الأحد، 23 أكتوبر 2022

المنتدى اللبناني الأسترالي المستقل يحيي الذكرى الثالثة لانتفاضة 17 تشرين

 


بمناسبة الذكرى الثالثة لانتفاضة 17 تشرين، دعا المنتدى اللبناني الأسترالي المستقل Australian Lebanese Independent Forum  ALIF— (ألف) إلى جلسة نقاش عامة حول طبيعة الإنتفاضة ومسارها وتداعياتها الإغترابية لا سيما في أستراليا. حضر الجلسة العشرات من المهتمين والمهتمات بشؤون الجالية ولبنان. 

افتُتِحت الجلسة بالوقوف دقيقة صمت "إجلالا لأرواح شهداء انتفاضة 17 تشرين واحتراما لمعاناة جرحاها..." ثم رحّب منسّق "ألف" طنوس فرنسيس بالحضور عارضا ما يمكن أن يشكل محاور نقاش في الجلسة ثم تكلم عضو "ألف" د. بول طبر، فشدّد - بالعربية والإنكليزية – على ضرورة التوسع في نقاش مسألتين، الأولى، الدور السياسي للجالية في مسار التغيير الذي أطلقته 17 تشرين والثانية كيفية التنسيق في العمل بين الجيل الأول والأجيال الأخرى في الجالية. 

وقد شارك في النقاش كلٌ من د. عُلا غنّوم، خالد غنّام، جورج هاشم، ادمون طوق، سيلفانا طوق، صائب ابو شقرا، ماري سكر، حسن غنّام، نبيهة حدّارة، جو سكر، ملحم حلاوي، ليلى سقلاوي، سعدى جرمانوس، سام حبّ لله وفراس ناجي.

تمحور النقاش حول مواضيع مختلفة يمكن اختصارها بما يلي:

 1 دعوة نوّاب التغيير الى الإتفاق حول برنامج سياسي يعكس مطالب 17 ت وتشكيل أمانة عامة واحدة مما يسهّل عملهم وعملية تواصلهم مع ناخبيهم وبالعكس.

2 بلورة الدور الإغترابي الداعم للإنتفاضة بمفاصله المختلفة الإقتصادية والسياسية والثقافيّة وسواها.

3 إقتراح تعديل لقانون الإنتخابات النيابية اللبنانية تحقيقا لأمور منها:

       *تثبيت مقاعد المغتربين وزيادة عددها وجعلها خارج القيد الطائفي،

       *إطالة فترة التسجيل وتبسيط الوثائق المطلوبة للتسجيل وكذلك للإنتخاب،

      *أن تحصل الإنتخابات في لبنان والخارج في نفس اليوم – حيث أمكن- على أن يحصل الفرز في أقلام الإقتراع مباشرة بعد إقفال الصناديق،

      *تلافي الهفوات التي شابت الإنتخابات الأخيرة.

4 استكشاف مناطق وأساليب يمكننا فيها ومن خلالها العمل المشترك بين مختلف الأجيال (الجيل الأول وما بعده) إن لخدمة مبادئ وأهداف 17 ت وإن لخدمة جاليتنا في استراليا.

5 نبذ الإنقسامات الطائفية، وعلى الأخص رفض الإستغلال المقيت لتنوعنا الطائفي والتشديد على هويتنا اللبنانية الجامعة ومصالحنا المشتركة ومصيرنا الواحد.

وقد اتفق المجتمعون على ضرورة تشكيل لجنة متابعة لاستكمال النقاش في المواضيع المذكورة أعلاه وسواها وصولا الى إقرار خطط عملية لتحقيق ما يتوصل إليه النقاش من أهداف.

الجمعة، 21 أكتوبر 2022

أستراليا .. ضغوط داخلية وقلق آسيوي بسبب الغاز

 


كتب د. عبدالله المدني*

قلنا في مقال سابق أن العديد من دول شرق آسيا باتت تفكر في حل أزمة الطاقة التي تسببت فيها الحرب الأوكرانية من خلال بناء مفاعلات نووية للإستخدام السلمي. ونواصل هنا الحديث عن جانب آخر من القضية نفسها.

مما لا شك فيه أن الحرب المشتعلة في أوكرانيا منذ شباط/ فبراير من العام الجاري، والتي لا يلوح في الأفق أي بوادر بقرب توقفها حتى الآن، تسببت في إضطرابات في سلاسل إمدادات الطاقة، كي لا نقول أنها خلقت أزمة وقود استشعرتها دول وشعوب كثيرة، من بينها أقطار شرق آسيا، خصوصا الصناعية منها. وهو ما جعل هذه الأقطار تلجأ إلى مصادر للطاقة كانت قد بدأت الابتعاد عنها، كما في حالة الصين مع الفحم، أو جعلها تفكر في مصادر للطاقة كانت قد حرمتها، كما في حالة اليابان مع المفاعلات النووية.

أما أستراليا، التي تعتبر نفسها دولة آسيوية، فلم تتأثر كثيرا كونها أكبر دولة منتجة ومصدرة للغاز الطبيعي المسال LNG عالميا، بل أن صناعة الغاز فيها صارت مزدهرة أكثر من أي وقت مضى، بسبب تزايد الطلب على هذه السلعة من جانب الصين واليابان وكوريا الجنوبية تحديدا، وهي الأطراف التي تعتبر أكبر ثلاث دول مستوردة للغاز المسال على مستوى العالم بدليل أنها استوردت في العام الماضي وحده نحو 85 بالمائة من صادرات أستراليا من هذه السلعة موزعة كما يلي: الصين 29%، اليابان 28.7%، وكوريا الجنوبية 16%، فمنحت أستراليا عائدات بنحو 45 مليار دولار سنة 2021.

غير أنه في الوقت الذي يسود فيه الاعتقاد بأن استراليا في وضع مريح لهذا السبب، لوحظ  أن حكومتها بدأت تعاني، كما الدول الأخرى، من ضغوط شعبية للتدخل في سوق الغاز لضبط أسعاره مع توفيره لمحطات الكهرباء في طول البلاد وعرضها بطريقة تتيح لهذه المحطات مواصلة تقديم خدماتها دون انقطاع ودون تحميل المواطن أعباء أضافية.

حدث هذا بعد أن تمّ تعليق العمل في السوق الرئيسي في استراليا لبيع الكهرباء بالجملة في يونيو المنصرم، الأمر الذي دفع وزير الطاقة الأسترالي في حينه إلى الطلب من مواطني ولاية "نيو ساوث ويلز"، التي تقع "سيدني"، كبرى المدن الأسترالية، في نطاقها، إطفاء الأنوار لمواجهة الأزمة.

كان سبب تعليق العمل اقتصاديا بحتا لأن الطلب على الغاز فاق العرض وبالتالي كان من الطبيعي ارتفاع سعره، وهو ما دفع مشغل سوق الطاقة الأسترالي إلى وضع سقف له لحماية المستهلكين، لكن مع تواصل ارتفاع أسعار الطاقة اضطر المشغل إلى وضع سقف ثان لبيع الطاقة بالجملة. هذا علما بأن ولايات أستراليا الأكثر كثافة سكانية كانت قد سمحت لأسعار الطاقة بتجاوز سقف 15 ألف دولار استرالي لكل ميغاواط في الساعة، لكن الشركات المولدة للكهرباء خفضت السقف، إلى 300 دولار استرالي، حماية للمستهلك ما أدى إلى خسائر تكبدها المشغل فاضطر الأخير إلى تعليق العمل.

ويبدو أن زبائن الغاز الاسترالي الآسيويين الكبار علموا، من خلال متابعتهم لما يجري في الداخل الأسترالي، أن الضغوط الشعبية نجحت في إجبار كانبرا على التدخل مرتين منذ يونيو الفائت للحد من أسعار الغاز. ومن هنا باتوا قلقين من احتمالات تأثر حجم وأسعار وارداتهم، ويخشون أن تتخذ كانبرا إجراءات ذات تأثيرات سلبية عليهم. وبعبارة أخرى يتخوف الصينيون واليابانيون والكوريون الجنوبيون أن تلجأ أستراليا للحد من صادراتها من الغاز، ومن الفحم أيضا، بهدف خدمة الطلب المحلي وكبح الأسعار داخليا أي على النحو الذي فعلته الحكومة الأندونيسية هذا العام حينما قيدت صادراتها من الفحم لتلبية الطلب المحلي المتزايد.

يقول المراقبون أن ما سبق هو درس يجب أن تعيه الدول المستوردة للغاز الطبيعي الأسترالي المسال لجهة جعل الاحتياطات الاستراتيجية الكبيرة من الوقود ضمن أولوياتها الوطنية كما الحال في الولايات المتحدة مثلا. فحينما يبدأ منتج ومصدر الطاقة في الحد من امداداته لأي سبب، سواء أكان متعلقا بارتفاع الطلب الداخلي أو لأسباب مناخية أو جيوسياسية، فإن ما سينقذ المستهلك المستورد ويضمن له نظام مرنا  لإمدادات الطاقة هو ما قام بتخزينه وما بناه من احتياطيات. ومثل هذا الدرس يجب على أستراليا أيضا أن تعيه أيضا. صحيح أنها تملك احتياطيات كبيرة من الغاز والفحم وغيرهما من أنواع الوقود، لكن الصحيح أيضا أنها تعمل بهوامش تخزين قليلة أو بدونها، ما يفقدها مرونة التصرف السريع في الأزمات، خصوصا وأنها قارة شاسعة ذات حكومات محلية تتباين أحيانا مواقفها في الشأن المحلي وقد لا تلتقي مع موقف الحكومة الفيدرالية في كانبرا. ومن جانب آخر تبدو قدرة أستراليا على توليد الطاقة التي تعمل بالفحم متدنية كثيرا بسب تقدم محطاتها في العمر واهمال صيانتها.



د. عبدالله المدني

*أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: أكتوبر 2022م


ما الذي جعل استراليا ترفض نقل سفارتها للقدس؟


كتب راسم عبيدات ـ


الخطوة الإسترالية بعدم الإعتراف بالقدس الغربية عاصمة لدولة الكيان، وكذلك عدم نقل سفارتها من تل ابيب الى القدس وربط ذلك بحل سياسي يقوم على أساس حل الدولتين،هي خطوة في الإتجاه الصحيح، ولكن علينا ان نعي تماماً بان هذه الخطوة،هي لم تأت لا من حكومة بريطانيا المتطرفة،أو الحكومة الإسترالية التي علاقاتها عميقة وتاريخية مع دولة الكيان، وأحد الداعمين لسياسات هذه الدولة العنصرية ضد شعبنا الفلسطيني،في إطار صحوة ضمير او تغير في المواقف او السياسات لتلك الدولتين، فبريطانيا المسؤولة عن كل نكبات شعبنا،رفضت الإعتذار عن وعد بلفور المشؤوم،وتحمل المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية عن مأساة ونكبة شعبنا،بل احتفلت بمئوية الوعد المشؤوم ...وكذلك هي استراليا داعم اساسي لدولة الكيان وانتهاكاتها بحق ابناء شعبنا....ولذلك هذه الخطوة والتي سبقتها خطوة بريطانية مماثلة،أملتها التطورات والمتغيرات الدولية والإقليمية والميدانية الفلسطينية وليس الرسمية الفلسطينية ...فالمشروع الأمريكي بقطبيته الآحادية وهيمنته وسيطرته على العالم في حالة إنكفاء وتراجع ...وقطبية عالمية متعددة في طريقها للبزوغ والترسخ لترسي عالماً أكثر عدلاً وانصافاً من عالم أمريكا القائم على الحروب العدوانية ونهب خيرات الشعوب وثرواتها وشن الحروب العدوانية عليها ....

وكذلك لا ننسى انكشاف السياسة الأمريكية والأوروبية الغربية العدوانية في قضية الحرب التي تجري بينها وبين روسيا على الأراضي الأوكرانية،حيث هبت تلك الدول لكي تنتصر لما يسمى بالشرعية الدولية خلال خمسة ايام،وتفرض عقوبات اقتصادية وتجارية ودبلوماسية على روسيا،تحت ذرائع انتهاك سيادة اوكرانيا وارتكاب جرائم حرب وتعدي على الشرعية الدولية،وحقوق الإنسان،تلك الشرعية التي طوال 74 من احتلال أرضنا الفلسطينية وصدور اكثر من 937 قراراً عن تلك المؤسسات لصالح شعبنا الفلسطيني،لم يترجم قرار واحد منها الى فعل،بفرض عقوبات على دولة الكيان،لخرقها السافر للقانون والإتفاقيات الدولية،بل كانت تحظى بالدعم والإسناد والحماية في تلك المؤسسات ،ضد اي قرار قد يتخذ بحقها او عقوبات تفرض عليها،وتلك المؤسسات لم تنجح في " زحزحة" طوية في مستوطنة ولم تمنع هدم بيت فلسطيني واحد ...


القرار الأسترالي في هذه المرحلة بالذات وجه صفعة لحكومة لبيد- غانتس وهي على ابواب انتخابات تبكيرية خامسة لدولة الكيان في الأول من الشهر القادم،كانت تأمل بأن يكون نقل استراليا لسفارتها من تل ابيب الى القدس داعماً لها ورافعاً من رصيدها الإنتخابي،كحكومة قادرة على كسب وجلب المزيد من الدول لصالح الإعتراف بسيادتها على القدس وبانها عاصمتها الأبدية،...وكذلك هذه الخطوة جاءت لتوجه صفعة لما عرف ب"صفقة القرن" الأمريكية،والتي كان واحد من اهدافها شطب وتصفية القضية الفلسطينية،والإدارة الأمريكية السابقة بقيادة الجمهوري المتطرف ترمب،هي اول دولة أقدمت على نقل سفارتها من تل ابيب الى القدس ،يوم نكبة شعبنا 14/5/2018 ،في تحد سافر وقح للقانون الدولي والخروج السافر على الشرعية الدولية ومقرراتها.....فأمريكا ارادت ان تغيب القانون الدولي وتغير الوضع القانوني لمدينة القدس والجولان خدمة لدولة الكيان ....والخطوة الأسترالية ومن قبلها البريطانية بعدم نقل سفاراتها من تل ابيب الى القدس ...

أملتها بشكل اساسي التطورات الميدانية الحاصلة على الأرض الفلسطينية،حيث انغلاق الأفق السياسي وتراجع الثقة بالسلطة ومشروعها التفاوضي من قبل شعبنا الفلسطيني وفصائله،وتنامي القمع بحق شعبنا الفلسطيني من قبل دولة الكيان،عبر عمليات اغتيال وتصفيات واعتقالات واقتحامات لا تتوقف ،من خلال حروب انهاكية مستمرة...وزيادة غير مسبوقة في وتائر الإستيطان واعتداءات زعران المستوطنين ...الى تنامي ا ل م ق ا و م ة الفلسطينية وانحياز جماهير شعبنا لهذا الخيار،ولم تنجح دولة الكيان لا في استعادة قوة الردع او وقف تدحرج "بقعة الزيت" من جنين الى نابلس، حيث تبلورت مجموعات م ق ا و م ة عابرة للأحزاب والفصائل... يقودها شبان ما بعد بعد اوسلو اكثر جرأة وصلابة وإرادة في م ق ا و م ة المحتل.. ك ت ي ب ة جنين في جنين ومخيمها و" ع ر ي ن ا لأ س و د" في نابلس،هذه المجموعات بأت مقلقة لدولة الكيان،وقيادات الكيان العسكرية والأمنية والسياسية،باتت تتحدث عن خطر وجودي على دولة الكيان،وان تصاعد اعمال ا ل م ق ا و م ة من شأنه ان يضعف السلطة الفلسطينية الى حد كبير،بحيث تملأ الفراغ الناتج عن تراجع دورها وادائها وسيطرتها، تلك القوى التي تتبنى مشروع مغاير لمشروع اوسلو الكارثي....


ولذلك لا بد من خطوات تعيد للسلطة دورها وتمنع من سيطرة قوى ا ل م ق ا و م ة على القرار الفلسطيني،فهذا توجه خطير، ستبنى عليه سياسات ومواقف ومشاريع جديدة ..ولذلك كانت تلك المواقف لهذه الدول، حتى لا يكون البديل للسلطة الفلسطينية تلك المجموعات الممسكة بنهج وخيار وثقافة مغايرة لنهج وخيار وثقافة جماعة اوسلو.

نحن نرى بأن هذه الخطوة الأسترالية ،خطوة في الإتجاه الصحيح، يجب أن تستتبعها خطوات من دول أخرى ،وخاصة دولة " كوسوفو" المسلمة على الطريقة الأمريكية ...ولو كان هناك اداء فلسطيني رسمي سياسي ودبلوماسي  وحقوقي مؤثر وفاعل لتحققت نتائج أفضل...وحتى اللحظة لم يفت الوقت،ولكن  نحن بحاجة الى إرادة سياسية ،بحاجة الى وحدة موقف فلسطيني، بحاجة الى رؤية واستراتيجية فلسطينيتين موحدتين،بحاجة لقيادات على مستوى الحدث والمسؤولية...قيادات تمتلك إرادتها ومستعدة لدفع ثمن الوحدة الوطنية وإنهاء الإنقسام،قيادات تتجرأ على فتح القرار والخيار الفلسطيني على أرحب فضاء عربي واسلامي،وليس قيادت اسيرة مواقف "خشبية" ونمطية مملة ومقيتة،عندها ستراجع الكثير من دول العالم مواقفها من دولة الكيان وسياساتها القمعية والتنكيلية بحق شعبنا الفلسطيني.

الاثنين، 3 أكتوبر 2022

أستراليا: لماذا مفوضية مكافحة الفساد؟

 


تقرير عباس علي مراد:

باشرت حكومة العمال ومن دون تأخير تنفيذ الوعود الانتخابية التي خاضت الإنتخابات على أساسها، فأقرت مشروع قانون تخفيض نسبة انبعاث الكربون الى 43% حتى العام 2030، واقرت أيضاً مشاريع القوانين المتعلقة بتحسين ظروف العمل والنزلاء في قطاعي رعاية المسنين وحضانة الأطفال، ووضعت على نار حامية قضية الإستفتاء الذي تنوي إجراءه للإعتراف بالسكان الأصليين بالدستور والحصول على صوت تمثيلي لهم في البرلمان.

الأسبوع الماضي خطت الحكومة خطوة متقدمة لتنفيذ وعد أنتخابي آخر وهو إقامة مفوضية فيدرالية لمكافحة الفساد على غرار المفوضيات الموجودة في باقي الولايات والمقاطعات، والجدير ذكره أن حكومة الأحرار كانت في انتخابات عام 2019 قد وعدت بإقامة لجنة نزاهة وطنية، لكن سكوت موريسن نكث بوعده ولم ينشئ المفوضية، لأنه كان ينوي أقامة مفوضية على مقاس معين وبدون صلاحيات فعلية لكبح جماح الفساد، فعارض الفكرة حزب العمال وحزب الخضر والنواب المستقلين وحتى ان نواب من حزب الأحرار عارضو فكرة موريسن التي لم ترى النور، لأن موريسن سحب مشروعه ولم يقدمه للبرلمان على أساس انه سيعود وتقديم مشروعه بعد الانتخابات التي جرت في أيار الماضي، والتي خسرتها الحكومة بعد ان منيت بهزيمة انتخابية غير مسبوقة في تاريخ حزب الأحرار الذي خسر العديد من المقاعد الآمنة والتي كان يشغلها وزراء من الصف الأول. 

المدعي العام الفيدرالي الجديد مارك دريفوس الذي كشف عن العناصر الرئيسية في خطته قال: إنه إنتصار أن ندخل إلى البرلمان بعد أربعة أشهر فقط من الانتخابات لتشكيل هيئة مراقبة الفساد الفيدرالية، والتي ستمنح سلطة التحقيق مع أي شخص يحاول حث المسؤولين الحكوميين على الانخراط في سلوك غير نزيه ، وتوسيع نطاقها للقبض على "أطراف ثالثة" في الإصلاح المحوري لتحسين النزاهة في الحكومة.

في لقاء له مع تلفزيون أب بي سي (برنامج إنسايدرز) 2 ت اول اعتبر دريفوس تشكيل المفوضية اكبر انجاز وأهم إصلاح في النظام المعمول منذ مدة طويلة، وقال ايضاً ان الحكومة تريد تشريع وقوننة المفوضية عبر التصويت عليها في مجلسي النواب والشيوخ حتى لا تأتي أي حكومة في المستقبل وتلغي المفوضية في حال اصدرت كمرسوم تشريع حكومي.


وحذر المدعي العام مارك دريفوس الجميع، وقال لا يوجد خيمة فوق رأس أحد، وعلى الجميع أن يكونوا حذرين، وقال أن المفوضية سيكون لديها صلاحيات الحصول على المكالمات المشفرة بموجب مذكرة تفتيش. وعن جلسات المفوضية عما إذا كانت علنية أو سرية قال دريفوس إن الامر يعود لتقدير المفوض المسؤول.

على الرغم من الترحيب بتشكيل المفوضية بشكل عام لاقت فكرة تشكيل لجنة نزاهة وطنية ردود فعل متفاوتة من قبل الأحزاب والنواب المستقلين واتحاد نقابات العمال.

بيتر داتون زعيم المعارضة الفيدرالية (أحرار) وبخطوة لافتة وبعيدا عن سياسية سلفه سكوت موريسن قرر ان يدعم تشكيل المفوضية شرط ان تعمل بحيادية بعيدا عن الاستهداف السياسي.

النائب عن حزب الخضر في مجلس الشيوخ ديفيد شوبريدج قال: "تلعب جلسات الإستماع العلنية والتدقيق العام دورًا أساسيًا في مكافحة الفساد ويجب ألا يقتصر الأمر على الحالات الاستثنائية فقط".


سكرتيرة الحركة النقابية (أي سي تي يو) سالي مكمانوس قالت: ان الحركة النقابية لا تتسامح مع الفساد مطلقاً وذلك بعد ان طالب حزب الأحرار بتوسيع نطاق عمل المفوضية وعدم إستثناء النقابات.

النواب المستقلون أجمعوا على ان تمنح المفوضية صلاحيات مطلقة وهذا ما يؤيده حزب الخضر، وهذا ما يتحفظ عليه الحزبين الكبيرين ( عمال وأحرار) الذين يتداوران على حكم البلاد، ولذلك قررت الحكومة عدم اعطاء  المفوضية صلاحية مطلقة خصوصاً في ما يتعلق بجلسات المفوضية العلنية ورحبت المعارضة بهذا القرار.

الحكومة وان كانت ترغب في الحصول على تأييد المعارضة على مشروع القرار لكنها في نفس الوقت تتحاشى تجاهل النواب المستقلين والأحزاب الصغيرة وتحاول التقريب بين مختلف وجهات النظر للجصول على اكبر دعم لتشكيل المفوضية.

لكن، يبقى السؤال الأساسي لماذا أستراليا بحاجة الى مفوضية لمكافحة الفساد؟ 

قد يعتقد الكثيرين أن أستراليا دولة قانون والقانون فوق الجميع، وهناك مؤسسات تستطيع مكافحة الفساد ولسنا بحاجة الى هكذا لجنة، وان الولايات والمقاطعات لديها مفوضيات لمكافحة الفساد هذا الأمرصحيح الى درجة ما، لكن الفساد لا يقتصر على سياسيو الولايات وان السياسيين الفيدراليين غير منزهين.

 المعروف ان الحزبين الكبيرين الاحرار والعمال كانا يتهربان من تشكيل لجنة نزاهة وطنية قبل ان تصبح قضية وطنية ضاغطة وملحة بحجة ان المؤسسات الموجودة تكفي وحجج واهية أخرى وكانا يروجان ان الطبقة السياسية الفيدرالية غير فاسدة!

وهذه بعض الأسباب الموجبة لنشكيل لجنة النزاهة الوطنية:

عندما نشرت منظمة الشفافية الدولية ، في عام 1995 ، أول تصنيف عالمي لها في مجال الفساد ، تم تصنيف أستراليا في المرتبة السابعة بين أنظف دولة في العالم. ترتيبها العام الماضي؟ الثامن عشر وانزلاقها يتسارع  وتكلفة سنوات التأخير هي أن العفن يزداد سوءاً.

الديمقراطية الانتخابية الأسترالية بخير، ولكن ما هو ليس بخير العمل الحزبي واختيار المرشحين ليس بخير حيث تقتصر عمليات أختيار المرشحين على أقلية حزبية او مراكز نفوذ مؤثرة تختار الأشخاص حسب قربهم أو بعدهم او خضوعهم.

المال الانتخابي الذي يلعب دور في وصول أشخاص دون غيرهم الى البرلمان بسبب عدم التصريح عن النفقات إلا بعد انتهاء الانتخابات إضافة الى الحملات الانتخابية التضليلية.

التصرف بأموال دافعي الضرائب لخدمة أهداف حزبية أنتخابية من خلال تخصيص أموال لمناطق دون غيرها، كما حصل في فضيحة المنح الرياضية التي خصصتها حكومة موريسن لمناطق يمثلها نواب حزب الأحرار، او الأموال التي خصصت لبناء مواقف سيارات هذا على سبيل المثال لا الحصر.

إذن، وباختصار، إن النفس لأمارة بالسؤ إلا ما رحم ربي لذلك نرى، ان تشكيل مفوضية وطنية لمكافحة الفساد ضرورة وطنية ملحة وان 262 مليون دولار كلفة تشكيل المفوضية مبلغ زهيد إذا تم وضع حد للهدر والفساد، لان بعض السياسيين يعتقد انه/انها فوق القانون خصوصاً بعد تصريحات رئيس الحكومة السابق سكوت موريسن الذي دعى المواطنيين لعدم الثقة بالحكومة.