الخميس، 10 نوفمبر 2022

الأردن ما بين الغاء الوصاية والوطن البديل


بقلم :- راسم عبيدات


في ظل التطورات المتسارعة والمتلاحقة في المنطقة والإقليم والعالم،وفي ضوء تنامي العنصرية والتطرف وحتى بذور الفاشية في امريكا ودول اوروبا الغربية ودولة الكيان،وخاصة بعد الإنتخابات الخامسة والعشرين للكنيست " الإسرائيلي" والتي افرزت حكومة يمين متطرف مع يمين ديني وصهيونية دينية،بعد اربع انتخابات تبكيرية...هذه الحكومة تعج بالمتطرفين من أمثال  ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش واريه درعي وغيرهم،ناهيك عن نتنياهو نفسه وما معه من صحبه من اليمين المتطرف ...وهذه الحكومة التي تعبر بشكل واضح عن الوجه العاري والحقيقي لدولة الكيان،تقول بشكل واضح بأنها  ليس في واردها التنازل عن ما تسميه بأرض إسرائيل الكاملة،بل ستستمر في الإستيطان والتهويد  والطرد والتهجير والإقتلاع والتطهير العرقي  والتطبيع مع دول النظام الرسمي العربي المنهار والمتعفن،دون أن تقدم أية تنازلات لها علاقة بالأرض والسيادة،بل ستحصر العلاقة مع السلطة الفلسطينية ،إن أبقت عليها في إطار التبعية الاقتصادية  والتحول لوكيل أمني كامل.

وفي جوهر هذا التحالف الأزعر بن غفير،وبن غفير الذي مارس الإرهاب والعنصرية  والإعتداءات المتكررة على شعبنا على طول وعرض جغرافيا فلسطين التاريخية،والذي من المرجح ان يتولى حقيبة الأمن او الأمن الداخلي في دولة الكيان،هذا الأزعر له سجل حافل بالعدوان على المسجد الأقصى وحراسه وموظيفه،والمشارك في قيادة عمليات الإقتحام له ،ناهيك عن دعوته لإقامة الهيكل المزعوم بدل الأقصى،وإلغاء الوصاية الأردنية عليه،وطبعاً موقف نتنياهو ليس بالبعيد عن موقف لا بن غفير ولا سموتريتش،ولا يوجد أي رهان على أية كوابح عربية – إسلامية ودولية،ستمنع دولة الكيان بمتطرفيها من تنفيذ مشاريعها ومخططاتها،فعربان التطبيع لا يهمها ان كان نتنياهو رئيس الوزراء او سموتريتش،فهي مستمرة في "هرلوتها" التطبيعية ونسج الأحلاف اقتصادية وأمنية وعسكرية مع دولة الكيان،ففي قمة المناخ في شرم الشيخ مؤخراً،كان رئيس دولة الكيان هرتسوغ ووزيرة الطاقة فيه،يصولان ويجولان،ويتنقلون بين هذا الزعيم العربي او ذاك ويلتقطان الصور الجماعية،ناهيك عن اللقاءات البحراينة – الإسرائيلية والمغربية -الإسرائيلية .

بن غفير الكاهني وريث حركة "كاخ"،ما يعرف بعصبة الدفاع اليهودية،والقائم فكرها على تحقيق اهداف الحركة الصهيونية بالسيف والتوراة"  يد تمسك بالتوراة ويد تمسك بالسيف" ،أصداء  أقوال المؤسس ثيودور هيرتسل ،وموقف نتنياهو ليس بالبعيد عن موقف بن غفير من الأقصى،وعلاقته بالأردن والقصر وجلالة الملك عبد الله الثاني،ليست على ما يرام،فهو أكثر من كذب على الملك عبد الله الثاني والقيادات الأردنية في قضية الأقصى،ولم يلتزم بأية تعهدات قطعها لجلالة الملك او الحكومة الأردنية،ولذلك أرى بأن هناك خطورة جدية على الوصاية الأردنية.


القضية الثانية، التي ستلقي بأعباء سياسية واقتصادية واجتماعية على الأردن،هي قضية عودة ما يعرف بصفقة "القرن" للصدارة او للتداول من جديد،رغم أن الجمهوريين،لم يحققوا فوزاً مستحق في الانتخابات النصفية الأمريكية،ولكن عودة الرئيس الجمهوري السابق ترمب للحكم مجدداً،بعد عامين،يعني عودة صهره كوشنير، المشرف على تلك الصفقة،والتي يؤيدها نتنياهو،حيث عقد لها مؤتمر اقتصادي في المنامة عاصمة البحرين 24/و25/6/2019،بحضور العديد من الأطراف العربية،بحيث ينظر للقضية الفلسطينية،على أنها ليست قضية ارض وشعب وحقوق وطنية وسياسية،بل قضية مشاريع اقتصادية  وسلام اقتصادي،ومن هذا المنطلق من المتوقع،في ظل حكومة نتنياهو،التي ترى بأن الحل للقضية الفلسطينية،يمكن في ضم معظم أراضي الضفة الغربية الى دولة الكيان،وطرد وترحيل عشرات الألاف من الفلسطينيين الى الأردن ضمن ما يعرف بالوطن البديل،ولعل التطورات الحاصلة في العالم وفي ظل الإنشغالات الدولية في قضايا تتقدم كثيراً على  القضية الفلسطينية، الحرب الأمريكية الأوروبية الغربية مع روسيا على الأرض الأوكرانية ،حروب ريعية،حول الطاقة والحبوب والمعادن،وكذلك الخلافات حول العودة من عدمها امريكاً للإلتزام بالإتفاق النووي مع طهران الذين انسحبت منه من طرف واحد في عام 2018،والخلاف مع الصين حول قضية تايون، وكذلك نتنياهو الزعيم الصهيوني صاحب الحكم الأطول،والذي يمتلك " الكريزما" والخبرة، يتمتع بعلاقات قوية مع ترامب وإدارته "الدولة العميقة"، ناهيك عن علاقاته  القوية مع الرئيس الروسي بوتين.

في ظل تنفيذ هذا السيناريو والمخطط والمشروع من قبل هذه الحكومة المتطرفة والمغرقة في العنصرية حتى الإختناق، فالأردن سيجد نفسه،امام مخاطر جدية تمس بهويته وأمن واستقراره وجغرافيته ودوره،ولذلك لدرء هذه المخاطر وتخفيف أية اثار  لمثل هذه المخططات والمشاريع الخطرة ، لا بد من قيام القيادة الأردنية، بإتخاذ خطوات ومواقف،تمنع تنفيذ ذلك أو تكون قادرة على  مجابتها والتصدي لها،ولعل أولى هذه الخطوات، تتمثل في :-  العمل على اعلى درجات التنسيق والتعاون ما بين القيادات الأردنية والفلسطينية ،بما يعزز اعلى قدر من التلاحم  والوحدة في مجابهة مثل هذه المخططات والمشاريع،وثاني هذه الخطوات،هو تمتين الجبهة الداخلية،وبما يكفل التفاف وتوحد،كل المكونات والمركبات السياسية والقوى العشائرية والجماهير الشعبية من أجل افشال هذا المخطط.وثالث هذه المهام والخطوات هي... على القيادة الأردنية وجلالة الملك فتح القرار الأردني على أرحب فضاء عربي – إسلامي وعالمي، بما يشكل ضمانات قوية لدعم الأردن ومساندته في التصدي لهذا المخطط الجهنمي.

الأردن بحاجة الى تطوير موقفه،ليس بالوقوف الى جانب السلطة الفلسطينية،وطرف فلسطيني على حساب آخر،الأردن يجب ان يقف الى من يقود الشارع الفلسطيني،ويمد جسور علاقة مع هذا المكون، لأنه سيشكل اللاعب والفاعل الميداني في لجم هذا المشروع والمخطط،والأردن ليس بالبلد الضعيف أو الذي لا يمتلك خيارات ،بل الأردن اذا ما رسم استراتيجة وأدارت المعركة والصراع مع هذه الحكومة المتطرفة،بإرادة وقرار جريء،يخرج عن التوصيفات والنصائح التي تسدى دائماً من قبل أطراف دولية وعربية ،بأن عليه اعتماد استراتيجية الدبلوماسية والإنحناء امام العاصفة  لأن الأردن ضعيف ويعيش أزمات اقتصادية،بل الأردن يستطيع ان يخلط كل الأوراق،وان يرفع العصا في وجه دولة الكيان،فلدية أطول حدود وجبهة مع دولة الكيان، الذي لا يعيش اوج قوته،بل رأينا مجموعة كتائب فلسطينية مقاتلة " ج ن ي ن "  و"ع ر ي ن ا ل سو د" وغيرها،أفقدت دولة الكيان قوة الردع،وكذلك لنا عبرة في لبنان التي تكمن قوته في ضعفه ،وم ق ا و م ت ه أجبرت دولة الكيان على توقيع اتفاق الإطار لتقاسم الثروات البحرية من غاز ونفط،أي م ق ا و م ة لبنان حمت ثرواته البحرية،والأردن بقيادته وجيشه وشعبه والوحدة الأردنية – الفلسطينية،قادر على إفشال مخططات الغاء الوصاية والوطن البديل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق