الاثنين، 25 نوفمبر 2019

هل سيوجه نتنياهو وترامب ضربة لطهران للخروج من مأزقيهما؟

كتب راسم عبيدات ـ

نتنياهو بعد توجيه الإتهام له من قبل المستشار القضائي الإسرائيلي مندلبليت بالفساد وخيانة الأمانة وسوء الإدارة والتصرف،وانتقال وضعه القانوني من " مشتبه" الى " متهم" بعد الرأي القانوني الذي أبده المستشار القضائي الإسرائيلي مندلبليت بأنه توجد صعوبات قانونية بارزة تحول دون قدرة نتنياهو على تشكيل الحكومة في ظل لائحة اتهام خطيرة جداً ...وتزايد الدعوات له بالإستقالة من قبل خصومه وحتى من داخل البيت اليميني وحزب الليكود نفسه...بما يعني أن وضعه يقترب من الوقوف على بوابات السجن،ولكن نتنياهو بات على قناعة تامة،بأن الخيار السياسي لن يمكنه من تحقيق أهدافه،ولا بد من خيار آخر ينقذ مستقبله السياسي ويحفظ له قيادته،ومن أجل انقاذ وضعه لا بد من الخروج الى حرب مع ايران،وتصريحاته وتحريضه المستمرين ضد طهران،وبأنه لن يسمح لها بإستخدام الأراضي العراقية واليمنية لتهديد امن ومستقبل دولة الإحتلال  توحي بانه بالتعاون مع المهووس ترامب والذي يواجه اجراءات عزل في جلسات تاريخية علنية في مجلس النواب الأمريكي بسبب عملية الإبتزاز في القضية الأوكرانية المتمثلة بتعليق تزويد اوكرانيا بالسلاح لإجبارها على التحقيق مع جو بايدن المرشح الرئيسي للحزب الديمقراطي المحتمل لمنافسة ترامب.

نتنياهو وترامب ليس امامهما مهرب للخروج من هذه الأزمة سوى بالخروج الى حرب مع طهران،ولعل ما صرح به قائد القيادة المركزية للقوات الأمريكية ماكينزي بعد الإجتماع الأمني لدول المحور الأمريكي في البحرين،والذي قال فيه بأن طهران ستعتدي على جيرانها وحشد المدمرات وحاملات الطائرات الأمريكية في منطقة الخليج وزيادة عدد القوات الأمريكية في دول المشيخات الخليجية العربية والعراق وسوريا والتي تبلغ الآن حوالي 14 ألف جندي،رغم أن سياسة ترامب قائمة على تقليل عدد القوات الأمريكية في المنطقة،وتدفيع أي دولة تطلب الحماية الأمريكية وبقاء الجيوش الأمريكية على أراضيها ثمن ذلك،وأمريكا التي فشلت قبل ثلاث سنوات في تشكيل ما يسمى بالناتو العربي ضد طهران بإعتبارها العدو المركزي للمشيخات الخليجية العربية التي تهدد أمنها واستقرارها وتنشر "الإرهاب" في المنطقة،كذلك أمريكا فشلت قبل بضعة شهور بتشكيل حلف اسمته دولي لضمان حرية السفن والملاحة في الخليج العربي،ولكن يبدو بان التطورات المتعلقة بجلسات عزل ترامب جعلته يعيد تقييم الموقف من جديد،وأيضاً ما يتعرض له من ضغوط اسرائيلية وخليجية وعربية للإبقاء على القوات الأمريكية في المنطقة،وترافق ذلك مع الإتهامات لطهران من قبل ماكينزي قائد القيادة المركزية للجيوش الأمريكية،بأنها ستهاجم جارتها الخليجية العربية،وبان طهران هي من وجهت الضربة بالصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة "لأرامكو" السعودية ..وتوافق المواقف الأمريكية والبريطانية والفرنسية على ضرورة اضعاف حزب الله في لبنان،وضرورة قبول لبنان بالترسيم البحري للحدود،بما يسمح لإسرائيل بالسطو على الثروة النفطية والغازية اللبنانية.

 كل هذه المؤشرات تقول بأن هناك ضربة ستوجه لطهران تحت حجج وذرائع عدم تمكينها من امتلاك السلاح النووي،سيكون نتنياهو وترامب شركاء بها الى جانب بريطانيا وفرنسا ومشيخات خليجية عربية.

نتنياهو اذا ما  شن حربه هذه على طهران،فهذا يعني بان سيتم تشكيل حكومة طوارىء،وفترة تشكيل حكومة الطوارىء،لن يكون هناك محاكم ولا قرارات،وبالتالي يحصل على فترة طويلة نسبياً تمكنه من ترتيب اوراقه وإزاحة خصومه من طريقه،فهو يمتلك " الكاريزما" القيادية و"ببروغندا" الإعلام والعلاقات العامة،وهو القادر على فرض جدول الأعمال الأمني والسياسي والإعلامي على الحكومة والجميع يلحق به.

نتنياهو لن ينتظر أن ينقلب عليه جدعون ساغر من داخل الليكود أو أن يستجيب المستشار القضائي  الذي شكل لجنة ثلاثية منه ومن نائبه ومن المدعي العام شاي نيتسان للبت في  صلاحيات نتنياهو  بتشكيل الحكومة الجديدة،وهو كذلك لم تنقذه هدية ترامب له بشرعنة الإستيطان في الضفة الغربية واعتباره لا يتناقض مع القانون الدولي،ولربما المسار السياسي خلال ال  21 يوماً التي منح فيها رئيس دولة الإحتلال ريفلين الكنيست التفويض بتشكيل الحكومة لأي عضو كنيست يحصل على ثقة 61 عضو كنيست،ونتنياهو يدرك بانه لن يكون قادراً على تشكيل الحكومة،ولذلك رغم أنه لا يمتلك التفويض الأخلاقي والشعبي الكافيين من أجل الذهاب لخيار الحرب،إلا انه أصبح بالنسبة له ممر إجباري،لكي لا يدخل السجن وينتحر سياسياً،وكذلك ترامب بات على قناعة تامة بأنه لن ينجح بتولي الحكم لدورة ثانية،في ظل  سياسته المتخبطة والتي انتجت الكثير من الأزمات الخارجية،حروب جمركية وتجارية وعقوبات متبادلة مع الصين،عقوبات اقتصادية على روسيا وتركيا،عقوبات غير مسبوقة وحصار على ايران،عقوبات مالية واقتصادية على حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي،وعدوان مستمر على سوريا ،ورغم كل ذلك لم يتقدم المشروع الأمريكي في المنطقة عسكرياً،بل يواجه صعوبات حقيقية،وأمريكا تتراجع دوراً ونفوذاً في المنطقة.

وحتى لا يجد  ترامب نفسه معزولا،فلا خيار امامه سوى دعم جموح صديقه نتنياهو الذي تجمعه به مصالح مشتركة،خيار توجيه ضربه عسكرية لطهران من شانها خلط الأوراق،وإبعاد شبح عزله وإقالة صديقه وشريكه نتنياهو،وخصوصاً بأن المنطقة تشهد تغيرات وتطورات يترسخ فيها محور المقاومة،وايران تثبت نفسها كقوة اقليمية،حيث استوعبت العقوبات الأمريكية واحتوت الإحتجاجات ذات البعد الأمني التي فجرتها امريكا في ايران على خلفية رفع اسعار الوقود،وكذلك محاولة ضرب طهران وسوريا في ساحتي لبنان والعراق،بنشر الفوضى ودفع الإحتجاجات الشعبية المحقة ضد طغم الفساد وهادري وناهبي المال العام،نحو الفتن المذهبية والطائفية،من أجل اضعاف نفوذ حلفاء طهران في هذين البلدين الحشد الشعبي وحزب الله اللبناني.

نعم أرى بأن نتنياهو وترامب سيخرجان نحو الحرب للخروج من مأزقهما  المشترك،مأزق الإقالة والمحاكمة والسجن لنتنياهو،ومأزق العزل وعدم الترشح لولاية انتخابية ثانية والفوز فيها بالنسبة لترامب. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق