بقلم :- راسم عبيدات
واضح بان صداع هذه الحكومة التي قامت على أساسها الائتلافات والإتفاقيات بين نتنياهو والقوى الدينية والصهيونية الدينية (شاس ،ديغل هتوراة،القوة اليهودية والصهيونية الدينية)،والتي قدم من خلالها تنازلات كبيرة لتلك القوى ،داخلية وخارجية،حيث ادار تلك الحوارات والإتفاقيات مع تلك القوى من منطلق ذاتي متعلق بالملفات الجنائية المنظورة ضده أمام قضاء دولة الكيان،رشوة وسوء ائتمان وخيانة امانه،وكان هاجسه الأساس أن ينجح تشكيل الإئتلاف،وولادة الحكومة بما يمكنه من الغاء التهم المنظورة ضده،من خلال السيطرة على جهاز القضاء،عبر اجراء تغييرات جذرية في عملية تعيين القضاة والغاء منصب المستشار القضائي للحكومة،وتعيين انصاره في وزارة ولجان القضاء،ولذلك عين صديقه المقرب منه ياريف ليفين وزيرا للقضاء،وطلب منه الشروع في إجراء تغييرات جذرية في القضاء،وبما يسمح بتقليص دور محكمة " العدل" العليا،عبر تغيير قانون أساس القضاء،بما يمنع محكمة العدل العليا من الغاء قرارات او قوانين تسنها الكنيست،حتى لو كانت غير دستورية ومتعارضة مع قانون أساس الحكومة،وعلى هذا الأساس جرى إقرار قانون درعي،ومن ثم تعينه وزيراً في الحكومة،وزير للداخلية والصحة والتناوب على وزارة المالية مع سموتريتش،ولكن اعتبرت القاضية غالي بهاراف،بان تعيين درعي المدان امام محكمة الصلح بتهم فساد،والتي على اساسها اضطر لعقد صفقة مع المحكمة يتنازل فيها عن منصبه كوزير ودفع غرامة مالية قدرها 180 ألف شيكل واعتزال الحياة السياسية،مقابل عدم الصاق تهمة العار فيه والحكم عليه بوقف التنفيذ ،ورفعت عدة احزاب من المعارضة، قضية للمحكمة العليا تطالب بإقالة درعي لأن ذلك مس بالقانون والديمقراطية وإنحراف كبير عن حدود المعقولية ،وجاء القرار عبر عشرة قضاة بضرورة إقالة درعي وبان تعينه غير قانوني وتجاوز لحدود المعقولية ،وان عدم اقدام نتنياهو على إقالته يعني تحقير نتنياهو لمحكمة العدل العليا،وقال رئيس ائتلاف المعارضة لبيد،اذا لم يحترم نتنياهو القانون،فهذه دولة غير قانونية ولا يحق لها دعوة المواطنين لإحترام القانون،وكذلك عدم احترام قرار محكمة العدل العليا،سيدخله في أزمة مع امريكا.
الخيارات أمام نتنياهو صعبة ،وستواجه حكومته ازمات قانونية وسياسية،فإقالة درعي من الحكومة دون حل لقضيته،تعني إنفراط عقد الحكومة،فحركة "شاس" لن تقبل بأن يتم اقصاءها من الحكومة،وخروج "ساش" من الإئتلاف الحاكم،يعني سقوط الحكومة،وعدم تنفيذ نتنياهو لقرار محكمة العدل العليا،يعني دعوة صريحة لعدم إحترام القانون،وتحقير لمحكمة العدل العليا،وكما تقول المعارضة مس بأسس الديمقراطية، وحتى تعيين درعي في منصب رئيس وزراء بديل،مشكلة،فالمنصب يجب ان يكون من نصيب نفس حزب رئيس الوزراء ...وخوض هذا المسار يعني مسار قانوني طويل،وقد لا ينجح وتسقطه محكمة العدل العليا ثانية.
في "ساش" يقولون بأن القرار مسيس ،وانه لا يحق للمحكمة ان تلغي بقرارها أو تضع في الزبالة 400 ألف ناخب صوتوا لصالح درعي،تحت ذريعة ما يعرف ب"تجاوز حدود المعقولية،وابنه يانكي احد المرشحين لتولي حقيبة الداخلية بدل والده، قال بشكل واضح بأنه لن يجلس على كرسي والده غريب،ووالده قال بانهم لن ينجحوا في إقصاءنا،فإذا اغلقوا علينا الباب ،فسندخل من النافذة،واذا اغلقوا النافذة ،سندخل ونقتحم من السقف.
نتنياهو لا يستطيع حل المشكلة بدون إقالة درعي،فهو لا يستطيع تولي حقيبتي الداخلية والصحة للقيود القانونية المفروضة عليه،بالإشارة الى التهم الجنائية الثلاثة المنظورة ضده أمام القضاء لدولة الكيان،وإقالة درعي ستثير مشكلة بين الليكود و"ساش"،ف"ساش" تقول أن المسؤولية عن بقاء درعي في الحكومة تقع على الليكود. وقال درعي في محادثات مغلقة في الأيام الأخيرة إن المسؤولية تقع على نتنياهو وأن عليه حل هذه المشكلة. وحتة لو أخذ نتنياهو برأي موقف الأقلية في قرار المحكمة العليا، للقاضي يوسف ألرون، بالإبقاء على تعيين درعي لكن عليه التوجه إلى رئيس لجنة الانتخابات من أجل أن يقرر إذا ما كان الحكم على درعي بالسجن مع وقف التنفيذ ينطوي على وصمة عار أم لا، قد يعقد الوضع أكثر، وإذا تقرر أن ذلك ينطوي على وصمة عار فإن درعي لن يتمكن أن يبقى عضو كنيست. المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، إنه بعد إبعاد درعي عن طاولة الحكومة، لن يكون بإمكان أي "بهلوانية" تشريعية، ومهما كانت مبتكرة، من إعادته إليها ، وفقا لقانون أساس الكنيست.
للخروج من هذا المأزق ،اعتقد بان رد الإئتلاف الحاكم على قرار محكمة العدل العليا بشان درعي سيُحدد من خلال الجدول الزمني للجنة القانون والدستور في الكنيست، والمصادقة على تعديل قانون أساس القضاء، الذي سيلغي ذريعة عدم المعقولية، كي لا تتدخل المحكمة في قرارات الحكومة والتعيينات. ويبدو أن قرار المحكمة العليا جلب الأزمة الدستورية إلى ذروة جديدة، وهي إلغاء ذريعة عدم المعقولية". وإلغاؤها هو أحد البنود المركزية في خطة إضعاف جهاز القضاء التي يقودها وزير القضاء، ياريف ليفين. اللجنة البرلمانية ستبدأ يوم الأحد المقبل بمناقشة تعديل قانون أساس: القضاء، الذي يرمي إلى منع المحكمة العليا من إلغاء قرارات حكومية لأنها تنطوي على عدم معقولية، وأن يكون بإمكان المحكمة إلغاء قوانين أو بنود فيها فقط من خلال تأييد جميع أعضاء الهيئة القضائية، وأنه ليس بالإمكان إلغاء قانون أساس تم سنّه بأغلبية 61 عضو كنيست لدى التصويت عليه بالقراءات الثلاث. ويصف الائتلاف هذا التعديل بأنه "تعزيز الفصل بين السلطات.
في النهاية اعتقد بأن نتنياهو سيعمد إلى إقالة درعي من منصبه، لأنه إذا لم يفعل ذلك فإنه سيتهم بتحقير المحكمة العليا، الأمر الذي سيعرضه لتنديد عالمي، خاصة من جانب الإدارة الأميركية. وسيكون لأداء نتنياهو في قضية درعي تبعات على زيارته للبيت الأبيض، الشهر المقبل أو الذي يليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق