فعل كلام الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله فعله في الوسط السياسي الذي كان يترقب خطابه لتلمس موقف الحزب من البازار الانتخابي المفتوح على مزايدات وحسابات تفعل كل شيء ما عدا إنتاج قانون انتخاب!
ففي خطاب اتسم بالهدوء والدعوة إلى التروي، لم يغيب نصر الله المخاطر المحدقة بالبلاد نتيجة حال التشنج السائدة في ظل تسابق وتنافس على طرح المشاريع والافكار والاقتراحات، ومقابلتها بالملاحظات والاعتراضات التي تؤدي إلى إسقاط المشروع تلو الآخر، فيما هامش الوقت الفاصل عن موعد جلسة الخامس عشر من أيار بات ضيقا جدا لإنتاج قانون جديد.
رسائل عدة وجهها نصرالله في كلامه المهدىء، في أكثر من اتجاه. وقد بدأ أولا بإسقاط ضغط المهل المربوطة بتاريخ 15 أيار، ليوجه رسالة إلى من يعنيهم الامر أن إنجاز قانون يمكن أن يتم حتى 19 حزيران المقبل، أي عشية انتهاء ولاية المجلس النيابي، وهو في هذا الكلام يلتقي مع ما طرحه رئيس المجلس نبيه بري عبر "النهار" قبل أيام، ومؤداه أنه يمكن رئيس الجمهورية أن يفتح دورة استثنائية بما يتيح تمديد مهلة التشريع للمجلس حتى اليوم الاخير من ولايته.
عمد نصرالله بهذا الكلام إلى فرملة اندفاعة رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية جبران باسيل الذي كان أثار خيار اللجوء إلى التصويت في جلسة مجلس الوزراء المقررة الخميس المقبل، عندما تحدث عن "إمكان التصويت في حال عدم التوافق على قانون واحد"، مشددا على "رفض الخيارات الاخري مثل الفراغ أو الستين أو التمديد".
والمعلوم أن لجوء باسيل إلى طرح مسألة التصويت كان أثار توجس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، إذ أثار قلقه من أن يتحول التصويت على القانون النسبي إلى القانون التأهيلي، ولا سيما أن طرح التصويت جاء على خلفية رفض باسيل تحديد طائفة رئيس مجلس الشيوخ وإسنادها إلى الدروز، داعيا إلى إسنادها الى الأرثوذكس.
وفي رأي أوساط سياسية أن كلام نصرالله أطاح مداولات جلسة الخميس في شأن قانون الانتخاب ومشروع بري، من دون أن يعني ذلك إطاحة الجلسة. وفتح الباب أمام بحث متجدد عن بنود التسوية التي دعا اليها نصرالله.
ولعل أهم ما هدف إليه نصرالله في رسائله المتعددة، ما توجه فيه إلى الجمهور المسيحي، من خلال طمأنة الشارع المسيحي الى أن الحزب ليس في وارد الانقلاب على تحالفاته، او على المبادىء التي جاهر بها في ما يخص قانون الانتخاب واعتماد مبدأ النسبية. فأكد أنه سار بالمشروع الارثوذكسي في إطار طمأنة الحليف المسيحي، وهو مستعد إلى جانب شريكه في الثنائية الشيعية، للسير بأي صيغة، شرط عدم جر البلاد إلى الهاوية.
ولم تقتصر التطمينات على الحليف المسيحي، بل انسحبت كذلك على الشارع الدرزي. وهذا ما فسر الرد الفوري للنائب جنبلاط الذي قال غداة انتهاء الخطاب إن "كلام نصرالله دقيق وشامل في أهمية التوافق والخروج من الحلقة المفرغة وأبعادها المقلقة".
بدا نصرالله حازما في رغبته في حسم السجال الانتخابي الحاصل وتعبيد الطريق أمام التسوية المرتقبة، وإن يكن أعطى ملامحها بوضوح.
وهذا يعني أن البلاد مقبلة على مزيد من التشاور في الملف الانتخابي من دون إقفال الباب على الخيارات المطروحة، السيئ منها أو الاسوأ!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق