كتبت ميساء ابو غنام ـ
ما زالت المرأة الفلسطينية تصارع من اجل البقاء .....من اجل تحقيق الذات والانا العليا ومن اجل ايجاد مكان مرموق يليق بتضحياتها ونضالها الذاتي والمجتمعي والسياسي،الا انه وبرغم كل ذلك ما زالت المعوقات والعقبات تحيط بها من جميع الجوانب،عوائق اجتماعية وسياسية وقانونية واقتصادية اثرت بشكل مباشر وغير مباشر على تطورها ولكن رغم ذلك هي تسير بخطوات واثقة لتحقيق مرادها بالتحدي والارادة احيانا وبالنضال المؤسساتي احيانا اخرى وبالتمرد ايضا على جميع القوانين الاجتماعية والسياسية التي تسعى لتجريدها من حقها في ان تكون شريكا قويا في سوق العمل الفلسطيني وايضا الاستقلالية الاقتصادية التي تحررها من قبضة الرجل والمجتمع والفساد السياسي والكساد الاقتصادي لتصبح رائدة في مجتمعها تقرر مساره ونمائه وتقدمه ...
تلعب القوانين الاجتماعية دورا كبيرا في تمكين المرأة الفلسطينية وزيادة قدرتها على تحقيق ذاتها بدأ من العادات والتقاليد التي تحد من انطلاقها نحو اخذ مكانتها التي تستحقها وذلك من خلال تحديد نوع العمل الذي تقوم به ونوع التخصص الذي تتعلمه وحرمانها احيانا من حق العمل لاسباب ذكورية اساسها تخوف الرجل الفلسطيني من استقلاليتها الاقتصادية والتي نؤثر بشكل مباشر على سيطرته عليها وتحكمه بقراراتها ومصيرها وجعلها رهينة معتقداته واداة يتحكم بها تحت بند انه قوام عليها .
فالاستقلالية الاقتصادية تلعب دورا اساسيا في تحرر المرأة من العادات والتقاليد البالية ومن هيمنة الرجل عليها وبالتالي تصبح قدرتها على مواجهة تحديات قمعها اكبر وتصبح قادرة على اخذ قرارات حياتها ومستقبلها بشكل اسهل وهذا ما يخيف المجتمع ويجعله اكثر تطرفا في منعها من العمل ومن حقها في هذه الاستقلالية.
الا اننا هنا لا نستطيع ان نستثني بعض التحولات في المجتمع الفلسطيني وفي تغيير واضح في نظرة هذا المجتممع لعمل المرأة،وهذا التحول ليس منبعه تغيير في العادات والتقاليد عند البعض ولكن الوضع الاقتصادي الفلسطيني اجبر الرجل احيانا على التنازل عن حقه المطلق في العمل واستعباد المرأة والسماح لها بالعمل نتيجة عدم قدرته على تلبية احتياجاته واحتياجات اسرته ان كان معيلا وبالتالي لا مفر من ترك الباب مفتوحا والسماح لها بالعمل ولكن ضمن شروطه وفوانينه.
الوضع الاقتصادي السيئ الناتج عن العجز السياسي وعدم قدرة السلطة الفلسطينية على التقدم في مسار المفاوضات مع اسرائيل وتغيير الواقع السياسي وغياب افق وحلم الدولة الفلسطينية واغلاق الضفة الغربية واعادة هيمنة اسرائيل على حكم الضفة الغربية وتحويل السلطة الفلسطينية الى مؤسسة خدماتية لوجستية فقط للشعب الفلسطيني الامر الذي اثر بشكل مباشر على نماء وتطور الاقتصاد الفلسطيني والذي بالاساس مسيطر عليه من قبل اسرائيل الامر الذي اثر على فرص عمل المرأة الفلسطينية لغياب الافق السياسي والخطط الاستراتيجية للتطوير سوق الغمل الخاص بقطاع النساء و هيمنة اسرائيل على الاقتصاد الفلسطيني وكافة قطاعاته عوضا عن الفساد السياسي الذي يرافق كل ذلك من نهب وسرقة اموال الشعب الفلسطيني من قبل رموز السلطة وقيادتها خصوصا عوائد الضرائب والمساعدات الدولية والعربية وايضا سرقة اسرائيل احيانا من عوائد الضرائب الفلسطينية التي لديها (مقاصات)والحجز عليها واقتطاع ديون السلطة الفلسطينية .
اما المعيقات الاقتصادية هي محور الصراع والتي تلعب دورا كبيرا في تحجيم قدرة المرأة الفلسطينية على الانطلاق نحو سوق العمل،فعدم توفر الشواغر الوظيفية للخريجات نتيجة عوامل عدة،اساسها المحسوبية في التعيين والفساد الاداري من قبل رؤساء العمل واعتماد سياسة الواسطة في الاختيار لابناء وعائلات واصدقاء القائمين على المؤسسات الفلسطينية الحكومية والخاصة تجعل الفرص شحيحة لمن هم لا يمتلكون هذه الخاصة،بالاضافة الى كثرة الخريجات من الجامعات الفلسطينية بحيث تصبح المنافسة عالية مع قلة احتياج السوق لهذا الكم الهائل من المتعلمات الامر الذي ادخلهن في سوق البطالة.
وايضا هيمنة اسرائيل على السوق الفلسطيني نتيجة اتفاق اوسلو واتفاق باريس الاقتصادي عام 1994 والذي جعل الاقتصاد الفلسطيني الخاص في قبضتها قد حد من استقلالية السوق والاقتصاد الفلسطيني الامر الذ اغلق الباب نحو تغيير واضح لفتح هذا السوق وفتح سوق العمل للمرأة ....
والادهى من ذلك هو نزوح العامل والعاملة في الضفة الغربية عن العمل في مناطق السلطة نتيجة تحديد الحد الادنى من الاجور ب 400 دولار وبالمقابل تفتح اسرائيل ابوابها لهم،واصبحت الانثى الفلسطينية كما الرجل تحاول العمل في اسرائيل حيث الحد الادنى من الاجور ب 1500 واستطاع الفلسطينينون ذكورا واناثا اخذ تصاريح عمل بشكل ذاتي من خلال موقع المنسق التابع للادارة المدنية الاسرائيلية والتي تدير الضفة الغربية حاليا وبذلك استحوذت اسرائيل على قوة العمل الفلسطيني واصبحت بعض النساء تعمل في مجال رعاية المسنين والزراعة وقطاع التنظيف والمحلات التجارية والمطاعم والمصانع وغيرها،وليس هذا فحسب بل ابضا بدأت اسرائيل باستدراج الاكاديميين الفلسطينين خصوصا في قطاع الطب والهندسة والتكنولوجيا للعمل لديها .
ومن المعوقات ايضا قانون العمل الفلسطيني،على الرغم من ان القانون الفلسطيني اعطى امتيازات متساوية بين الذكر والانثى في حقوق العمل الا ان الواقع على الارض مختلفا،فهناك تمييز بين في الاجر بين الجنسيين،وضع الرجل في المناصب الهامة واستثناء النساء منها على الرغم من درجاتها العلمية العالية وامكانياتها التي تتفوق على الرجل.
فنسبة تعليم الانثى في فلسطين وحصولها على درجات عليا في تصاعد مستمروبالمقابل تزداد البطالة لديهن فحسب احصائيات مركز الاحصاء الفلسطيني هناك ارتفاع في معدل بطالة النساء الفلسطينيات و التي زادت في الأعوام ما بين 2000 – 2020 لتصل الى 52 %، فقد بلغ معدل البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة 40% مقابل 23% بين الرجال للعام 2020، في حين كان هذا المعدل 54% بين الشباب من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى، بواقع 69% للإناث مقابل 39% للذكور، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة الفقر، لا سيما أن هناك 11% من الأسر في الضفة والقطاع تترأسها نساء بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وهذه الأسر هي الأكثر عرضة للفقر حيث قفزت معدلات الفقر من 40% في عام 2005 الى 56 % في عام 2020 ونصيب الأسرة التي ترأسها امرأة من الفقر 19% في الضفة و54 %في غزة .
اما نسبة مشاركة الاناث في القوى العاملة صنف على النحو التالي
حسب بيان الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في 7 آذار 2022، بلغ عدد الإناث في فلسطين 2.63 مليون أنثى من مجموع السكان المقدر في منتصف عام 2022، وبنسبة بلغت 49%، فيما وصلت نسبة الجنس 103.3، أي أن هناك 103 ذكور لكل 100 أنثى، وجاء في البيان أن هنك ارتفاع في نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة للعام 2021 مقارنة مع عام 2020، فقد بلغت نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة 17% من مجمل النساء في سن العمل في العام 2021 بعد أن كانت النسبة 16% في العام 2020، مع العلم أن نسبة مشاركة الرجال في القوى العاملة بلغت 69% مع 65% لنفس الفترة..
معدل البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة: بلغ معدل البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة 43% مقابل 22% بين الرجال للعام 2021. في حين بلغ معدل البطالة 53% بين الشباب (19-29 سنة) من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى، بواقع 66% للإناث مقابل 39% للذكور.
المستخدمات بأجر في القطاع الخاص: 29% من العاملين المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر والبالغ (1,450 شيقلاً)، حيث بلغت النسبة 29% للرجال، مقابل 30% للنساء. و25% من المستخدمات بأجر في القطاع الخاص يعملن دون عقد عمل، و56% يحصلن على مساهمة في تمويل التقاعد/ مكافأة نهاية الخدمة، بالمقابل أكثر من نصف المستخدمات بأجر في القطاع الخاص (52%) يحصلن على إجازة أمومة مدفوعة الأجر وذلك للعام 2021
مساهمة النساء في القطاع المدني: وحسب بيانات ديوان الموظفين العام حتى شهر شباط 2022 فقد بلغت مساهمة النساء في القطاع المدني 47% من مجموع الموظفين، وتبرز الفجوة في نسبة الحاصلات على درجة مدير عام فأعلى التي بلغت 14% للنساء مقابل 86% للرجال.
مشاركة النساء في صنع القرار والحياة العامة والمواقع القيادية يعد جانباً أساسياً من جوانب المساواة بين الجنسين: بلغت نسبة النساء الفائزات في الانتخابات المحلية 2021 (المرحلة الأولى) 22% مقابل 78% للرجال الفائزين، حيث كانت نسبة النساء المرشحات 26% من مجموع المرشحين، وكان هناك 9 قوائم أي ما نسبته 1% من إجمالي القوائم الانتخابية ترأسها نساء.
لا تزال مشاركة النساء في مواقع صنع القرار محدودة ومتواضعة مقارنة مع الرجال، حيث أظهرت البيانات لعام 2022 أن النساء تشكل حوالي 25% من أعضاء المجلس المركزي، وأشارت بيانات 2020 إلى أن النساء تشكل 11% من أعضاء المجلس الوطني، و12.5% من أعضاء مجلس الوزراء هن نساء، و11% نسبة السفيرات في السلك الدبلوماسي، كما أن هناك إمراة واحدة تشغل منصب محافظ من أصل 16 محافظ، 2% من رؤساء الهيئات المحلية في فلسطين هنَ من النساء، أما عن ادارة مجلس الغرف التجارية والصناعية والزراعية فقد بلغت النسبة 99% من الرجال، مقابل 1% فقط من النساء، وحوالي 19% نسبة القاضيات، ونسبة وكيلات النيابة تبلغ %20