تراشق سياسيّ، تشهده الساحة المحليّة اللبنانية بعد المعلومات شبه المؤكدة عن استشهاد العسكريين المختطفين لدى #داعش... اتهامات بالتقصير ضد حكومة تمام سلام، بالتراخي مع المسلّحين وعدم حسم المعركة تسهيلاً للمفاوضات بعد "الأوامر السياسية" بضرورة وقف القتال، بينما الحكومة السابقة والمقربون منها يتهمون "حزب الله" بإجراء صفقة مع الإرهابيين كان لبنان بالغنى عنها.
وزراء الحكومة السابقون بدأ كل واحد منهم بالدفاع عن نفسه، حتى جو قهوجي، نجل قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، الذي ردّ على الاتهامات بالقول: "لن نكون كبش محرقة لأحد ولا الحلقة الأضعف، وليكن واضحاً للجميع أنّ المؤسسة العسكرية مرتبطة وفقاً للدستور بالسلطة التنفيذية الممثلة بالحكومة اللبنانية، والحكومة هي من تتحمّل مسؤولية أيّ قرار تتخذه وتفرض على الجيش تنفيذه".
حرقة أهالي الشهداء على أولادهم يتقاذفها الأفرقاء السياسيون لإبعاد التهمة عنهم، فكلّ فريق سياسيّ يوجّه اللوم للطرف الآخر، قوى 8 آذار تتهم قوى 14 وحكومة تمام سلام بأنها منعت الجيش من إكمال عملياته العسكرية لحسم المعركة وإعادة الجنود أحياء، فيما قوى 14 آذار ترى أنّ الاتهامات ما هي إلا للتغطية على صفقة خروج عناصر "داعش" و"النصرة" سالمين من الأراضي اللبنانية دون أيّ محاسبة.
وزير العدل السابق في حكومة تمام سلام، أشرف ريفي قال في حديثه لـ"النهار": "هناك حرب يشنّها إعلام "الممانعة" وبعض الإعلام المأجور لتصويب السهام على الأطراف الوطنية لتغطية صفقة "الذل والعار" بخروج العناصر الإرهابيين من لبنان سالمين دون أيّ محاسبة أمام القضاء، معتبراً أنّ حزب الله يحاول الدفاع عن نفسه عبر توجيه الاتهامات للأطراف الأخرى، وهو من اعترض على طلب التفاوض مع الخاطفين".
مساءلة المقصرين في تلك المرحلة وطرح الملف أمام القضاء ومحاسبة من سهّل هدر دم الجيش، يراه عضو الأمانة لقوى 14 آذار فارس سعيد، طرحاً منطقياً إلا أنه ذهب بعيداً في المطالبة المحاكمة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، عن دخوله الحرب في سوريا دون مراجعة الأطراف السياسية اللبنانية، وأدخل لبنان في حروب كان بالغنى عنها، فيما العناصر المسلحون الذين كانوا في الجرود يعودون بالأصل لسكان منطقة القصير المهجّرين من النظام السوري و"حزب الله"، معتبراً أنّ المحاسبة الأساسية هي لـ"حزب الله" لا الحكومة اللبنانية، وإذا مثُل السيد نصر الله أمام القضاء يمكن عندها محاسبة باقي الأطراف السياسية"، معتبراً أنه "من الوقاحة السياسية المطالبة بمحاكمة أطراف دون أخرى في الحكومة أو خارجها".
الحدة في كلام ريفي وسعيد، يقابلها كلام أكثر هدوءاً عضو المكتب السياسي لـ"تيار المستقبل" مصطفى علوش، الذي رأى أنّ الهجمة على قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي والحكومة السابقة هدفها ذرّ الرماد بالعيون للتغطية على صفقة "العار" التي قام بها الحزب بخروج المسلحين من الجرود، معتبراً أنّ الحديث عن عدم إكمال المعركة عام 2014 وتحرير الجنود إنما هدفه تحويل بلدة عرسال إلى نهر بارد جديد، والقرار الذي اتخذ يعود لقيادة الجيش بأنه إذا أُكملت العملية فسيسقط مئات الشهداء، وهدف "حزب الله" كان إدخال الأهالي في معركة مع الجيش، مشدداً على أنّ السجال السياسي سيشتدّ في الفترة القادمة للتغطية قدر الإمكان على فضيحة خروج المسلحين وللهرب من الأسئلة الكثيرة عن استسلام عناصر "داعش" لـ"حزب الله" فقط.
التراشق السياسي واتهام "حزب الله" بتحمّل المسؤولية عما حصل يحملهما أيضاً مستشار رئيس #القوّات اللبنانية #سمير_جعجع العميد وهبي قاطيشا، الذي رأى أنّ هدف قوى 8 آذار في بداية المعركة في عرسال عام 2014، كان تحويل عرسال إلى نهر بارد جديد وسقوط مئات القتلى، مؤكداً أنّ أسرى داعش جميعهم مع "حزب الله" لتجنب وقوع أيّ داعشي مع الدولة اللبنانية وفضح المسرحية التي جرت في المعركة الأخيرة، خصوصاً أنّ النظام السوري هو من استقطب المسلحين إلى الجرود وهو من أخرجهم بعد انتهاء مهمّتهم، ومن يجب أن يساءل هو "حزب الله" والنظام السوري".
أما نائب "تيار المستقبل" خالد زهرمان، فطالب في الوقت الحالي باحترام تعب آبائهم ودموع أمّهاتهم وزوجاتهم وصراخ أطفالهم على مدى ثلاث سنوات والابتعاد في الوقت الحالي عن التراشق السياسي، معتبراً أنّه في السياسة يمكن اتهام أيّ طرف بالتقصير، إلا أنه يجب فتح تحقيق أمام القضاء بما حصل ومن المسؤول عن دماء شهداء الجيش، معتبراً أنّ التركيز على بداية المعركة في عام 2014 هدفه التغطية على صفقة الخروج للمسلحين، بينما الأهالي في الخيمة يسألون عن أهداف تلك الصفقة المذلّة.
وعن بداية المعركة أكّد زهرمان أنّ عملية التفاوض كانت جارية إلى أن تم استهداف إحدى خيم النازحين، كذلك تم استهداف هيئة العلماء المسلمين، وأعيد خلط الأوراق، معتبراً أنّ الخطوط الحمر التي وضعها "حزب الله" حول التفاوض في عام 2014 عاد وتخطاها هو نفسه في الأيام الأخيرة، أما الأسئلة الكثيرة فستبقى تطرح عن سبب إنهاء المعركة بهذه الطريقة.
الاتهامات السياسية سترتفع، كما يبدو، في الفترة المقبلة للتهرب من أيّ ردود فعل قد تحصل من أهالي الشهداء، والأسئلة الكثيرة عن اللحظات الأخيرة للشهداء وعن الأيام والأشهر التي قضوها في الجرود ستبقى تلاحق الأهالي، بينما المعنيون في القضية جلّ ما سيفعلونه اتهام الطرف الآخر وتقديم واجب العزاء للأهالي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق