المصدر: -"النهار"
محمد نمر
بعد نحو 700 يوم من الحصار، خرج مقاتلو المعارضة السورية من حمص بسلاحهم الخفيف أمام أعين الجيش النظامي، بموجب اتفاق يعد الأول من نوعه منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، أشرفت عليه الأمم المتحدة. ومقابل اتاحة الخروج لألفي مقاتل، افرجت المعارضة عن اسرى لديها وفتحت ممرات انسانية لمنطقتي نبل والزهراء الشيعيتين واللتين يحاصرهما مقاتلو المعارضة في ريف حلب.
وكالعادة يذهب النظام السوري إلى انتصارات إعلامية تحاول اضعاف المعارضة وزيادة حدة الانقسام داخلها، فصوّر ما جرى في حمص على أنه هزيمة لمدينة تطلق عليها المعارضة تسمية "عاصمة الثورة"، وأن المقاتلين خضعوا لشروط الجيش النظامي وسلموا أماكنهم، إلا أن كواليس التفاوض تثبت حقيقة معاكسة، وفق نظرة المعارضة.
"التفاوض مع الأسياد"
الإعلامي السوري المعارض ومدير الشبكة العربية العالمية غسان ابرهيم، يرى إن "بعد 700 يوم من الحصار عجزت قوات وميليشيات بشار الأسد المدعومة بالحرس الثوري الايراني و"حزب الله" عن الدخول بالقوة الى حمص، ما دفعها إلى الرضوخ وفك الحصار والسماح للثوار بالخروج مع سلاحهم، كحالة رمزية تدلل على انه تحرك عسكري من ساحة معركة الى اخرى وليس استسلاماً كما يدّعي النظام". لهذا يرى ابرهيم إن ما جرى "هزيمة" للنظام. وما يعزز من فرضية المعارضة، انها كسرت مقولة دأب النظام على تكرارها في كل مناسبة من أنه لن يفاوض المعارضة بل أسيادها، فما حصل في حمص أن المقاتلين لم يفاوضوا النظام بل "اسياده الايرانيين والروس (عسكريين وأمنيين) فنفذ النظام اوامرهم"، كما يقول ابرهيم.
مسؤولية "الائتلاف"
المعارضون للهدنة انتقدوها بشدة بالقول أن "حمص أول بداية الثورة وآخرها"، إلا أن ابرهيم يلاحظ أن "الصراع في سوريا ضد ميليشيات الاسد وحلفائه معركة استنزافية مستمرة لانهاك الخصم ولا تقاس بالامتار "، فهو يرى أن "السيطرة على منطقة ما، في حال لم تحقق للثوار امكانية استنزاف النظام لا قيمة لها، والانسحاب من حمص تمّ من منطقة محاصرة كانت عبئاً على الثوار".
ولا ينفي ابرهيم أن ما جرى "خسارة رمزية"، لان المعارضين يعتبرون حمص "عاصمة الثورة"، مشدداً على أن "الخسارة الرمزية تتحمل مسؤوليتها المعارضة الرمزية المتمثلة بالائتلاف الوطني المعترف به ممثلا شرعيا عن الشعب السوري".
انتقال المقاتلين من المناطق المحاصرة في قلب حمص الى الريف الحمصي يصب في مصلحتهم، وفق ابرهيم الذي يوضح ان "الريف الحمصي يضم مناطق مفتوحة على معابر عدة في سوريا، ما سيؤمن حركة للسلاح والمقاتلين ".
"أفضل ما يموت 2000 مقاتل من الجوع"
"نحنا إلي انتصرنا على النظام"، يقول المعارض السوري أبو يامن الذي كان قائد كتيبة مقاتلة في حي بابا عمرو الحمصي الشهير، مشيرا إلى أن "النظام عرض تسويات عدة على الثوار ورفضوها، وخروجهم اليوم من حمص بداية لثورة جديدة سنرى نتائجها في الأيام القليلة المقبلة".
سينتقل المقاتلون إلى الريف الشمالي لحمص الذي تسيطر عليه المعارضة، ويبعد عن مركز المدينة بين 3 و 5 كلم، وهذا الامر "افضل ما يموت 2000 مقاتل من الجوع والبراميل المتفجرة والحصار، فقد بات هؤلاء قادرين على انشاء جبهة قتال جديدة في الريف الشمالي الذي ينهك قوات الاسد في حمص"، وفق ابو يامن الذي تشير معلوماته الى ان المقاتلين سيأخذون فترة استراحة يعودون بعدها لقتال النظام.
أحد أعضاء الائتلاف الوطني السوري المعارض، اتهم قائد الجبهة الاسلامية المعارضة زهران علوش بتسليم حمص. منطق يرفضه ابو يامن قائلا: "الائتلاف معارضة سياسية تخضع للمصالح ولا علاقة لاعضائها بالميدان العسكري، وعلوش يملك جبهة إسلامية غير متطرفة لكنها ليست من النسيج الذي يرضي اميركا أو فرنسا أو بريطانيا".
وفي شأن مضمون الاتفاق في حمص، يقول ابو يامن: "وفق رؤية علوش فان انقاذ 1200 إلى 2000 روح يستحق ان يفدى باطلاق 42 اسيرا بينهم اعضاء في الحرس الثوري الايراني وحزب الله وواحد او اثنان من روسيا"، لافتا الى أن "ادخال المساعدات إلى نبل والزهراء سيكذب ادعاءات النظام أمام المجتمع الدولي من ان "الارهابيين" يعيقون وصولها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق