بقلم :- راسم عبيدات
ما حدث في المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس عباس مع المستشار الألماني شولتز في 16/8/2022،والذي أجاب فيه عن سؤال لأحد الصحفيين عن عملية ميونخ التي نفذتها مجموعة فلسطينية "أيلول الأسود" في صيف عام 1972،وقتل فيها 11 رياضياً اسرائيلياً،تتحمل حكومة المانيا ودولة الكيان المسؤولية عنها،هل تعتذر السلطة الفلسطينية عن تلك العملية،وليأت الرد من قبل الرئيس عباس،بأن هناك 50 جريمة جماعية ارتكبت بحق شعبنا الفلسطيني،عدا الجرائم الفردية المتواصلة والتي لا تتوقف،وليس اخرها جريمة اعدام الشاب محمد شحام من كفر عقب من نقطة الصفر وداخل بيته .... ولم ينه الرئيس عباس مؤتمره الصحفي،حتى تكالبت عليه قيادات دولة الكيان،بالإضافة الى الدول الغربية الإستعمارية،بما فيها المستشار الألماني نفسه شولتز،الذي رفض تصنيف دولة الكيان،التي باتت تختنق بعنصريتها بانها دولة " ابارتهايد" فصل عنصري..بالإضافة الى الولايات المتحدة الأمريكية.
حملة شرسة شنت على الرئيس عباس، من تحريض وتقريع وتشهير وشتم وتحقير، من القول بأن ما قاله كذب وكلام مقزز وعمل لا أخلاقي والتاريخ لن يغفر له ،وليصل القول بوزير مالية دولة الكيان ليبرمان للقول،بأنه لولا التنسيق الأمني، لتمت تصفية الرئيس عباس على حد قوله على ايدي التظيمات الفلسطينية، في حين غانتس وزير جيش الاحتلال الذي كان يدافع عن لقاءاته بالرئيس عباس،والذي تعرض لحملة انتقادات قاسية من العديد من أعضاء حكومة دولة الكيان،قال بأن التنسيق الأمني نجح في إنقاذ أرواح العديد من جنود ومستوطني دولة الكيان.
الرئيس عباس الذي أصدر تصريحاً يوضح موقفه من قضية المحرقة " الهولوكست" بأنه وشعبنا لا ينكرون المحرقة بحق اليهود ويعتبرونها جريمة بشعة في التاريخ الحديث،ولكن بالمقابل هناك جرائم نفذها وينفذها بحق شعبنا الاحتلال ا ل ص ه ي ون ي ،ولعل تقرير غولدستون بعد الحرب العدوانية التي شنت على قطاع غزة في عام 2008 -2009، أشار بوضوح الى ارتكاب جيش الاحتلال لجرائم حرب في عدوانه على قطاع غزة،وكذلك في معركة "سيف القدس" في أيار /2021، قتلت دولة الكيان 69 طفلاً فلسطينياً،نشرت صورهم في كبرى الصحف العالمية،حتى في صحيفة "هارتس" الإسرائيلية،وكذلك في الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة في آب/2022 ،قتلت إسرائيل 16 طفلاً فلسطينياً،ومن ثم واصلت جرائمها بحق شعبنا الفلسطيني، بقتل ثلاثة من ا ل م ق ا و م ي ن الفلسطينيين في البلدة القديمة من نابلس وفتى رابع في الخليل،ولتبلغ الأمور ذروتها بعد عملية باب المغاربة، بإعدام الشاب محمد شحام داخل بيته من نقطة الصفر ...واليوم الخميس 18/8/2022،قتلت قوة إسرائيلية الشاب وسيم خليفة من نابلس، ناهيك عن عشرات الجرائم الفردية والجماعية من دير ياسين وكفر قاسم والطنطورة والسموع والدوايمة الى جرائم اعدام الصحفيتين شيرين أبو عاقلة وغفران وراسنة والشاب عبد الفتاح الشريف والفتى ذوي الإحتياجات الخاصة اياد الحلاق..الخ.
الرئيس عباس مس ب" البقرة المقدسة" التي لا يجوز التعرض لها لا بالفعل ولا بالقول ولا بالشجب ولا بالإستنكار،فيما ترتكبه من جرائم بحق شعبنا الفلسطيني وما تمارسه من إرهاب دولة. ألم تقل مندوبة أمريكا السابقة المتطرفة نيك هايلي بأن عهد تقريع وإدانة دولة الكيان في الأمم المتحدة قد ولى لغير رجعة،ألم يصف رئيس اركان جيش الكيان الأسبق رفائيل ايتان، شعبنا الفلسطيني ب"الصراصير المدوخة في القنينة"،ألم تقل غولدا مائير رئيسة وزراء الكيان الأسبق بأن "شعبنا الفلسطيني حيوانات بشرية ،تدب على أربعة" .
أليست هذه الأقوال قمة العنصرية والتطرف ..نحن ندرك بان قيم الإنسانية ومبادىء العدالة والديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها واحترام قرارات الشرعية الدولية وقوانينها واتفاقياتها وقراراتها،سقطت من بوابة أوكرانيا،سبعة أيام بعد العملية العسكرية الروسية الإضطرارية في أوكرانيا، هبت أمريكا ومعها دول الغرب الإستعماري للقول، بأن ما تقوم به روسيا انتهاك لسيادة أوكرانيا وتعدي على حقوق الإنسان والديمقراطية وإرتكاب جرائم حرب،وخرق للشرعية الدولية ...في حين أربعة وسبعين عاماً من إحتلال لأرض الشعب الفلسطيني وطرد وتهجير اكثر من نصفه،وممارسة كل اشكال التطهير العرقي والفصل العنصري بحقه، ليست جرائم حرب وانتهاك وتعدي وخرق للشرعية الدولية وقراراتها..؟؟ إنها الإنتقائية والإزدواجية المقيتة في تطبيق قوانين وقرارات الشرعية الدولية،وبما يخدم مصالح القوى الإستعمارية وأهدافها.
الأقوال التي صدرت عن الرئيس عباس،هي تعبير عن موقف الكل الفلسطيني، والذي يجب ان تتبناه وتقف الى جانبه فيه كل المكونات والمركبات السياسية والمؤسساتية والشعبية الفلسطينية، وهذا الموقف الذي يبني عليه،وبعد حالة الإنكشاف لكل قادة دولة الكيان،الذين شنوا حملة شرسة على الرئيس عباس،وبما يؤشر الى أن قادة دولة الكيان،ما يريدونه،هو فقط الإستمرار في إدارة الصراع،وتحسين شروط إحتلالهم لشعبنا، "الاقتصاد مقابل الأمن" وما يعرف ب" تقليص الصراع" دون منحه أية حقوق وطنية وسياسية،تنهي الاحتلال، وتمكنه من إقامة دولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران/1967 وعاصمتها القدس،مع ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفق الشرعية الدولية،ويتفق مع قادة دولة الكيان أمريكا ودول الغرب الإستعماري وخاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا في هذه الرؤيا وتلك المواقف،رغم التصريحات الممجوجة والمستهلكة عن ما يعرف بحل الدولتين، الذي لم يترك لها الإستيطان المتواصل والمتزايد أي فرصة للتطبيق على الأرض.
ومن هنا فإن ما جري في برلين والهجمة التحريضية الشرسة التي تعرض لها الرئيس أبو مازن على خلفية عدم اعتذاره عن عملية ميونخ،والحديث عن جرائم دولة الكيان بحق شعبنا،يجب ان تكون نقطة تحول نحو نقل قرارات المجلس المركزي والقرارات السابقة للمجلس الوطني واللجنة التنفيذية من على ظهر الطاولة الى التطبيق العملي لها، بإعلان الخروج من مجرى أوسلو والتحلل من كافة التزاماته الأمنية والسياسية والإقتصادية ( وقف التنسيق الأمني وسحب الإعتراف المتبادل ووقف العمل بإتفاقية باريس الاقتصادية)،والشروع في إجراء انتخابات شاملة تشريعية ورئاسية وللمجلس الوطني،وبما يوحد الأداة النضالية الكفاحية والشراكة الحقيقة في القيادة والقرار وعبر استراتيجية ورؤيا موحدتين تستندان الى برنامج سياسي متوافق عليه ومشروع وطني يجري تحديد ملامحه وعناوينه بشكل واضح ودقيق يقوم على الصمود و ا ل م ق ا و م ة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق