كتب راسم عبيدات ـ
الخطوة الإسترالية بعدم الإعتراف بالقدس الغربية عاصمة لدولة الكيان، وكذلك عدم نقل سفارتها من تل ابيب الى القدس وربط ذلك بحل سياسي يقوم على أساس حل الدولتين،هي خطوة في الإتجاه الصحيح، ولكن علينا ان نعي تماماً بان هذه الخطوة،هي لم تأت لا من حكومة بريطانيا المتطرفة،أو الحكومة الإسترالية التي علاقاتها عميقة وتاريخية مع دولة الكيان، وأحد الداعمين لسياسات هذه الدولة العنصرية ضد شعبنا الفلسطيني،في إطار صحوة ضمير او تغير في المواقف او السياسات لتلك الدولتين، فبريطانيا المسؤولة عن كل نكبات شعبنا،رفضت الإعتذار عن وعد بلفور المشؤوم،وتحمل المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية عن مأساة ونكبة شعبنا،بل احتفلت بمئوية الوعد المشؤوم ...وكذلك هي استراليا داعم اساسي لدولة الكيان وانتهاكاتها بحق ابناء شعبنا....ولذلك هذه الخطوة والتي سبقتها خطوة بريطانية مماثلة،أملتها التطورات والمتغيرات الدولية والإقليمية والميدانية الفلسطينية وليس الرسمية الفلسطينية ...فالمشروع الأمريكي بقطبيته الآحادية وهيمنته وسيطرته على العالم في حالة إنكفاء وتراجع ...وقطبية عالمية متعددة في طريقها للبزوغ والترسخ لترسي عالماً أكثر عدلاً وانصافاً من عالم أمريكا القائم على الحروب العدوانية ونهب خيرات الشعوب وثرواتها وشن الحروب العدوانية عليها ....
وكذلك لا ننسى انكشاف السياسة الأمريكية والأوروبية الغربية العدوانية في قضية الحرب التي تجري بينها وبين روسيا على الأراضي الأوكرانية،حيث هبت تلك الدول لكي تنتصر لما يسمى بالشرعية الدولية خلال خمسة ايام،وتفرض عقوبات اقتصادية وتجارية ودبلوماسية على روسيا،تحت ذرائع انتهاك سيادة اوكرانيا وارتكاب جرائم حرب وتعدي على الشرعية الدولية،وحقوق الإنسان،تلك الشرعية التي طوال 74 من احتلال أرضنا الفلسطينية وصدور اكثر من 937 قراراً عن تلك المؤسسات لصالح شعبنا الفلسطيني،لم يترجم قرار واحد منها الى فعل،بفرض عقوبات على دولة الكيان،لخرقها السافر للقانون والإتفاقيات الدولية،بل كانت تحظى بالدعم والإسناد والحماية في تلك المؤسسات ،ضد اي قرار قد يتخذ بحقها او عقوبات تفرض عليها،وتلك المؤسسات لم تنجح في " زحزحة" طوية في مستوطنة ولم تمنع هدم بيت فلسطيني واحد ...
القرار الأسترالي في هذه المرحلة بالذات وجه صفعة لحكومة لبيد- غانتس وهي على ابواب انتخابات تبكيرية خامسة لدولة الكيان في الأول من الشهر القادم،كانت تأمل بأن يكون نقل استراليا لسفارتها من تل ابيب الى القدس داعماً لها ورافعاً من رصيدها الإنتخابي،كحكومة قادرة على كسب وجلب المزيد من الدول لصالح الإعتراف بسيادتها على القدس وبانها عاصمتها الأبدية،...وكذلك هذه الخطوة جاءت لتوجه صفعة لما عرف ب"صفقة القرن" الأمريكية،والتي كان واحد من اهدافها شطب وتصفية القضية الفلسطينية،والإدارة الأمريكية السابقة بقيادة الجمهوري المتطرف ترمب،هي اول دولة أقدمت على نقل سفارتها من تل ابيب الى القدس ،يوم نكبة شعبنا 14/5/2018 ،في تحد سافر وقح للقانون الدولي والخروج السافر على الشرعية الدولية ومقرراتها.....فأمريكا ارادت ان تغيب القانون الدولي وتغير الوضع القانوني لمدينة القدس والجولان خدمة لدولة الكيان ....والخطوة الأسترالية ومن قبلها البريطانية بعدم نقل سفاراتها من تل ابيب الى القدس ...
أملتها بشكل اساسي التطورات الميدانية الحاصلة على الأرض الفلسطينية،حيث انغلاق الأفق السياسي وتراجع الثقة بالسلطة ومشروعها التفاوضي من قبل شعبنا الفلسطيني وفصائله،وتنامي القمع بحق شعبنا الفلسطيني من قبل دولة الكيان،عبر عمليات اغتيال وتصفيات واعتقالات واقتحامات لا تتوقف ،من خلال حروب انهاكية مستمرة...وزيادة غير مسبوقة في وتائر الإستيطان واعتداءات زعران المستوطنين ...الى تنامي ا ل م ق ا و م ة الفلسطينية وانحياز جماهير شعبنا لهذا الخيار،ولم تنجح دولة الكيان لا في استعادة قوة الردع او وقف تدحرج "بقعة الزيت" من جنين الى نابلس، حيث تبلورت مجموعات م ق ا و م ة عابرة للأحزاب والفصائل... يقودها شبان ما بعد بعد اوسلو اكثر جرأة وصلابة وإرادة في م ق ا و م ة المحتل.. ك ت ي ب ة جنين في جنين ومخيمها و" ع ر ي ن ا لأ س و د" في نابلس،هذه المجموعات بأت مقلقة لدولة الكيان،وقيادات الكيان العسكرية والأمنية والسياسية،باتت تتحدث عن خطر وجودي على دولة الكيان،وان تصاعد اعمال ا ل م ق ا و م ة من شأنه ان يضعف السلطة الفلسطينية الى حد كبير،بحيث تملأ الفراغ الناتج عن تراجع دورها وادائها وسيطرتها، تلك القوى التي تتبنى مشروع مغاير لمشروع اوسلو الكارثي....
ولذلك لا بد من خطوات تعيد للسلطة دورها وتمنع من سيطرة قوى ا ل م ق ا و م ة على القرار الفلسطيني،فهذا توجه خطير، ستبنى عليه سياسات ومواقف ومشاريع جديدة ..ولذلك كانت تلك المواقف لهذه الدول، حتى لا يكون البديل للسلطة الفلسطينية تلك المجموعات الممسكة بنهج وخيار وثقافة مغايرة لنهج وخيار وثقافة جماعة اوسلو.
نحن نرى بأن هذه الخطوة الأسترالية ،خطوة في الإتجاه الصحيح، يجب أن تستتبعها خطوات من دول أخرى ،وخاصة دولة " كوسوفو" المسلمة على الطريقة الأمريكية ...ولو كان هناك اداء فلسطيني رسمي سياسي ودبلوماسي وحقوقي مؤثر وفاعل لتحققت نتائج أفضل...وحتى اللحظة لم يفت الوقت،ولكن نحن بحاجة الى إرادة سياسية ،بحاجة الى وحدة موقف فلسطيني، بحاجة الى رؤية واستراتيجية فلسطينيتين موحدتين،بحاجة لقيادات على مستوى الحدث والمسؤولية...قيادات تمتلك إرادتها ومستعدة لدفع ثمن الوحدة الوطنية وإنهاء الإنقسام،قيادات تتجرأ على فتح القرار والخيار الفلسطيني على أرحب فضاء عربي واسلامي،وليس قيادت اسيرة مواقف "خشبية" ونمطية مملة ومقيتة،عندها ستراجع الكثير من دول العالم مواقفها من دولة الكيان وسياساتها القمعية والتنكيلية بحق شعبنا الفلسطيني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق