تقرير محمود شباط ـ
الكثيرون من اليساريين والقوميين وبعض الشرائح الليبيرالية ما زالوا ملتصقين بدبق وهم العلاقة والتشابه بين روسيا الحالية والإتحاد السوفياتي، ولا يعلمون بأنهم يتكلمون عن نظامين يتمايزان داخلياً وخارجياً، في الاقتصاد والسياسة، وفي العلاقة مع الدول الأخرى، وعلى الأخص تعقيدات العلاقة مع إسرائيل على سبيل المثال لا الحصر.
بتأثير من الهوى الشخصي للكثيرين، والحكم المسبق غير القابل "للعزل" ، والكره الطفولي للسياسة الأميركية والغربية بشكل عام، ما زال الكثيرون يخلطون بين التمني والواقع، يدافعون عن الرئيس الروسي بوتين بالحدة نفسها التي كانوا يدافعون فيها عن بريجينيف وغروميكو وأندروبوف، ولا يدرون بأنه منذ ذهاب الأخيرين ومجيء بوتين قد تحول الكثير من مجاري المياه تحت أرض روسيا.
بحرص وعناية مميزين، وبدهاء أمني ممزوج بتطلعات شخصية سلطوية، أقدم بوتين حين كان يمسك بزمام المخابرات بين عامي 1998 وعام 2000، على التسلل بأولى خطواته على سلم السلطة والنفوذ والمال والهيمنة الشمولية، إذ شرع بإرساء مداميك بناء منصبه الحالي كرئيس للإتحاد الروسي عبر التركيز على ثلاثة أمور قوامها الرئيسي يتمثل بـ :
دائرة الإمساك بمفاصل الدولة (من الناحية الأمنية – المخابراتية، والسياسية)
- الشركات التي تملكها الدولة ( من الناحية الإقتصادية والخدماتية).
وشبك مصالح حيتان الشركات الخاصة المملوكة للمقربين من بوتين بمصالحه الخاصة.
بعد أن تبوأ الرئيس فلاديمير بوتين منصب الرئاسة عام 2000 ، عمد إلى السيطرة على التلفزيون وهيمن عبر رجاله على القضاء، ما أمَّن له أكثرية مريحة في انتخابات عام 2003 في المجلسين الأعلى والتشريعي، وبعدهما في مجلس الأمن (الروسي) عبر تثبيت ثلاثة من محسوبيه من كبار الجنرالات وهم : سيرجي إيفانوف ونيكولاي بتروشيف و ألكسندر بورتنيكوف.
بما يختص بالشركات المملوكة للدولة ، هيمن بوتين عليها مبتدئاً بعملاق الطاقة غازبروم عبر تعيين ثلاثة من أتباعه وهم إيغور سيشين وألكسي ميلر وسيرجي شيميزنوف كمدراء تنفيذيين ، أعقبها بإحكام قبضته على القطاع العام أثناء فترة رئاسته الثانية عام 2007 بإنشاء شركات عملاقة بتمويل شكلي رخيص مدعوم من الحكومة، أي من أموال الشعب.
بما يتعلق بالشركات الخاصة التي يمتلكها أصدقاء بوتين الأربعة المقربين : جينادي تيمشينكو، أركادي روتنبرغ، يوري كوفالشوك، و نيكولاي شامالوف فقد أمن بوتين لهم حماية قانونية لنشاطاتهم المشبوهة حيث يحق لهم شراء أصول من شركات حكومية بأسعار تقديرية وتلبية المشتريات الحكومية دون منافسة.
وضع بوتين المريح جداً أشبه بوضع القيصر. إذ أعاد عقارب زمن الديمقراطيات إلى ما قبل عصر فصل السلطات، وركز بين يديه السلطات الثلاث : التشريعية، والتنفيذية والقضائية، ما أمن له سلطة مطلقة لحماية النشاطات غير الشرعية لأتباعه كغسيل الأموال وما شابه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق