من بعد تقديم المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية افيخاي مندلبليت لائحة اتهام من ثلاثة بنود لنتنياهو،تتعلق بالفساد وخيانة الأمانة وسوء التصرف والإدارة،والتطورات تتسارع وتتلاحق،فيما يتعلق بمصير نتنياهو،وخاصة بان توجيه لائحة اتهام بحق نتنياهو،يعني بان الوضع القانوني له،قد انتقل من وضع " المشتبه" الى وضع " المتهم" وكذلك قام رئيس دولة الاحتلال ريفلين، لأول مرة في تاريخ دولة "إسرائيل"،بنقل تفويض تشكيل الحكومة الى الكنيست،في حال تمكن أحد أعضاء الكنيست من جمع 61 توقيع عضو كنيست على الأقل يدعمون تكليفه بتشكيل حكومة،وهذا الشخص لن يخرج عن إطار نتنياهو او غانتس والمدة محددة ب21 يوماً للشخص الذي يستطيع التشكيل.
وضع نتنياهو القانوني سيدخل مرحلة الخطر الجدي والفعلي،إذا ما اصدر المستشار القضائي،رأياً قانونياً يقول بأنه توجد مصاعب قانونية بارزة" بأن يكون نتنياهو مؤهلا لتشكيل حكومة تحت لائحة اتهام خطيرة للغاية.
وهذا الوضع القانوني الذي نتحدث عنه،يتعلق بفترة ال 21 يوماً،ولكن اذا ما جرت انتخابات مبكرة ثالثه،وفاز فيها نتنياهو فهنا سينشأ وضع قانوني غير مسبوق،ولم يتوقعه القانون،فقانون أساس الحكومة الصهيوني ينص على ان رئيس الوزراء يستطيع مواصلة ولايته حتى صدور حكم نهائي.
مع الفشل الحزبي الإسرائيلي في توليد حكومة اسرائيلية جديدة والذهاب الى انتخابات مبكرة للمرة الثالثة،واضح بأن الفتق في النظام السياسي الإسرائيلي يتسع،وبان هناك حالة من التشظي والفوضى،كتعبير عن ازمة هذا النظام،ونتنياهو الذي يحارب حتى اللحظة الأخيرة من اجل التشبث في الحكم،حيث عمد الى عملية اغتيال للقائد الميداني الكبير في الجهاد الإسلامي بهاء ابو العطا وزامن ذلك بمحاولة اغتيال قائد الإربتاط العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أكرم العجوري مع قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في دمشق،وكان على قناعة بأنه بعمليات الإغتيال تلك، بانه سينجح بتصدير ازمته الداخلية وسيحقق أهدافه السياسية والشخصية، التي تمكنه إذا ما تدحرجت الأمور الى مواجهة عسكرية اوسع ان يعلن عن تشكيل حكومة طوارىء،ويوقف كل الإجراءات القضائية ضده،ولكن تلك المحاولة فشلت،واتبعها بمحاولة اخرى بقصف واسع وهجوم على الأراضي السورية تحت ذريعة استهداف قوات إيرانية متمركزة في سوريا...وبالمقابل كان ترامب يسعى لمد طوق حبل النجاة له،عندما اعلن وزير الخارجية الأمريكي جورج بومبيو عن ان الإستيطان في الضفة الغربية شرعي ولا يتناقض مع القانون الدولي،ولكن جاء قرار وزير الخارجية الأمريكي جورج بومبيو بالإعلان عن ان الإستيطان في الضفة الغربية شرعي ولا يتناقض مع الشرعية الدولية، في ظرف سيء لنتنياهو الذي قدمت بحقه لائحة إتهام،متزامنة مع افتتاح مجلس النواب الأميركي سلسلة جلسات تاريخية علنية في إطار التحقيق المتعلق بإمكان عزل الرئيس دونالد ترامب. ويتهم الديموقراطيون ترامب باستغلال منصبه فيما يسمى بفضيحة ابتزاز أوكرانيا لتشويه سمعة الديمقراطي جو بايدن.
كذلك العربان من المشيخات الخليجية العربية،لم يدخروا جهداً في دعم نتنياهو من خلال تسريع وتطويرعلاقاتهم التطبيعية العلنية والشرعية مع دولة الإحتلال،ولكن يبدو بان كل ذلك لم يشكل طوق نجاة لنتنياهو،كما لم يستطع ترامب ان يمد طوق النجاة لحلفائه في العراق ولبنان،ففي شهادة جيفري فيلتمان السفير الأمريكي السابق في لبنان والمكلف الرئيسي لاحقاً بالملف اللبناني،والذي إستدعي للشهادة كخبير في الملف اللبناني أمام لجنة الخارجية في الكونغرس الأمريكي،قال بشكل واضح ان الفوضى الأمنية في لبنان ليست لصالح "اسرئيل" ومصالحها والفوضى المالية من شانها جلب روسيا والصين كرافعتين اقتصاديتين بديلتين،ولذلك فإن رهان قوات "الجعجعية" و"الجنبلاطية" و"المستقبلية"،قوى الرابع عشر من آذار على ان تحركاتها وتأزيمها للوضع في لبنان للإقتراب من حرب أهلية طائفية،وكذلك هي القوى المتحالفة والمؤتمرة بإمرة واشنطن والرياض في العراق،حيث سعت الى دفع العراق نحو الفوضى والإحتراب الطائفي،ولكن كل تقديم اوراق الإعتماد من قبل هؤلاء الى واشنطن،لم تكن بالكافية لكي تنتج سياسة أمريكية ثابتة للإنخراط في معاركهم ولحساباتهم،فهذه الرهانات الخاسرة جربتها المعارضة السورية ومن ثم الأكراد في سوريا والعراق،ولم يحصدوا سوى المزيد من الخسائر.
صحيح بان معركة عزل نتنياهو واقتراب دخوله للسجن قد اقتربت،ولكن حتى الان ما نستطيع قوله بأن نتنياهو لن يكون مثل رئيس وزراء الإحتلال السابق يهودا اولمرت الذي استقال بشبهة الفساد عام 2008 ودخل السجن لسبع سنوات ولا رئيس الدولة اليهودي الإيراني موشيه كتساف الذي جرد من صلاحياته كرئيس للدولة واجبر على الإستقالة بسبب التحرش الجنسي ودخل السجن ليقضي عقوبة ثماني سنوات.
نتنياهو سيبقى يصارع حتى اللحظة الأخيرة،وقد شن هجوماً شرساً على الشرطة والمحققين والمستشار القضائي والإعلام والقضاء،واتهم الجميع بانهم يديرون معركة ضده،هدفها إسقاط اليمين،وبأن ما قدم من ادلة ملوثة،وفيه شيء من الإبتزاز،وهو سيواصل مهامه ودوره في خدمة دولة الاحتلال، التي عمل من اجلها،وقاتل من اجلها وجرح أيضاً في معارك الدفاع عنها،وهو يعمل الآن على تقويتها في المنطقة،لكي تصبح قوة إقليمية،وفخور بإنجازاتها،ولديها الكثير من العلاقات مع المحيط العربي.
نتنياهو حتى اللحظة يحظى بدعم ومساندة قوى اليمين له رغم إتهامه بالفساد،وهذه القوى تربط مصيرها بمصيره المالي وفساده الأخلاقي.
نتنياهو فقط سيتخلى عن الحكم وسيقدم استقالته،إذا جرى هناك تمرد في الليكود على سلطته،وأقدم عدد من أعضاء حزبه على الإنشقاق،او اذا ما أصر على سبيل المثال جدعون ساغر أو غيره على التنافس على رئاسة الحزب عبر استفتاء..واذا ما استجاب المستشار القضائي الى الإلتماسات التي ستتقدم بها المعارضة الى المحكمة العليا مطالبة بإستقالة نتنياهو،وأصدر رأيه القانوني بأن نتنياهو غير مؤهل لتشكيل الحكومة في ظل لائحة اتهام خطيرة. ما دون ذلك سيبقى نتنياهو يصارع من اجل ان يبقى في الحكم كرئيس للوزراء،لأن استسلامه سيعني بانه أصبح أقرب الى بوابة السجن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق