بقلم :- راسم عبيدات ـ
حكومة نتنياهو لا يكفيها الأزمات التي تحيط بها منذ ولادتها وتشكيلها،والتي تعمقت مع دخول المؤسستين العسكرية والأمنية على خط الأزمة، في اوسع احتجاجات شعبية وتمرد ورفض اوامر لم تعرفها دولة الكيان منذ عام 1973،احتجاجا على سياسة نتنياهو وخطة وزير قضائه ياريف ليفين للسيطرة على منظومة القضاء والأمن والتعليم،واضعاف سلطة ما يعرف بمحكمة العدل العليا الإسرائيلية،بما يمكن نتنياهو عبر ذلك من اعادة تشكيل تركيبة تلك المحكمة بما يعزز من سيطرة الحكومة والكنيست عليها،ويحول أعضائها الى موظفين عموميين،ويصادر دورها في تعطيل قوانين اساسية حتى لو كانت مخالفة للدستور،وعدم التدخل في تعيين وزراء يوافق عليهم رئيس الوزراء والكنيست بأغلبية بسيطة عادية.
والهدف من ذلك تمكين نتنياهو من اسقاط التهم المنظورة ضده امام القضاء الإسرائيلي من رشوة وسوء ائتمان وخيانة الأمانة،وهي التي تهدد مستقبليه السياسي والشخصي،وكذلك هو يريد اعادة شريكه في الفساد زعيم حركة شاس درعي الى الحكومة كوزير،بعد ان اجبرت ما يعرف بالمحكمة العليا نتنياهو والمستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف ميارا على اقالته كوزير للمالية والداخلية على خلفية الحكم عليه بعدم النفاذ" وقف التنفيذ" بسبب الفساد والتهرب الضريبي،شريطة استقالته من منصبه.
أزمة دولة الكيان الداخلية المتفاقمة سياسياً ومجتمعياً،والتي تتجاوز البعد السياسي الدستوري الى أزمة بنيوية متعلقة بتركيبة دولة الكيان والإختلافات الطبقية والقومية العميقة لمستوطنيه،بات تهدد بقاء واستقرار حكومة اليمين المتطرف والفاشية اليهودية،وتنذر بإنفجار الأوضاع الداخلية،وفي ظل كل هذا الأزمات الداخلية التي يعيشها نتنياهو وتعيشها حكومته،كان يعتقد بأن مد جسور التطبيع مع الدول العربية والإسلامية،وبالذات اختراق جدران المملكة السعودية،كأهم دولة في الخليج لها وزن سياسي واقتصادي عربي واقليمي ودولي،رغم ان العلاقات التطبيعية بين السعودية ودولة الكيان في جوانبها السرية وبعض الجوانب العلنية قائمة ،والتي كان آخرها السماح لطيران دولة الكيان المدني بالتحليق في اجوائها للعبور الى دول امريكا اللاتينية والشرق الأقصى...ولكن احلام نتنياهو تبددت وسقطت على جدران السعودية،حيث كانت الصفعة الرئيسية بتوقيع الإتفاق بين طهران والرياض بشراكة صينية في بكين من 6 -10 /آذار الحالي،بعد لقاءات عقدت في بغداد ومسقط وبكين، تعيد العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات ين البلدين،حيث كان الرهان أن تبقى السعودية مصطفة الى جانب دولة الكيان في العداء لطهران،وشريكة لها في أي عدوان قد تنفذه بشكل منفرد أو بالشراكة مع امريكا وقوى الغرب الإستعماري على منشأت طهران النووية،هذه الصفعة والتي قد تشكل نقلة نوعية في العلاقات الدولية،وضربة صينية تحت الحزام لأمريكا ودولة الكيان،م يستفق نتنياهو منها حتى جاءت الصفعة الثانية من دولة الإمارات التي رعت حلف "ابرهام" التطبيعي ودشنته مع دولة الكيان، بشكل علني في أيلول /2021بإقامة العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفارات بين البلدين والتعاون في الكثير من المجالات الاقتصادية والزراعية والصناعية والتكنولوجيا والذكاء الصناعي والجوانب الأمنية والعسكرية والتسلح وغيرها،حيث في إطار الإحتجاج الإماراتي على عدم قدرة نتنياهو بالسيطرة على أعضاء حكومته من الفاشية اليهودية بن غفير وسموتريتش،وتصريحاتهم المغرقة في العنصرية والتطرف،بالإشادة بحرق المستوطنين لبلدة حوارة – نابلس ،والإبتهاج لرؤيتها ممحيه عن الوجود.
الإمارات أوقفت حسب الصحف العبرية شراء تكنولوجيا دفاعية،والتي كان نتنياهو يطمح لولوجها من باب الاقتصاد والإستثمار،ولم تقف الأمور عند هذا الحد فالإمارات " عراب" التطبيع مع دولة الكيان،رفضت استقبال نتنياهو في عاصمتها أكثر من مرة على خلفية المجازر التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني،ومن بعد صفعة توقيع اتفاق عودة العلاقات بين طهران والرياض وإعادة فتح السفارات بين البلدين،جاء الموقف السعودي برفض منح تأشيرة دخول الى وزير الخارجية لدولة الكيان ايلي كوهين ووفد إسرائيلي من بلدة كفر كنا الشركسية، بعدما تم اختيارها كقرية "نموذجية" سياحيا، لحضور فعالية بإشراف الأمم المتحدة في بلدة "العلا" بالعربية السعودية.
هذه الصفعات " الناعمة" لحكومة نتنياهو ،من قبل السعودية والإمارات،صحيح أنها لا ترتقي الى حجم المجازر التي يرتكبها الكيان بحق شعبنا،حيث المطلوب اغلاق ملف ومسار التطبيع بشكل كامل،والذي كان يراهن عليه نتنياهو بتجريد العامل الفلسطينية من حاضنته العربية،وكم كان يتفاخر نتنياهو بانه يمكن التطبيع مع العرب،دون حل للقضية الفلسطينية،وبدون تقديم أي تنازلات في قضايا الأرض والإستيطان ووقف الإرهاب والمجاز بحق البشر والحجر الفلسطيني والسعي لتكريس وقائع جديدة في الأقصى تكرس التقسيمين الزماني والمكاني وإقامة قدسية وحياة يهودية فيه،تصبح فيه دولة الكيان شريكة في المكان،بحيث يتم نزع الهوية والطابع العربي الإسلامي عنه،وإنشاء حق مزعوم لليهود بالشراكة فيه كمان مقدس لهم،ما يسمونه بالهيكل الثالث المزعوم.
هي خطوات تحفيزية عربية بالذات من منطقة الخليج،التي كانت دولة الكيان،تسعى للوصول اليها،تلجها اقتصادياً واستثمرياً،وتعزز من حضورها ووجودها الأمني والعسكري فيها،في إطار تعاون استراتيجي يمكنها من مراقبة ما يجري في طهران،وان يكون الخليج شريك لها في العدوان على طهران في أي ضربة عسكرية قادمة.
المواقف الخليجية وبالذات السعودية والإماراتية يبنى عليها، في محاصرة دولة الكيان،ومنع تمددها عربياً،ولكن هذا يحتاج الى قيادة فلسطينية، قادرة على ان تستثمر وتدعم مثل هذه الخطوات، قيادة تغادر خانة الهبوط والإرتجاف السياسي،والخوف على مصالحها وامتيازاتها وسلطتها،وتغليب تلك المصالح على المصالح العليا للشعب الفلسطيين، وقف مسار التطبيع العربي- الإسرائيلي ، يتطلب ان لا تكون السلطة وأجهزتها جسر هذا التطبيع،ولذلك يجب الشروع في حل ما يعرف بلجنة الحوار والتواصل مع المجتمع الإسرائيلي،والتي هي ليست أكثر من مشروع استثماري لعدة اشخاص، يهدرون ملايين الدولارات لخدمة مشاريع خاصة، لا تعود على شعبنا الفلسطيني بخير وفائدة، سوى استثمارها من قبل بعض العربان الرسميين،لكي يبرروا تطبيعهم مع دولة الكيان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق