الاثنين، 30 يونيو 2025

الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم: حقنا بالاقتراع للنواب في الدوائر الانتخابيّة مُقدّس



تحية للنواب المؤيدين، والشكر الكبير لسينودس المطارنة الموارنة في الانتشار


إنّ الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، والممثل للمنتشرين في أصقاع المعمور، هالها ما رأته اليوم في متابعتها لوقائع جلسة مجلس النواب، ومحاولة البعض عدم طرح موضوع اقتراع المغتربين على جدول الأعمال، رغم العريضة النيابية الموقعة من سبعين نائباً، وعليه نعلن ما يلي:


أولاً: إنّ حقنا بالاقتراع مقدّس، ومكفولٌ بالدستور، وليس منّةً من أحد.

ثانياً: بعد ما حصل في لبنان من حروب وخراب ودمار، وبعد سرقة ودائع اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، وبعد استمرار الفساد وهدر المال العام المستمر، وبعد تفلت السلاح الذي أفضى إلى نزع قرار الحرب والسلم من يد الدولة، مما أدى إلى النكبات المتتالية، وبعد انتخاب عهد جديد توسّم فيه اللبنانيون خيراً على طريق التغيير للواقع المشؤوم الذي أوقعتنا فيه منظومة الفساد التي تحاول الهروب إلى الأمام قبل المحاسبة على فشلها الذريع، نعلن، وبالفم الملآن ما يلي:

1. نرفض محاولات البعض في مجلس النواب لضرب حقنا لانتخاب كامل أعضاء المجلس، وسوف ننشر، وعلى الملأ، لائحة الشرف، ولائحة قلّة الشرف، ممن يؤيدون أو يعارضون هذه الحقوق، والزمن بيننا وبينكم الفيصل، ولن نسكت على ضيم، وساحات الاغتراب ستكون الشاهد.

2. فليخجلوا لما صنعت أياديهم من دمار، وخراب، وحروب، وانهيار مالي واقتصادي، لقد أثبتوا أنهم منتهو الصلاحيّة ويجب تغييرهم، لذلك، هم يعوّلون على محادلهم الطائفية، لا بل المذهبية، وعلى الترغيب حيناً، والترهيب أحياناً بحق المقترع المقيم، لذلك، يهالهم ويخيفهم المقترع المغترب الحر، الذي لا يقيم وزناً لترغيبهم، أو يعير اهتماماً لترهيبهم، وعليه، وبعد سرقة أموالنا التي جمعناها تعباً وعرقاً في الاغتراب، لا من سرقات وصفقات مشبوهة في الوطن، نحن لن نسكت، وسنجعل من كل زاويةٍ في الاغتراب مذلةً لهم، وتصفية حساب.

3. نحن ندعو النواب جميعاً إلى اتخاذ الموقف المشرّف، ليس بحقنا، بل بحق الوطن، فكفى هروب البعض إلى الأمام، فالقضيّة ليست السلطة والنفوذ، بل واقع مرير أثبت القيمون عليه أنهم ليسوا جديرين، فآن أوان التغيير.

4. نحن الذين لمّا نزل نضيء شمعةً في الليالي الحالكة التي وضعتم فيها الوطن، والأمل المعقود للازدهار المعهود، وعنوان التغيير المنشود، ولن نحيد عنه قيد أنملة.

5. ونحن، إذ نحيّي النواب، أفراداً، وتكتلات، وأحزاباً، والذين يحملون هذه القضيّة المشرفّة خارج مجلس النواب وداخله، نطالب الآخرين بإعادة النظر بمواقفهم المترددة، أو المعارضة، فالاغتراب ينتظر.

6. نتقدم من سينودس مطارنة الاغتراب الموارنة الذي صوّت في اجتماعه الأخير تأييداً لمطالب الاغتراب في الاقتراع بالشكر والامتنان، ولقد أبلغ موقفه لفخامة الرئيس، فنحن سنكون إلى جانب أصحاب السيادة الموارنة على الأرض، وبجانبهم في الاغتراب لحشد الطاقات حفاظاً على حقوقنا الدستورية، ونهيب بكل قوى الاغتراب الروحية والمدنية للتكاتف، والانضمام إلى هذه المعركة، معركة الحريات بامتياز.

 أخيراً نقول: إذا كان للتهويل جولة، فللحق ألف جولةٍ وجولة، فإذا ما قُيّض لكم أن تسلبوا حقوقنا، ستفتحونها معركة، فسنقضّ مضاجعكم إذا ما فرطتم بالحقوق، ولسوف تروننا في الجاليات، وفي أروقة الأمم المتحدة، وكتاباتنا، وكتبنا واجتماعاتنا مع حكومات دول الإقامة، نحمل دفاتركم الملوثة على الملأ، لأنّ زمن البلطجة ولّى، ولأنّ لبنان يستحق!



الأحد، 29 يونيو 2025

الكتاب الذي وجهته الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم لنُوابِ الأُمّة وفيه اقتراحات الجامعة بشأن تعديل قانون الانتخابات



حضرات السيدات والسادة نُوابِ الأُمّة المحترمين


الموضوع: اقتراحات الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بشأن تعديل قانون الانتخابات


تتوجّه إليكم الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بجملة من الاقتراحات المستخلصة من النقاشات الواسعة التي أجرتها مع الجاليات اللبنانية المنتشرة في دول الاغتراب، ولا سيما مع أبناء الانتشار الذين ما زالوا يشعرون بانتماء راسخ إلى وطنهم الأم، ويتطلّعون إلى المساهمة الفاعلة في مسار الإصلاح والتغيير عبر أصواتهم.

نأمل منكم إدراج هذه الاقتراحات في صلب النقاشات الدائرة حالياً ضمن العقد الاستثنائي لمجلس النواب، لا سيما فيما يتعلّق بقانون الانتخابات النيابية.


1- إلغاء المقاعد الستة المخصصة للاغتراب

تدعو الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم لتعديل المادة ١١٢ من قانون ٤٤/٢٠١٧ وملحقاتها وإلغاء المقاعد الستة المخصصة للاغتراب ومنح المقيمين وغير المقيمين حقوقاً متساوية في التصويت لـ ١٢٨ نائب في دوائر مكان قيدهم على مساحة الوطن وللأسباب التالية:

1-1 حفاظاً على مبدأ المساواة بين الناخبين المقيمين وغير المقيمين.

1-2 لعدم اختزال الصوت الاغترابي ب ٦ نواب او أي عدد من النواب

1-3 لإبعاد شبح الانقسامات السياسية والاجتماعية عن كاهل المغتربين

1-4 لتجنيب المغتربين مغبة الانزلاق في المستنقعات الطائفية

1-5 مع التقديرات الحالية التي تشير إلى وجود حوالي مليون إلى 1.5 مليون ناخب لبناني في الاغتراب، لا يمكن اعتبار المغتربين اللبنانيين المنتشرين حول العالم دائرة انتخابية واحدة لأن ذلك يخلق دائرة هجينة تشمل ست قارات، مما يصعّب الحملات الانتخابية ويحدّ من تأثير تصويت الاغتراب.

1-6 ان معظم المغتربين المسجلين هاجروا لبنان قسرياً لعوامل أمنية واقتصادية، ولا يزالوا متعلقين بمدنهم وقراهم، فمن الواجب إشراكهم في التأثير على مجريات الأمور المحلية، وكأنهم ما زالوا يسكنون فيها.


2- آليات الاقتراع في الانتخابات النيابية اللبنانية في الاغتراب

من خلال تجربتنا في انتخابات 2018 و2022، ومن مرحلة تسجيل الناخبين وتنظيم الأوراق الرسمية حتى يوم الاقتراع، حددنا النقاط الأساسية لتحسين تسجيل الناخبين ومشاركتهم:

2-1 عرض أسماء المرشحين على لوائح اقتراع المغتربين بلغة البلد المضيف (او بالحرف اللاتيني) إلى جانب اللغة العربية، ما يسهل على الناخبين الشباب غير المتمكنين من العربية اتخاذ قرارات مستنيرة دون مساعدة خارجية.

2-2 تمديد فترة تسجيل المغتربين للتصويت إلى ستة أشهر؛ حيث ينص قانون الانتخابات على موعد نهائي للتسجيل في 20 تشرين الثاني، بينما لم يُمنح الناخبون في الخارج عام 2022 سوى شهر وعشرين يوماً، مما أثّر سلبا على عدد الناخبين المسجلين والمشاركين.

2-3 تحديد موعد الانتخابات في وقت مبكر؛ ما يتيح للناخبين المغتربين التخطيط لمكان الاقتراع والتسجيل تبعاً لذلك، مع أخذ السفر والأعياد بعين الاعتبار.

2-4 خفض الحد الأدنى المطلوب لعدد الناخبين المسجلين من 200 إلى 100 لكل مركز انتخابي، واحتساب البعثات الدبلوماسية المقيمة وغير المقيمة التابعة لها كمركز انتخابي واحد عند احتساب العدد؛ فالعوائق اللوجستية في القانون الحالي أجبرت العديد من الناخبين على الانتقال إلى دول/ولايات أخرى للإدلاء بأصواتهم، مما قلل من نسبة المشاركة.

2-5 زيادة عدد مراكز الاقتراع في المدن الكبرى لضمان مشاركة واسعة النطاق.

2-6 حماية البيانات الخاصة بغير المقيمين وضمان عدم حصول بعض الفئات النافذة دون اخرى على اللوائح الخاصة بالتسجيل في السفارات قبل نشرها بشكل رسمي وفي الوقت الموحد قانوناً.

2-7 السهر على ان يكون اسم الناخب في أقرب قلم اقتراع لمكان السكن الذي قام بالإبلاغ عنه، وفي رقعة جغرافية قريبة لا تحتاج السفر لمسافات طويلة.

2-8 التصويت مستقبلاً على شبكة الإنترنت، هذا النظام تم اختباره في اقتراع المغتربين في العديد من البلدان.


الخاتمة:

تأتي الانتخابات النيابية اللبنانية لعام 2026 في وقت حاسم من تاريخ لبنان الحديث. في ظل الارتفاع الحاد في معدلات الهجرة بسبب الأزمة الاقتصادية، والنزوح الناتج عن اضطرابات الحدود الجنوبية والحروب في المنطقة. من الضروري أن تُجرى الانتخابات بطريقة تضمن مشاركة جميع المواطنين وتحافظ على الأمل في لبنان أفضل. يلعب الاغتراب اللبناني دوراً أساسياً في الاقتصاد اللبناني ومن البديهي ان يشرك أيضا في الحياة السياسية. إن ضمان مشاركة المغتربين الكاملة والعادلة في انتخابات 2026 هو خطوة محورية نحو لبنان أكثر تمثيلاً وشمولاً وديمقراطية.

لذا نحث مجلس النواب على تجنب أي مماطلة بإقرار الإصلاحات أعلاه، وعلى أخذ هذه المطالب بعين الاعتبار ودمجها ضمن الإصلاحات المنتظرة لقانون الانتخابات لضمان عملية اقتراع عادلة وشفافة، لا سيما بالنسبة للمواطنين اللبنانيين المقيمين في الخارج.

ونتطلع إلى مزيد من النقاش حول هذه القضايا، ونحن على استعداد للتعاون من أجل تحقيق عملية انتخابية عادلة وفعالة.


الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم


الأربعاء، 25 يونيو 2025

بسبب تايوان .. اهتمام صيني بحرب إيران وإسرائيل


  

بقلم: د. عبدالله المدني*

يمكن القول أن الصين هي من أكثر الدول اهتماما ومراقبة للحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل منذ اندلاعها فجر يوم 13 يونيو الجاري. وهذا ليس فقط من باب الخوف على نظام طهران الحالي الذي ربطتها ببكين علاقات تحالف وصداقة وتعاون عسكري واقتصادي واستراتيجي على مدى السنوات الماضية، ولاسيما منذ اشتعال المنافسة والحروب الاقتصادية الصينية الأمريكية (على الرغم من وجود علاقات صينية إسرائيلية قوية موازية) وإنما أيضا من باب التعرف على مدى كفاءة الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية التي تحارب بها إسرائيل، كونها أدوات قتال أمريكية الصنع، بل من أحدثها وأكثرها تطورا في العالم.

ومراقبة كفاءة هذه الأسلحة والمنظومات التكنولوجية المرتبطة باستخدامها وتوجيهها، أمر في غاية الأهمية لصناع القرار في بكين وقادة الجيش الأحمر الصيني لأنها ستحدد مسار ومصير أي مواجهة في المستقبل بين الصين والولايات المتحدة بشأن تايوان، علما بأن تايوان التي تصفها بكين بالفرع المنشق عن التراب الصيني، والذي يجب أن يعود إلى الأصل سلما أو بالحرب إنْ اقتضى الأمر، تمثل للولايات المتحدة الأمريكية أهمية استراتيجية كبرى في سياساتها الخاصة في الشرق الأقصى والمحيطين الهندي والهادي، قد تتساوى مع أهمية إسرائيل لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط، مع الفارق لجهة المعطيات والأسباب، بطبيعة الحال.

هذه المقدمة تجرنا إلى الحديث عن التصعيد والحرب الكلامية الذي حدث مؤخرا بين بكين وواشنطن، من خلال وزير الدفاع الأمريكي "بيت هيغيست

 والمسؤولين الصينيين. إذ أن الوزير الأمريكي انتهز فرصة مشاركته في حوار شانغريلا الدفاعي في ستغافورة في اليوم الأخير من مايو المنصرم ليصف الصين بأنها دولة تمثل خطرا على السلام في منطقة المحيطين الهندي والهادي لأنها "تسعى إلى أن تكون قوة مهيمنة في آسيا ومسيطرة على الكثير من أجزائها"، فيما رد الصينيون قائلين أن تصريحات الوزير الامريكي مسيئة، وتبث الفرقة، وتتجاهل دعوات الصين المتكررة إلى السلام والتنمية، وتدعو إلى التأجيج بعقلية حقبة الحرب الباردة. 

لقد كان واضحا أن أكثر ما أثار الصينيين أثناء حوار شانغريلا هو مخاطبة هيغيست للمؤتمرين بالقول أن هناك تهديد صيني وشيك لتايوان، وبالتالي ضرورة أن تقوم الدول الآسيوية بتعزيز دفاعاتها وزيادة انفاقها العسكري والعمل مع الولايات المتحدة لمنع الصين من الترهيب والتوسع والهيمنة.

يقول توني يانغ، وهو هارفاردي من أصول تايوانية وأستاذ مشارك في جامعة جورج واشنطن الأمريكية، في مقال كتبه بهذه المناسبة ما مفاده أن صناع القرار في واشنطن وتايبيه يصرون علنا على أن المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين تعزز من قيمة تايوان الجغرافية والاستراتيجية كموقع فريد وجسر تكنولوجي واقتصادي بين الابتكار الغربي والقدرة التصنيعية الصينية، فيما الحقيقة (والكلام للكاتب) هي أن هذا الجسر يزداد ضعفا باستمرار تحت وطأة التنافس والخلافات والمماحكات الصينية الأمريكية، بمعنى أن الكثير من الأهمية الإقتصادية لتايوان ونفوذها الدبلوماسي يتجه نحو الانهيار والتراجع، الأمر الذي يستدعي اهتماما امريكيا أكبر بها.

دعونا نفصل أكثر ما ذهب إليه الأكاديمي يانغ. فمما لاشك فيه أن تايوان كانت ذات قيمة اقتصادية كبيرة عندما كانت واشنطن وبكين متعاونتين اقتصاديا. إذ كان لدى كليهما دوافع قوية لتجنب المواجهة العسكرية بشأن تايوان. هذه المعادلة اختلت الآن بدخول الطرفين في منافسة استراتيجية وحرب تجارية. ونجد تجليات ذلك في موضوع صناعة "أشباه المواصلات" على سبيل المثال، وهي صناعة ازدهرت وهيمنت عليها تايوان لأنها نجحت في أن تكون قادرة على تلبية التقدم التكنولوجي الأمريكي واحتياجات التصنيع الصيني في آن واحد. لكن مع تفكيك واشنطن للنظام المتكامل لسلاسل التوريدات العالمية، تجد تايوان نفسها في ورطة؛ فالقيود الحالية المفروضة على تصديرها لأشباه الموصلات المتقدمة ومعدات تصنيعها تفرض عليها الامتثال لمطلب واشنطن بالتخلي عن فكرة الوصول إلى الأسواق في الصين التي لا تزال أكبر شريك تجاري لها، وفي حال مقاومتها لهذه الضوابط والمطالب الأمريكية، فإنها تغامر بفقدان الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية الحيوية والضمانات الأمنية.

عدا موضوع أشباه الموصلات، هناك مسألة استنزاف المواهب، بمعنى أن إغلاق واشنطن أبوابها أمام الطلاب الصينيين برفض منحهم تأشيرات دراسية أومنع التحاقهم بتخصصات وجامعات أمريكية معينة، يقوض مصالح تايوان بطريقة غير مباشرة وغير مقصودة. فهؤلاء الطلبة، قد يوجهون للإلتحاق بجامعات أوروبية أو آسيوية متقدمة علميا، ثم يعودون بحرية ودون قيود إلى البر الصيني لتعزيز قدرات الصين العلمية والتكنولوجية ومزاحمة تايوان. ولعل الأدهى من هذا هو أن بعض الطلاب والباحثين التايوانيين وقعوا ضحية لقوانين الهجرة الأمريكية الجديدة، بسبب عدم تمييز مسؤولي الهجرة بين جمهورية "الصين الشعبية" الشيوعية وجمهورية "الصين الوطنية" أي تايوان.



د. عبدالله المدني

*أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: يونيو 2025م

الثلاثاء، 17 يونيو 2025

كيف ستتصرف سيئول بعد انتخاب ميونغ رئيسا جديدا؟


 

بقلم: د. عبدالله المدني*

بعد أن إنفض العرس الإنتخابي المبكر في كوريا الجنوبية بانتخاب "لي جاي ميونغ" رئيسا للبلاد خلفا للرئيس "يون سوك يول" الذي منعه القضاء من إكمال مدته الرئاسية بسبب إعلانه الأحكام العرفية في البلاد دون مسوغ قانوني في منتصف يناير 2025، يثار سؤالان: هل سينتهي الانقسام السياسي الحاد في البلاد بانتخاب ميونغ أم سيزيده اشتعالا؟، وكيف سيتصرف العهد الجديد حيال علاقاته الخارجية، خصوصا مع بكين وواشنطن وبيونغيانغ؟

لقد جرت الانتخابات الرئاسية المبكرة في كوريا الجنوبية وسط استقطابات وتجاذبات وفوضى سياسية حادة لم تشهد البلاد لها مثيلا منذ الخلاص من الديكتاورية العسكرية وتدشين الديمقراطية التعددية. وتنافس فيها مرشحان رئيسيان هما "لي جاي ميونغ" كمرشح عن الحزب الديمقراطي، و"كيم مون سو" كمرشح عن حزب سلطة الشعب (وهو الحزب الذي خرج من السلطة بخروج الرئيس المطاح به قضائيا). وكما كان متوقعا، فاز ميونغ مستفيدا من عاملين هما: الحملة الشعبية ضد الرئيس المعزول لتمرده على الديمقراطية، وبالتالي ضد حزب سلطة الشعب ومرشحه أولا، ثم تعاون وتضامن القوى اليسارية المتهمة بالتعاطف مع بيونغيانغ وبكين، وهي القوى التي توجس منها الرئيس المعزول واتهمها بالانحياز للأعداء واتخذ من توجهاتها مبررا لإعلان الأحكام العرفية.

يصف الحزب الديمقراطي الفائز نفسه بأنه حزب وسطي ليبرالي التوجه، لكنه يساري في تكوينه وتوجهاته وتحالفاته بدليل أن مرشحه الفائز برئاسة البلاد كثيرا ما تميزت خطبه وشعاراته بوعود من تلك التي لا  يتبناها سوى اليساريون مثل: حقوق العمال، والعدالة الاجتماعية، وزيادة الضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى، هذا ناهيك عن تبنيه مواقف مهادنة من الدولتين الشيوعيتين المجاورتين (الصين وكوريا الشمالية) ووصفه الولايات المتحدة ذات مرة بالدولة المحتلة، بل وقيامه عندما كان عمدة لمقاطعة جيونجي بإرسال 8 ملايين دولار لدعم حكومة بيونغيانغ. أما حزب سلطة الشعب الخاسر، فهو حزب يميني محافظ، يشهد على ذلك أن زعيمه المطاح به "يون سوك يول" تبنى خلال زعامته للبلاد بين عامي 2022 و 2024، سياسات تصادمية مع الصين وكوريا الشمالية تمثلت في تخليه عن الحوار مع الشطر الشمالي ونشر معلومات حول ما يجري هناك من جور وظلم وتجويع، وانحيازه التام للسياسات الأمريكية فيما يتعلق بمحاصرة الصين واحتوائها.

غير أن محللين كثرا يرون عدم وجود فوارق جوهرية بين الحزبين بصفة عامة فيما يتعلق بسياساتهما الخارجية، وإن وجدتْ فهي ضئيلة أو تتطلبها الأجواء الانتخابية لحشد المؤيدين فقط. والدليل هو أن كليهما، رغم كل مواقفهما السياسية المتباينة، لا يستطيعان التخلي عن، أو حتى مجرد التفكير في، معاداة الولايات المتحدة. فالرئيس المنتخب "لي جاي ميونغ" مثلا أكد بأنه إذا أضطر للإختيار بين واشنطن وبكين، فسوف يعطي الأولوية للتحالف مع واشنطن، مضيفا أنه سيسعى إلى سياسة براغماتية هدفها تحسين العلاقات مع بكين وبيونغيانغ لكن ضمن إطار التحالف مع واشنطن. وخلال الحملات الانتخابية للمرشحين ميونغ وكيم لوحظ ان كليهما تعهدا بتعميق التحالف مع واشنطن، مؤكدين أن ذلك يمثل حجر الزاوية في سياسة سيئول الخارجية، ووعدا بالاستثمار أكثر في قدرات البلاد الدفاعية مع تعزيز الردع المشترك مع الولايات المتحدة لمواجهة التهديد النووي المتزايد من جانب بيونغيانغ، كما أيدا التعاون الاستراتيجي الثلاثي بين بلادهما والولايات المتحدة واليابان للحفاظ على الأمن الإقليمي.

في اعتقادنا أن المردود الحقيقي لنتائج الانتخابات المبكرة الأخيرة في كوريا الجنوبية يتمثل في انتهاء فوضى سياسية أربكت البلاد لبعض الوقت، وعودة ثقة المجتمع الدولي في نظامها السياسي، وفتح الطريق أمام تهدئة التوترات الإقليمية عن طريق إتباع سياسات خارجية أكثر توازنا دون المساس بالعلاقات التحالفية مع واشنطن. لكن هناك تحديات داخلية أمام العهد الجديد يجب على الرئيس المنتخب الإسراع في حلها وهي: استعادة ثقة الشعب في مؤسساته الحكومية، ومعالجة الانقاسامات السياسية داخل المجتمع (مهمة صعبة للغاية في ظل مخاوف الكثيرين من تزايد سطوة اليسار على مقاليد الأمور واحتمال تحول البلاد إلى بلد الحزب الواحد)، والتعامل مع القضايا القانونية المعلقة بروح متسامحة.



د. عبدالله المدني

*أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: يونيو 2025م




الأربعاء، 11 يونيو 2025

آسيان والبحرين .. نحو عهد واعد من الشراكة والتعاون


 

بقلم: د. عبدالله المدني*

نيابة عن صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين المعظم حفظه الله ورعاه، شارك حضرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين/ رئيس مجلس الوزراء الموقر في اجتماعات القمة الثانية بين دول مجلس التعاون الخليجي الست ودول رابطة امم جنوب شرق آسيا (آسيان) العشر، التي استضافتها العاصمة الماليزية كوالالمبور في اواخر مايو المنصرم، علما بأن القمة الأولى عقدت بمدينة جدة السعودية في 19 يوليو 2023 برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد/ رئيس مجلس الوزراء السعودي.

وقد اولت مملكة البحرين مذاك اهتماما خاصا، كما شقيقاتها الخليجيات، بهذه القمة كونها منصة تنسجم أهدافها وتطلعاتها مع أهداف وتطلعات دول مجلس التعاون الخليجي، ناهيك عن انسجام أهدافها مع سياسات مملكة البحرين الخارجية القائمة على التسامح والانفتاح والسلام، وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، ونبذ الحروب، والتعاون والتنسيق والحوار مع مختلف دول العالم.

ولعل ما يبرهن على توجهات البحرين الصائبة لجهة تمتين علاقاتها مع الدول الآسيوية الصديقة والدخول معها في شراكات استراتيجية واقتصادية منذ سنوات طويلة هو انطلاق فكرة "التوجه شرقا" من البحرين قبل غيرها من الدول الخليجية. والاشارة هنا إلى دعوة أطلقها المرحوم يوسف احمد الشيراوي وزير الصناعة االبحريني الأسبق وأحد رجالات التنمية الخليجيين الكبار، في محاضرة ألقاها في لندن منتصف تسعينات القرن الماضي. ففي تلك المحاضرة قال الشيراوي ما مفاده أن مصلحة دول مجلس التعاون الست تقتضي اقامة شراكة منهجية ومؤسساتية طويلة المدى متعددة الأوجه مع الدول والتكتلات الاسيوية الناهضة بدءا من الهند وانتهاء بالصين ومرورا بدول منظومة آسيان، التي تأسست في عام 1967 من خمس دول (اندونيسيا والفلبين وتايلاند وماليزيا وسنغافورة)، ثم لحقت بها بروناي وفيتنام ولاوس وميانمار وكمبوديا على التوالي. ولم تكن الفكرة مدفوعة في حينه بالتحولات الكبيرة التي شهدتها الساحة الدولية في اوائل عقد التسعينات بانهيار الإتحاد السوفيتي ومنظومته الإشتراكية، وبتصدع العلاقات العلاقات العربية ــ العربية جراء غزو العراق للكويت فحسب، وإنما أيضا بسبب تحقيق الكتل والكيانات الآسيوية الكبيرة نجاحات وصعودا صاروخيا في الحقول الاقتصادية والعلمية والصناعية والتنموية، ما جعلها صاحبة نماذج يُحتذى بها ودروس يمكن الاستفادة منها، وهو ما حقق لها نفوذا وتأثيرا في الساحة الدولية.

لقد كان من نتائج اهتمام البحرين بالتعاون مع "آسيان" في مختلف الحقول، أن  استضافت المنامة في مايو 2009 أول اجتماع وزاري للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون ودول آسيان. وكما قال صاحب السمو ولي العهد الأمين في كلمته أمام اجتماع كوالمبور في 27 مايو 2025 ، فإن ذلك الاجتماع الوزراي الأول كان بمثابة إعلان عن "بداية فصل جديد وواعد في العلاقات بين المنطقتين". ومما قاله سموه أيضا في السياق نفسه إن: "ما وحدنا حينها، وما جمعنا اليوم، هو الأساس المتين من القيم المشتركة، والمصالح المتوافقة، والفهم المشترك بأن التحديات العالمية الراهنة تتطلب وحدة وتصميما وقوة جامعة. ومن خلال هذه الروح، نحول التحديات إلى فرص ونمهد الطريق نحو الإستقرار والازدها المستدام لجميع مواطنينا".

ومما لاشك فيه، أنه منذ اجتماع المنامة التأسيسي حدثت تطورات كثيرة سواء على الصعيدين الدولي والإقليمي، او على صعيد التعاون بين التكتلين الخليجي والآسيوي. يشهد على ذلك أن ما كان مجرد حوار استراتيجي تمهيدي تحول خلال السنوات الماضية إلى شراكة قوية وراسخة عمادها إلتزام مشترك بالتنمية والازهار لخير الشعوب، وتوافق على تعزيز وتوثيق الروابط في مجالات التجارة والاستثمار والسياحة والتعليم والتقنية والابتكار والذكاء الاصطناعي والأمن الغذائي والطاقة النظيفة. وتمثلت خطوة البحرين الأولى في هذا الاتجاه بقيام وزير الخارجية السابق معالي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة بالتوقيع في بانكوك في الثاني من نوفمبر عام 2019، على وثيقة انضمام البحرين إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا (Treaty of Amity & Cooperation in Southeast Asia) وذلك تنفيذًا للمرسوم الملكي رقم (89) لسنة 2019 بهذا الخصوص، وذلك تجسيدا لرؤية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم حفظه الله ورعاه، في ترسيخ أواصر التعاون مع الجميع وتشجيع الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان، ودعم كل الجهود الساعية لتعزيز الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، والاهتمام بتطوير العلاقات والتعاون المشترك مع القارة الآسيوية بوجه عام، ومع رابطة الآسيان بوجه خاص. وبهذا صارت البحرين ثالث دولة عربية تنضم إلى تلك المعاهدة بعد المملكة العربية السعودية ومصر.

والقاريء المتمعن في كلمة سمو ولي العهد حفظه الله ورعاه لا بد وأن يلاحظ في مضامينها صورة واضحة وواقعية لرؤية المملكة ومواقفها الرشيدة حيال جملة من القضايا والتحديات الراهنة على الصعيدين الدولي والإقليمي، ومنها على سبيل المثال: محاربة التطرف والإرهاب، حماية طرق وممرات الملاحة العالمية من اعتداءات الجماعات المارقة، منع انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، تعزيز الطاقة النظيفة بتقليل الانبعاثات الكربونية، تسهيل إيصال المساعدات الانسانية للمنكوبين في كل مكان، الالتزام بمبادي الحق والعدالة والكرامة والتسامح والتعايش السلمي بين مختلف الشعوب والثقافات والأعراق والأديان، رفض التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للبلدان المستقلة ذات السياسة، والترحيب باتفاقيات التجارة الحرة بين مختلف الدول والتكتلات، لاسيما بين دول مجلس التعاون وأمم جنوب شرق آسيا.



د. عبدالله المدني

*أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: يونيو2025م


الأربعاء، 4 يونيو 2025

الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم اجتماع المجلس العالمي في تشيلي – وقائع الاجتماع





الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم تختتم أعمال مجلسها العالمي في تشيلي:


عقد المجلس العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم برئاسة روجيه هاني اجتماعه على مدى ثلاثة ايام في سانتياغو عاصمة تشيلي وقد تميز بتنظيم دقيق وبحفاوة استقبال فرع الجامعة للوفود المشاركة، وبمشاركة لافتة للسفيرة اللبنانية جومان خداج في اللقاءات الاجتماعية الجانبية التي حصلت خلال الايام الثلاث. 

في اليوم الاول زارها في مقر السفارة الرئيس العالمي يرافقه الأمين العام العالمي جورج ابي رعد وأعضاء مجلس أمناء الجامعة برئاسة الشيخ ميشال الدويهي. كما لبت دعوة المجلس الوطني وشاركت في حفل افتتاح الاجتماع في النادي اللبناني، وفي اليوم التالي دعت الوفود المشاركة لزيارتها في دارتها وقدمت لهم كتبا وتذكارات اخرى من شيلي. اما في اليوم الثالث فشاركت في الغداء الذي اقامه فرع سانتياغو لاختتام اعمال الاجتماع.

وفي الايام الثلاث اعربت سعادة السفيرة عن اعجابها بالجامعة واعمالها وعن سعادتها بحصول هذا اللقاء في سانتياغو بعد ان مرت عدة سنوات كانت فيها الجالية اللبنانية هناك شبه منسية وبعيدة عن اهتمام لبنان بها.

في العودة الى اعمال الاجتماع، فلقد انعقد المجلس العالمي برئاسة روجيه هاني وتباحث على مدى الايام الثلاث بأمور اغترابيه عدة واتخذ بشأنها القرارات اللازمة.


شارك في الاجتماع اعضاء المجلس العالمي كلٌّ بصفته الرسمية وكممثل عن منطقته الجغرافية وهم نائب الرئيس خوان صليبا، الامين العام جورج ابي رعد (فرنسا)، امين الصندوق العالمي سولي اسمر (لوس انجلوس)، رئيس هيئة العلاقات الدولية انيس كرابيت، رئيسة هيئة الشؤون الاجتماعية هنريات قسيس (بوسطن)، رئيس هيئة الاقتصاد والاعمال خليل خوري (سان فرانسيسكو)، ورئيسة المجلس العالمي للشبيبة غوادالوبي بولانيوس، بالإضافة الى مسؤولي القارات او ممثلين عنهم: سعيد يزبك (المملكة المتحدة) عن اوروبا، ملينا لوكيس عن اميركا اللاتينية، ريما كاريو (نيو يورك) عن اميركا الشمالية، ميشال الدويهي عن استراليا وكلوديا الشاطر عن البرازيل، بالإضافة الى رؤساء المجالس الوطنية ومجالس الولايات والفروع التالية، مباشرة او بممثلين عنهم، على رأس وفود شاركت برفقتهم وهم، مارسيلو شاهين (الارجنتين)، خوسي سيغي (اوروغواي)، ادريانا ضاهر (بوليفيا)، دافيد جرماني (بيرو)، اميلي الهاشم رعد (ريو دي جانيرو)، القاضي جورج خوري(كندا)، وائل ابو الحسن (المكسيك)، فادي فرحات (نيو يورك)، وطبعا تشيلي برئاسة دانييلا مارتينيز سيور.

تميز الاجتماع بمشاركة اعضاء مجلس الامناء بشارة بشارة، اليخاندرو خوري، نبيه الشرتوني بالإضافة الى كرابيت، الدويهي وفرحات.


حفل الافتتاح

شارك في حفل الافتتاح وفود من اللبنانيين المنتشرين في مختلف أنحاء العالم، وبحضور شخصيات لبنانية فاعلة في الجالية التشيلية كسفيرة لبنان في تشيلي جومان خداج ورئيس النادي اللبناني في سانتياغو جيم مورا علي.

بدأ الاحتفال بكلمات ترحيبية لكل من دانييلا مارتينيز، رئيسة فرع سانتياغو، تلاها كلمة لجيم مورا علي رئيس النادي اللبناني، كما ألقى الرئيس العالمي للجامعة، روجيه هاني، كلمة افتتاحية شدّد فيها على أهمية هذه اللحظة التاريخية التي يجتمع فيها اللبنانيون المنتشرون للتأكيد على التزامهم العميق بقضية لبنان وهويته.


وقال هاني في كلمته:

“نحن لسنا جالية تكتفي بالحنين، بل نحن قوة حيّة، ضمير جماعي، وشبكة عالمية قادرة على دعم لبنان وحماية مستقبله.”

وأكد على أن الجامعة ليست مؤسسة شكلية بل حركة ملتزمة ثقافياً ووطنياً وإنسانياً، تعمل على تعزيز الرابط بين الشباب اللبناني المنتشر ووطنه الأم من خلال مبادرات رائدة مثل برنامج الـ LEBOLUTION، إضافة إلى الحضور الفاعل في الساحات الدولية دفاعاً عن سيادة لبنان وحرية قراره.

كما وجّه هاني تحية خاصة إلى الجالية اللبنانية في تشيلي، مشيداً باندماجها النموذجي في المجتمع المحلي، وبالمبادرات الثقافية والاقتصادية التي تعكس صورة مشرقة للبنان في أميركا اللاتينية.

"اليوم، يدخل لبنان مرحلة تاريخية من الانتقال السياسي. نرحب بالانتخاب الأخير للجنرال جوزاف عون رئيسًا للجمهورية وبالتشكيلة الحكومية الجديدة برئاسة القاضي والسفير نواف سلام. نعلق آمالنا على قيادتهما الحكيمة لتحقيق الاستقرار وتعزيز مستقبل مشرق للبنان.."

وختم قائلاً: “لبنان بحاجة إلينا، ليس غداً بل اليوم. فليحيا لبنان، حراً، مستقلاً، وموحداً.”


السفيرة خداج

ثم تكلمت السفيرة خداج عن تجربتها المتكررة في تشيلي وعن العلاقة التي تربطها مع الجالية بشكل عام ومع فرع الجامعة بشكل خاص، وأثارت المعاناة التي تعانيها الجالية والسفارة من اهمال السلطة في لبنان لهما وأملت ان تتغير الأمور في عهد الرئيس جوزاف عون شاكرة الجامعة اذ باجتماع مجلسها العالمي في سانتياغو اعادت تشيلي الى الخارطة العالمية على المستوى اللبناني طبعا.

بعدها قدم رئيس الجامعة درعا تكريميا لسعادة السفير خداج ولرئيسة المجلس الوطني في تشيلي دانييلا مارتينيز.

تخلل الحفل عرض فيلم عن لبنان من اعداد فرع تشيلي تلاه حفلة موسيقية من التراث اللبناني.


المقررات

خلال جلسات المجلس العالمي، تلا المسؤولون العالميون تقاريرهم السنوية، كما استمع المشاركون الى تقارير بعثات البلدان المشاركة، ثم تم مناقشتها وفي نهاية اللقاءات، أصدر المجلس المقررات التالية:

- مع ارتفاع أسعار بطاقات السفر الى لبنان، وانقاذا لبرنامج ال Lebolution الذي يقضي بزيارة 120 شاب وشابة متحدرين من أصل لبناني لزيارة ربوع الوطن الام، قرر المجلس التواصل مع الجهات المختصة في لبنان لتامين بطاقات السفر للشبيبة بأسعار مخفضة.

- تسلمت الجامعة من وزارة الاعلام لائحة بحاجيات تلفزيون لبنان وستوصل الرسالة الى اللبنانيين في بلاد الانتشار لحثهم على دعم هذه المؤسسة العريقة.

- متابعة حملة الجامعة لدى وزارات الخارجية في دول الانتشار بشأن حل أزمة النازحين السوريين عبر إعادتهم إلى المناطق الآمنة في بلادهم، باعتبار ذلك جزءاً أساسياً من الحلول الأمنية، الاقتصادية والاجتماعية في لبنان.

- تفعيل الحملات لدى الجاليات اللبنانية لتقديم طلبات استرداد الجنسية بأسرع وقت ممكن مع العلم ان الجامعة تعمل على اسقاط المهلة القانونية التي تنتهي هذه السنة.

- التعميم على جميع الجاليات بوجوب الاستفادة من زيارة أبنائها الى لبنان في الأشهر المقبلة لاستحصال على بطاقة هوية او جواز سفر لمن لا يملك أي منهما للتمكن من الاقتراع من الخارج خلال الانتخابات النيابية اللبنانية لسنة 2026.

- قرر المجلس العالمي تفعيل الصندوق الاغترابي اذ كانت الجامعة قد أطلقت هذا المشروع سابقا ولكن وبسبب الحرب الاخيرة والاليمة حولت الجامعة جهودها لجمع التبرعات لمساعدة اهلنا المتضررين في الجنوب، لتعود اليوم للمضي فيه كوسيلة لمشاركة الاغتراب في تمويل مشاريع ذات طابع تنمية مستدامة في لبنان، مع الشكر لكل من ساهم في الحملة الإنسانية التي قامت بها الجامعة. هذا بالإضافة الى مقررات عدة داخلية وإدارية.


اجتماعات أخرى موازية

كما اجتمع مجلس أمناء الجامعة برئاسة الشيخ ميشال الدويهي بحضور الرئيس العالمي والأمين العام اللذين عرضا على المجلس ما آلت اليه جميع المشاريع التي تمت خلال عهدهما او التي ما زالت قيد التنفيذ، وأطلعوهم على خارطة الطريق للفترة المتبقية.


وكان قد سبق اجتماع المجلس العالمي، انعقاد المؤتمر الدوري لمجلس اميركا اللاتينية والذي تخلله انتخابات مجلس قاري جديد، وجاءت النتائج على الشكل التالي: السيدة نسرين أسبر رئيسة للمجلس، وائل أبو الحسن (نائب رئيس اول)، غاستون عقيقي (نائب رئيس ثانٍ)، ملينا لوكيس (امينة عامة قارية)، مارسيلو شاهين وماريا روزا سليمان أعضاء.

الثلاثاء، 3 يونيو 2025

أندونيسيا هي الأكثر أهمية لأستراليا، ولكن ..

 


بقلم: د. عبدالله المدني*

إن أكثر ما يهم أستراليا هو شكل علاقاتها مع جارتها الأقرب، أندونيسيا، البلد الأرخبيلي الأكثر كثافة سكانية في العالم الإسلامي، بدليل ما صرح به رئيس وزرائها "أنتوني ألبانيز" مؤخرا من أنه لا يوجد بلد في العالم أكثر أهمية لبلاده من أندونيسيا.

وهذه المقولة التي وردت على لسان ألبانيز وهو يطأ مطار جاكرتا، في أول زيارة له لأندونيسيا بعد فوزه بولاية ثانية على رأس "حزب العمال" الأسترالي في مطلع مايو المنصرم، هي مقولة مستعارة من نظيره الأسبق الليبرالي المحافظ "جون هوارد" الذي ترأس الحكومة الأسترالية ما بين عامي 1996 و2004. وقالها خلال زيارته لجاكرتا في 1996

والحقيقة أن زيارة جاكرتا، باتت تقليدا أصيلا وثابتا في السياسة الأسترالية. إذ لا يتولى سياسي أسترالي السلطة إلا وتكون محطته الخارجية الأولى هي أندونيسيا، بل أن عدم قيامه بذلك يثير الإستغراب، وقد يفضي إلى شائعات طبقا لما يقوله البروفسور "تيم ليندسي" أستاذ القانون الآسيوي بجامعة ملبورن.

إذن أين المشكلة في العلاقات الأندونيسية ــ الأسترالية؟

تكمن المشكلة في ان الانظمة الاندونيسية المتعاقبة، منذ زمن الرئيس الأول أحمد سوكارنو، تنظر بعين الشك والريبة إلى استراليا وتتوجس منها. فسوكارنو صاحب السياسات المناهضة للغرب، كان يعتبر أستراليا مخلبا غربيا للإطاحة بنظامه لكن الطعنة جاءته من حليفه الصيني الذي دبر انقلابا (فاشلا) ضده لتحويل اندونيسيا إلى دولة شيوعية في ستينات القرن العشرين. وفي عهد الديكتاتور سوهارتو كانت الشكوى من انتقادات كانبيرا المستمرة للدكتاتورية وخروقات حقوق الإنسان. أما في حقبة ما بعد سوهارتو وتدشين الديمقراطية منذ  1998، فقد انشغلت جاكرتا بترتيب بيتها الداخلي وسط صعود قوى الاسلام السياسي التي أظهرت عداء لأستراليا من منطلقات ايديولوجية، وكانت تفجيرات بالي ضد سياح إستراليين عزل سنة 2002 أحد أبرز تجلياته. كما أن جاكرتا الرسمية ظلت لسنوات مستاءة مما وصفته بدور أسترالي داعم لفصل تيمور الشرقية عن التراب الاندونيسي سنة 1999، إلى درجة قيامها بتمزيق معاهدة الأمن الشاملة التي تفاوض عليها رئيس الحكومة الأسترالية الأسبق بول كيتنغ مع سوهارتو سنة 1995 ، علما بأنها كانت الإتفاقية الأمنية الأولى بين البلدين وأول اتفاقية من نوعها توقعها جاكرتا مع دولة أخرى.

وهكذ نجد أنه في الوقت الذي تقول فيه أستراليا أن أندونيسيا هي أهم البلدان بالنسبة لها، وتسعى لعقد شراكة متعددة الأوجه معها، لا نجد في أندونيسيا من يقول أن أستراليا من أهم البلدان إلى بلاده، بل نجد من ينتقدها بسبب انخراطها في تحالف "كواد Quad" مع الولايات المتحدة واليابان والهند، وتحالف AUKUS مع واشنطن ولندن، أومن يعتبرها شريكا أصغر ودولة ذات تأثير محدود. لكن الملاحظ أن هؤلاء أنفسهم يطالبون أستراليا في الوقت نفسه بزيادة استثماراتها في أندونيسيا، وينظرون إلى سواحها كمصدر مهم للدخل القومي.

ومن الضروري هنا الإشارة إلى أن علاقات البلدين في عهد الرئيس الاندونيسي السابق "جوكو ويدودو"، الذي عرف بسياساته المتشددة ضد المخدرات، شابها التوتر على خلفية اعتقال جاكرتا لعصابة استرالية اتهمت بتهريب الهيروين في بالي عام 2005، ورفض ويدودو طلبا أستراليا للرأفة بهم من أحكام الإعدام.

غير أن الرئيس الحالي "برابوو سوبيانتو" (كان وزيرا للدفاع في عهد ويدودو) يحاول الخروج من جلباب سلفه والبرهنة على أنه زعيم مختلف أكثر اهتماما بعلاقات بلاده الخارجية، ومنها علاقاتها مع أندونيسيا. ولعل ما يؤكد ذلك اللغة الودية الجديدة التي استخدمها للترحيب بضيفه ألبانيز، ناهيك عن قيامه في العام الماضي بلفتة ودية تجاه كانبيرا تمثلت في إطلاق سراح الأستراليين الخمسة المتبقين من عصابة المخدرات وإعادتهم إلى ديارهم. كما أن زيارته إلى كانبيرا في اغسطس 2024 كوزير للدفاع وما اعقب ذلك من توقيع اتفاقية "لومبوك"  للتعامل مع التحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية في مجالات الإرهاب وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر والسلامة البحرية، غيرت شكل علاقات التعاون بين البلدين.

فإذا ما أضفنا إلى ما سبق، مشاركة استراليا منذ عام 2022 الى جانب اليابان وسنغافورة في التدريبات القتالية السنوية المشتركة بين اندونيسيا والولايات المتحدة، وقيام القوات الجوية الاسترالية والاندونيسية بتدريبات مراقبة بحرية مشتركة في بالي منذ عام 2024، ومبادرة كانبيرا بمنح اندونيسيا 15 مركبة قتالية العام الماضي لتدعيم مشاركتها في عمليات حفظ السلام الدولية، فإنه يمكن القول أن العلاقات الأندونيسية ــ الأسترالية الرسمية تسير في الطريق الصحيح على الصعيدين الأمني والدفاعي، خلافا للصعيدين التجاري والإستثماري، اللذين يعيق تطورهما الفساد والبيروقراطية المتجذرين في أندونيسيا، وتفضيل الأندونيسيين الاتجار مع دول منتجة للسلع الرخيصة كالصين والهند على الاتجارمع أستراليا. 



د. عبدالله المدني

أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: يونيو 2025م