قررت تركيا من جديد كسب حليف قديم ليدعم توجهها نحو التمدد على حساب الأرض العربية فأرسلت شحنة مساعدات " إغاثية" لجنود الاحتلال الصهيوني أملا في أن تلق من سلطات الاحتلال ما يترجم مبدأ المعاملة بالمثل .
صبحة بغورة
استقبلت سلطات الاحتلال الصهيوني طائرة شحن تركية هبطت حديثا محملة بمساعدات جرى وصفها "بالإغاثية " وهي بالفعل كذلك لأنها كانت عبارة عن حفاظات " بامبرز" وملابس داخلية لجنودها التعساء، ونحمد الله أنها لم تكن شيئا آخر.الخوف من الموت المنتشر في كل مكان في الأراضي الفلسطينية يسيطر على نفوس الجنود الصهاينة ويؤرقهم في منامهم ويزعجهم في يقظتهم حتى صارت ابتساماتهم صفراء، إنهم يقضون حاجتهم على أنفسهم بشكل لا إرادي من الرعب ويبدوا أن السلطات أدركت أن نجاستهم تعيق حركتهم عند القتال، ويبدوأيضا أن تركيا قد تفطنت إلى أن معدلات استهلاك الجنود المرتفعة من الملابس الداخلية يفوق انتاجهم منها فأرادت أن تتستر عليهم وتبادر بما يحفظ ماء الوجه بإرسال كميات كبيرة منها لمواجهة ما تحمله التوقعات من أيام سوداء تنتظرهم.
أرادت تركيا كعادتها أن" تأكل مع الذئب وتبكي مع الراعي " فطبيعي أن تسارع بتكذيب الخبر، ولكن الكاميرات الصهيونية فضحتها بعدما أبرزت عبارة made in turquie وبتاريخ عام الإرسال في 2023
نعلم أن قضاء الحاجة البيولوجية عند الإنسان أساسية وليست نقيصة فيه، ولكن أن تصيب الفرد في أدق لحظات التضحية والفداء فهذا ما يستدعي وقفة تأمل، لأن الجندي لا يرسل للقتال فور تجنيده إنما يحتاج إلى فترة تدريب عسكري عنيف تمتد لشهور من أجل ضمان تأقلمه مع مختلف ظروف الشدة وحتى لا يصاب بالإسهال والقيء بمجرد أن ير الدم ومناظر لقتلى، أو يسمع دوي الانفجارات وصراخ المصابين، كل هذا شيء بديهي ويعلمه العدو الصهيوني ، ولكن ما لا يعلمه أن الله سبحانه وتعالى لعنهم و كتب عليهم الذلة والمسكنة وهي أسباب أكثر من كافية لتلقي الرعب في قلوبهم وتصيبهم بالإسهال في الخطوب فيضطرون إلى استيراد كميات إضافية من البامبرز التركية.
ندعو الله تعالى أن لا نرى اليوم الذي يتمكن فيه الكيان الصهيوني من رد الجميل لتركيا، وأن لا تنتظر تركيا يوما الدعم من الصهاينة، فإن الدعوة إلى المقاطعة ترفض التعامل تصديرا واستيرادا أي من الأساس.
نعلم أن تركيا لم تكن يوما ضد التطبيع مع الصهاينة، ومن المعروف أنها كانت ثاني دولة إسلامية تعترف بالكيان الصهيوني عام 1949وأن تركيا عضو في الحلف الأطلسي، والحلف مرتبط بطريقة أو بأخرى أمنيا وعسكريا بالكيان الصهيوني، وشئنا أم أبينا ترتبط تركيا بصورة مباشرة وغير مباشرة أمنيا وعسكريا والارتباط الأمني والعسكري أقوى بكثير من الارتباط الاقتصادي والسياحي، وليس من السهل فضه، وإذا كان لتركيا أن تفض التزامها الأمني تجاه الصهاينة فإن عليها الخروج من الحلف الأطلسي، وما دامت تركيا تحافظ على عضويتها في الأطلسي فهي تحافظ على التزامها الأمني تجاه الصهاينة، وعلينا نحن ألا نفاجأ بتطبيع العلاقات بينهما بعد ذلك.
أن العلاقات بين تركيا والسلطة الوطنية الفلسطينية تعتبر قوية نسبياً وبناءة ، خاصة بعد الإجراءات الفعّالة التي اتَّخذها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ضد إسرائيل إبان عدوانها على غزة عامي 2008-2009. وتاريخياً كانت فلسطين تحت حكم الدولة العثمانية لأربعمائة عام قبل الانتداب البريطاني على فلسطين ،ومع مجيء حزب "العدالة والتنمية" إلى الحكم في تركيا مطلع القرن الحادي والعشرين، ازداد زخم الدعم التركي للفلسطينيين وقضيتهم ومقدساتهم بين عامي 2005 و 2018 حيث قامت رئاسة وكالة التعاون والتنسيق التركية بدعم انشاء 543 مشروعاً في الأراضي الفلسطينية وتُعد تركيا مصدراً رئيسياً للإغاثة الإنسانية إلى فلسطين، وخاصة منذ بداية الحصار المفروض على قطاع غزة.
في بداية عملية " طوفان الأقصى" أشار تقرير صادر عن " المونيتور" في 2 أكتوبر 2023 كتبه الصحفي التركي فهيم طاشتكين أن تركيا تحاول موازنة موقفها بعناية في مواجهة الحرب على قطاع غزة إذ حافظت على مناصرتها للقضية الفلسطينية مع تهدئة العلاقات مع الحركة والسعي لتجنب تداعيات جديدة مع إسرائيل ، وحذر وزير الداخلية التركي، علي يرلي قايا، الكيان الصهيوني من محاولة تنفيذ اغتيالات لقادة “حماس” على الأراضي التركية، وقال أن بلاده لن تسمح بذلك لأي كان.وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان في مقابلة مع قناة “الجزيرة” القطرية " أن بلاده قد تقطع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب في حال كان ذلك قرارا جماعيا من قبل عدة دول لتحقيق الأثر المطلوب.، وقال فيدان أنه منذ بداية الصراع اتخذنا موقفا مبدئيا يتمثل في ضرورة اتخاذ القرارات في وقت واحد من قبل العديد من الدول الإسلامية ودول العالم وحتى من أمريكا اللاتينية، حتى تكون أكثر قوة "
إذن الموقف التركي من القضية الفلسطينية لا يمانع في السعي لاتخاذ قرارا يدعم الأمن والسلم في فلسطين ويحقق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ولكنه يحتاج إلى تعزيز دولي واسع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق