صورة لجمال باشا قرب البحر الميت سنة 1915
اختيار وإعداد عادل محمد
5 نوفمبر 2019
عقب انقلاب 1913 الذي قاده عدد من أعضاء "جمعية الاتحاد والترقي"، عرفت الدولة العثمانية ظهور نظام الباشاوات الثلاثة الذين أداروا شؤون البلاد طيلة السنوات التالية. وبينما حصل طلعت باشا على منصب وزير الداخلية وأنور باشا على منصب وزير الحرب، نال جمال باشا حقيبة وزارة البحرية. وقاد هؤلاء الثلاثة الدولة العثمانية لنهايتها فاصطفوا إلى جانب ألمانيا وإمبراطورها فيلهلم الثاني وأقحموا أنفسهم في غمار الحرب العالمية الأولى التي انتهت بهزيمتهم وقبولهم بشروط المنتصرين.
صورة لطلعت باشا
صورة لجمال باشا التقطت سنة 1910
صورة لأنور باشا
وفي خضم الحرب العالمية الأولى، قاد الباشاوات الثلاثة العديد من المجازر والإبادات الجماعية ضد الأهالي الذين شكلوا منذ قرون نسيج الدولة العثمانية فأسفرت مذابحهم حسب أغلب التقديرات عن مقتل 1.5 مليون أرمني إضافة لمئات الآلاف من السكان الآشوريين واليونانيين.
صورة ملونة اعتمادا على التقنيات الحديثة لجمال باشا
صورة لعدد من ضحايا إبادة الأرمن
ولم يسلم العنصر العربي من مذابح الأتراك. فعقب تعيينه حاكماً على بلاد الشام سنة 1915، حصل وزير البحرية جمال باشا على صلاحيات لا متناهية أتاحت له فعل ما يشاء وأصبح بفضلها الحاكم المطلق للمنطقة. وعلى الرغم من معاناة اللبنانيين من نقص واضح في المواد الغذائية بداية من سنة 1915 بسبب الحصار البحري المفروض عليهم وهجوم الجراد، تجاهل جمال باشا معاناة الأهالي فعمد لمصادرة محاصيلهم لإطعام جنوده متسبباً بذلك في تفاقم معاناة اللبنانيين وظهور مجاعة أودت بحياة نحو 200 ألف لبناني. كما لم يتردد وزير البحرية العثماني في ملاحقة المثقفين والقوميين العرب بالشام فنصب لهم المشانق بكل من بيروت ودمشق وأعدم كثيراً منهم وعلى رأسهم عبد الكريم الخليل ومحمد ومحمود المحمصاني ونور الدين القاضي والأمير عمر الجزائري، حفيد الأمير عبد القادر الجزائري، والكاتب رشدي الشمعة والشاعر والأديب شفيق بك مؤيد العظم والشاعر رفيق رزق سلوم والمفكر والصحفي عبد الحميد الزهراوي. وبسبب هذا السجل الدموي، كسب المسؤول العثماني جمال باشا العديد من الألقاب بالشام كان أهمها الجزار والسفاح.
صورة لعدد من اللبنانيين في خضم مجاعة لبنان التي أودت بحياة 200 ألف شخص
صورة لعدد من أهالي الشام الذين شنقتهم قوات جمال باشا
بالتزامن مع ذلك، باشر البرلمان التركي منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1918 بمناقشة قرار لتوجيه لائحة اتهامات ضد الباشاوات الثلاثة وعدد من معاونيهم. ومع حلّ السلطان للبرلمان مطلع كانون الأول/ديسمبر من نفس السنة أوكلت مهمة ملاحقة هؤلاء المسؤولين السابقين لمحكمة عسكرية.مع استسلام الأتراك وخسارتهم للحرب العالمية الأولى، حاول الباشاوات الثلاثة للهرب نحو الأراضي الألمانية. وقد اتجه جمال باشا لاحقاً عقب حلوله بألمانيا على متن إحدى السفن للتنقل نحو سويسرا ومنها نحو روسيا التي عرفت نجاح الثورة البولشفية وهيمنة الشيوعيين على الحكم.
وبسبب مغادرتهم للأراضي التركية وفرارهم لألمانيا، حوكم الباشاوات الثلاثة غيابياً ووجهت إليهم تهم بإقحام البلاد في الحرب العالمية الأولى وارتكاب مذابح وفظائع بحق بعض الشعوب كاليونانيين والأرمن لتصدر في حقهم أحكام غيابية بالإعدام يوم 5 تموز/يوليو 1919. كما اتُهم جمال باشا بالمشاركة في إبادة الأرمن حيث كانت "مسيرات الموت" التي ضمت الأطفال والنساء والشيوخ تنتهي بإبادات وانتهاكات بمناطق قابعة تحت سيطرته كدير الزور بالشام.
صورة فوتوغرافية لجمال باشا وهو بالزي العسكري
سنة 1920، انتقل جمال باشا لآسيا الوسطى وعمل على تحديث الجيش الأفغاني. ومع تقدم البولشفيين وتحقيقهم لإنجازات هامة بالحرب الأهلية الروسية، اتجه جمال باشا للعب دور الوسيط بين كابول وموسكو. يوم 21 تموز/يوليو 1922 تعرض جمال باشا لعملية اغتيال ناجحة أدت لمقتله برفقة اثنين من مساعديه بالعاصمة الجورجية تبليسي أثناء عودتهم من برلين لكابول عقب إبرامهم لصفقة تسلح، حسب مصادر "نيويورك تايمز" لتلك الفترة. وقد جاء مقتل جمال باشا ضمن "عملية نمسيس" التي نظّمها عدد من الأرمن للثأر من القادة الأتراك المسؤولين عن إبادة الأرمن حيث تكفل كل من ستيبان دزاغيغيان (Stepan Dzaghigian) وأرتاشس جيفورجيان وبيتروس تير بوغصيان (Petros Ter Poghosyan) بمهمة توجيه رصاصات قاتلة لوزير البحرية التركي السابق الملقب في الشام بالسفاح والجزار.
صورة لجثة جمال باشا عقب مقتله
المصدر: موقع عربي معتبر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق