كتب عباس علي مراد
قضية النائبة العمالية فاطمة بايمن والتي صوتت الى جانب حزب الخضر على مشروع قرار من أجل أقامة الدولة الفلسطينية ما زالت تتفاعل داخل حزب العمال وعلى المستوى الوطني.
حزب العمال يحاول ان يمشك العصا من الوسط في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحرب الابادة على غزة والضفة الغربية علمأ ان موقف حكومة حزب العمال كان يجاري مواقف القوى الغربية التي دعمت أسرائيل وقالت بحقها الدفاع عن نفسها بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين اول (اكتوبر).
موقف حكومة العمال بدا يتبدل قليلاً عندما صوتت أستراليا في الامم المتحدة في أيار الماضي الى جانب 143 دولة من أجل منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة لتصبح الدولة 194 وقد صوت ضد القرار 9 أعضاء وامتنع 25 عن التصويت، لكن التصويت أدى إلى انقسام داخل حزب العمال، حيث أعرب نواب وأعضاء حاليون وسابقون عن غضبهم من القرار، بينما رحبت به قوى حزبية أخرى.
رغم هذا الموقف والبيان المشترك الذي وجهه رئيس الوزراء الأسترالي انتوني البانيزي ورئيس وزراء كندا ورئيس وزراء نيوزليندا في كانون اول (ديسمبر) وعبروا عن دعمهم للجهود الدولية العاجلة لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة الا ان حزب العمال لم يتخذ قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية والذي تبناه سابقا مؤتمرعام سابق للحزب، لكن رئيس الوزراء انتوني البانيزي وفي مؤتمر الحزب التاسع والاربعين الذي عقد في مدينة برزبن في اواخر آب (اوغسطس) الماضي ركز جهوده على تمرير صفقة أوكس وعقد صفقة مع مؤيدي الاعتراف بدولة فلسطين على أن يعمل مستقبلا ً لإقرار الاعتراف بفلسطين.
السينتورة فاطمة بايمن قالت انها خالفت قواعد الحزب الصارمة بالتصويت الى جانب الخضربما يمليه عليه ضميرها قالت: لبرنامج (انسايدرز) على تلفزيون أي بي سي 30/6/2024 انها على أستعداد للتصويت مرة اخرى في نفس الاتجاه إذا ما طرح المشروع مجدداً امام البرلمان مضيفة ان المسالة لا تتحمل التـأجيل بسبب معاناة الشعب الفلسطيني والذي خسر عشرات آلاف الضحايا.
وانتقدت النائبة بايمن وزيرة الخارجية بيني وونغ ضمنيًا وقالت إنها كانت تستمع إلى رغبات الحركة العمالية الأوسع بشأن فلسطين وكان لا بد من تقديم شيء ما.
تصريح بايمن دفع رئيس الوزراء بالاتفاق مع وزيرة الخارجية بيني وونغ ووزير الدفاع ريتشرد مالر الى اتخاذ قرار بوقف مشاركة بايمن في اجتماعات الحزب الى أجل غير مسمى لانها خرقت التضامن الحزبي بعد ان كان الحزب اتخذ قراراً اوليا بوقف مشاركتها لمرة واحدة في اجتماع الكتلة البرلمانية ومجلس الحزب(الكوكس).
ووصف رئيس الوزراء تصرف بايمن بأنه بلا مبرر" وأنها، من خلال تصرفها من جانب واحد، وضعت نفسها فوق المصلحة الحزبية وأعضاء كتلة الحزب البرلمانية الآخرين البالغ عددهم 103 أعضاء.
وراى الكاتب في الهيرلد جيمس ماسولا انه "إذا لم يتحرك رئيس الوزراء، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى المزيد من الانقسام، وربما إلى تجرأ أعضاء البرلمان الآخرين الذين يقررون المجازفة والتحدث بشأن أي قضية سياسية".
نشير الى انه بموجب القوانين الحزبية الصارمة المعمول بها من 130 سنة فان من يصوت ضد الحزب يطرد من الحزب بصورة آلية، خطوة بايمن الاخيرة هي الاولى من نوعها منذ عام 2005. وفي وقت سابق كانت بايمن قد تلقت تحذيراً من رئيس الوزراء عندما هتفت في البرلمان بشعار "من البحر الى النهر فلسطين حرة" والتي يعتبرها رئيس الوزراء غير مناسبة وهناك ضغوط من اللوبي المؤيد لاسرائيل لمنع استعمال هذا الشعار على اعتبار انه معادي للسامية.
والان، السؤال الذي يطرح نفسه بعد قرار حزب العمال بوقف نشاط النائبة بايمن هل ستنتهي مشاكل حزب العمال؟!
سيواجه الحزب عدة ردات فعل ومشاكل حزبية وعلى المستوى الشعبي حيث يخشى الحزب على التماسك الاجتماعي في البلاد بسبب الحرب الأسرائلية على غزة والضفة وهذا ما يردده دائماً رئيس الحكومة ووزرائها.
حزبياً العمال بحاجة الى صوت النائبة بايمن في مجلس الشيوخ لتمرير مشاريع القوانين لانهم لا يملكون الاكثرية في المجلس مما سيضطرهم لعقد صفقات مع الاحزاب الصغيرة والنواب المستقلين لتمرير مشاريع القوانين الحكومية والتي ستكون لها كلفة سياسية ومالية.
أما على المستوى الشعبي فإن قرار حزب العمال قد يكون له تداعيات مهمة، حيث سيفسر هذا الموقف بانه انحياز الى جانب الموقف الاسرائيلي على حساب الفلسطينين، مما سيؤثر على طريقة تصويت الجالية الاسلامية الاسترالية في الانتخابات الفيدرالية القادمة ( سيكون آخر موعد لإجرائها أيار عام 2025 ) حيث توجد عدة مقاعد في كل من ملبورن وسدني (6 مقاعد) يلعب الصوت المسلم فيها دوراً مهماً للفوز بها، مع العلم ان الحكومة تحكم باكثرية صوتين فقط في مجلس النواب من أصل 151 مقعداً والتي سوف تخفض الى 150 مقعدا بعد التقسيمات الجديدة للمناطق الانتخابية التي قامت بها مفوضية الانتخابات الاسترالية.
أخيرا، من هنا وحتى موعد الانتخابات، هل سيقدم حزب العمال ويعمل الى اتخاذ إجراءات للحد من التداعيات السياسية والاجتماعية التي يتخوف منها، ويرسم خطة وطنية تستوعب التنوع الحزبي والمجتمعي، بعيداً عن شعارات التعددية الثقافية التي افرغت من مضمونها، ويقرن القول بالفعل في ما خص الاعتراف بالدولة الفلسطينية والعمل على وقف اطلاق نار شامل في غزة وليس كما يردد وقف اطلاق نار انساني؟