عباس ضاهر - خاص النشرة
تمددت "داعش" من دون رادع لا عربي ولا إقليمي أو دولي. هل يُعقل أن يتفرج العالم على إفراغ العراق من المسيحيين؟!
قبل الموصل كان الشمال السوري يشهد على تهجير السريان المسيحيين. لم يحرّك أحد ساكناً. تحت عنوان "الثورة" في سوريا لم يبقَ مسيحي في الشرق السوري ولا في الشمال وصولا الى مدينة حلب. كاد الأمر يتحقق أيضاً إبتداء من قرى القصير الى كل حمص وريفها لولا حسم الجيش السوري وحلفائه المعركة لصالحهم، فأعادوا النازحين المسيحيين الى ديارهم في الوسط السوري.
إستطلاع بسيط في "وادي النصارى" او أحياء حمص يكشف تفاصيل عن المواجهات والصمود والعودة سريعاً.
"داعش" التي فتحت الحدود بين العراق وسوريا خططت لفتح الحدود اللبنانية-السورية. المهمة كانت ستبدو بالنسبة الى المسلحين سهلة لولا انتشار عناصر المقاومة اللبنانية على طول السلسلة الشرقية.
وصلت المعلومات الى استخبارات غربية حول مخطط عسكري لإمتداد "داعش" من جرود عرسال بإتجاه جرود لبنانية وصولاً الى القرى بمحاذاة الزبداني. كانت الخطة تقضي بهجوم المسلحين على المناطق الممتدة من بعلبك الى بريتال والنبي شيت وسرعين وقرى مسيحية قرب رياق.
فكرة التمدد لفتح الحدود قائمة في مشروع "داعش". كل المسلحين منخرطون عن قصد او من دونه بالمشروع. نظرياً المهمة أسهل بالنسبة اليهم نظراً للمساحة الجغرافية اللبنانية الصغيرة مقارنة مع مساحات العراق وسوريا.
إتخذ "الداعشيون" الموصل عاصمة لهم، لكنهم يخططون للوصول الى البحر الأبيض المتوسط. هم يسيطرون على النفط والثروة المائية ويسعون لتصدير ذاتي عبر البحر الى عواصم العالم. سقطت تجربة بحر اللاذقية في الفترة الماضية، لكن بحر لبنان وتحديدا في الشمال يشكل مطمعاً للإسلاميين. على الأقل يعتبرون أن هناك بيئة حاضنة في طرابلس قد تساعدهم على "الفتح". هم استفادوا من بيئة الموصل. يعتقدون ان الارضية الإسلامية كفيلة بتسريع التمدد في كل إتجاه.
عدوانية "الداعشيين" تبدو بالنسبة اليهم فعل إيمان وواجب عقائدي يخدم دولتهم "الإسلامية". من هنا كان وضع المسيحيين أمام خيارات إعتناق الإسلام او الهجرة او الموت، ثم السيطرة على ممتلكاتهم. لم تعد مسألة الجزية قابلة للصرف. بالنسبة الى زعيم "داعش" ابو بكر البغدادي لا خيار أمام المسيحيين الا إشهار إسلامهم و إنخراطهم في الحرب ضمن مجموعاتهم.
لا فرق عند "الداعشيين" بين أملاك للمسيحيين في سوريا او العراق او لبنان. المسألة تتعدى ذلك.
قبل المسيحيين أجبر المسلحون المتطرفون الدروز في ريف إدلب على "إشهار إسلامهم". دخلوا قرى بأكملها وفرضوا جزية و غيّروا في التوجهات. "داعش" لم تستثنِ الكرد. طلبت من أكثر من مليون ونصف كردي في نينوى مغادرة منازلهم الى كردستان او مواجهة القتل. نادت من خلال مكبرات الصوت لتنفيذ الأوامر حالاً أو مواجهة الموت. خطط الداعشيون لبناء مجتمع على قياس أفكارهم. طلبوا أن يبدأ ختان النساء "لتقويم المجتمع".
هنا بدأت المرحلة الأخطر في الصراع الى حدّ الحديث عن ان الحرب بدأت الآن فعلياً في سوريا. لماذا؟ لأن الجيش السوري وحلفاؤه أصبحوا على تماس مباشر مع "داعش".
أي تمدد للداعشيين مجددا نحو حمص يعني الوصول الى القلمون. وأي وصول الى تلك المناطق الجبلية يعني تهديداً مباشراً للحدود اللبنانية الشرقية. هنا تكمن أهمية تدخل المقاومة في الحرب السورية دفاعاً عن لبنان.
ما الذي يمنع أن يحصل في لبنان الذي جرى في الموصل؟
لا قيمة للخيمة الدولية التي يحكى عنها فوق لبنان، لم تنفع هذه الخيمة العراق.
ألم تشاهد عواصم العالم تهجير المسيحيين من الموصل العراقية؟!
ألم يدركوا ان المهجرين المسيحيين من شمال وشرق سوريا غادروا من غير رجعة؟
ماذا سيقول المسيحيون في لبنان؟
هل ستكون هناك خطة لبنانية للمواجهة؟
هناك من يقول أن منع الجيش السوري "داعش" من التمدد وحده الكفيل بحماية لبنان. في حال استطاع مسلحو "داعش" تحقيق اي سيطرة في حمص او في ريف دمشق يعني تهديد لبنان بشكل مباشر. المسافة بين القلمون والقصير من جهة والبقاع اللبناني من جهة ثانية قريبة تحتاج لأقل من ساعة زمنية. بين الزبداني وزحلة المسافة أقرب. الحرب بدآت الآن ولبنان في المواجهة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق