بقلم :- راسم عبيدات
مع الإقتراب لموعد الإنتخابات لبلدية "القدس" في 31/ تشرين أول من هذا العام تجدد الجدل والنقاش والتجاذبات حول المشاركة من عدمها من قبل سكان مدينة القدس العرب والفلسطينيين،من حملة الهوية الإسرائيلية " الزرقاء،او ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية من سكان القدس وعرب الداخل الفلسطيني- 48 - ويسكنون مدينة القدس ...ورغم ان المشاركة المقدسية في تلك الإنتخابات ترشيحاً وانتخاباُ لم تتجاوز في أحسن حالاتها على مدار 56 عاماً من إحتلال المدينة 2%، التزاماً بالموقف الوطني والديني والشعبي الفلسطيني، الذي يجرم ويدعو ويطالب سكان المدينة بعدم المشاركة في تلك الإنتخابات ،من منطلقات مبدئية وطنية سياسية،لكون تلك المشاركة من شأنها شرعنة إحتلال الكيان لتلك المدينة،واعترافاً بسيادته عليها ،وتسويقاً وتماهياً مع الموقف الأمريكي الذي أقدم على نقل سفارة بلاده في أيار /2017 من تل ابيب الى مدينة القدس،وبما يعني الإعتراف بضم المدينة لدولة الكيان،وتجاوزاً لكل الأعراف والقوانين والإتفاقيات والقرارات للشرعية الدولية ،التي تعتبر مدينة القدس مدينة دولة،وبأن كل الإجراءات وما يقوم به الكيان فيها من استيطان وتهويد وأسرلة،وسن للقوانين والتشريعات باطل ولا قيمة له.
وكذلك لا بد من القول بأن بلدية الكيان في القدس،هي احد اهم أذرع دولة الكيان في تنفيذ سياسات وإجراءات وقرارات ومشاريع عنصرية تطهيرية،تهدف الى إقتلاع سكان المدينة من أرضهم وطردهم وتهجيرهم وممارسة كل اشكال التطهير العرقي بحقهم،ناهيك عن هدم منازلهم وأسرلة تعليمهم،ونفي وجودهم وهويتهم.
الموقف التقليدي الفلسطيني الوطني والديني والشعبي ثابت على ما هو عليه،ولم يطرأ عليه أي تبديل أو تغيير، رغم ان البعض ممن يسعى لخوض انتخابات بلدية الكيان من سكان مدينة القدس العرب او من ابناء شعبنا في الداخل الفلسطيني - 48 - من حملة الجنسية الإٍسرائيلية،والذين البعض منهم عقد عدة لقاءات واجتماعات مع شخصيات مقدسية، لإستطلاع رأيهم ووجهة نظرهم،حول إمكانية المشاركة في هذه الانتخابات، تحت حجج وذريعة بأن هناك حقوق مدنية اقتصادية واجتماعية وخدماتية،يدفع المقدسيون مقابلها الضرائب بأشكالها المختلفة ومن أهمها ضريبة المسقفات " الأرنونا"،ولا يتلقون الخدمات الكافية مقابلها،فهم على سبيل المثال يدفعون ما بين 28 – 30% من الضرائب التي تجبيها بلدية الكيان من سكان المدينة ولا يتلقون سوى 6 – 8 % مقابلها.
الحقوق المدنية خدماتية واقتصادية واجتماعية، يمكن العمل على خوض نضال شعبي ومؤسساتي من أجل الحصول عليها،عبر تشكيل أجسام ولجان لهذه الغايات والأهداف،ولكن محظور القفز عن الأسباب والمواقف الوطنية السياسية، للأسباب التي جرى ذكرها سابقاً،وكذلك على الذين يختلقون الحجج والذرائع لتبرير مشاركتهم في تلك الانتخابات، ان يدركوا جيداً، بأن القضايا ذات البعد الإستراتيجي من امن واستيطان وملكية الأراضي والتخطيط الهيكلي والتعليم وغيرها، لا يقرر فيها المجلس البلدي،بل صاحب القرار هنا في هذه القضايا التي تعتبر أمن قومي، هي الدولة العميقة المؤسستين الأمنية والعسكرية والمتحكمين في الاقتصاد من رجال مال وأعمال ،ولذلك المشاركة في تلك الانتخابات من بوابة المطلبي وتغليبه على السياسي الوطني ضار ومؤذي ،ولعله من الهام جداً التذكير بتجربة أهلنا والعديد من الأحزاب العربية هناك في المشاركة في الانتخابات للبرلمان " الكنيست" الصهيوني، فهذه المشاركة والتمثيل العربي في الكنيست،وبغض النظر من الموقف منها، لم ولن تمنع عمليات الإستيطان والتهويد التي تجري على قدم وساق بحق أرض شعبنا هناك،والتي ترصد لها ميزانيات ضخمة من حكومة اليمين المتطرف والفاشية اليهودية،التي تسعى لتهويد الجليل والنقب وطرد وتهجير شعبنا هناك،كذلك ،وأيضاً هل هذه المشاركة، أثرت أو غيرت في موقف دولة الكيان وأجهزتها الأمنية التي تغذي الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا هناك ،حيث تتصاعد الجريمة هناك ،ليس بفعل عصابات الإجرام والمافيات ،بل أن أجهزة أمن الكيان،وخاصة جهاز " الشاباك" بصماتها وأيديها ليست بعيد عما يحدث، فهي تحتضن ،مثل هؤلاء القتلة وتمنع الوصول اليهم واعتقالهم ومحاسبتهم،وهذا ليس اجتهاد أو تقدير شخصي ،فشرطة الكيان هي من صرحت بذلك .
وضمن هذه الرؤيا فأنا أقول بأنه لم يطرأ ،أي تطورات او تغييرات تستدعي تغيير الموقف الوطني والسياسي من المشاركة في انتخابات بلدية الكيان في القدس ترشيحاً وإنتخاباً،بل بالعكس في ظل اشتداد الهجمة والحرب على القدس في كافة المجالات والميادين،من قبل الحكومة الفاشية، فإن التمسك بالموقف السياسي الوطني، يجب ان يتصلب ويتقوى برفض الإنخراط في الانتخابات لبلدية الكيان.
وأنا اعتقد بأن طرح البعض لبدائل لمجابهة مشاريع ومخططات بلدية الكيان، في المدينة،مثل العمل على إحياء ما يعرف بأمانة القدس،والتي كانت موجودة قبل استكمال إحتلال القسم الشرقي من المدينة، هو نوع من الهروب الى الأمام،وتعبير عن عجز و" فنتازيا" كلامية ،وتمرين عقلي .
البديل يجب ان يكون له حوامل صلبة،ويجب أن تلتف حوله الجماهير،وأن يكون هناك قدرة وإرادة على ترجمته الى فعل في أرض الواقع،ترصد له الميزانيات والإمكانيات ،ونحن لسنا بحاجة لبدائل شكلية أو أجسام صورية،فهذا من شأنه ان يعمق حالة الإحباط واليأس بين المقدسيين، الذين بالأساس جزء كبير منهم فاقد الثقة بالسلطة ،ولا يرى فيها معبرة عن تطلعاتهم وهمومهم وحقوقهم، أو أنها عنوان حقيقي لهم.
الظروف والأوضاع في مدينة القدس،والحرب الشاملة التي يشنها الكيان عليها،توجب على الجميع الإبتعاد عن المماحكات والتجاذبات والصراعات الداخلية ،والمنظرين او المتحمسين للمشاركة في إنتخابات بلدية الكيان،من بوابة الحقوق المطلبية للمقدسيين، عليهم ان يراجعوا موقفهم وخيارهم في هذا الإتجاه، فالبعد السياسي والوطني أهم من البعد الحقوقي المطلبي المدني،وعليهم ان لا يسمحوا بأن يستغلهم الكيان في القول بأن المقدسيين وصلوا الى قناعة بضرورة تغيير موقفهم من قضية القدس،وهم يتجهون نحو الإندماج في الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي كمواطنين في هذه الدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق