العربية ـ بيروت – حسن فحص
ستة عشر عسكريا مقابل ثلاثة عشر معتقلا في السجون، هي الصورة المباشرة لعملية التبادل التي جرت اليوم بين الدولة اللبنانية ممثلة بمدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وجبهة النصرة ووساطة قطرية، وتكللت بالنجاح بعد محاولات كثيرة فاشلة على مدى سنة وأربعة أشهر.
ستة عشر عسكريا أفرجت عنهم النصرة مع جثة الجندي محمد حمية الذي أعدمته النصرة في سبتمبر 2014، فيما بقي تسعة عسكريين لدى تنظيم داعش بانتظار خطوة مماثلة، في وقت سارع اللواء إبراهيم إلى التأكيد أن الدولة اللبنانية على استعداد لفتح باب التفاوض مع هذا التنظيم للوصول إلى إطلاق سراح هؤلاء العسكريين.
العسكريون وصلوا إلى داخل الأراضي اللبنانية بالتزامن مع عبور شاحنات المساعدات الإغاثية والطبية نقطة التبادل باتجاه جرود عرسال ومخيمات اللاجئين وسط انتشار مكثف لعناصر جبهة النصرة بسلاحهم وإعلامهم وقياداتهم.
الاتفاق الذي جرت عملية التبادل بناء عليه، تلاه الناشط الحقوقي نبيل الحلبي ممثلا مؤسسة "لايف" من منطقة التبادل والذي تضمن النقاط المعلنة التالية:
بنود الاتفاق
– فتح ممر إلزامي آمن بين مخيم اللاجئين وعرسال بشكل دائم، مما سيؤدي إلى تخفيف عملية الاحتقان بين اللاجئين والقوى الأمنية
– تأمين إغاثة بشكل شهري إلى اللاجئين في عرسال من خلال الهيئات الإنسانية
– إجلاء الجرحى المدنيين وتسهيل دخولهم إلى مشافي عرسال، حيث سيتم الاطلاع على لائحة بأسماء الجرحى وتسوية أوضاعهم للمعالجة داخل الأراضي اللبنانية
– تأمين المواد الطبية وتجهيز مشفى عرسال
– جعل منطقة وادي حميد منطقة آمنة
– متابعة الأوضاع الإنسانية والقانونية للاجئين.
عملية التبادل جرت بمشاركة واضحة ودور بارز أيضا للشيخ مصطفى الحجيري المعروف باسم "ابو طاقية" بين أهالي العسكريين، وهو الذي تردد معلومات بالأمس عن شروط إضافية وضعتها جبهة النصرة لإتمام الصفقة كان موضوع تسوية أوضاع الحجيري القانونية من ضمنها وأدت بالتالي إلى تأجيل عملية إطلاق سراح العسكريين وإتمام الصفقة.
دور الحجيري
المواقف التي صدرت عن وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي لعب دورا فاعلا داخل خلية الأزمة والوساطة مع جبهة النصرة، وجه الشكر مباشرة إلى الحجيري الذي وصف دوره بالمحوري في التوصل إلى الاتفاق مع النصرة ومذكرا بدوره في المراحل السابقة التي ساعدت في قطع الطريق على تنفيذ التهديدات بإعدام العسكريين.
موقف أبو فاعور يوحي بأن جهودا تبذل في كواليس الحكومة اللبنانية لاستكمال الصفقة في ما يتعلق بموضوع الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية بحق الحجيري بالأعمال الشاقة المؤبدة، خاصة أن الحجيري أعلن استعداده للعب دور في التوسط بين الدولة اللبنانية وتنظيم داعش في حال وافق الطرفان على قيادمه بهذا الدور.
الصفقة التي وضعت فيها النصرة لائحة بأسماء عناصر وأشخاص طالبت بإطلاق سراحهم لم تكن مقتصرة على السجون اللبنانية، بل شملت أيضا معتقلين في سجون النظام السوري، خاصة نساء، من بينهن زوجة أمير جبهة النصرة في جرود القلمون، والمفرج عنهم من السجون السورية لم يدخلوا الأراضي اللبنانية بل تم نقلهم مباشرة إلى المناطق المتفق عليها داخل الأراضي السورية، فيما تم إخراج سجى الدليمي وعلا العقيلي وجمانة حميد من السجون اللبنانية.
اثنا عشر معتقلا تم الإفراج عنهم من أصل ثلاثة عشر اسما تضمنتها لائحة جبهة النصرة اختاروا البقاء داخل الأراضي اللبنانية في عرسال ورفضوا الانتقال إلى مناطق سيطرة النصرة في جرود عرسال باستثناء عائلة واحدة، وطلبت طليقة أبو بكر البغدادي سجى الدليمي الانتقال إلى تركيا مع أطفالها.
اهالي العسكريين المختطفين يحتفلون بالافراج عنهم وينتظرون وصولهم
تفاصيل عملية التبادل
عملية التبادل جرت بشكل دقيق على حدود منطقة جرود عرسال، وبدأت بوصول جثة الجندي حمية للتقدم سيارات الدفع الرباعي التابعة للصليب الأحمر التي سبق أن دخلت إلى مناطق نفوذ النصرة وهي تحمل العسكريين الستة عشر إلى مشارف منطقة التبادل، في المقابل تحركت شاحنات الإغاثة باتجاه نقطة التبادل، حيث جرى دخول هذه الشاحنات مقابل تقدم سيارات الصليب الأحمر بتزامن دقيق ومدروس تحت أنظار مسلحي النصرة الذين انتشروا بشكل واسع وكبير وعلني في محيط عملية التبادل.
العسكريون المفرج عنهم اتجهوا مباشرة إلى مقر قيادة اللواء الثامن المنتشر في بلدة عرسال ومحيطها، حيث سبقهم اللواء إبراهيم استعدادا لاستقبالهم، وتنسيق الخطوات اللازمة لانتقالهم إلى العاصمة بيروت واللقاء مع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الذي ألغى زيارته إلى فرنسا ومشاركته في قمة المناخ لمواكبة هذه اللحظة.
قرابة الساعتين اللتين يتطلبهما قطع الطريق التي تفصل بين مقر اللواء الثامن في بلدة اللبوة في البقاع شرق لبنان ومقر رئاسة الوزراء في وسط بيروت، حيث تجري الاستعدادات لاستقبال العسكريين الذين جرى إعدادهم لهذه المناسبة بإعادة ترتيب أوضاعهم من حيث حلق اللحى وإلباسهم البزات العسكرية للقطاعات التي يتبعون لها ومن ثم الانطلاق بموكب أمني كبير بمرافقة مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، للانضمام إلى الاستقبال الرسمي بمشاركة أهاليهم وأهالي المختطفين لدى داعش في السراي الحكومي.
ردود فعل المسؤولين
وبعد الإعلان عن إتمام صفقة التبادل علق رئيس الوزراء السابق سعد الحريري على الحدث عبر موقع تويتر بالقول "نبارك للعسكريين عودتهم إلى الحرية وأحضان الوطن"، مضيفا "إنها فرحة لكل اللبنانيين وانتصار لصمود الجيش والقوى الأمنية في مواجهة الضغوط".
النائب وليد جنبلاط أكد شكره "كل من ساهم في إتمام صفقة لتبادل العسكريين اللبنانيين" معربا عن أمله "مواصلة العمل للإفراج عن بقية المخطوفين".
في وقت أكد وزير العدل اللواء أشرف ريفي عبر تويتر أيضا أنه "سنتابع التواصل والتفاوض لإطلاق سراح العسكريين المخطوفين لدى داعش".
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع توجه "نوه" بجهود الرئيس تمام سلام واللواء عباس إبراهيم وكل من ساهم في عملية إطلاق سراح الجنود.
في المقابل سيطرت حالة من الإرباك لدى إعلام حزب الله في مواكبة عملية التبادل، ودخل في محاولة لتفسير مواقفه خاصة غياب أي دور له في عملية التبادل، والدفاع عن نفسه أمام الاتهامات التي تحمله مسؤولية ما جرى على الحدود اللبنانية السورية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق