الأربعاء، 17 ديسمبر 2025

الاتحاد الماروني العالمي یقدم التعزیة للجالیة الیھودیة في استرالیا


واشنطن في 16 كانون الاول 2025

بعد الھجمة البربریة، التي جرت على شـاطئ بونداي في سـیدني اسـترالیا والتي راح ضـحیتھا عدد كبیر من المـدنیین من الجـالیـة الیھودیـة ھنـاك والـذین كـانوا یحتفلون بـأول ایـام عیـد الأنوار الیھودي، نـددت الجـالیـة اللبنانیة المارونیة بھذا الھجوم الارھابي حیث اصـــدر ســـیادة المطران شـــربل طربیھ مطران اســـترالیا للموارنة بیانا معتبرا الھجوم "مأســاة انســانیة" ھزت المجتمع الأســترالي في وقفة تضــامنیة مع "الأخوة الیھود" الذین استھدفوا بھ.


من ھنا یقدم الاتحاد الماروني العالمي، الذي یمثل الموارنة المنتشرین حول العالم، التعزیة للجالیة الیھودیة في اســترالیا وســائر دول العالم بما فیھا دولة اســرائیل، ویتضــامن مع الموارنة في اســترالیا، ذلك البلد المضـــیاف الذي ســـاھم باســـتقرار الكثیر من اللبنانیین، في مشـــاعر التندید بالھجوم الارھابي. كما یرفع الصــلوات للرب في زمن المیلاد لیخفف على أھالي الضــحایا خســارتھم في ھذا المصــاب الألیم، ویلھم الجمیع التخلي عن مشـاعر الكراھیة واسـتغلال الدین لنشـر العنف وتوزیع الحقد بین البشـر. كما یطلب من ّذ على الكراھیة، ومن بینھا حزب الله المسـؤولین في دول العالم ملاحقة التنظیمات التي تبشـر بالعداوة وتحف في لبنـان وبقیـة تشــــكیلات الحرس الثوري حول العـالم، والتي تعمـل على بـث التفرقـة واعتمـاد العنف، و ھـا ھي تمنع لبنان من اسـتعادة عافیتھ والتخلص من منظومة السـلاح ھذه لیتفرغ لاعادة الاسـتقرار والاعمار ورفض مشاریع التوسع التي ینادي بھا نظام الملالي راعي الارھاب في العالم.


كما یعتبر الاتحاد الماروني العالمي بأن التعرض لأي انسـان بسـبب معتقده أو لونھ أو انتھمائھ ھو جریمة بحق البشــریة وإن نشــر نظریات الحقد والتفرقة التي تقود إلى التشــدد والانغلاق وتنتج العنف والارھاب وسـیلة للسـیطرة ھي مرفوضـة من أسـاسـھا وغریبة على فكر اللبنانیین المنتشـرین بین شـعوب الأرض كافة یسعون للرزق بالجھد وعرق الجبین لا بالنمیمة والاستزلام أو بالغش وتجارة الممنوعات.

الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

كوريا الجنوبية تقترب من عرش الذكاء الاصطناعي

 


بقلم: د. عبدالله المدني*

المعروف أن كلا من الولايات المتحدة الأمريكية والصين تتربعان اليوم على عرش الذكاء الإصطناعي، لكن كوريا الجنوبية تحاول جاهدة أن تصبح الدولة الثالثة في هذا المجال، وتتربع على عرشه جنبا إلى جنب مع أمريكا والصين، بدليل أن رئيسها "لي جاي ميونغ" أعلن مؤخرا في خطابه أمام البرلمان حول الموازنة السنوية لعام 2026 تخصيص 7 مليار دولار من أجل هذا الهدف.

فبعد أشهر قليلة من إعلان شركة انفيديا (Nvidia) الأمريكية، الأعلى قيمة على مستوى العالم بأكثر من أربعة ترليون دولار أمريكي، والمحرك الرئيسي للذكاء الإصطناعي عالميا عن خططها، دعت حكومة كوريا الجنوبية إلى عقد أول إجتماع لمجموعة العمل المشرفة على التوسع الجذري للبنية التحتية والتقدم في مجال الذكاء الإصطناعي بالبلاد.

وكان الرئيس ميونغ قد أطلق في شهر سبتمبر الفائت بصورة رسمية مجموعة العمل هذه تحت إسم "اللجنة الوطنية لإستراتيجية الذكاء الإصطناعي" للإشراف على تنفيذ أنشطة الذكاء الإصطناعي في كوريا الجنوبية وتنسيق عملها مع مختلف الجهات الحكومية الاقتصادية والمالية والأمنية والدفاعية من حيث البيانات والتطبيقات والآليات والمهارات والتعاون الدولي، بما في ذلك إحداث تغييرات تشريعية وقانونية لتسهيل نشر الذكاء الإصطناعي كنهج داعم للتنمية وجسر للحاق بالآخر المتقدم في المجال. وقتها، وكدليل على طموحاته ودعمه القوي للذكاء الإصطناعي، قال ميونغ: "تقف كوريا اليوم عند منعطف تاريخي عظيم. إن أمامنا خيار أن نكون تابعين ومعرضين لخطر التخلف، وأمامنا أيضا فرص لا حدود لها إذا تقدمنا بجرأة نحو المستقبل من خلال نشر  الذكاء الإصطناعي الذي هو المفتاح لتطوير هيكل صناعتنا، وتحسين جودة حياة شعبنا، ودخةل كوريا عصرا جديدا من الرخاء". 

ويترأس اللجنة وزير العلوم والتكنولوجيا وتضم في عضويتها مسئولين تنفيذيين كبار من شركات "سامسونغ للإلكترونيات" و"هيونداي موتور" و"إس كي تيليكوم" و"نافر كلاود" (مشغل مركز البيانات فائقة السرعة) وغيرها من مؤسسات القطاعين الخاص والعام، 

ويأمل ميونغ أن تترجم اللجنة وفرق عملها المختلفة طموحاته وطموحات شعبه في أن تجاري كوريا الجنوبية  الولايات المتحدة والصين وتنافسهما في الذكاء الإصطناعي. وذلك من منطلق أن التقدم في هذا المجال سوف يطلق شرارة نمو جديد وقوي للإقتصاد الكوري الجنوبي ويعوضه عن الإضرار التي لحقت به مؤخرا جراء الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصادرات الكورية إلى الأسواق الأمريكية، وجراء الإستثمارات القسرية في الولايات المتحدة.

والجدير بالذكر أن نمو الناتج المحلي الإجمالي لكوريا الجنوبية كان متذبذبا خلال السنوات الماضية، وأقل بكثير من حقب سابقة. فطبقا للبيانات الرسمية، بلغ 1.4 بالمئة في عام 2023، و2 بالمائة في 2024، و1 بالمائة في 2025، وهذا بطبيعة الحال لا يرضي الكوريين الذين يطمحون للعودة إلى زمن تربعهم على عرش "النمور الآسيوية"، بل الذين يأملون في منافسة الاقتصادين الياباني والصيني.

ذكرت وسائل الإعلام الكورية أن المشاركين في الإجتماع الأول لمجموعة العمل المذكورة ناقشوا منظومة الذكاء الاصطناعي في البلاد، ومشروع نشر نحو 260 ألف وحدة معالجة بالتعاون مع شركة انفيديا، وذلك بهدف زيادة سعة وحدات المعالجة إلى خمسة أضعاف. ويُذكر أنه خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادى (APEC) المنعقد في أكتوبر المنصرم بمدينة جيونجو الكورية الجنوبية، أعلنت شركة انفيديا أنها تعمل على توسيع البنية التحتية للذكاء الإصطناعي في القطاعين العام والخاص في كوريا الجنوبية عبر نشر 260 ألف وحدة معالجة رسومية (GPU) لوزارة العلوم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وشركتي سامسونغ وهيونداي وغيرهما.

ويأمل مسؤولو إنفيديا في أن تثمر تعاونها مع كوريا الجنوبية في وضع الأخيرة في قلب الثورة الصناعية للذكاء الاصطناعي، وتحويلها إلى منتج ومصدر رئيسي للذكاء، مثلما كانت ملهمة ورائدة في صناعة وتصدير السفن والمركبات والرقائق والأجهزة الإلكترونية المتطورة.

وإذا ما استعرضنا أمثلة عن شكل ومدى عمل انفيديا وتعاونها مع كبريات الشركات الكورية الجنوبية، نجد أن شركة سامسونغ العملاقة تبني مصنعا للذكاء الإصطناعي وأشباه الموصلات مزودا بنحو 50 ألف وحدة معالجة من انفيديا، وتستخدم تقنيات الأخيرة في تحسين ريبوتها المنزلي "بالي". كما نجد أن شركة هيونداي موتر توسع تعاونها مع انفيديا في مجالات الذكاء الاصطناعي والقيادة الذاتية داخل مركباتها، علاوة على تعاونهما في مجال الروبوتات الذكية من خلال مصنع يضم 50 ألف وحدة معالجة، وتعاونهما مع الحكومة الكورية لبناء مجموعة وطنية للذكاء الإصطناعي المادي. أما مجموعة "إس كي" الكورية فإن تعاونها مع انفيديا يتجلى في تصميم مصنع للذكاء الاصطناعي قابل للتوسع ليشمل 50 ألف وحدة معالجة ممكن اسخدمها في تصميم الذاكرة عالية النطاق الترددي، وتحسين الانتاجية، وتطوير مصانع أشباه الموصلات، وصناعة الروبوتات للشركات الناشئة والهيئات الحكومية.



د. عبدالله المدني

*أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: ديسمبر 2025م 




الثلاثاء، 2 ديسمبر 2025

الحكم باعدام حسينة لن يوفر الاستقرار لبنغلاديش


 

بقلم: د. عبدالله المدني*

الحكم الصادر يوم 17 نوفمبر الماضي بالإعدام ضد رئبسة الحكومة البنغلاديشية المعزولة الشيخة حسينة واجد المقيمة حاليا في منفاها الإختياري بالهند من قبل محكمة هي أنشأتها في عام 2009 لملاحقة المتورطين في القتل خلال حرب الاستقلال، لن يساعد إطلاقا على توفير الأمن والإستقرار في هذا القطر المنقسم على نفسه إيديولوجيا منذ عدة عقود، بل هو يثير المتاعب ويعزز الانقسام والتوتر داخليا، كما أنه يزعزع الاستقرار في شبه القارة الهندية بسبب تعقيدات العلاقة بين بنغلاديش المنحازة، في ظل حكومتها الانتقالية الحالية إلى باكستان والصين، على حساب جارتها الهندية الكبرى. فكما أن للمتهمة خصوم كثر في صفوف السلطة الحالية بقيادة البروفسور محمد يونس وصفوف "الحزب الوطني البنغلاديشي" بقيادة البيغوم خالدة ضياء، فإن لها أيضا أنصار ونفوذ سياسي واسع ومتجذر كونها إبنة ووريثة أبو الاستقلال ومؤسس دولة بنغلاديش المستقلة الشيخ مجيب الرحمن، ناهيك عن أنها تزعمت البلاد لفترات طويلة، حققت خلالها لمواطنيها الكثير من المنجزات التنموية والصناعية، وتخلصت أثناءها من أحزاب وتنظيمات أصولية متطرفة كانت تنشد طلبنة بنغلاديش.

وهاهي العاصمة دكا تعود إلى ما يشبه ساحة حرب بين أنصارها وخصومها، بمجرد أن أصدرت "محكمة الجرائم الدولية" البنغلاديشية المؤلفة من ثلاثة قضاة برئاسة القاضي محمد غلام مرتضى مزمدار، حكما بإعدام الزعيمة السابقة بعد إدانتها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في إشارة إلى قيامها بقمع تظاهرات طلابية ضد نظامها في يوليو وأغسطس من عام 2024، ما أدى إلى مقتل 1400 شخص طبقا لتقارير المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان، وهكذا، فبدلا من أن تسعى الحكومة الحالية إلى لملمة الجراح واستعادة الوحدة والأمن والإستقرار بعد أعوام من الفوضى والمماحكات السياسية، وتشرع في إقامة نظام ديمقراطي جديد يلبي طموحات الملايين من السكان في النهوض والتنمية المستدامة، فقدت البوصلة وغلبت عليها النزعة الانتقامية.

لا يعني هذا الكلام الانتصار للشيخة حسينة والمطالبة بتبرئتها، فهي لها ما لها وعليها ما عليها، وجزء من سياستها القمعية كان ردة فعل لسياسات خصومها الذين حرضوا ضدها وأشعلوا الشارع بالإضرابات والاعتصامات والحرائق خلال العام المنصرم. وإنما الأمر يتعلق بضرورة الاحتكام إلى العقل والمنطق واللجؤ إلى خيارات تطفي الحرائق ولا تزيدها إشتعالا. فالمتهمة في أول تعليق لها من منفاها الهندي على حكم إعدامها، نفت أنها أصدرت أوامر بقتل الطلبة المتظاهرين قائلة: "لا أنا ولا أي من القادة السياسيين أصدرنا أوامر بقتل المتظاهرين" وواصفة المحكمة التي حاكمتها بأنها صورية وأحكامها صادرة عن شخصيات متطرفه تكن لها الضغائن وتتبع حكومة مؤقتة وغير منتخبة دستوريا، وذات دوافع وخلفيات انتقامية.

ينقسم المراقبون والمتخصصون في الشأن البنغلاديشي حول حكم الإعدام غير المسبوق بحق زعيمة سابقة للبلاد، فبعضهم يراه حكما عادلا طال انتظاره للتخلص من "سيدة عاثت فسادا وارتكبت أخطاء جسيمة في إدارة البلاد ومقدراتها"، والبعض الآخر يراه حكما خطيرا مغلفا بدوافع انتقامية لن يؤدي إلإ إلى المزيد من المتاعب والإنقسامات الحادة.

وما بين هذا وذاك تراقب حكومات دول الجوار (الهند وباكستان والصين) المشهد دون تعليق حتى لحظة كتابة هذا المقال. والمعروف أن الدول الثلاث معنية بتطورات الأحوال السياسية في بنغلاديش، كون الأخيرة تمثل رقما مهما في المعادلات السياسية والجيواستراتيجية في شبه القارة الهندية والمحيط الهندي. فالهند، التي ساعدت البنغلاديشيين في تأسيس دولتهم المستقلة عن باكستان على إثر "حرب البنغال" سنة 1971، تعتبرها ضمن نطاق مصالحها الاستراتيجية، وهي حريصة في الوقت نفسه على وجود حكومة علمانية غير متطرفة في دكا، لا تعاديها ولا تضر بمصالحها. بينما تسعى باكستان إلى استعادة روابطها القديمة مع بنغلاديش، التي كانت جزءا من كيانها المسلم منذ 1948 وحتى 1971، والتحالف معها لمواجهة عدوتها الهندية اللدودة. أما الصين، التي تتودد لها حكومة يونس الانتقالية من أجل المساعدات، فتحاول التواجد بقوة في بنغلاديش خدمة لمخططاتها وطموحاتها المتمثلة في مبادرة الحزام والطريق، وخدمة أيضا لباكستان ونكاية بخصمها الهندي.

والحقيقة أن تواجد الشيخة حسينة في الهند تحت حماية حكومتها أزعج حكومة يونس في دكا، وقد تشهد العلاقات الهندية ــ البنغلاديشية احتقانات لا تستطيع دكا التعايش معها فيما لو طلبت الحكومة البنغلاديشية من نظيرتها الهندية تسليمها الشيخة حسينة لتنفيذ حكم الإعدام فيها، وكان رد نيودلهي هو الرفض. 

وبعيدا عن جدلية الصواب والخطأ في الحكم الصادر ضد حسينة، فإن الحكم يرسي سابقة خطيرة وهي أن القادة السياسيين مسؤولون جنائيا عن سلوك قوات الأمن أثناء الإضطرابات المدنية.



د. عبدالله المدني

*أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: ديسمبر 2025م