الاحد في 29 نيسان 2018 كان يوماً تاريخياً في تثبيت العلاقة السياسية بين لبنان ومغتربيه. اعترفت الدولة اللبنانية بهذه العلاقة ووعدت بتطويرها في الانتخابات القادمة من خلال انتخاب المغترب لممثليه في المجلس النيابي. بالنسبة للبنانيين في استراليا، ورغم حصولهم على المركز الاول من حيث عدد المسجلين الا أن النسبة تبقى خجولة استناداً الى أعدادهم في استراليا. أقلّ من أربعة بالمئة. رغم ان الجالية اللبنانية تُعتبر حديثة العهد وعلاقات أفرادها بلبنان لا زالت قويّة. ولعدم الاقبال على التسجيل أسباب كثيرة منها قرف الغالبية العظمى مما يجري في لبنان، اقتناعهم بعدم قدرتهم على التغيير وعدم ثقتهم بوعود المسؤولين.
لقد تسجَّل أقل من 12 ألفاً ليمارسوا حق المشاركة بالحياة السياسية اللبنانية من خلال حق الانتخاب من استراليا. انتخب منهم أكثر من النصف بقليل. عدم الاقبال من قبل المسجلين فاجأ الكثيرين. إذ كنا نعتقد ان الـ 12 ألفاً سيقبلون بمعظمهم على المشاركة كون التسجيل كان طوعياً. ولكن تبيَّن أن الاحزاب بامكانها أن تحشد للتسجيل ولكنها لا تستطيع أن تُبقي على هذا الزخم حتى وقت الاقتراع. أضف بعد المسافات، التأخر بالحصول على جوازات سفر، بعض من تسجَّل لم يأتِ اسمه على لوائح الشطب، الاختلاف بين متطلبات التسجيل ومتطلبات الانتخاب والاسباب الخاصّة بكل شخص.
على كل حال تبقى تجربة انتخابنا من استراليا تجربة فريدة وغاية في الاهمية ونثني عليها ونعمل على تطويرها لنصل الى الاستحقاق الاهم سنة 2022 ونحن على اتم الاستعداد لخوضه. والاستفادة من التجربة تقتضي تسليط الضوء على ايجابياتها وسلبياتها. من الايجابيات شعور المشاركين انهم مواطنون لبنانيون بالفعل لا بالقول. ندم بعض من أتى مستطلعاً لعدم تسجيل أنفسهم. الجهد الهائل الذي بذله الدبلوماسيون اللبنانيون لاتمام العملية على أحسن وجه. الجو الديمقراطي الرائع الذي ساهم بتثبيته الجميع.
أما السلبيات فكثيرة ومعظمها مبرر لأنها المرّة الاولى ونأمل أن نتجاوزها في المرّات القادمة. أهمها:
1- عدم التنظيم خارج أقلام الاقتراع: لا يوجد أحد من الرسميين ليوجّه المشاركين. لوائح الاسماء الموجودة على باب كل قلم لا تعتمد أي تسلسل أبجدي. الكثيرون أتوا ووقفوا مع الواقفين، بعد ساعة من الانتظار أو أكثر يكتشف رئيس القلم أن اسماءهم غير واردة على لوائحه فيوجههم الى قلم اقتراع مجاور لتتكرر عملية الانتظار.
2- البطء الشديد في الداخل: شخص واحد يأخذ حوالي العشر دقائق. عندما يأتي دوره يتأكد رئيس القلم من وجود اسمه. يعلن الاسم لمندوبي اللوائح، يعطيه ورقة الاقتراع، يذهب الى مكان منعزل، يختار من يريد، يضع الورقة في المغلّف، يضعها في الصندوق، يدمغ اصبعه بالحبر ويخرج. هذا البطء، والصفوف الطويلة خارج الاقلام، والانتظار الممل، دفعت بعض المسجلين للمغادرة قبل ان يشاركوا بالاقتراع.
3- اللوائح مكتوبة فقط باللغة العربية وكأنهم يقولون لنا كل من لا يقرأ العربية لا نريده أن يشارك. وهذا تمييز واجحاف. فكثيرون من المولودين في استراليا لا يعرفون العربية. حتى أن بعض المولودين في لبنان لا يعرفونها أيضاً. ومما زاد الامر تعقيداً عدم السماح لهؤلاء الاشخاص بالاستعانة بمن يستطيع مساعدتهم.
4- أقلام الاقتراع في استراليا يراعون فيها وضع أصحاب الاحتياجات الخاصة. أقلام اقتراعنا في استراليا لم تأخذ هذه الناحية بعين الاعتبار. فالمُقْعَد لا يستطيع الوصول الى بعضها. وكبير السن، الذي لا يستطيع أن يقف مدة طويلة، ينتظر لساعة أو أكثر دون وجود أي مَقعد أو أية معاملة خاصة.
لذلك نفترح على المسؤولين اخذ الامور التالية بعين الاعتبار في أية عملية اقتراع قادمة في بلدان الانتشار:
1- اعداد لوائح باللغتين العربية ولغة البلد المرسلة اليه. وذلك لاشراك أكبر عدد ممكن من المغتربين.
2- اعتماد أحد الموظفين الرسميين كمساعد محايد في كل قلم يجيد اللغتين لمساعدة أي شخص لا يعرف القراءة أو الكتابة
3- تنظيم لوائح الشطب حسب التسلسل الابجدي في كل قضاء لتسهيل عملية العثور على أسماء المشاركين.
4- اعتماد أقلام الاقتراع في أمكنة يسهل وصول الجميع اليها ومن ضمنهم أصحاب الاحتياجات الخاصة.
5- تدريب رؤساء أقلام أكثر وخاصة من المتطوعين ليساعدوا الدبلوماسيين وموظفي القنصليات والسفارات للاشراف على العملية الانتخابية.
6- جعل مراكز الاقتراع في المدارس الحكومية الاسترالية لأنها مؤهلة أكثر لاستقبال العمليات الانتخابية
وربما يمكن سد معظم هذه الثغرات لو اعتمدت وزارة الداخلية، المشرفة على الانتخابات، مبدأ التسجيل الالكتروني والانتخاب الالكتروني. فالتكنولوجيا أصبحت سيدة العصر ومن المستحب أن ندخلها ليس فقط في اجراء العملية الانتخابية بل أيضاً في معظم معاملاتنا اليومية.
منتدى الحوار الاسترالي اللبناني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق