الثلاثاء، 27 مايو 2025

استراليا: ايفانز للاعتراف بالدولة الفلسطينية



كتب عباس علي مراد

في تصريح لوزير الخارجية الأسترالي العمالي الاسبق غارث ايفانز احد أبرز شخصيات حزب العمال الذي شغل منصب وزير الخارجية من عام 1988الى عام 1996، دعا ايفانز حكومة انتوني البانيزي العمالية الى الى معاقبة رئيس الوزراء الأسرائيلي بنيامين نتنياهو، والاعتراف بالدولة الفلسطينية في غضون أسابيع، وقال هي خطوة قد تساعد في إنعاش الجهود المتعثرة لتحقيق حل الدولتين.

ورفض غاريث إيفانز مزاعم الأصوات المؤيدة لإسرائيل داخل حزب العمال بأن الاعتراف بدولة فلسطينية سيكافئ حماس على هجماتها الإرهابية في 7 أكتوبر 2023.

وكان مايك كيلي، الوزير العمالي السابق الذي يقود الآن مجموعة "أصدقاء إسرائيل داخل حزب العمال" قد حث الحكومة على عدم الاعتراف بفلسطين كدولة، رغم إقراره بالإحباط المتزايد من حكومة نتنياهو إزاء تصاعد أعداد القتلى والدمار في غزة بعد أكثر من 20 شهرًا من الحرب. 

وايد ايفانز ما قاله النائب العمالي أد هيوسك لفرض عقوبات مالية وحظر سفر وما شابه ذلك على مروجي ومرتكبي أفظع انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطينية من الإسرائيليين. بما في ذلك وزراء في  الحكومة الاسرائيلية مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتامار بن غفير، ناهيك عن نتنياهو نفسه، وضمهم إلى قائمة المستوطنين العنيفين في الضفة الغربية الذين فرضت عليهم الحكومة الأستراليةعقوبات في يوليو/تموز من العام الماضي.

وكان هيوسك قد قال ان هناك حاجة إلى إجراءات أكثر صرامة ضد إسرائيل تتجاوز الإدانة الخطابية.

والمعروف ان الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو سياسة حزب العمال الأسترالي، لكن وزيرة الخارجية بيني وونغ تتلكأ بالاعتراف حسب ما تدعي من أجل تحديد التوقيت المناسب.

وكانت وونغ قد أشارت إلى تحول محتمل في موقف أستراليا العام الماضي عندما قالت إن أستراليا تعتقد أن الاعتراف بفلسطين يمكن أن يأتي قبل التوصل إلى تسوية سلمية نهائية بين الجانبين.

وفي خطاب ألقاه مساء الاثنين جيمس لارسن، سفير أستراليا لدى الأمم المتحدة، قال: "إن حل الدولتين - دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل - هو الأمل الوحيد لكسر دوامة العنف التي لا تنتهي، والأمل الوحيد في سلام عادل ودائم، للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.

وفي نفس السياق وسط تزايد النقمة الشعبية ضد الفظائع التي ترتكب بحق الشعبي الفلسطيني من قبل حكومة أسرائيل وقّع أكثر من 1000 فنان وفنانة رسالةً إلى الحكومة تدعو إلى فرض حظر شامل على الأسلحة والطاقة على إسرائيل، وفرض عقوبات مُستهدفة، وحظر سفر على مسؤولي الحكومة الإسرائيلية، والالتزام بتنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو.

 وفي إستطلاع للرأي اجرته مؤسسة (يوكوف) يعتبر حوالي أربعة من كل خمسة أستراليين إن عرقلة إسرا ئيلالمتعمدة لمنع دخول المساعدات الإنسانية غير مبررة، وقد شمل الاستطلاع عينة من 1500 مواطن.

وفي موقف يعتبر الاقوى ضد اسرائيل وصف رئيس الوزراء الاسترالي انثوني البانيزي ما تقوم به إسرائيل في غزة بالأعمال غير المقبولة على الإطلاق، واضاف أن أعذار إسرائيل وتفسيراتها غير مقبولة على الإطلاق، ولا تتمتع بالمصداقية بتاتاً.

وعن منع أسرائيل لوصول المواد الغذائية الى غزة قال البانيزي: بأنه مثير للغضب أن يتم منع وصول الإمدادات إلى المحتاجين في غزة.

ورغم هذا الموقف الا ان البانيزي وحتى لا يغضب اللوبي المؤيد لاسرائيل وصفها بانها دولة ديمقراطية يجب ان لا تقوم بهكذا اعمال..


سدني


الأحد، 25 مايو 2025

عملاء إسرائيل في لبنان.. الثقب الأسود



كتبت سوسن كعوش

صحفية فلسطينية مقيمة في لبنان


 أُلقي القبض في الأسابيع الأخيرة في لبنان على عدد من المشتبه بهم بالتعاون مع إسرائيل والمكلفين بالتجسس على حزب الله، مما ألقى الضوء مجدداً على مدى انتشار وعمق التجسس الإسرائيلي في لبنان، والذي يُعتقد أنه منح الكيان الصهيوني ميزة كبيرة في حربها الأخيرة.

يقول محللون إن مستوى اختراق الموساد لدوائر حزب الله لم يكن ممكنًا إلا بتجنيد هؤلاء الجواسيس في لبنان. وأفادت التقارير أن حزب الله فقد آلافًا من مقاتليه في هجمات إسرائيل خلال الحرب الأخيرة.  فقد أعلنت السلطات اللبنانية عن اعتقال أربعة أشخاص على الأقل في الفترة الأخيرة. ينحدر معظم المشتبه بهم من جنوب لبنان، وبعضهم لديه أقارب قضوا في صفوف حزب الله.

في النبطية، جنوب لبنان، أعلن جهاز أمن الدولة أنه ألقى القبض على رجل عُرف بأحرفه الأولى باسم أ.س. بعد عودته من إسرائيل "التي دخلها خلسةً".

وأفاد بيان صادر عن جهاز أمن الدولة أن المشتبه به "اعترف خلال التحقيق معه بحيازته جهازاً متطوراً زوده به الإسرائيليون، يُستخدم لمراقبة وتصوير بعض المراكز المهمة في لبنان، ويتيح التواصل المباشر بينه وبين العدو الإسرائيلي"، مضيفاً أنه أُعطي سترة لإخفاء مبالغ نقدية كبيرة لاستخدامها في مهامه التجسسية. وزُعم أن أ.س. اعترف ببدء تعامله مع إسرائيل منذ بدء حرب غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وصرح جهاز أمن الدولة بأنه تم ضبط جميع المعدات التي قدمتها إسرائيل والتي عُثر عليها في منزله.

وفي الفترة نفسها تقريباً، أعلن الجيش اللبناني عن إلقاء القبض على متعاون آخر مشتبه به، قيل إنه جُنّد عبر فيسبوك. أفادت التقارير أن الشخص الذي عُرف باسم ح.ع. من قرية بيت ليف الحدودية الجنوبية كان عضواً في حزب الله، وقدّم معلومات للإسرائيليين عن قادة الجماعة المسلحة. وورد أنه زار إسرائيل تحت حماية طائرة إسرائيلية مسيرة كانت تراقب كل تحركاته. ولم يتضح بعد كيف أو متى عبر إلى إسرائيل، لكن القوات الإسرائيلية لا تزال متمركزة في أكثر من 60 بلدة وقرية حدودية في جنوب لبنان، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص على انسحابها.

كما ألقي القبض على رجل آخر من جنوب لبنان، يُقال إن عائلته معروفة بانتمائها الوثيق لحزب الله، ولديه أقارب لقوا حتفهم في الحرب، من قبل مخابرات الشرطة اللبنانية، أو شعبة المعلومات. ووفقاً لتقارير إعلامية محلية، فإن هذا الشخص، الذي انتشرت صورته على نطاق واسع على الإنترنت بعد انتشار خبر عمله المزعوم مع إسرائيل، قدّم أيضاً معلومات حساسة عن قادة حزب الله مقابل ما يصل إلى 20 ألف دولار.

أفادت التقارير أنه سافر إلى تركيا حيث التقى بمسؤولي تجسس إسرائيليين كلفوا بمهام من بينها جمع معلومات استخباراتية عن مراكز حزب الله في قرى جنوب لبنان. كما طُلب من الرجل جمع معلومات عن مستودعات أسلحة حزب الله وكيفية استلامها وتوزيعها.

وأُلقي القبض على جاسوس رابع مشتبه به من منطقة البقاع شرق لبنان، حيث استهدفت إسرائيل عشرات البلدات والقرى بشكل مكثف. وقد أُحيل جميع المشتبه بهم إلى الجهات المختصة لمزيد من التحقيقات.


اختراق عميق

كشفت الهجمات الإسرائيلية السريعة والشديدة لحزب الله خلال الحرب مدى الضرر الذي يلحقه العملاء. فمنذ هجمات 17-18 سبتمبر/أيلول باستخدام أجهزة النداء واللاسلكي، والتي أسفرت عن مقتل العشرات وجرح الآلاف من أعضاء حزب الله، إلى القضاء على الهيكل القيادي الأعلى للجماعة - بمن فيهم الأمين العام سماحة السيد حسن نصر الله - أصبح من الواضح مدى تغلغل العملاء بعمق. يشير المحللون إلى أن القدرات التكنولوجية المتقدمة لإسرائيل لم تكن كافية لإلحاق هذا الضرر الهائل بحزب الله، بل اضطرت أيضاً إلى الاعتماد على الجواسيس، وتحديداً داخل قاعدة دعم الجماعة اللبنانية ودوائرها المجتمعية.

وتقول مصادر أمنية لبنانية إن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) جنّد أيضاً شبكة من المتعاونين لتوثيق آثار الغارات الجوية، ومراقبة عمليات البحث والإنقاذ، وتأكيد نتائج هذه الهجمات. وكانت هناك حالات أُلقي فيها القبض على أفراد، بمن فيهم أجانب، من قبل أشخاص في موقع هجوم واتُّهموا بالتجسس بعد عثورهم على صور ومقاطع فيديو لآثار الغارات على هواتفهم. ونُشرت مقاطع فيديو لهؤلاء الأفراد وهم يُستجوبون، وأحيانًا يتعرضون للضرب، عبر الإنترنت وعبر تطبيقات المراسلة.

وكان حزب الله قد انخرط في معركة مواجهة مع إسرائيل في اشتباكات عبر الحدود منذ بدء حرب غزة، إسناداً للفلسطينيين، لكن القتال تحول في النهاية إلى حرب شاملة في سبتمبر. وقبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، قصفت إسرائيل شبكة اتصالات حزب الله، وقتلت قادته وآلاف مقاتليه، بالإضافة إلى آلاف المدنيين.


فخ وسائل التواصل الاجتماعي

أصدرت الأجهزة الأمنية اللبنانية عدة تحذيرات بشأن بعض حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي يُزعم أن المخابرات الإسرائيلية أنشأتها لجذب المواطنين اللبنانيين. وحذّر الأمن العام من حسابات على منصات مختلفة، بما في ذلك فيسبوك، قائلاً إنه من المرجح أن يديرها الموساد بهدف تجنيد مواطنين لبنانيين. جادل البعض بأن العديد ممن وافقوا على التعاون مع إسرائيل فعلوا ذلك بدافع اليأس بسبب ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، وخاصة بعد الانهيار الاقتصادي الذي شهده لبنان أواخر عام 2019. يقول البعض إن الانهيار المالي الذي حرم ملايين الناس من مدخراتهم في البنوك قد خلق مجتمعاً أكثر ضعفاً، مما سهّل على إسرائيل استغلال احتياجاتهم. ومن المعلوم إلى أنه بجانب التجسس، يحظر القانون اللبناني أي اتصال بإسرائيل، وهي جريمة يُعاقب عليها بالسجن.


اخترق الجواسيس الإسرائيليون

ساعد عمق وجودة المعلومات الاستخباراتية التي حصل عليها الكيان الصهيوني على قلب موازين الأمور ضد المقاومة اللبنانية في المواجهات الأخيرة. في حربها مع حزب الله عام 2006، حاولت إسرائيل اغتيال الأمين العام لحزب الله ثلاث مرات. أخطأت إحدى الغارات الجوية - وكان زعيم حزب الله قد غادر المكان في وقت سابق. فشلت الغارات الأخرى في اختراق التعزيزات الخرسانية المخبأة تحت الأرض. تتبع الجيش الإسرائيلي في الحرب الأخيرة تحركان الأمين العام إلى مخبأ بُني عميقاً أسفل مجمع سكني في جنوب بيروت، وألقى ما يصل إلى 80 قنبلة أدت إلى تدمير أربعة مبانٍ سكنية على الأقل، واستشهاد سماحة السيد حسن نصر الله في 27 سبتمبر/أيلول عام 2024.

تفاخرت المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، التي وجهت خلال الأسابيع التي سبقت اغتيال الأمين العام لحزب الله، ضربات قاضية متواصلة ومؤلمة من قبل رجال المقاومة في لبنان، الأمر الذي التفاخر الصهيوني باغتيال الأمين العام يُخفي حقيقةً مُقلقة: فبعد ما يقرب من أربعة عقود من المواجهة مع حزب الله، لم تتمكن إسرائيل من تغيير موازين الأمور حقاً إلا مؤخراً.

والذي تغير، كما يقول مسؤولون حاليون وسابقون، هو عمق وجودة المعلومات الاستخباراتية التي استطاعت الكيان الصهيوني الحصول والاعتماد عليها خلال الفترة الأخيرة، بدءًا من اغتيال القائد فؤاد شكر، أحد الأذرع اليمنى للأمين العام، في 30 يوليو/تموز، أثناء زيارته لصديق في حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية في شهر يوليو/تموز عام 2024.

لقد دأب الكيان الصهيوني على إعادة توجيه واسعة النطاق لجهوده في جمع المعلومات الاستخباراتية بشأن حزب الله بعد الفشل الكبير لجيشها الأقوى بكثير في توجيه ضربة قاضية للحزب عام 2006، أو حتى في القضاء على أي من قياداته العليا. وعلى مدى العقدين التاليين، قامت وحدة استخبارات الإشارات الإسرائيلية المتطورة 8200 ومديرية الاستخبارات العسكرية التابعة لها، المعروفة باسم أمان، بجمع كميات هائلة من البيانات لرسم خريطة انتشار المقاومة في لبنان.

وكما قالت "ميري إيسين" ضابطة استخبارات كبيرة سابقة، إن ذلك تطلب تحولاً جذرياً في نظرة إسرائيل إلى المقاومة وخاصة حزب الله الذي استنزف إرادة إسرائيل وصمودها في مستنقع احتلالها الذي دام 18 عاماً لجنوب لبنان. بالنسبة لإسرائيل، انتهى ذلك في عام 2000 بانسحاب مُخزٍ، مصحوب بخسارة كبيرة في جمع المعلومات الاستخباراتية.

قالت إيسين أنه بدلاً من ذلك، وسّعت الاستخبارات الإسرائيلية نطاق رؤيتها لحزب الله ككل، متجاوزةً جناحه العسكري إلى طموحاته السياسية وارتباطاته المتنامية بالحرس الثوري الإيراني وعلاقة نصر الله بالرئيس السوري بشار الأسد. وأضافت: "عليك أن تُحدد، بهذا المعنى، ما تبحث عنه بالضبط". "هذا هو التحدي الأكبر، وإذا أُحسن تنفيذه، فإنه يسمح لك بالنظر إلى هذا الأمر بكل تعقيداته، والنظر إلى الصورة الكاملة".

وأضافت أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت تُشير إلى حزب الله، لما يقرب من عقد من الزمان، على أنه "جيش إرهابي"، بدلاً من جماعة إرهابية "مثل أسامة بن لادن في كهف". لقد كان هذا تحولاً مفاهيمياً أجبر إسرائيل على دراسة حزب الله عن كثب وعلى نطاق واسع كما فعلت مع الجيش السوري، على سبيل المثال. ومع تنامي قوة حزب الله، بما في ذلك في عام 2012 عندما انتشر في سوريا لمساعدة الأسد في قمع انتفاضة ضد نظامه، فقد منح ذلك إسرائيل الفرصة لاتخاذ قرارها.

ما ظهر في سورية كان "صورة استخباراتية" مُحكمة. في حين اكتسب مقاتلو حزب الله خبرة قتالية في الحرب السورية الدامية، نمت قواته لمواكبة الصراع الطويل. كما أن هذا التجنيد جعلهم أكثر عرضة للجواسيس الإسرائيليين الذين ينشرون عملاء أو يبحثون عن منشقين محتملين.

قالت رندا سليم، مديرة البرامج في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: "كانت سوريا بداية توسع حزب الله. وقد أضعف ذلك آليات الرقابة الداخلية لديهم وفتح الباب أمام التسلل على نطاق واسع".


نبع البيانات

كما خلقت الحرب في سوريا نبعاً من البيانات، معظمها متاح للعامة ليتمكن جواسيس إسرائيل - وخوارزمياتهم - من استيعابه. على سبيل المثال، كان النعي على هيئة "ملصقات الشهداء" التي يستخدمها حزب الله بانتظام، مليئة بمعلومات موجزة، بما في ذلك بلدة المقاتل، ومكان مقتله، ودائرة أصدقائه الذين ينشرون الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي. أما الجنازات، فكانت أكثر دلالة، حيث استقطبت أحياناً قادةً كبار، مما يعني الخروج من الظل، ولو لفترة وجيزة. قال سياسي لبناني سابق رفيع المستوى في بيروت إن اختراق حزب الله من قبل المخابرات الإسرائيلية أو الأمريكية كان "ثمن دعمهم للأسد". وأضاف: "كان عليهم الكشف عن أنفسهم في سوريا". واضطرت المجموعة السرية فجأةً إلى البقاء على اتصال وتبادل المعلومات مع جهاز المخابرات السوري المعروف بفساده، أو مع أجهزة المخابرات الروسية، التي كانت تخضع لمراقبة منتظمة من قبل الأمريكيين.

قال يزيد صايغ، الزميل البارز في مركز كارنيغي للشرق الأوسط: "لقد تحولوا من كونهم شديدي الانضباط والتمسك بالأصولية إلى شخص يسمح [عند دفاعه عن الأسد] بدخول عدد أكبر بكثير مما ينبغي". "صاحب هذا التهاون والغطرسة تحول في عضويتها - بدأوا يضعفون". كان ذلك تحولاً جذرياً بالنسبة لمجموعة كانت تفخر بقدرتها على صد براعة إسرائيل الاستخباراتية المزعومة في لبنان.

فجّر حزب الله مقرّ الشاباك في صور، ليس مرة واحدة، بل مرتين في السنوات الأولى للاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان. وفي مرحلة ما من أواخر التسعينيات، أدركت إسرائيل أن حزب الله كان يسرق بثّ طائراتها المسيّرة غير المشفرة آنذاك، مطّلعاً على أهداف جيش الدفاع الإسرائيلي وأساليبه.

رافق تركيز إسرائيل المتزايد على حزب الله في المنطقة ميزة تقنية متنامية، والتي لم يكن من الممكن التغلب عليها في نهاية المطاف: أقمار تجسس صناعية، وطائرات مسيّرة متطورة، وقدرات اختراق إلكتروني تُحوّل الهواتف المحمولة إلى أجهزة تنصّت.

تجمع إسرائيل كميات هائلة من البيانات، لدرجة أن لديها وحدة متخصصة، الوحدة 9900، تُطوّر خوارزميات تُنقّب تيرابايتات من الصور المرئية للعثور على أدنى التغييرات، على أمل تحديد عبوة ناسفة بدائية الصنع على جانب طريق، أو فتحة تهوية فوق نفق، أو إضافة مفاجئة لتدعيم خرساني قد يُشير إلى وجود مخبأ.

بمجرد تحديد هوية أحد عناصر حزب الله، تُغذّى أنماط تحركاته اليومية بقاعدة بيانات ضخمة من المعلومات، تُخزّن من أجهزة قد تشمل هاتف زوجته، أو عداد المسافات في سيارته الذكية، أو موقعه. يمكن تحديد هذه المعلومات من مصادر متباينة، كطائرة مسيرة تحلق في السماء، أو من بثّ كاميرا مراقبة مُخترقة يمرّ بها، أو حتى من صوته المُسجّل على ميكروفون جهاز التحكم عن بُعد في التلفزيون الحديث، وفقًا لعدد من المسؤولين الإسرائيليين.

يُصبح أي خروج عن هذا الروتين بمثابة إنذار لضابط مخابرات للتدقيق، وهي تقنية سمحت لإسرائيل بتحديد هوية القادة متوسطي المستوى في فرق مكافحة الدبابات، المكونة من مقاتلين أو ثلاثة، والذين ضايقوا قوات جيش الدفاع الإسرائيلي عبر الحدود. وفي مرحلة ما، راقبت إسرائيل جداول عمل القادة لمعرفة ما إذا كان قد تم استدعاؤهم فجأةً تحسباً لهجوم.


الصبر يُؤتي ثماره

لكن كل واحدة من هذه العمليات تتطلب وقتاً وصبراً لتتطور. على مر السنين، استطاعت الاستخبارات الإسرائيلية بناء قاعدة بيانات ضخمة من الأهداف، لدرجة أن طائراتها الحربية حاولت خلال الأيام الثلاثة الأولى من حملتها العام الماضي الجوية تدمير ما لا يقل عن 3000 هدف يُشتبه في أنها تابعة لحزب الله، وفقًا للبيانات العلنية الصادرة عن جيش الدفاع الإسرائيلي. وقال مسؤول سابق: "كانت لدى إسرائيل قدرات هائلة، ومعلومات استخباراتية كثيرة مُخزّنة تنتظر الاستخدام. كان بإمكاننا استخدام هذه القدرات منذ فترة أطول بكثير خلال هذه الحرب، لكننا لم نفعل".

ويبدو أن هذا الصبر قد أتى بثماره بالنسبة للجيش. فعلى مدى أكثر من عشرة أشهر، تبادلت إسرائيل وحزب الله إطلاق النار عبر الحدود، بينما قتلت إسرائيل بضع مئات من عناصر حزب الله ذوي الرتب الدنيا، غالبيتهم العظمى داخل مسرح عمليات آخذ في التوسع ببطء، يمتد على بُعد بضع كيلومترات شمال الحدود.

يبدو أن هذا الأمر قد خدع المقاومة التي اعتقدت أن مواجهتها مع الكيان الصهيوني هو نوع جديد من سياسة حافة الهاوية، مع خطوط حمراء واضحة المعالم يمكن إدارتها حتى توافق إسرائيل على وقف إطلاق النار في غزة مع حماس، مما يتيح لحزب الله "مخرجًا" يسمح له بالموافقة على وقف إطلاق النار مع إسرائيل.

بدأت الجماعة هذه الجولة من إطلاق النار مع إسرائيل في 8 أكتوبر/تشرين الأول، تضامناً مع حماس، في محاولة لإبقاء بعض القوة النارية الإسرائيلية على الأقل مثبتة على حدودها الشمالية.

قال صايغ من مركز كارنيغي للشرق الأوسط: "شعر الحزب بأنه ملزم بالمشاركة في القتال، لكنه في الوقت نفسه حدّ من نفسه بشدة - لم تكن هناك أي نية حقيقية له لاتخاذ مبادرة قد تحقق له بعض المزايا".

يبدو أنهم أطلقوا بضعة صواريخ هنا وهناك، وتلقوا بضع ضربات رداً عليها، وغرقوا في فكرة أن هذا هو الحد الأقصى - فقد أبقوا إحدى يديهم، إن لم يكن كلتاهما، مقيدتين خلف ظهورهم ولم يفعلوا شيئاً يقترب من قدراتهم الكاملة.

يبدو أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو قد أطلق العنان للقدرات الهجومية الإسرائيلية الأكثر تطوراً، وشمل ذلك تفجيراً غير مسبوق لآلاف أجهزة النداء المفخخة، مما أدى إلى إصابة آلاف من أعضاء حزب الله بنفس الأجهزة التي ظنوا أنها ستساعدهم على تجنب المراقبة الإسرائيلية. وبلغت ذروتها باغتيال سماحة السيد حسن نصر الله، وهو إنجاز كان سلف نتنياهو، إيهود أولمرت، قد أذن به عام 2006، لكن جيش الدفاع الإسرائيلي فشل في تحقيقه.

تقول إيسين، ضابطة الاستخبارات الصهيونية السابقة: "لم يختف حزب الله خلال الأيام العشرة الماضية - لقد ألحقنا به الضرر وأضعفناه، وهو الآن في حالة من الفوضى والحداد. لكن لا يزال لديه الكثير من القدرات التي تُشكل تهديداً كبيراً".


حروب الظل

المواجهة العسكرية الأخيرة بين المقاومة في لبنان وإسرائيل جاءت بعد حوالي أربعون عاماً من حروب استخباراتية سرية حول العالم بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي. كانت حرباً خفية دامية وعنيفة. وكانت إحدى أولى الهزائم التي مُنيت بها إسرائيل في نوفمبر 1982، بعد خمسة أشهر من غزو قواتها للبنان بهدف تدمير منظمة التحرير الفلسطينية المتمركزة هناك آنذاك. عندما أُجبر مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرة بيروت، بدا أن إسرائيل قد حققت نصراً كبيراً. ثم وقع انفجار مدمر دمر مقر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) في مدينة صور الساحلية. لقي 91 شخصاً حتفهم في الانفجار، الذي ألقت السلطات باللوم فيه، ولسنوات بعد ذلك، على تسرب غاز. في الواقع، كان تفجيراً انتحارياً ضخماً بسيارة مفخخة، من بين أول التفجيرات من نوعها، ونظمه إسلاميون شيعة من بين سكان جنوب لبنان.

انضمّ منفذو التفجير إلى حزب الله، الذي تأسس في الصيف التالي بإشراف ودعم من النظام الثوري الإيراني الجديد الذي تولى السلطة في طهران عام 1979. ونجح نفس الشباب الشيعة في تفجير مقر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) في صور مرة أخرى في نوفمبر 1983، مما أسفر عن مقتل 28 إسرائيليًا و32 سجينًا لبنانياً. كما تسببوا في سقوط مئات الضحايا من الأمريكيين والفرنسيين، بالإضافة إلى هجمات انتحارية ضخمة أخرى عجزت الأجهزة الإسرائيلية عن منعها.

وهكذا بدأ أحد أشرس الصراعات السرية في العقود الأخيرة في العالم.

حارب حزب الله الجيش الإسرائيلي حتى أُجبره على الانسحاب من لبنان عام 1999، ومرة أخرى خلال حرب قصيرة عام 2006، لكن أجهزته الأمنية السرية لم تهدأ.

أدى النقص الحاد في المعلومات الاستخباراتية البشرية إلى جهل الإسرائيليين بخطط حزب الله طوال معظم ثمانينيات القرن الماضي. وظل مكان وجود شخص واحد - وهو شاب شيعي لبناني يُدعى عماد مغنية، العقل المدبر للتفجيرات وعمليات الخطف - غامضاً. كانت هناك عدة حوادث كادت أن تُصيب، لكن الأمر استغرق أكثر من 20 عاماً حتى أدرك الإسرائيليون هدفهم عندما استشهد مغنية في انفجار سيارة مفخخة في دمشق عام 2008.

كانت أمريكا الجنوبية ساحة معركة رئيسية في أوائل التسعينيات، حيث تمكن حزب الله من تجنيد الدعم من بين الجالية الشيعية اللبنانية الكبيرة في الخارج.

عندما قتلت مروحيات هجومية إسرائيلية عباس الموسوي، الزعيم الجديد لحزب الله، في جنوب لبنان في فبراير 1992، سعى الحزب إلى الانتقام في الأرجنتين. أولاً: تم تفجير السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس، مما أسفر عن مقتل 29 شخصاً. ثانياً: في عام 1994، قتل انتحاري 85 شخصاً في مركز للجالية اليهودية في العاصمة الأرجنتينية. وقد ألقى المحققون باللوم في كلا الهجومين على حزب الله.

كما برزت أمريكا الجنوبية كمركز رئيسي لتمويل حزب الله، مع مجموعة واسعة من الأنشطة التي يديرها مؤيدوه هناك، والتي تولد أموالًا طائلة للمنظمة. إن الحجم الهائل للعمليات، التي غالباً ما تُدار من مواقع نائية حيث كان حضور أجهزة الأمن المحلية أو معرفتها محدودة، أعاق جهود إسرائيل لإيقافها.

وخلال العقود الأخيرة، كانت أوروبا مسرحاً آخر للأعمال العدائية في حرب الظل.

مع سعي حزب الله لتوسيع عملياته اللوجستية في القارة من خلال عشرات الشركات، حاولت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية عرقلة جهود الجماعة. وقد حققت سلسلة من العمليات غير البارزة بعض النجاح، ويعود الكثير منها إلى المساعدة السرية من أجهزة الأمن المحلية. كما أُحبطت محاولة من حزب الله للانتقام لمقتل مغنية بهجوم على السفارة الإسرائيلية في أذربيجان. ولكن في يوليو/تموز 2012، أسفر تفجير انتحاري في حافلة عن مقتل خمسة شبان إسرائيليين وسائق في منتجع بورغاس على البحر الأسود في بلغاريا. وقد وجد المحققون أدلة على وجود صلات بحزب الله.

بحلول ذلك الوقت، كانت المعركة مستعرة في جميع أنحاء العالم. في عام 2012، كشف محللو الاستخبارات في الولايات المتحدة عن خطط متعددة لحزب الله ضد أهداف إسرائيلية أو يهودية - بما في ذلك اثنان في بانكوك وواحد في كل من دلهي وتبليسي ومومباسا وقبرص - خلال ستة أشهر فقط. أصيب دبلوماسي في دلهي خلال سلسلة من الهجمات بسيارات مفخخة مغناطيسية في عملية معقدة شارك فيها عملاء في تايلاند والهند، العديد منهم مرتبطون بإيران وحزب الله.

كانت أمريكا الشمالية في المقام الأول مركزاً لوجستياً لحزب الله، حيث كانت عمليات التمويل الرئيسية أولوية. يُزعم أن هذه العمليات سمحت للمتعاطفين بإرسال مئات الملايين من الدولارات إلى حزب الله، وهو مصدر تمويل مهم لـلحزب لميزانية الرعاية الاجتماعية الموسعة، بالإضافة إلى العمليات العسكرية.

ثم اندلعت حرب سرية متبادلة في الداخل. ففي عام 2023، وصف ديفيد بارنيا، مدير الموساد، جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي الرئيسي، 27 مؤامرة إيرانية ضد إسرائيليين، بما في ذلك في جورجيا، وقبرص، واليونان، وألمانيا. وكان عملاء حزب الله نشطين في العراق واليمن وسوريا، حيث انتشر الآلاف من مقاتليه خلال الحرب الأهلية.

إذا كانت هناك مكاسب وخسائر لكلا الجانبين على مر العقود، فأن الغلبة كانت للحزب طول عقود، لكن يبدو أن الميزان قد مال بشكل حاسم لصالح إسرائيل في الأشهر الأخيرة.

يُفترض أن هجمات أجهزة النداء واللاسلكي، التي أسفرت عن مقتل 42 شخصاً وإصابة حوالي 3000 آخرين، نفذها الموساد وأجهزة إسرائيلية أخرى، وقد اعتبرها المحللون نصراً مدوياً في الصراع السري الطويل

في الوقت نفسه، تعرضت القيادة العليا لحزب الله لضربة موجعة بسلسلة من الاغتيالات الإسرائيلية لكبار المسؤولين العسكريين، مما يشير إلى تدفق معلومات استخباراتية داخلية دقيقة وفي الوقت المناسب، مستمدة على الأرجح من مزيج من الاتصالات التي تم اعتراضها وعمليات المراقبة والعملاء داخل صفوف حزب الله.

قال ماغنوس رانستورب، المراقب المخضرم لحزب الله في جامعة الدفاع السويدية: "هذا انقلاب استخباراتي هائل... الإسرائيليون يستهدفون المستويات العليا والمتوسطة، وهذا يترك حزب الله أعمى وأصم وأبكم". كما تُظهر الاغتيالات المُستهدفة أن الموساد والوكالات الأخرى لديها ذاكرة مؤسسية طويلة. القائد فؤاد شكر، رئيس أركان حزب الله الذي قُتل على يد إسرائيل في يوليو/تموز، والقائد إبراهيم عقيل، الذي قُتل، كانا عضوين مهمين في التسلسل العسكري الحالي لحزب الله، وكانا سيلعبان دوراً رئيسياً في أي حرب شاملة قادمة. كلاهما كانا أيضاً عضوين مؤسسين لحزب الله وجزءًا من الشبكة المسؤولة عن تفجيرات عامي 1982 و1983.

الجمعة، 23 مايو 2025

الحالة الدرزيّة الإقليميّة موضع اهتمام مكتب رئاسة الوزراء الإسباني

 


الحركة التقدميّة للتواصل – درب المعلّم

(خبر)


قام وفد إسبانيّ ضمّ كلّ من السيّد رفائيل أورتيغا المستشار للشؤون الاستراتيجيّة في السفارة الإسبانيّة في البلاد، ومساعده السيّد إدواردو مارتينيز مندوبان عن مكتب رئيس الحكومة الإسبانيّة بزيارة إلى بيت جن التقيا فيها عددّا من أعضاء اللجنة التنفيذيّة للحركة: عماد دغش- سكرتير الحركة، والمهندس فوّاز سويد، ورئيس مجلس حرفيش السابق عبد الله خير الدين، والمحامي سعيد نفّاع الناطق الرسمي باسم الحركة. وذلك يوم الخميس 22 أيّار 2025، وقد رافق الوفد السيّد وديع أبو نصّار قنصل إسبانيا الفخري.     

تناول اللقاء والذي امتّد على قرابة الساعتين، الحالة الدرزيّة الإقليميّة على ضوء التطوّرات السوريّة الأخيرة، أبدى فيها أعضاء اللجنة وجهات نظرهم شارحين عن الحركة وأهدافها، وأسهب نفّاع في شرح مواقف الحركة المتميّزة المعتمدة على الحقائق التاريخيّة وراء المشهد الدرزيّ الإقليمي الحاصل وتداعياته، والذي ينصبّ في الخطّة القديمة للحركة الصهيونيّة لخلق كيانات طائفيّة حول إسرائيل اليهوديّة، وعينيّا فيما يخصّ الدروز بخلق كانتون درزيّ أو حتّى دويلة درزيّة؛ خطّة تعود جذورها إلى العام 1932 والتي كان أفشلها سلطان الأطرش حينها. 

وأضاف نفّاع أنّه لا يمكن فهم الحالة الحاضرة إلّا من خلال فهم هذا السياق، وأن الساسة الإسرائيليّين وأدواتهم هنا وهنالك رأوا أن الفرصة ربّما تكون سانحة اليوم، فتدخلّوا وأطلقوا تصريحاتهم الكاذبة بدعمهم للدروز والتي غرّرت بالبعض إلّا أنْ بيّنتها سريعا الوقائع الميدانيّة في جرمانا وصحنايا والأشرفيّة والصَوَرة الكبرى من قرى المقرن الغربيّ في الجبل، والتي تعرّضت لهجوم وحشيّ على يد عناصر منفلتة وبتعاون أحيانًا مع قوى أمن السلطة الجديدة، وإسرائيل وقفت تتفرّج! 

يًشار إلى أنّ موقف الحركة والذي دعا منذ البداية إلى الحوار وعدم الاحتكام إلى السلاح هو السائد اليوم لدى الغالبيّة بين دروز سوريّا، هذا الموقف كان لاقى الاهتمام الواسع في وسائل الإعلام؛ عالميّة وإقليميّة وعربيّة محليّة رغم التعتيم الكامل من وسائل الإعلام الإسرائيليّة اللهم إلًا صحيفة "هآرتس"، ولعلّ في هذا اللقاء بينّة أخرى على أهميّة هذا الموقف المغاير. 

هذا الطرح المتميّز لاقى الاهتمام لدى أعضاء الوفد، وتمّ التوافق على متابعة الاتصالات.   


الثلاثاء، 20 مايو 2025

في الفلبين .. بروفة مبكرة لإنتخابات 2028 الرئاسية


 

بقلم: د. عبدالله المدني*

من المعروف أن علاقة الرئيس الفلبيني "بونغ بونغ ماركوس" بنائبته "سارة دوتيرتي" ليست على ما يرام منذ أن أقصى الأول الثانية من عضوية مجلس الأمن القومي الذي يخطط لسياسات وعلاقات وتحالفات الفلبين الخارجية، ثم تدهورت علاقتهما واحتدت الخلافات بينهما أكثر فأكثر في أعقاب قرار ماركوس تسليم والد نائبته (الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي) إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي لمحاكمته بتهة التورط في جرائم ضد الإنسانية إبان حملته الدموية على مافيات وعصابات المخدرات، التي استهل بها عهده (من 30 يونيو 2016 إلى 30 يونيو 2022)

إن خطوة ماركوس تلك، لئن قوبلت بالتأييد الواسع من أطراف دولية عديدة، ونظر إليها الخارج كعمل ايجابي نحو تحقيق العدالة، ولحظة فارقة في السياسة الفلبينية، فإنها قوبلت في الداخل الفلبيني، ولاسيما في المقاطعات الجنوبية التي ينحدر منها دوتيرتي، بالإستياء والتنديد. إذ رأى فيها فلبينيون كثر مساسا باستقلالهم وسيادتهم وجرحا قوميا.

وكان من نتائج ذلك أن تدهورت شعبية ماركوس وانخفضت انخفاضا حادا من 42 إلى 25 بالمائة، مقابل ارتفاع شعبية وأسهم نائبته دوتيرتي من 52 إلى 60 بالمائة.

توجه الفلبينيون في الثاني عشر من مايو الجاري نحو صناديق الاقتراع في انتخابات التجديد النصفي للبرلمان، حيث احتدت المنافسة بين الرئيس ونائبته  وسط مخاوف لدى أنصار الرئيس من سيطرة انصار دوتيرتي على مقاعد البرلمان، وبالتالي تحويل ماركوس إلى بطة عرجاء خلال السنوات الثلاث المتبقية من رئاسته. وبالفعل، فقد أظهرت النتائج توجيه المقترعين صفعة قوية للرئيس، على خلاف العادة، وتقديمهم دفعة معنوية لنائبة الرئيس قبل جرجرتها للمسائلة بتهمة التقصير أمام مجلس الشيوخ في يوليو المقبل.

والحقيقة أن لتدهور شعبية ماركوس عند الفلبينيين أسبابا أخرى. فالرجل الذي حلّ في قصر مالاقانينع الرئاسي في عام 2022 بدعم من سلفه، وتحت يافطة استعادة الألق الاقتصادي وأجواء الضبط والربط الذي ميز عهد والده الديكتاتور "فرديناند ماركوس" في حقبة ما قبل عام 1986، سرعان ما اكتشف أن مشاكل البلاد أعقد مما تخيل، وبالتالي فشل في تحقيق أي منجز يعتد به، بل شهدت البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية من عهده مزيدا من الأزمات المالية والمعيشية التي أثقلت كاهل المواطن العادي في صورة ارتفاعات متتالية في أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية مع صعود في معدلات البطالة. ومن ناحية أخرى، فشلت خطته ووعوده للجماهير ببدء "العصر الذهبي للزراعة" في البلاد، على الرغم من اسناد حقيبة الزراعة إلى نفسه، إذ لم ينجح في تحقيق الأمن الغذائي الموعود، ولم يتمكن من كبح جماح كارتلات التهريب والإحتكار.

علاوة على ما سبق، هناك عامل آخر تسبب في فشل ماركوس، وبالتالي تدهور شعبيته، وهو عدم التآلف والتجانس داخل حكومته من ناحية، واندلاع الفوضى والخلافات ضمن فريق العمل المحيط به. بل أن الخلافات امتدت إلى عائلته، بدليل أن شقيقته النائبة "إيمي ماركوس" نأت بنفسها عن سياساته، ولاسيما تلك المتعلقة بتحالفه العلني مع واشنطن ضد بكين.

وبعيدا عن الأقاويل والمزاعم التي تحدثت عن احتمال تدخل الصين في انتخابات التجديد النصفي للبرلمان، لتفويز معكسر دوتيرتي وإلحاق الهزيمة بمعسكر ماركوس، من منطلق أن الأول مؤيد لبكين والثاني منحاز لواشنطن، فإن الأرضية باتت ممهدة لنائبة الرئيس "سارة دوتيرتي"، للصعود بعد ثلاث سنوات إلى رئاسة الفلبين كوريثة سياسية لوالدها، وكرمز من رموز الدفاع عن الكرامة والسيادة الوطنية، خصوصا وقد صارت لها مكانة عزيزة لدى الرأي العام الفلبيني الذي لا يختلف عن مثيله في دول جنوب وجنوب شرق آسيا، لجهة التعاطف القوي والتأييد الكاسح مع أي وريثة سياسية لأب أو زوج رحل مظلوما أو قتل غدرا، على نحو ما حدث مع الرئيسة الفلبينية الأسبق "كورازن أكينو"، و"ميغاواتي سوكارنوبوتري" في أندونيسيا، و"بي نظير بوتو" في باكستان، و"سيريمافو باندرانايكا" في سريلانكا.

ولعل ما يسعد السيدة دوتيرتي أكثر أن أعدادا متزايدة من الناخبين في المعاقل التي عرفت تاريخيا بتأييدها لأسرة ماركوس (مثل لوكوس ولوزون) بدأت تنحاز بهدوء إلى جانب معسكر دوتيرتي، ومنهم شخصيات وازنة كالحكام ورؤساء البلديات والمشرعين، ممن يرون أن نائبة الرئيس تمثل المستقبل وتملك مصداقية أكثر من الرئيس.

ونخالة القول أن ما يجري اليوم من تنافس بين الطرفين، ليس سوى بروفة مبكرة لما سيحدث في الانتخابات الرئاسية القادمة سنة 2028 ، وأن خلافاتهما لم تعد سياسية وعائلية فقط وإنما ذات أبعاد جهوية وأيديولوجية وشعبوية ووجودية.



د. عبدالله المدني

أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: مايو 2025م 



الخميس، 15 مايو 2025

أستراليا: تداعيات الزلزال الإنتخابي: اغتيالات وانشقاقات سياسية

تقرير عباس علي مراد


هذا هو الأسلوب المعمول به في حزب العمال وعلى أعضاء القبيلة (الحزب) القبول بنهج القبيلة

رئيس الوزراء انتوني البانيزي

انتهت الإنتخابات الفيدرالية الاسترالية إلى ما انتهت اليه، نصر انتخابي غير مسبوق للعمال منذ الحرب العالمية الثانية (93 مقعداً)، وهزيمة انتخابية هي الأولى من نوعها والاسوء لحزب الأحرار منذ تأسيسه عام 1949(43 مقعداً)،  ونهاية الحياة السياسية لزعيم الحزب بيتر داتون الذي خسر مقعده الإنتخابي، وهذا ما حصل أيضا لزعيم حزب الخضر آدم باندت الذي خسر مقعده في مجلس النواب، بالإضافة الى نائبين آخرين ليحتفظ الحزب بمقعد واحد في مجلس النواب، بينما لم تتأثر كتلة الحزب في مجلس الشيوخ (11عضواً) والمستقلين 9 مقاعد والمقاعد الأربعة الباقية ذهبت للأحزاب الصغيرة.

في الوقت الذي يستمتع حزب العمال بالإنتصار، ويتجرع الائتلاف والخضر مرارة الهزيمة الكاسحة، لكن تداعيات الزلزال الانتخابي على الاحزاب الاربعة الرئيسية لم ينجو منها الرابحون والخاسرون،

 فالرابحون بدأت مشاكلهم تطفو الى السطح، وكذلك الخاسرون الذين بدأوا  لملمة جراح الهزيمة وانتخاب قيادات جديدة وإعادة التموضع السياسي. 

حزب العمال، وقبل ان يمضي اسبوع على النصر التاريخي حتى كشرت عن انيابها الطبيعة القبلية لرؤوساء الاجنحة الحزبية ، وبدأت حرب تصفيات سياسية أطلقها نائب رئيس الوزراء ريتشارد مارلز الذي يتزعم جناح اليمين في فكتوريا، ورغبة منه في تعزيز حصته والتموضع لخلافة أنتوني البانيزي، فتخلص من النائب مارك دريفوس النائب العام السابق اليهودي الوحيد في الحكومة، ووصلت رصاصات اغتيالاته إلى نيو سوث ويلز والتخلص من أد هيوسك الوزير المسلم الوحيد في حكومة قبل الإنتخابات، لاحقاً تم ترقية آن علي لتصبح اول أمراة مسلمة عضواً في مجلس الوزراء الفيدرالي والتي تسلمت حقيبة التعددية الثقافية في الحكومة الجديدة.

 هيوسك وصف ما قام به مالرز بأنه اغتيال سياسي وبدون قناع، من شخص كان من المفترض أن يتصرف كرجل دولة، لكنه فضل أن يتصرف بأنانية وكرئيس مجموعة حزبية ولأسباب شخصية مقدماً مصلحته على مصلحة الحزب والناخبين وأستراليا، وانتقد هيوسك رئيس الوزراء أنتوني البانيزي لعدم تدخله ووضع حد لجموح  مالرز، خصوصا ان البانيزي خرج من الإنتخابات بتفويض غير مسبوق من الناخبين، لكن البانيزي رفض التدخل وبرر ذلك بان هذا هو الاسلوب المعمول به في حزب العمال، وعلى أعضاء القبيلة القبول بنهج القبيلة حيث تتوزع الأجنحة الحصص الوزارية.

البانيزي الذي يترأس جناح اليسار في الحزب والذي زاد عدد أعضاؤه ب9 نواب في الإنتخابات الاخيرة وحسب العرف الحزبي او القبلي كما اسماه البانيزي،  سوف تزيد حصته الوزارية، لذلك لم يتدخل لانقاذ هيوسك (من اليمين) الذي تم التضحية به لصالح بقاء الوزراء طوني بورك وجيسن كلير وكريس بوين وجميعهم من جناح اليمين في نيو سوث ويلز لكنهم اقرب الى البانيزي.

 من جهته البانيزي كما ريتشرد مالرز مارس نوعاً من الكيدية السياسية للتخلص من تركة غريمه السياسي بيل شورتن زعيم الحزب السابق، الذي ترك العمل السياسي فاعطى حقيبة الخدمات الإجتماعية لتانيا بليبرسك بدل البيئة حقييتها التي كانت تشغلها في الوزارة السابقة رغم انها من جناح اليسار.

مارك درايفوس المدعي العام السابق والذي اطيح به ينتمي لجناح اليمين في فكتوريا الذي يترأسه مالرز، لم يدلِ بأي تصريح عقب عزله وقد عومل درايفوس باستخفاف من قبل مالرز الذي لم يرد على مكالمته الهاتفية ليعود ويبلغه التخلي عنه لحساب حلفاء مالرز الخلص.

وزير الخزينة  جيم شالمرز برر ما  حصل بأننا بحاجة الى دماء جديدة لإعطاء دفع للعمل الحكومي، مع العلم ان هيوسك أصغر سناً منه ولديه خبرة وزارية وازنة، ولدى هيوسك رواية أخرى لتراجع حظوظه للبقاء  في  الحكومة بسبب صراحته وموقفه بشأن الرد الإسرائيلي على هجمات حماس في 7 أكتوبر(وصف ما تقوم به اسرائيل بالتطهير العرقي)  ومناقشته الموضوع داخل مجلس الوزراء واضاف  غاضبًا: "لا يمكنك الاحتفاء بالتنوع وتتوقع مني أن ابقى صامتًا في مقعدي"  وهذا ما لم يرض  وزيرة الخارجية بيني وونغ  التيلا تريد بقاء هيوسك  في الحكومة حسبما قال المحرر السياسي للهيرلد بيتر هارتشر في برنامج (انسايدرز) على قناة أي بي سي 11/5/2025.

تصرف البانيزي ولا مبالاته وعدم تدخله للحفاظ على هيوسك ودرايفوس لاقى انتقاداً قاسياً من رئيس الوزراء العمالي السابق بول كيتنغ، وكذلك فعل وزير الخارحية الاسبق كاريث ايفانز. 

حزب الأحرار بعد الهزيمة القاسية يفتقر إلى القوة اللازمة للفوز في الإنتخابات القادمة هيكليًا، لجأ أخيراً إلى انتخاب سوزان لي كأول إمراة لرئاسة الحزب منذ تأسيسه عام 1949، ولكن مجلس الحزب لم يعطيها تفويضاً كبيراً ففازت بفارق بسيط على منافسها وزير الخزينة السابق في حكومة الظل المعارضة انغس تايلر (29 صوتاً  ل لي مقابل 25 لتايلر) مما سيجعل مهمتها صعبة واقرب الى الفشل رغم انها وعدت بالعمل مع الذين انتخبوها والذين عارضوا انتخابها، وقد انتخب نائباً لها تد اوبراين الذي كان يشغل منصب وزير الطاقة في حكومة الظل السابقة التي كان  يرأسها بيتر داتون.

لي المولودة في نيجيريا والبالغة من العمر 63 عاماً تنتمي الى جناح يمين الوسط في حزب الأحرار، كانت قد  تولت مناصب وزارية في حكومات طوني ابوت ومالكوم تيرنبول وسكوت موريسن وشغلت منصب نائب زعيم المعارضة تحت رئاسة داتون وعدت بالعمل من اجل اعادة الحزب الى الساحة السياسية، ومقاربة مختلفة لاستراليا المعاصرة، واعادة النظر بالسياسات التي ادت الى خسارة الحزب الكاسحة سواء العلاقة مع النساء او الشباب وسياسة الحزب المتعلقة المتعلقة بالطاقة وزيادة اعضاء الحزب وغيرها … 

فهل ستنجح لي حيث فشل داتون وتعود وتكسب ثقة الناخبين ام انها شتفشل حيث نجح داتون بتوحيد الحزب ؟؟

حزب الوطنيين شريك الأحرار الصغير في الائتلاف اعاد انتخاب ديفيد ليتل براود لرئاسة الحزب بعد ان تحد زعامته مات كانفان، يقضي القانون الداخلي للحزب بان يصبح منصب رئيس الحزب شاغراً بعد الإنتخابات العامة بعكس الاحزاب الاخرى.

لكن الحزب لم ينج من تداعيات الإنتخابات حيث اعلنت النائبة جاسينتا برايس الانشقاق عن الحزب والالتحاق بحزب الأحرار، بعد وعد من الأحرار بانتخابها نائبة لرئيس الحزب مع تايلر لتعود ووتخلى عن ترشحها بعد ان اظهرت الارقام ترجيح كفة سوزان لي، وقد وصف زملاءها في الحزب الوطني خطوتها بالخيانة لان الحزب سوف يخسر من حصته في حكومة الظل بسبب انشقاقها بعد ان فازت بمقعده كمرشحة عن الحزب الوطني.

حزب الخضر والذي لديه آلية خاصة في اختيار زعيم الحزب، اختار الخميس 15/5/2025 السينتورة  لاريسا ووتر المولودة في كندا زعيمة للحزب، ومهريني فاروقي نائية لها، ولاريسا هي المراة الثانية التي تتولى زعامة الحزب الذي شغلته سابقاً كريستين ميلين، وجاء اختيار ووتر بعد خسارة زعيم الحزب آدم بندت منصبه في مجلس النواب بسبب تبادل حزب العمال الاصوات التفضيلية مع حزب بولين هانسون امة واحدة اليميني المتطرف، والائتلاف من أجل الاطاحة بباندت الذي نال النسبة الاعلى من الاصوات الاولية وعزى باندت هذا التصرف لموقفه من حرب الابادة التي يتعرض لها الفلسطينيين في غزة.

إذن، اكتملت صورة المشهد السياسي بعد اختيار الاحزاب لقياداتها الجديدة وتشكيل حزب العمال لحكومته التي اقسمت اليمين الدستوري امام الحاكم العام سام موستين.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه الان، هل ستطول إقامة البانيزي في اللودج بعد اداءه في تشكيل الحكومة وترك الاجنحة او القبائل المتصارعة كما اسماها تنفذ اجندتها، وعدم تدخله في وقف الاغتيالات السياسية كما قال النائب والوزير السابق أد هيوسك؟

المعروف ان حزب العمال لديه سوابق في هذا الشأن عندما انلقب على زعيمه كيفن راد عام 2010 رغم انه حقق لهم فوزراً كبير في انتخابات عام 2007 بعد 11 عام امضاه العمال في المعارضة لينصب مكانه جوليا غيلارد. 

نعم، كتب انتوني البانيزي التاريخ، وسجل له مكاناً في كتب التاريخ كما قال طوني بيري.

نعم،  اطاح البانيزي بزعيمي خصومه السياسيين الأحرار بيتر داتون والخضر آدم باندت.

نعم ، حصل البانيزي على نتيجة مهمة للعمال من حيث عدد المقاعد، وليس من حيث عدد الأصوات (نال العمال  ثلث  الاصوات فقط ) كما قال نيك ماكيم، النائب من حزب الخضر والذي شعل منصب القائم بأعمال زعيم حزب الخُضر قبل انتخاب لاريسا ووتر.

أخيراً، ارتسمت الابتسامات على الوجوه امام الكاميرات عند اداء الوزراء اليمين الدستورية في امام الحاكم  العام الثلاثاء 13/5/2025، لكن الجميع سيتذكر الدماء التي سالت في قاعة اجتماعات مجلس الحزب (الكوكس) بسبب حفنة من أصحاب النفوذ والمحسوبية التي يمارسونها في أجنحتهم وقبائلهم.

 هنا يطرح السؤال نفسه، هل سنكون أمام فريق عمل حكومي متجانس ام جماعة من المتنافسين تطغى عليها الممارسة الفئوية الانقلابية، وهل سيقبل البانيزي في حال انقلب عليه زعماء الاجنحة بما ارتضاه للوزيرين درايفوس وهيوسك، ام سيتخلى عن الكياسة او اللطف الذي قال انه لا يعني الضعف والتي تغنى بها في مناظرته الأخيرة مع بيتر داتون على القناة السابعة اثناء الحملة الانتخابية؟؟

ان غداً لناظره لقريب وكيف سيكون رد الناخبين في حال لم تقم الحكومة بتنفيذ وعودها الانتخابية والعمل على تحسين الاوضاع المعيشية للمواطنين. 

سدني

الأربعاء، 14 مايو 2025

جنوب آسيا يخلط الأوراق مجددا


بقلم د. عبدالله المدني

لم يكن الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون مبالغا حينما قال في أواخر التسعينات أن جنوب آسيا هو أخطر مكان على وجه الأرض. ففي هذه المنطقة تتواجه دولتان (الهند وباكستان) نوويتان بينهما عداء تاريخي وايديولوجي مستحكم منذ عام 1947، ونزاع مذاك على الأراضي والمياه، وتاريخ طويل من الصدامات العسكرية التي أشعلت حتى الآن ثلاث حروب ونصف (النصف هنا إشارة إلى حرب كارغيل في صيف عام 1999 التي اقتصر ميدانها على مرتفعات كارغيل وخط التماس بين قوات البلدين في كشمير)، تلقى الجيش الباكستاني في كل منها هزيمة موجعة. 

ومن هنا فأن قادة الجيش الباكستاني، سواء كانوا في السلطة أو خارجها، يشعرون بالإهانة، وضرورة الانتقام من الجيش الهندي الذي لم يكتف بهزيمة جيشهم فحسب، وإنما تسبب أيضا في عام 1971 في سلخ الجناح الشرقي للدولة الباكستانية لإقامة ما يعرف اليوم ببنغلاديش. لذا فهم يؤيدون أي تحرك من شأنه تحرير الأجزاء الواقعة من كشمير تحت السيادة الهندية. ومثل هذا التحرك عادة ما تقوم به ميليشيات وتنظيمات اسلامية كشميرية مسلحة.، لعل أبرزها جماعة "عسكر طيبة" المدرجة على قوائم الأرهاب في الهند وبعض الدول الغربية، والتي اعتاد الهنود على تحميلها مسؤولية أي خروقات أو اعتداءات، مع تحميل الباكستانيين تبعات دعمها واحتضانها.

نقول هذا توطئة للحديث عن الهجوم الذي قام به مسلحون، يشتبه بأنهم كشميريون متطرفون، يوم 22 أبريل المنصرم، في منتجع باهالغام الكشميري الخلاب، وأدى إلى مقتل 26 سائحا. وهو الحدث الذي قاد إلى توتر الأوضاع مجددا بين الجارتين اللدودتين وتبادل الإتهامات مع حشد كل منهما لجيوشه في مواجهة الآخر.

والحقيقة أن آخر ما يحتاجه العالم في هذه الظروف الدولية المعقدة، هو اندلاع حرب جديدة في جنوب آسيا، تخلط الأوراق وتوقع الضحايا وتؤخر التنمية وتقطع سبل المواصلات وتؤخر سلاسل الإمدادات وتزيد من إنهاك الإقتصاد الباكستاني.

 لكن الذين ارتكبوا مذبحة باهالغام ــ أيا كانوا ــ كانت لهم حسابات مختلفة، ودوافع أشبه ما تكون بدوافع حركة حماس في عمليتها يوم السابع من أكتوبر 2023، لجهة إعادة "القضية" إلى الواجهة دون تقدير التبعات الكارثية، خصوصا وأن قضية كشمير توارت كثيرا إلى الخلف في السنوات الأخيرة، ولم تعد على قائمة الاهتمامات الدولية. وبعبارة أخرى كانت عملية بالهالغام مقصودة في توقيتها وأهدافها من أجل تحريك المياه الراكدة في كشمير، وتحذير المجتمع الدولي من نسيان قضية الكشميريين، وإشعار نيودلهي أيضا بأن إحكام قبضتها على الولاية منذ عام 2000 لم ينجح في وأد القضية إلى الأبد، خلافا للمتداول بأن الأجيال الشابة الجديدة من هنود كشمير لم تعد تحركهم العواطف وتخلوا عن فكرة  إلحاق وطنهم بالكيان الباكستاني.

ومما لا شك فيه فإن تفاقم الأوضاع بين الهند وباكستان، واحتمال دخول البلدين في حرب جديدة، أقلق ويقلق العالم الذي لا يعيش اليوم أوضاعا سوية ويواجه معضلات وأزمات سياسية غير مسبوقة في فلسطين وأوكرانيا، وأزمات بيئية ومناخية ومائية، وحربا تجارية بين الصين والولايات المتحدة، وتهديدات ضد حركة الملاحة العالمية من قبل حوثيي اليمن. وبعبارة أخرى فإن أي مواجهة عسكرية في جنوب آسيا ستكون له آثار سلبية على الأسواق والتجارة والعملات وطرق المواصلات ومعدلات النمو والتوجهات الإستثمارية، خصوصا إذا ما استحضرنا حقيقة أن الهند خامس أكبر إقتصاد في العالم، وقوة سوقية ناشئة جاذبة للاستثمارات الاجنبية المباشرة، وأحد أهم موردي النفط العالميين، وأحد أهم منتجي البرمجيات على مستوى العالم. وبالمثل فإن الآثار السلبية ستكون أكثر وقعا على باكستان صاحبة الإقتصاد الهش المثخن بالتضخم والديون والروبية الضعيفة، ما يجعلها في حاجة ملحة لمساعدات مالية خارجية ضخمة من حليفها الصيني أو من الجهات الدولية المانحة. 

ولعل قلق العالم من حرب محتملة يبدو أكثر وضوحا، إذا ما تذكرنا أن الحروب الباكستانية ــ الهندية السابقة تمّ إحتواؤها بتدخلات دبلوماسية من قبل موسكو أو واشنطن أو بكين، لكن المشهد الجيوسياسي الحالي أكثر تشتتا من ذي قبل، مع انشغال الروس بحربهم في أوكرانيا، وانشغال الأمريكيين بصراعاتهم الداخلية، وانشغال الصينيين بحماية تجارتهم وصناعاتهم ونفوذهم في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادي، ما يعني أن شبكات الأمان الدبلوماسية السابقة التي أوقفت الحروب أو منعت توسعها لم تعد موجودة. بل يمكن القول أن انفجار الأوضاع مجددا في منطقة ذات أهمية استراتيجية كبرى كجنوب آسيا سوف يلغي أو يبطيء أو يؤجل خططا ومفاوضات قد تكون في طريقها لحلحلة مشاكل إقليمية أو دولية مستعصية. ولنتذكر في هذا السياق ما حدث في المنطقة نفسها من اقتتال وصراع في عام 1971، والذي بسببه أجل الرئيس المصري الراحل أنور السادات خططه حول "سنة الحسم".



د. عبدالله المدني

أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: مايو 2025م 

الثلاثاء، 6 مايو 2025

استراليا: الانتخابات نتائج تاريخية غير مسبوقة


كتب عباس علي مراد

 ليلة السبت3/5/2025، بدا الأمر أشبه بكارثة حادث قطار

جورج برندس وزير الادعاء العام الفيدرالي السابق من حزب الاحرار


قدم حزب الاحرار برنامج للطاقة النووية، لكن الناخبين فجروا الحزب بطاقتهم النووبة، انها كارثة انتخابية للاحرار.

مارك رايلي محرر الشؤون السياسية في القناة السابعة التلفزيونية


كانت نتائج الانتخابات الاسترالية التي جرت في 3/5/2025 تاريخية بكل ما للكلمة من معنى، حيث تعتبر خسارة الاحرار المدوية الأسوأ في تاريخ الحزب منذ تأسيسه عام 1949،بالإضافة إلى أنها المرة الأولى في تاريخ استراليا التي يخسر زعيم معارضة لمقعده (جان هاورد خسر مقعده 2007 عندما كان رئيساً للوزراء)، وقد خسر الاحرار كل المقاعد في ولاية تزمانيا ولم يبق أي تمثيل للحزب يعتد به في كل عواصم الولايات وقد خسر الحزب كل مقاعد رؤوساء الوزراء السابقين هاورد، ابوت، تيرنبول، الامقعد كوك في سدني والذي كان يشغله سكوت موريسن رئيس الوزراء الاسبق، وقد لحقت الخسارة وجوها بارزة في الحزب كان يعول عليها قيادة الحزب لإعادة بناء قدراته المستقبلية.

حزب العمال يحقق اكبر نصر انتخابي منذ الحرب العالمية الثانية، حيث يعتبر رئيس الوزراء انثوني البانيزي اول رئيس وزراء عمالي يفوز بدورتين متتاليتن، منذ فوز بوب هوك منذ أكثر من 30 عاماً، وقد وصل عدد المقاعد الى عتبة التسعين مقعداً من أصل 150.

حزب الخضر ثالث اكبر حزب سياسي في البلاد وصاحب التمثبيل المحدود في مجلس النواب، تعرض لخسارة لمقعدين في ولاية بريزبن، ورئيس الحزب آدم بندت احتفظ بمقعده في ملبورن بصعوبة، ولكن الحزب سوف يحتفظ بكتلة وازنة في مجلس الشيوخ.

يعزى فشل الحزب لاتفاق الاحرار والعمال لعدم اعطاء الاصوات التفضيلية للخضر والمستقلين، وهذا ما يؤكده المحاضرفي مادة العلوم السياسية في الجامعة الوطنية الاسترالية  جيل شبرد،  الذي وصف ذلك بالاسرا ر القذرة في السياسة الاسترالية، حيث تقوم الاحزاب الرئيسية غالبا بالتعاون لاستبعاد مرشحي حزب الخضر والمرشحين المستقلين وغيرهم من الاحزاب الصغيرة، وهذا وجه من وجوه  احتكار الحزبين الكبيرين للسلطة،  والملفت ان الخضر اعطوا اصواتهم التفضيلية في اغلبية المقاعد للعمال مما ساعد في تحقيق الفوز الكاسح.

النواب المستقلين معظمهم احتفظوا بمقاعدهم وزادات النسبة المئوية للذين صوتوا لهم. وحقق المرشحين المستقلين في غرب سدني وبدعم من مجموعة الصوت المسلم نتائج مهمة وتقدما على حزب الاحراروكان تحول ضد حزب العمال تجاوز 7%.

مجموعة الصوت المسلم تشكلت حديثاً  للضغط على حزب العمال، بسبب مواقفه المترددة من حرب التطهير العرقي في فلسطين.

فشل الحركة المعروفة صوت الوطنيين (ترامبت باتريوت)  التي يتزعمها رجل الاعمال كلايف بالمر في الحصول على اي مقعد في مجلس النواب على الرغم من انفاقه قرابة 60 مليون دولار.

 الملفت أيضاً، تراجع الاصوات الاولية للحزبين الكبيرين (العمال والأحرار) ووصلت إلى الى 67 بالمئة فقط في تراجع كبير منذ عام 1950 حيث كانت تشكل نسبة 98 بالمئة، وقرابة 80% في ثمانينيات القرن الماضي. 


ما هي الاسباب التي أدت الى هذه النتائج الكارثية للأحرار والفوز الباهر للعمال؟

لنعرض اولاً لإسباب خسارة الاحرار حسب اراء برلمانيين أحرار والمحللين الصحافيينمن كل الاتجاهات.

 بيتر داتون في خطاب الخسارة أعلن انه يتحمل المسؤولية عن تلك الخسارة، ولكنه لم يتطرق اسباب الخسارة الكارثية المدوية.

  رغم ان داتون استطاع خلال الثلاث سنوات الماضية الحفاظ على وحدة الحزب،  الا انه كان يتبع اسلوب الازدواجية في العمل، ففي الوقت الذي كان يحرص وبشدة على التواصل مع زملائه ويرد على اتصالاتهم ورسائلهم بسرعة، كان مكتبه يتجاهل الرد على الاتصالات الى درجة إهمالها، وعدم الرغبة في التعاون لحفاظ على سيطرة داتون وبإيعاز منه. 

في الاسابيع الثلاثة التي سبقت الانتخابات، بدأ داتون يفقد توازنه السياسي بسبب عوامل كثيرة، رغم ان الفرصة كانت مؤاتية داتون للوصول الى الناخبين، حيث كانت المرة الأولى التي يتناظر فيها الزعيمان تلفزيونين أربع مرات واهم اسباب الفشل:

- أن داتون وصانعي القرار في الحزب فقدوا التواصل مع احتياجات وتطلعات الأستراليين ذوي الخلفيات الثقافية المتعددة.

- اتبع حزب الاحرار استراتيجية انتخابية استهدفت ناخبي الضواحي الخارجية على حساب سكان المدن الداخلية.

- التماهي مع خطاب دونالد ترامب عندما عيّن داتون جاسينتا نامبيجينبا برايس وزيرةً في حكومة الظلّ الائتلافية لشؤون كفاءة الحكومة والتي استحضرت خطاب ترامب  بجعل أستراليا عظيمة مجدداً.

-  الافتقار الى برامج اقتصادية للمصالح الصغيرة، أو العلاقات الصناعية، أو سياسة ضريبية أو أي شيء يتعلق بالاستثمار، الا برنامج الطاقة  الذي يعتمد على الطاقة النووية والذي يلقى معارضة قوية من الخبراء لكلفته العالية قدرت (ب600 مليار دولار) ورفض داتون الحديث عن تلك الكلفة، تقديم تخفيضات بنسية 50% على ضريبة المحروقات، وكان الملفت ايضاً معارضة الاحرار للتخفيضات التي أقرتها الحكومة والتي وصفها وزير الخزينة جيم شالمرز بأنها كانت فرصة العمر السياسية للنيل من خصومه، علماً ان الاحرار تاريخيا هم الحزب الذي يعمل من أجل التخفيضات الضريبية لدافعي الضرائب.

- الحرب الثقافية، حيث ركز داتون على قضيتين اصبحتا من الماضي، الاستفتاء على إعطاء الصوت للسكان الاصليين، والتي حسمت في الاستفتاء الفاشل الذي اجرته الحكومة في 14 تشرين اول 2023. اضاءته المستمرة على مراسيم الترحيب من قبل السكان الأصليين في المناسبات، والتي يعارضها داتون، معارضته وضع علم السكان الاصلين في خلفية المؤتمرات الصحافية التي يعقدها.

 في نفس السياق فقد استحضر رئيس الوزراء البانيزي في الحملة الانتخابية تصريحات داتون العنصرية عن المهاجرين اللبنانيين عام 2016، عندما اعتبر داتون ان هجرتهم من اكبر الاخطاء التي ارتكبها مالكوم فريزر رئس الوزراء الاسبق (احرار) في سبعينيات القرن الماضي، والمعروف ان داتون رفض الاعتذار للسكان الاصليين من الاجيال المسروقة عام 2008 الذي قدمه رئيس الوزراء العمالي الاسبق كيفن راد وخرج داتون من قاعة البرلمان احتجاجا على الاعتذار.

 - عدم التركيزعلى كلفة المعيشة التي كانت تعتبرتأتي في المرتبة الاولى من اهتمام الناخبين، الا ما تقدم تخفيض الضريبة على لتر البنزين بنسبة 50%. واصبحنا نراه على محطات المحروقات وكأنه أصبح عامل متنقل بينها لالتقاط الصور.

- الهجرة طرح داتون خطة متطرفة للحد من الهجرة وقال ان سيخفض العدد الى 160 الف سنوياً، وعزى السبب لتلك الخطة ان المهاجرين يتسببون بارتفاع اسعار المنازل، وقال انه سيخفض عدد الطلاب الاجانب ب80 الف ، رغم ان قطاع الطلاب الاجانب يدر على الخزينة مبلغ 51 مليار دولار سنوياً ويعتبرهذا القطاع ثالث اهم مصادر العملة الاجنبية.

 - الاسكان قدم الائتلاف خطة لمساعدة مشتري البيت الاول بتخفيضات ضريبية تقارب 50 الف دولار لمدة 5 سنوات  مع السماح للمشترين بالاستعانة باموال معاش الادخار التقاعدي والتي اعتبرها البعض هرطقة  تفرغ الصناديق من الاموال.

- رفع ميزانية الدفاع الى %3.5 من الدخل الوطني.

- التهديد بالغاء 41 الف وظيفة في القطاع العام لتوفير المال لتغطية بعض وعوده الانتخابية. 

- الاعلان عن نيته وقف العمل من المنزل والعودة الى مراكز العمل، ليعود ويتراجع عن هذه الخطة اثناء الحملة الانتخابية لانها افقدته تأييد النساء، والملفت انه في نفس الوقت الذي كان يريد عودة العمال الى مكاتبهم  اعلن عن رغبته الانتقال الى سكن رئيس الوزراء الرسمي في كيربيلي مقابل خليج سدني، بينما اغلب المراكز الحكومية ومقر البرلمان في العاصمة الفيدرالية كانبرا!

- تبادل الأصوات التفضلية  مع حزب بولين هانسون العنصري "أمة واحدة" في 57 دائرة انتخابية مخالفاً مثاله السياسي جون هوارد الذي كان يضع "أمة واحدة"  في أسفل القائمة. 

-.مواقفه من القضية الفلسطينية، وتاييده المطلق لحرب الابادة في فلسطين، ونيته دعوة نتياهو لزيارة استراليا رغم مذكرة التوقيف بحقه من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

- انعدام الكفاءة السياسية الذي ظهر طوال الحملة الانتخابة والذي احدث صدمة لدى نواب الحزب السابقين والحاليين. 

طبعاً،ما تقدم قليل من كثير وهناك مساءل اخرى لعبت دوراً في خسارة الاحرار التاريخية.

نشير الى ان  الائتلاف خاض الانتخابات تحت شعار "لنعيد استراليا الى الطريق الصحيح"

ماذا عن إداء حزب العمال.

لم تحقق ولاية انتوني البانيزي وحكومة العمال الاولى انجازات ملفتة، رغم تراجع نسبة التضخم الى دون 3%، وتحقيق فائض في الميزانية لاول مرة منذ عقد من الزمن مرتين متتاليتين، وانخفاض سعر ا\لفائدة مرة واحدة بنسبة ربع من واحد بالمئة، وتخفيض الضرائب مرتين،  فلم نرى تغييرات جذرية واستمرت كلفة المعيشة بالارتفاع بالاضافة الى ارتفاع أسعار الطاقة والتي قدمت الحكومة تعويضات مالية غير كافية للتعويض عن تلك الزيادة.

اتسمت مقاربة البانيزي وحكومته بالحذر، لكن استراتيجيته اتت ثمارها، ونظم حملة انتخابية تم ضبط إيقاعها على أخطاء داتون وحزب الاحرار، مع تقديم بعض الوعود الانتخابية التي كان لها وقع إيجابي لدى الطبقة الوسطى وغيرها من ابناء المجتمع .

 وقد لعب العامل التاريخي خصوصا في ظل الظروف الدولية القلقة والمثيرة للريبة كحرب ترامب الاقتصادية،  دوراً مهماً لصالح الحكومة، حيث لم تسقط حكومة من دورة اولى الا مرة واحدة منذ تأسيس الفيدرالية الاسترالية،  وذلك  عندما خسرت حكومة العمال برئاسة جيمس سكولان عام 1931 ،ففضل الناخبون اعادة انتخاب حكومة العمال ومعاقبة الاحرار للأسباب التي تقدم ذكرها. 

وقد لعب ترامب وسياسته دورا ملحوظا في الانتخابات الاسترالية لصالح العمال كناخب ظل.

وتحت شعار انتخابي "بناء مستقبل أستراليا" أيضاً قدم العمال برامج انتخابية غير راديكالية لكنها جذبت الناخبين من الطبقة الوسطى والنساء  والشباب منها: 

- التخفيضات الضريبية لكل الاستراليين 1000 دولار لتغطية النفقات المتعلقة بالعمل بدون إيصال، وكانت الحكومة اقرت في ميزانيتها تخفيضات صريبية لجميع الاستراليين، بتخفيض نسبة الضريبة من 16 % الى 15 % ( 268 دولار) من الاول من تموز 2026 ،ومن 15% الى 14 %( 536 دولار) اول تموز 2027 .

- الوعد بتعزيز القطاع الصحي العام والوعد بانفاق أكثر من 8 مليار دولار لتعزيز الميديكير، وانشاء عيادات طوارئ لتخفيف الضغط عن المستشفيات.و اصبحت بطاقة الميدكير شعار انطوني البانيزي الذي يرفعها في أغلب المناسبات وحتى في خطاب النصر.

- الغاء نسبة 20% من ديون المتخرجين الجامعيين المعروفة ب(هكس)

- الاسكان دخول الحكومة مع مشتري البيت الاول في شراكة حال تأمين مبلغ 5 بالمئة من ثمن البيت مع الوعد ببناء 100000 وحدة سكنية مخصصة لهذا الغرض.

- رعاية الاطفال والتي اعتبرها رئيس الوزراء انتوني البانيزي الانجاز الذي يريد ان يقترن باسمه وباسم حكومته في المستقبل.

-الهجرة تخفيض العدد السنوي الى 260 الف مهاجر.

- مجانية التعليم المهني. 

- رفع ميزانية الدفاع الى 2.3 % من الدخل الوطني حتى العام 2030

- الطاقة ركز العمال على بناء برامج الطاقة النظيفة، وعلى ان يكون الغاز المكون الرئيسي خلال الفترة الانتقالية، ورفض البانيزي تقديم وعد بأن أسعار الطاقة ستنخفض في المستقبل القريب، وكان الملفت في الحملة الانتخابية عدم ظهور وزير الطاقة الفيدرالي كريس بوين. 

وهناك بعض الوعود التي تخص بعض الولايات للمساعدة  في بناء البني التحتية.

 اما بالنسبة الى السياسة الخارجية فقد التزم الحزبين بالتحالف مع الولايات المتحدة، واستمرار اتفاقية اوكس لشراء الغواصات العاملة بالطاقة النووية، وقد غابت كليا المسالة الفلسطينية والمجازر التي ترتكبها أسرائيل بحقهم، والتزم العمال بمساعدة اوكرانيا بينما تردد الاحرار بذلك خصوصاً لجهة ارسال جنود استراليين للعمل في أي قوة سلام بين روسيا واوكرانيا.

وكان الملفت للنظر بشكل فاقع عدم زيارة أي من الزعيمين لمناطق السكان الاصليين ولم يأتيا على ذكرهم في المناظرات التلفزيونية الاربع التب اجريت، ولا عن كيفية ردم الهوة بين السكان الاصليين وغيرهم من السكان، حيث يقل متوسط عمر السكان الاصليين عن غيرهم على بعشرة أعوام.

ماذا بعد الانتخابات؟

اولاً، الاحراربحاجة الى انتخاب زعيم ليس عادياً، وهذا ما يفتقر اليه الحزب حالياً بسبب الهزيمة التاريخية وبدء تبادل الاتهامات بين اعضاءهن  بدل ان يسعى الاحرار الى تشريح جثة الحزب السياسية  ليعود الى لعب دور فاعل في السياسة الاسترالية أقله بعد دورتين انتخابيتين.

ثانياً، العمال من جهتهم يجب ان لا تسكرهم نشوة الفوز، والبدء بالعمل من اجل بناء مستقبل استراليا، وان يقرن رئيس الوزراء البانيزي القول بالفعل كما جاء في خطاب النصر بأنه سيعمل لخدمة كل الاستراليين، وخصوصا الذين انتخبوا العمال لأول مرة ووعدهم بأنه لن يخيب أمالهم.

من جهته وزبر الخزينة جيم شالمرز أكد انه سيركز على زيادة الانتاجية ولم يعطي أية تفاصيل، 

وكما نقول فإن غدا لناظره لقريب، ونحن بانتظار السياسات الاقتصادية وغيرها التي سيتبعها العمال وينفقون عليها راسمالهم السياسي الذي قدمه لهم الناخب الاسترالي بشكل غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية.

دور الاعلام 

كالعادة في كل انتخابات يلعب الاعلام دوراً محورياً، ولكن الأيام التي كان يقرر فيها روربرت مردوخ القطب الاعلامي من سيكون رئيس الوزراء ولت والي غير رجعة رغم ان البعض ما رزال يعتقد ذلك. 

وحسب تقرير الأخبار الرقمية الصادر عن جامعة كانبيرا أحد أكثر المقاييس موثوقية لاتجاهات وسائل الإعلام، يُظهر أن أكثر من نصف الأستراليين يتابعون الأخبار أكثر من مرة يوميًا ، مما يعكس مستويات عالية جدًا من الاهتمام بالشؤون الجارية، بما في ذلك بين الشباب. ويتزايد عدد من يحصلون على أخبارهم من وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي تقرير نشر في الغاردين أستراليا عن وسائل الإعلام التي يثق بها الأستراليون أكثر تأتي  في المرتبة لان الصحفيين في هيئات البث العامة مقيدون بتوقعات صارمة بالموضوعية. SBS و ABC الاولى 

تليهم في تصنيفات الثقة وسائل التلفزيون التجارية ومواقعها الإلكترونية، بالإضافة إلى وسائل الإعلام الصحفية الأخرى. وفي أسفل القائمة، تأتي وسائل 

News Corporation، News.com.au ،Sky News ،Herald Sun ،Daily Telegraph.

في أعقاب الهزيمة الانتخابية لحزب الاحرار يشير المعلقون من جميع الأطياف السياسية، إلى أن الإفراط في الاستماع إلى سكاي نيوز والتفاعل معها، ومع أمثال شاري ماركسون التي تدعم داتون، وبيتا كريدلين التي تعتقد انه يجب أن يكون هناك المزيد من الحرب الثقافية، لا أقل، وأندرو بولت الذي يعتقد أن الناخبين أخطأوا ، هو سبب ابتعاد  حزب الاحرار بشكل واضح عن الطبقة الوسطى في أستراليا. 

أخيراً، ا مرة أخرى يثبت الاستراليون، انهم يملكون الوعي الكافي لضبط الإيقاع السياسي في البلاد، ومنع اي حزب يحاول التفريط بمصالح الشعب الأسترالي الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية… 

وهذا ما حصل لداتون الذي تشظى حلمه بالسكن في كيريبيلي وخسرمقعده، ليدخل التاريخ الأسترالي المعاصر من بابه الواسع، كاول زعيم معارضة يخسر مقعده الانتخابي ونهاية سياسية مأساوية وتدمير ثاني اكبر حزب في البلاد بعد ان فجره الناخبين بطاقتهم الانتخابية النووية.


سدني


قلق في اندونيسيا من إغراقها بالبضائع الصينية

 


 

د. عبدالله المدني*

تعد أندونيسيا الشريك التجاري الأكبر للصين في جنوب شرق آسيا، خصوصا منذ تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة بين دول الآسيان والصين أوائل العام 2010، حيث راح حجم التبادل التجاري بينهما يتضاعف شيئا فشيئا حتى بلغ قيمته اليوم حوالي 36.1  مليار دولار أمريكي. كما أن الصين هي ثاني أكبر مانح للمساعدات الخارجية لأندونيسيا بعد سنغافورة.

وتشير الاحصائيات الرسمية إلى أن أندونيسيا استوردت من الصين في عام 2024 ما قيمته 72.7 مليار دولار من البضائع الصينية المتنوعة (أجهزة إليكترونية وكهربائية، أدوات منزلية وزراعية، مركبات، منسوجات، أثاث، سيراميك)، وصدرت لها ما قيمته 62.4 مليار دولار من الفحم وزيت النخيل والسبائك الحديدية والنيكل والخشب والمواد الغذائية).

لقد وجدت بكين في أندونيسيا مكانا ملائما لتصريف منتجاتها الرخيصة، لأسباب عوامل كثيرة منها: قربها الجغرافي النسبي لموانيء التصدير الصينية، عدد المستهلكين الهائل في أندونيسيا التي يبلغ عدد سكانها نحو 282.5 مليون نسمة وبالتالي وجود كتلة شرائية ضخمة (من حيث العدد) مقارنة بدول آسيان الأخرى، بحث المستهلك الأندونيسي عن سلع رخيصة تناسب دخله المنخفض، ووجود شريحة ضخمة من الأندونيسيين من ذوي الأصول الصينية التي تميل عاطفيا نحو المنتج الصيني وتشجعه. غير أن أصواتا اندونيسية كثيرة في البرلمان والإعلام ارتفعت منذ سنوات تحذر من تدفق المنتجات الرخيصة من الصين، قائلة أنها تشكل ضررا بالصناعة المحلية، ومطالبة بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة، أو إعادة التفاوض حولها.

هذه الأصوات عادت اليوم بقوة، بعد الإعلان عن الرسوم الجمركية الترامبية الكبيرة على الصادرات الصينية. حيث يخشى قطاع الأعمال المحلي في أندونيسيا من قيام بكين بتوجيه ما تفشل في تصديره إلى الولايات المتحدة نحو أندونيسيا على اعتبار أن الأخيرة من أكبر وأقرب الأسواق الآسيوية إليها.

ولأن أكثر قطاع اندونيسي سيتضرر من ذلك هو قطاع المنسوجات الذي يعد من قطاعات البلاد الرئيسية، فقد كانت أصوات أربابه هي الأعلى والأكثر قلقا. بل اتخذت من معرض "إندو انتيرتيكس Indo Intertex" التجاري الضخم للمنسوجات والملابس، الذي أقيم هذا الشهر في جاكرتا، مكانا للتعبير عن مخاوفها، خصوصا وأن الصين كانت حاضرة في المعرض بقوة من خلال آلاف الأكشاش المروجة لمنسوجاتها من القطن والحرير والبوليستر، والمروجة أيضا لصناعاتها من الآلات المستخدمة في الغزل والصباغة والطباعة والتشطيب.

والحقيقة أن أرباب الأعمال، من الأندونيسيين العاملين في قطاع المنسوجات وغيرها من القطاعات، لا يشتكون فقط من إغراق الصينيين لأسواقهم بالسلع الرخيصة، وإنما يشتكون أيضا من قيام شركات صينية بتهريب منتجاتها إلى أندونيسيا، عبر استغلال طبيعة البلاد الجغرافية كأرخبيل مكون من آلاف الجزر الصغيرة المنتشرة على مسطح مائي واسع، وذلك تفاديا للرسوم الجمركية المرتفعة (100 ــ 200%) التي فرضتها جاكرتا بهدف حماية صناعاتها الوطنية. وهذا ليس تجنيا على الصين، وإنما هو أمر واقع يسنده تصريح الرئيس الأندونيسي "سوبيانتو برابوو" في ديسمبر من العام الماضي، حينما قال بحزم ووضوح، تعقيبا على إفلاس شركة سريتكس الأندونيسية لصناعة المنسوجات بسبب التهريب والمنافسة الصينية: "يهدد تهريب المنسوجات من الخارج صناعة النسيج لدينا، ويهدد حياة مئات الآلاف من عمالنا، ولكن إذا هددت حياة الشعب الأندونيسي واقتصاده فسنغرق سفن التهريب تلك".

والجدير بالذكر في هذا السياق أن الحكومة الصينية وبعض المستثمرين الصينيين حاولوا في عهد الرئيس الأندونيسي السابق "جوكو ويدودو" أن يسيطروا على صناعة المنسوجات في أندونيسيا بالكامل من خلال عروض ومقترحات حول استعدادهم لإنشاء سلسلة من مصانع النسيج الصينية في مناطق متفرقة مثل "كيرتاجاتي"، و"ماجالينكا" و"سوبانغ" و"كاراوانت" و"سوكوهارغو" و"بريبيس"، وغيرها، مع إغراءات بتوظيف نحو 150 ألف عامل.

وإذا كانت المخاوف السابقة حقيقية ومبررة، ومن ضمن التداعيات السلبية المحتملة للأزمة الأمريكية ــ الصينية الراهنة على أندونيسيا، فإن بعض الاندونيسيين يقف عند تداعياتها الإيجابية، ومنها أن قرار الرئيس ترامب برفع الرسوم على الصادرات الصينية إلى نحو 145% على جميع السلع يفتح المجال أمام أندونيسيا لزيادة حجم صادراتها إلى الولايات المتحدة، لتعويض المستهلك الأمريكي بسلع بديلة عن الصينية (بلغت قيمة الصادرات الأندونيسية إلى الولايات المتحدة في العام الماضي 26.3 مليار دولار، وتكونت تحديدا من الملابس والمنسوجات والأحذية الرياضية والأجهزة الإلكترونية). ومنها أيضا أن أندونيسيا قد تستفيد من الحرب التجارية بين بكين وواشنطن من خلال تشجيع الشركات الأمريكية المستثمرة في الصين على الأنتقال منها إلى  أندونيسيا.



د. عبدالله المدني

أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: أبريل 2025م 

 


الاثنين، 5 مايو 2025

بيان: الحوار والتوافق السوريّ هو الفيصل والسدّ في وجه الفتنة ومشعليها



 الحركة التقدّمية للتواصل- درب المعلّم


تعرّض الدروز في سوريَة في الأيّام الأخيرة إلى حملة مسعورة من التعدّيات والاعتداءات في مواقع شتّى؛ جرمانا، صحنايا والأشرفيّة من أحياء الشام الكبرى، والصورة الكبيرة وقراها في الجبل، على يد "قطعان منفلتة" راح ضحيّتها العشرات من الضحايا قتلًا وتنكيلاً. الحركة تبيّن:

أوّلا: الاحتكام إلى الحوار هو الفيصل وهو السدّ في وجه الفِتن ومشعليها، ألم يجئ في موروثنا: والفتنة أشدّ من القتل؟! وألم يجئ: الجهل مع الدين إرهاب؟!  

ثانيًا: النظام الجديد في سوريَة يتحمّل كامل المسؤوليّة عن هذه التعديّات والاعتداءات من قبل الفصائل المسلّحة المعتدية والمنفلتة حسب وسائل إعلامه، وهو المطالب بلجمها والاقتصاص منها إذا صحّ ذلك وإن لم يصح. وما دام منفتحًا على الحوار كما هو بائن يجب استثمار هذا الانفتاح حقنًا للدماء؛ دماء كلّ السوريّين. 

ثالثًا: نثمّن عاليًا مواقف الغالبيّة العظمى من القيادات العربيّة الدرزيّة في سوريَة رفضًا لمخطّطات التقسيم وزرع الفِتن، وإطلاقها مبدأ الحوار حفاظًا على السلم الأهليّ وحقن الدماء. ونثمّن رفضها القاطع لأيّ تدخّل خارجيّ ووأد الأصوات التي تدعو لمثل هكذا تدخّل على قلّتها. 

رابعًا: الدعوة للتدخّل الإسرائيلي من أيّ كان من هنا، والدعوة لاستجلابه على يد أيّ كان هنالك، هو عمل يفتقد إلى الحدّ الأدنى من البصيرة، ولا يجلب لدروز سوريَة وكلّ الدروز إلّا الويلات. فالتدخّل الإسرائيلي في سوريّة ليس بجديد ووثائق الحركة الصهيونيّة قبل قيام الدولة وبعدها تملأ الإرشيفات وما علينا إلّا أن نقرأ. تدخّلها هذا ليس بحاجة لاستدعاءٍ من أحد ولا استجداء من أحد فهو جزء من أمنها القوميّ كما تدّعي، والداعون هم لديها لا في العير ولا في النفير!

ما يحرّك إسرائيل أكبر من يدركه مثل هؤلاء وأولئك، فالدويلات الطائفيّة هي مصلحة عليا للحركة الصهيونيّة ويهوديّة دولتها؛ إسرائيل. وسوريّا بتركيبتها هي أكبر المرشّحين لديها لتحقيق هذا الهدف؛ الدويلات القائمة على الطائفيّة هي شرعنة ليهوديّتها أمام العالم.

خامسًا: تصريحات نتانياهو والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور لمن يمسّ ب"الأخوة الدروز!" وترديدها على يد ببغاواته في حكومته صبح مساء، هي في خدمة أجندته أعلاه لا حبّا في الدروز هنا ولا غرامًا في الدروز هنالك. والأخطر كان ترويجها على يد الموالين من الدروز، فعدا عن الخطر الكامن في استفزاز مشاعر السوريّين تجاه الدروز واستقدام الاستعداء لهم فهي إعطاء حجج للمتربّصين شرّا بالدروز في سوريَة نفسها وهم كُثر، وها هي أذرت بها الرياح بها كما تذري بالقاذورات في أزقّة جرمانا وصحنايا والأشرفيّة والصورة الكبيرة. 

سادسًا: الحزب التقدّمي الاشتراكي اللبناني دفع دماء مؤسّسه حفاظًا على انتماء الدروز العروبيّ الإسلاميّ، ووريثه يسير على هذه الدرب وقد رأى أهوال الاقتتال والدماء في حرب الجبل في لبنان حفاظًا على الدروز ممّن درّبتهم وسلّحتهم إسرائيل... أنسيتم؟! وإذ يعمل على الحوار اليوم محذّرا ممّا يُحاك للدروز وحرصًا على دماء الدروز السوريّين يصير كافرًا؟! ويا لقول أفلاطون: "الجهل مع الدين إرهاب".

سابعًا: قلنا وكرّرنا أنّنا على ثقة أنّ أهل الجبل محصّنون بتراثهم النضاليّ القوميّ العروبيّ ولن يفرّطوا بهذا التراث المجبول بدمائهم كما تراب الجبل، هذه الثقة تتعزّز كذلك في هذه الأيّام العصيبة حين نرى منهم المواقف التي نعهدهم بها؛ الاستعداد للتضحية وردّ أيّ عدوان والاحتكام إلى العقل والحوار. والبشائر الآتية عن نجاح الحوار والتوافقات وبدء تنفيذها تثلج الصدر، فالحوار ثمّ الحوار هو الطريق لحقن الدماء والسدّ المنيع أمام المتربصيّن شرّا بسوريَة وأهلها وأمنهم وأمانهم.  

اليوم الأحد الموافق 5 أيّار 2025

اللجنة التنفيذيّة؛ عماد دغش 4030870-050، مازن فرّاج 7799180-050، عماد فرّو 8249826-050، صلاح حلبي 3281222-054، فوّاز سويد 5737702-050، سامي مهنّا 2234519-954، عبد الله خير الدين 7346636-052، عبد الله شاهين 7079791-052، يامن زيدان 3060522-052 وسعيد نفّاع 7208450-050.