، جلب موريسون الانتقاد لنفسه لقيامه علناً بنشر شكوى اعتداء جنسي لم يتم الإبلاغ عنها سابقاً في مؤسسة إعلامية.

واتهمه خصومه "باستحدام الشكوى كسلاح" بعد توجيه سؤال عادي له من قبل صحفي في المؤسسة وهي "سكاي نيوز أستراليا".

وتساءلت كيتي غالغر، عضوة مجلس الشيوخ عن حزب العمال قائلة: "ماذا عن المرأة التي في لب الشكوى الآن؟ وتجيب بأنها أصبحت "خبراً وطنياً".

المجلس العالمي لثورة الارز: حزب الله يجب ان يكون خارج اي حكومة لانقاذ لبنان

 


واشنطن في  23 آذار 2021

بعد التمثيليات المزعجة التي يقوم بها طاقم السلطة الراضخة لحزب الله والتي تستغبي المواطنين وتقود البلاد أكثر فاكثر نحو الافلاس. وهي تتلخص بمسرحية تأليف الحكومة، وكأن هذه تقدر أن تؤثر في مسار الأمور بظل هيمنة الدويلة وسيطرتها على القرار. فقد صار من الضروري اتخاذ موقف من هذه الطغمة الحاكمة ودعوة الشعب لمحاسبتها بشكل مباشر. ولذا يرى المجلس العالمي لثورة الأرز أنه لم يعد هناك من مجال لتضييع الوقت عند من يدعون العمل السياسي وأن مهمتهم الوحيدة في هذه المرحلة تتلخص بما يلي:

أفهام حزب الله وكل من يدور في فلكه بأنه يجب أن يبقى خارج الحكم لكي يكون هناك أمل ببعض التعاون مع اية حكومة تنشأ. فها هي أوروبا تتحضر لوضعه على قائمة الارهاب بعد الولايات المتحدة والمانيا وغيرها من الدول فكيف يمكن أن تتعاون معه الدول التي تصنفه ارهابيا؟

إن أي حل لمشاكل لبنان يمر بتنفيذ القرارات الدولية بشكل كامل وتنفيذ هذه القرارات يتطلب حكومة مستقلة لا تخضع لحزب الله وتقدر أن تنسق تنفيذ هذه القرارات مع الأمم المتحدة وهو ما طالب به البطريرك الماروني مؤخرا ونال دعما من أغلب اللبنانيين عليه.


إن أي عملية تشاطر من قبل الأحزاب التي تشارك في السلطة لتغطية هذا الحزب ومحاولة تعويمه مجددا وبعد كل ما وصل إليه لبنان هي وصمة عار عليها لن يغفرها لها الشعب اللبناني أبدا ولذا فنحن نطلب من الأحزاب اللبنانية التي تدعي تمثيل جزء من الشعب خاصة القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب والمستقبل، وكلهم شاركوا في ثورة الأرز سابقا ودخلوا الحياة السياسية على اساس مبادئها، أن ينسحبوا من أية مفاوضات مع حزب السلاح ولا يشاركونه لا بحكومة يسعى لتأليفها ولا باية جلسة في مجلس النواب يكون هو مشارك فيها. 

إن لبنان الذي يمر بأسوأ مرحلة في تاريخه سيقوم بفضل تماسك بنيه وارادتهم وتعاون المجتمع الدولي معهم ولن يعطى حزب السلاح ولا أسياده فرصا بعد الآن ولذا فنحن نهيب بمن لا يزال يعتقد بقدرته على غش الناس وتغيير قبعته ونقل البدقية من كتف لآخر أن يرعوي ويرتدع لأن الجوع لا يرحم والآتي سيكون مختلفا عما تعوده الساسة في ظل الاحتلالات من تقاسم لثروات الوطن ومسايرة لأدوات الاحتلال.

إن المجلس العالمي لثورة الأرز الذي يسعى بكل جهد لدى المحافل الدولية لمساندة لبنان واستعادة سيادة الدولة القرار للشعب فيه يحذر من المماطلة التي لا تنفع إلا بزيادة الغضب والنقمة وقد أعذر من أنذر. 

جو بعيني، رئيس المجلس العالمي لثورة الارز


الأربعاء، 17 مارس 2021

الرئيس اللبناني يخيّر الحريري بين تأليف فوري للحكومة أو التنحي عن المهمة



وضع الرئيس اللبناني ميشال عون مساء الأربعاء رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أمام خيارين، إما تشكيل الحكومة بشكل "فوري" أو التنحي عن المهمة التي كُلف بها في تشرين الأول/اكتوبر، وحالت التجاذبات السياسية دون إتمامها.

وسارع الحريري إلى الرد على عون، متهماً إياه بالتعطيل، إلا أنه أبدى استعداده لزيارته مجدداً لبحث تشكيلة حكومية، مطالباً إياه في حال عدم موافقته، إفساح المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة.

ويعكس تصعيد المسؤولَين حجم الأزمة السياسية في لبنان، التي من شأنها أن تفاقم الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ عام ونصف على وقع صراع محموم بين القوى الرئيسية الكبرى في البلاد.

وقال عون في كلمة متلفزة "إني أدعوه إلى قصر بعبدا من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تاخير".

وأضاف "أما في حال وجد نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة انقاذ وطني تتصدى للاوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه ان يفسح في المجال امام كل قادر على التأليف".

وأكد "دعوتي مصمّمة وصادقة للرئيس المكلّف الى أن يبادر فوراً إلى أحد الخيارين المتاحين".

ورغم ثقل الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ عام ونصف، لم تثمر الضغوط الدولية، التي قادتها فرنسا خصوصاً، عن تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات ملحة تفسح المجال أمام حصول لبنان على دعم مالي دولي ضروري.

واستقالت حكومة حسان دياب اثر انفجار مرفأ بيروت المروع في الرابع من آب/أغسطس. وبعد طول انتظار، كلف عون في تشرين الأول/اكتوبر رئيس الحكومة السابق وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري تشكيل حكومة جديدة، بناء على نتيجة استشارات نيابية ملزمة أجراها مع الكتل البرلمانية.

ومنذ ذلك الحين، يتبادل الحريري وعون الاتهامات بالعرقلة وبوضع شروط مضادة.

وسارع الحريري إلى الرد على عون، وقال في بيان إنه سيزوره للمرة "السابعة عشر" لمناقشته في "تشكيلة متكاملة لحكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة" قدمها له قبل أسابيع "إذا سمح جدول مواعيده بذلك".

وقال "تفاجأت، كما تفاجأ اللبنانيون جميعاً، بفخامة الرئيس وهو يدعوني عبر كلمة متلفزة إلى القصر الجمهوري، من أجل التأليف الفوري".

وفي رده على تخييره بين التأليف الفوري أو التنحي، قال الحريري "في حال وجد فخامة الرئيس نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة (...) فسيكون على فخامته أن يصارح اللبنانيين (...) وأن يختصر آلامهم ومعاناتهم عبر إتاحة المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة".

- عقوبات؟ -

وتشير تقارير صحافية الى أن تشبّث عون وتياره السياسي بالحصول على حصّة حكومية مرجحة هو ما يعيق ولادة الحكومة، رغم أنه ينفي ذلك. كما تتحدث التقارير عن إصرار الحريري على تشكيل حكومة اختصاصيين من 18 وزيراً، فيما يُطالب عون بزيادة عدد الوزراء.

ولم تنجح مبادرات محلية وخارجية حتى الآن في تقريب وجهات النظر.

وخلال كلمته الأربعاء، قال عون إن الحريري تقدم إليه "بعناوين مسودة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية ما أدخل البلاد في نفق التعطيل".

وعادة ما يتأخر تشكيل الحكومات في لبنان لأشهر عدة جراء التجاذبات بين الأطراف السياسيين وخلافاتهم على الحصص. ودفع الانهيار الاقتصادي، الذي فاقمه انفجار المرفأ وإجراءات مواجهة فيروس كورونا، المجتمع الدولي بقيادة فرنسا للضغط على المسؤولين اللبنانيين لتسريع تشكيل الحكومة من دون جدوى.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي الأربعاء لصحافيين "يجب زيادة الضغط إلى حد كبير على القادة السياسيين. سيكون هذا عمل الأسابيع المقبلة"، مضيفاً "لن نتحرك بمفردنا لكن مع شركائنا الأوروبيين ومع الأميركيين".

وأوضح "لم تكن مسألة العقوبات الأولوية في آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر لكن بعد ستة أو سبعة أشهر باتت مشروعة".

وزار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان مرتين منذ انفجار المرفأ وكرر مطالبة القوى السياسية بتشكيل حكومة تتولى الإصلاح، حتى أنه أعلن في أيلول/سبتمبر عن مبادرة قال إن كل القوى السياسية وافقت عليها ونصت على تشكيل حكومة خلال أسبوعين.

ويفاقم الشلل السياسي الذي تشهده البلاد غضب اللبنانيين.

وعادت منذ مطلع الشهر الحالي الاحتجاجات إلى شوارع لبنان مع استمرار تدهور الليرة، التي سجلت الثلاثاء انخفاضاً قياسياً ولامس سعر الصرف مقابل الدولار عتبة 15 ألف ليرة في السوق السوداء، في سقوط حر مستمر منذ بدء الانهيار الاقتصادي.

وقطع متظاهرون لأيام طرقاً رئيسية في أنحاء البلاد. وتستمر التحركات بشكل شبه يومي، لكن بصخب أقل.

وعمد محتجون الأربعاء إلى قطع طرق عدة في بيروت ومناطق لبنانية أخرى، كما حاولت مجموعة منهم اقتحام وزارة الاقتصاد احتجاجاً على ارتفاع الأسعار.

وأعلن ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا الأربعاء زيادة جديدة في سعر الوقود تجاوزت الأربعة آلاف ليرة لليتر الواحد خلال أسبوع. وبذلك، يكون سعر البنزين قد ارتفع حوالى 49 في المئة بين 24 تموز/يوليو و17 آذار/مارس.

وينعكس انهيار الليرة على أسعار السلع التي ارتفعت بنسبة 144 في المئة، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي. وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر.


© 2021 AFP

الثلاثاء، 16 مارس 2021

عروس "داعش" تخلع نقابها


ام تي في ـ

نشرت وسائل إعلام بريطانية صورا لشميمة بيغوم المعروفة إعلاميا بعروس "داعش"، تظهر فيها حاسرة الرأس وبملابس غربية خارج مخيم روج شمال شرقي سوريا.

وظهرت الشابة التي بلغت الـ21 من عمرها في إطلالة وصفتها صحيفة "الغارديان" البريطانية بأنها "انفصال عن الماضي الداعشي"، مشيرة إلى أن بيغوم رفضت التصريح بإيعاز من ممثليها القانونيين في بريطانيا، في حين وافقت فقط على نشر صورها.

وغادرت شميمة بريطانيا عام 2015 وانضمت لتنظيم "داعش" في سوريا، وتزوجت من الجهادي الهولندي ياغو ريدجيك (26 عاما)، وتسعى للعودة إلى موطنها، علما أنه تم سحب الجنسية منها لـ"دواع أمنية".

وولدت شميمة في بريطانيا وهي من أصل بنغالي، وكانت في الـ15 من عمرها عام 2015 عندما سافرت إلى سوريا عبر تركيا لتصل إلى الرقة، حيث تزوجت هناك من ريدجيك.

وقد عثر عليها وهي حامل في شهرها التاسع في معسكر للاجئين في سوريا في شباط 2019 وتوفي الطفل الذي ولدته لاحقا جراء إصابته بالتهاب رئوي. وتقول وسائل إعلام بريطانية إن شميمة فقدت سابقا طفلين آخرين خلال وجودها مع التنظيم.

وفي وقت سابق من 2019، ذكرت صحيفة "تلغراف" البريطانية أن شميمة كانت عنصرا متشددا في "شرطة الأخلاق" التابعة للتنظيم، وكانت تعمل على تجنيد الفتيات الأصغر سنا.

وسمح لها بحمل بندقية حربية وعرف عنها أنها "شرطية قاسية" لأنها كانت متشددة في فرض قوانين التنظيم على النساء.

وقالت الصحيفة في تقريرها الجديد بعد لقائها شميمة: "بملابسها الغربية لا تبدو بيغوم مثل المراهقة التي ترتدي النقاب، وباتت أكثر ملاءمة لرحلة تسوق في شارع أكسفورد اللندني".


الموقف الأميركي والحياد البطريركي


كتب السفير مسعود معلوف في الجمهورية:

عندما طالب غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في شهر تموز الماضي بحياد لبنان، ثم ألحق مطالبته هذه بعد فترة قصيرة بمذكرة بعنوان «لبنان والحياد الناشط» يشرح فيها ماهية الحياد في نظره، وتلا ذلك لقاء في بكركي منذ أسابيع قليلة، ألقى فيه غبطته خطاباً بالوفود المجتمعة في باحة الصرح، مجدداً مطالبته بما سمّاه «الحياد الناشط» وبتدخّل الأمم المتحدة للمساعدة في إيجاد حل يُخرج لبنان من الوضع الحالي، علت أصوات مؤيّدة لهذا الموقف، وأصوات معارضة بشدّة له، وصلت الى اتهام غبطته بالخيانة، ولكنها سرعان ما توقفت وسُحبت من التداول، إنما البلد ما زال منقسماً بين فريق يؤيّد المبادرة البطريركية ويطالب بتطبيقها، وفريق يعارضها وينتقدها باستمرار.

في الوقت الذي كانت مبادرة البطريرك الراعي ترمي الى تحييد لبنان عن الخلافات العربية، فسّر رافضو مبدأ الحياد بأنّ المطلوب هو إخراج لبنان من الصراع العربي ـ الإسرائيلي والتوقف عن تأييد حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ومنهم من ذهب إلى اعتبار هذه المبادرة البطريركية خطوة أولى نحو التطبيع مع إسرائيل.

جدير بالإشارة هنا، الى أنّ المطالبة بالحياد ليست جديدة في لبنان. فمنذ سنوات والدكتور فيليب سالم، سواء في كتبه أو مقالاته أو محاضراته، يطالب بما يسمّيه «الحياد الفاعل»، بمعنى أن يكون لبنان، من منطلق حياده عن الخلافات العربية ـ العربية، «فاعلاً وملتزماً في الدفاع عن قضايا السلام والإستقرار في المنطقة»، وأن يكون أيضاً مدافعاً عن «...القضية الفلسطينية وعن قضايا العرب». وينبغي، في نظر الدكتور سالم، أن لا يدخل لبنان في أحلاف سياسية أو عسكرية، وأن يبقى دائماً ملتزماً «القضايا العربية والمحقة». واضح إذاً، أنّ الحياد ليس ابتعاداً عن القضية الفلسطينية بل إنّه يقضي بالدفاع عنها بالتزام تام.


والمهم في مقاربة الدكتور سالم لموضوع الحياد قوله في وضوح تام: «نحن لا نريد أن يكون طرح البطريرك لمبدأ الحوار طرحاً مسيحياً. نريده طرحاً وطنياً».

من هذا المنطلق، قد يكون من المفيد عقد اجتماع في الصرح البطريركي في بكركي، يرعاه البطريرك الراعي ويشارك فيه مفكرون وسياسيون ودستوريون من مؤيّدي الحياد ومعارضيه، لتبادل الأفكار حول هذا الموضوع المهم، وتحديد المقصود من فكرة الحياد ومضمونها بالتفصيل الكامل، بحيث تتوضح هذه المسألة من دون لبس وبعيداً كل البعد عن أي اعتبار ديني أو طائفي، ووفقاً للمفهوم الذي شرحه الدكتور سالم في مناسبات عدة، وكذلك تحديد دور المجتمع الدولي من هذا الموضوع. إذ أنّ غبطة البطريرك والدكتور سالم يعتبران أنّ الحياد لا يمكن أن يتحقق إذا لم يتوافر له ضمان دولي، ومن أجل توافر هذا الضمان، يجب العودة الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

وإذا كان هنالك من ضرورة للذهاب الى مجلس الأمن والحصول على ضمان دولي لهذا الحياد، فلا بدّ من معرفة موقف الولايات المتحدة من هذا الطرح، إذ أنّ واشنطن لها كلمة وازنة جداً في هذا المحفل الدولي.

عندما طالب البطريرك الراعي بتطبيق مبدأ الحياد في لبنان في تموز من العام الماضي، ومن ثم أطلق مذكرة «لبنان والحياد الناشط»، كان الرئيس دونالد ترامب آنذاك منشغلاً بحملته الإنتخابية، ولم يكن يعير اهتماماً لأي أمر لا يفيده انتخابياً، إذ كانت جهوده منصّبة كلياً على السعي لتأمين إعادة انتخابه. هذا بالإضافة إلى أنّ لبنان لم يكن من ضمن اهتماماته، على رغم من كون كل من وزير الدفاع (مارك أسبر) ووزير الصحة (اليكس عازار) ومديرة الإتصالات في البيت الأبيض (أليسا فرح) من أصول لبنانية.

أما الرئيس جو بايدن، الذي تسلّم زمام الحكم في العشرين من كانون الثاني الماضي، فإنّه منشغل بالقضايا الداخلية الأساسية مثل محاربة جائحة كورونا وإنعاش الإقتصاد، وهما الموضوعان اللذان يشكّلان الأولوية في اهتماماته. وإذا كانت الأمور الداخلية لها طابع الإلحاح والأولوية على جدول أعمال الرئيس بايدن، فهذا لا يعني إطلاقاً أنّ السياسة الخارجية هي خارج اهتمامات الإدارة.

وزير الخارجية أنطوني بلينكن وفريق عمله المؤلف من ديبلوماسيين اختصاصيين ومتمرسين في مجال عملهم، يجرون الإتصالات ويعدّون الدراسات اللازمة ويقترحون السياسات المناسبة تجاه كل منطقة وكل دولة، وفقاً للخطط التي رُسمت أثناء الحملة الإنتخابية. وبالنسبة إلى لبنان، فقد بحث وزير الخارجية الأميركي بلينكن مع نظيره الفرنسي لو دريان في الوضع، وأصدرا بياناً مشتركاً داعماً للشعب اللبناني، يدعوان فيه الى تشكيل الحكومة من دون إبطاء، وإنجاز تحقيق شفاف في تفجير مرفأ بيروت وإجراء الإصلاحات اللازمة، لتوافق الدول الصديقة والمؤسسات المالية على مساعدة لبنان.

أما بالنسبة الى مسألة حياد لبنان، فإنّ الإدارة الأميركية لم تعلن موقفاً واضحاً منه بعد، ولكن المعروف، أنّ سياسة الولايات المتحدة في المنطقة تركّز على المصلحة الإسرائيلية قبل كل شيء، ومن ثم على محاربة الإرهاب، وتأمين البترول لحلفاء الولايات المتحدة في الإتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية واليابان، وأي موضوع لا يؤثر سلباً على هذه الأولويات الأميركية، فالولايات المتحدة لا تعارضه.

فمسألة حياد لبنان ليست من أولويات الإدارة الأميركية في الوقت الحاضر، هذا مع العلم أنّ السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا قد تكون أبلغت الى حكومتها، وفق الأصول الديبلوماسية، التطورات التي حصلت أخيراً في بكركي وردّات الفعل عليها على الساحة اللبنانية، ومثل هذه الأمور يتمّ درسها وتحليلها في المكتب المختص في وزارة الخارجية الأميركية، ثم تُعَدّ الدراسة المتضمنة المواقف المقترحة تجاهها وتُرفَع بعد ذلك الى المدير المختص الذي يراجعها ومن ثم يرفعها الى مكتب الوزير الذي يحيلها بدوره الى البيت الأبيض إذا كانت من ضمن أولويات الرئاسة.

إنّ التطورات الحاصلة على الساحة اللبنانية في الظرف الراهن، بما فيها اقتراح الحياد للبنان وتدويل قضيته، لا تُعتبر من الأمور الملحّة التي ينبغي إحالتها الى البيت الأبيض في صورة عاجلة، بل إنّها ستأخذ الوقت اللازم للدرس في الدوائر المعنية، ولذلك من غير المتوقع أن نسمع في القريب العاجل أي موقف تجاهها من الرئيس بايدن.

ولكن ذلك لن يحول دون احتمال صدور بيان عام حول لبنان عن وزير الخارجية أو الناطق باسمه، ربما في وقت غير بعيد. إذ أنّ منظمات لبنانية ـ أميركية تقوم بمساعٍ حثيثة مع وزير الخارجية، طالبة منه دعم لبنان واتخاذ موقف مؤيّد للحياد، وذلك انطلاقاً من العلاقات الممتازة التي تتمتع بها بعض هذه المنظمات مع بلينكن بالذات.

إنّ فكرة حياد أو تحييد لبنان عن نزاعات المنطقة وفق طرح البطريرك الراعي، قد تلقى تأييداً على الساحة الأميركية، لاحتمال تفسيرها على أنّها مطالبة بتحييد لبنان عن القضية الفلسطينية، وهذا أمر يفيد إسرائيل رغم أنّه ليس وارداً في مبادرة غبطته. ولذلك، من الضروري أن يتمّ توضيح مضمون المبادرة وتفاصيلها، عبر اجتماع كما ورد سابقاً، يتمّ بنتيجته تبنّي مقترح يطالب بالحياد الفاعل للبنان وفق المفهوم الذي أوضحه مراراً الدكتور سالم، وبضمان دولي يرعاه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

إنّ مسألة عدم اتخاذ موقف محايد في النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، والاستمرار في دعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، هي مسألة أساسية بالنسبة الى لبنان، ليس فقط من الناحية المبدئية والأخلاقية، بل أيضا من منطلق الواقع، حيث يوجد في لبنان مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين ينبغي أن يعودوا الى أرضهم ووطنهم، ولبنان لا يستطيع ان يستوعبهم لأسباب اقتصادية واجتماعية وديمغرافية معروفة.

لذلك، إنّ اقتراح «الحياد الفاعل» للبنان، في حال تبنّته كافة مكونات الشعب اللبناني، من شأنه أن يشكّل مدخلاً الى حل كثير من المشكلات السياسية التي يعاني منها لبنان، والناجمة الى حدٍ ما عن الخلافات والنزاعات داخل العالم العربي وتأثيرها المباشر على الوضع الداخلي اللبناني.

السبت، 6 مارس 2021

المرجع الشيعي العراقي علي السيستاني يستقبل البابا فرنسيس


 استقبل المرجع الشيعي العراقي علي السيستاني، السبت، البابا فرنسيس، في النجف، بأول لقاء بينهما والذي استمر لمدة 45 دقيقة، وذلك ضمن زيارة هي الأولى من نوعها لبابا الفاتيكان إلى العراق.


وأفاد مكتب السيستاني، في بيان، بأنه خلال اللقاء مع بابا الفاتيكان "دار الحديث حول التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية في هذا العصر ودور الإيمان بالله وبرسالاته والالتزام بالقيم الأخلاقية السامية في التغلب عليها".


وأضاف البيان أن السيستاني "تحدث عما يعانيه الكثيرون في مختلف البلدان من الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الاساسية وغياب العدالة الاجتماعية، وخصوص ما يعاني منه العديد من شعوب منطقتنا من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي وعمليات تهجير وغيرها، ولا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة".


وأشار السيستاني إلى "الدور الذي ينبغي أن تقوم به الزعامات الدينية والروحية الكبيرة في الحد من هذه المآسي، وما هو المؤمل منها من حثّ الأطراف المعنيّة، ولا سيما في القوى العظمى، على تغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب، وعدم التوسع في رعاية مصالحهم الذاتية على حساب حقوق الشعوب في العيش بحرية وكرامة"


وأكد السيستاني على "أهمية تضافر الجهود لتثبيت قيم التآلف والتعايش السلمي والتضامن الانساني في كل المجتمعات، مبنياً على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين أتباع مختلف الاديان والاتجاهات الفكرية". وأشار السيستاني إلى "مكانة العراق وتاريخه المجيد وبمحامد شعبه الكريم بمختلف انتماءاته"، وأبدى أمله بأن "يتجاوز محنته الراهنة في وقت غير بعيد".


كما أكد السيستاني على "أهمية أن يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام وبكامل حقوقهم الدستورية"، وأشار إلى "جانب من الدور الذي قامت به المرجعية الدينية في حمايتهم وسائر الذين نالهم الظلم والأذى في حوادث السنين الماضية، ولا سيما في المدة التي استولى فيها الإرهابيون على مساحات شاسعة في عدة محافظات عراقية، ومارسوا فيها أعمالاً إجرامية يندى لها الجبين".


في الوقت نفسه، أفاد بيان صادر عن الفاتيكان بأن زيارة البابا فرنسيس للسيستاني استغرقت 45 دقيقة. وأكد بابا الفاتيكان خلال اللقاء على "أهمية التعاون والصداقة بين الطوائف الدينية حتى نتمكن، من خلال تنمية الاحترام المتبادل والحوار، من المساهمة في خير العراق والمنطقة للبشرية جمعاء".


وذكر بيان الفاتيكان أن اللقاء "كان فرصة للبابا لتقديم الشكر إلى آية الله العظمى السيستاني لأنه رفع صوته مع الطائفة الشيعية في مواجهة العنف والصعوبات الكبيرة في السنوات الأخيرة، دفاعا عن الأضعف والأكثر اضطهادا، مؤكدين قدسية الحياة البشرية وأهمية وحدة الشعب العراقي".

الأربعاء، 3 مارس 2021

للمرة الرابعة خلال أقل من عامين.. انتخابات جديدة للكنيست الاسرائيلي


كتب شاكر فريد حسن:  


مع دنو واقتراب موعد الانتخابات للكنيست، التي تجري للمرة الرابعة خلال أقل من عامين، تحتدم الصراعات بين الاحزاب، ويتزايد هجوم الأحزاب الصهيونية وتنافسها على النفوذ بين الجماهير العربية، وهو تجديد لنهج قديم شهد انحسارًا حثيثًا بعد يوم الأرض الخالد، بفعل تنامي الوعي السياسي والوطني، وفي أعقاب تشكيل القائمة المشتركة، التي منحتها جماهيرنا العربية الثقة التامة، ودعمتها بشكل واسع، وأوصلتها إلى 15 عضوًا في الانتخابات المنصرمة. 

ولكن هذا النفوذ والاختراق الصهيوني لمجتمعنا العربي، هذه المرة يجيء بنغمة جديدة، "حمائمية" و"سلامية"، ويتجلى ذلك بشكل ساطع بتغير التوجه والتحول في خطاب هذه الأحزاب، وخصوصًا لدى نتنياهو وتودده للناخبين العرب وارتدائه عباءة الحمل الوديع وكوفية "أبو يائير"، وهو الذي كان قد حذر قبل حوالي العام والنصف من تدافع وتزاحم العرب وتدفقهم لصناديق الاقتراع. يا سبحان مغير الأحوال..!! كل ذلك لاقتناص أصوات الناخبين العرب، والوصول إلى سدة الحكم مرة أخرى، ومنع دخوله للسجن وانهاء دوره السياسي. 


ومن يقرأ ويطلع على الخريطة الانتخابية للعرب الفلسطينيين في هذه البلاد، يقف حائرًا أمام هذا التفسخ والتشرذم والانقسام الحالي، وتفكك القائمة المشتركة. ومن الواضح تمامًا أن هذا التفكك والتفسخ الحاصل في مجتمعنا، وعودة حليمة لعادتها القديمة، لا يصب في صالح قضايا مجتمعنا اليومية والوطنية والمصيرية. 

لقد قدمت جماهيرنا العربية خلال السنوات الماضية، نماذج رائعة في العمل الوحدوي، وفي تغليب المشترك، وفي تحديد جوهر التناقض الأساسي الذي نعيشه مع المؤسسة الحاكمة، التي تمارس سياسة عنصرية وفاشية وقهرية ضدنا نحن أبناء هذا الوطن، الذي لا وطن لنا سواه، وفي احترام التعددية السياسية، ولكن كل محاولة لحرف البوصلة عن مسارها سيقودنا إلى الوراء عشرات السنين، ويؤدي إلى كارثة لا تحمد عقباها. 

المطلوب الآن وقبل فوات الاوان وقف التراشق الكلامي، وخطابات التكفير والتخوين، وعدم حرق الجسور، واعتماد نقاش سياسي وليس شخصي، والحفاظ على منافسة انتخابية ديمقراطية حضارية نظيفة شريفة ونزيهة، بعيدًا عن نهج الاقصاء، والاسراع في توقيع فائض الأصوات بين المشتركة والقائمة العربية الموحدة، والعمل على زيادة قوة وتأثير ووزن الصوت العربي، وذلك بالخروج للتصويت للقوائم العربية، ولفظ الأحزاب الصهيونية وتكنيسها من الشارع العربي إلى أبد الآبدين.