الثلاثاء، 26 مارس 2024

الاتفاقيات الدفاعية بين واشنطن ومانيلا على المحك


 بقلم: د. عبدالله المدني*

المعروف أن بين الصين الشيوعية والفلبين خلافات ونزاعات بحرية حول بعض الجزر الصغيرة في بحر الصين الجنوبي التي تدعي كل منهما السيادة عليها. وغني عن البيان أن هذه الخلافات تسببت عدة مرات في مواجهات وتحرشات بين اسطول البلدين. 

غير أن المواجهة التي حدثت هذا الشهر كانت مختلفة وليست مجرد تكتيكات صينية لإثبات ما تدعيه من حقوق سيادية. إذ قامت بكين بحشد قواتها البحرية لتعقب السفن الفلبينية واطلاق النار وخراطيم المياه عليها في محاولة لعرقلة مهمتها في إمداد البحرية الفلبينية المرابطة في منطقة "توماس شول" المتنازع عليها، وهو ما تسبب في أضرار هيكلية لسفينة الدورية الفلبينية "آر. بي. سيندانغان" وإصابة العديد من ضباطها وأفرادها بجروح.

هذه الحادثة غير المسبوقة أدت إلى مناقشات مفتوحة في مانيلا حول ما يجب القيام به لمواجهة العدوان الصيني، كما أنها استدعت عقد قمة خاصة عاجلة لرابطة آسيان الجنوب شرق آسيوية في مدينة ملبورن الأسترالية لتدارس الموقف، ناهيك عن أنها فجرت موجة من التنديدات والإستنكارات ضد الصين من قبل دول مثل اليابان وتايوان وبريطانيا مقابل مواقف مؤيدة للفلبين ومتعاطفة معها، خصوصا وأن محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي أصدرت قرارا في عام 2016 لصالح الفلبين في السيادة على الجزر المتنازع عليها مع الصين.

والملاحظ هنا أن قمة ملبورن لم تصدر بيانا تنتقد تصرفات الصين بشكل صريح ومباشر، واكتفت ب "تشجيع كل البلدان على تجنب أي إجراءات آحادية من شأنها أن تعرض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة للخطر" وقد فسر هذا الموقف الضبابي بوجود مصالح لبعض أعضاء آسيان مع الصين تخشى أن تفقدها في حالة التنديد بالأخيرة. فعلى سبيل المثال، قال أنور إبراهيم رئيس وزراء ماليزيا، الذي تستأثر بلاده باستثمارات صينية ضخمة، "إذا كان لديهم (الفلبينيون) مشاكل مع الصين، فلا ينبغي أن يفرضوها علينا". 

وعلى النقيض من ذلك كان موقف أستراليا المضيفة قويا وواضحا، إذ حذرت حكومتها من التقاعس عن العمل لمواجهة الإستفزازات الصينية المزعزعة للإستقرار في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان وحوض نهر الميكونغ، كما أنها غمزت من قناة البيان الضعيف لرابطة آسيان بالقول أن الرابطة بمواقفها المتساهلة هذه تعزز التساؤلات والشكوك حول دورها في تشكيل السياسات الإقليمية، بل وتتسبب في نفور عضو مؤسس "مثل الفلبين الباحثة عن دعم ملموس من جاراتها وشريكاتها بشأن نزاعات بحر الصين الجنوبي".

أما موقف الفلبين فقد لخصه رئيسها "بونغ بونغ ماركوس" على هامش قمة ملبورن بالقول (بتصرف): "هذه المرة ألحقوا (الصينيون) أضرارا بسفننا وتسببوا في بعض الإصابات لبحارتنا، ويجب علينا أن ننظر إلى الأمر بطريقة أكثر جدية تجنبا لمخاطر وقوع مواجهة مسلحة شاملة".

ولأن الفلبين لا تستطيع بمفردها مواجهة الآلة الحربية الصينية المتفوقة عليها بمئات المرات عدة وعديدا وامكانيات، فإن أحاديث ومناقشات كثيرة دارت في مانيلا حول ما إذا كان ينبغي تفعيل معاهدة الدفاع المشتركة الفلبينية الأمريكية لعام 1951، وطلب مساعدة أمريكية مباشرة للجم الصين، خصوصا بعد صدور بيان باسم الخارجية الأمريكية تضمن التأكيد على أن المعاهدات الدفاعية المبرمة بين واشنطن ومانيلا "تمتد إلى الهجمات المسلحة على القوات الفلبينية أو السفن العامة أو الطائرات ــ بما في ذلك تلك التابعة لخفر السواحل ــ في اي مكان في بحر الصين الجنوبي".

غير أن الرئيس الفلبيني صرح بأنه لا يعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لتفعيل معاهدة الدفاع المشترك الفلبينية الأمريكية. ولعله قصد بذلك دفع الحرج عن الحليف الأمريكي الذي لا يتوقع منه الدخول في حرب مع الصين من أجل سواد أعين الفلبينيين في وقت تنشغل فيه الإدارة الأمريكية الحالية بحرب أوكرانيا وحرب غزة ولجم الاستفزازات الإيرانية واعتداءات الحوثيين على الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ناهيك عن انشغالها بالإنتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر القادم.

ومجمل القول أن الأزمة الأخيرة في بحر الصين الجنوبي كشفت عن انقسامات عميقة في المنطقة تصب في صالح الصين وتشجعها على استمرار استفزازاتها البحرية. حيث حصلت الفلبين على دعم من حلفاء وشركاء بعيدين أكثر بكثير من دعم ومساندة شريكاتها وجاراتها الأقرب في رابطة آسيان.



د. عبدالله المدني

* أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: مارس 2024م



الأحد، 24 مارس 2024

عملية "كروكوس سيتي"الإرهابية أكثر من رسالة

 


بقلم :- راسم عبيدات


العملية الإرهابية التي استهدفت قاعة للإحتفالات الموسيقية في احد ضواحي موسكو،يوم الجمعة 22/3/2024،والتي أدت الى مقتل أكثر من 143 شخصاً وإصابة اكثر من مئة آخرين بجراح،والتي نفذتها مجموعة إرهابية من 4 أشخاص يضاف لهم سبعة آخرين عملوا على مساعدتهم، تلك العملية التي جرى فيها إطلاق النار بشكل عشوائي وقصدي بإتجاه المواطنين في تلك القاعة، بغرض القتل ،هذه المجموعة الإرهابية التي جرى اعتقال جميع أفرادها من قبل الأمن الروسي،ورغم الإعترافات التي قدمت من قبل المنفذين،وبأن لهم إرتباطات مع جماعة "داعش" الإرهابية،التي أصدرت بياناً تعلن فيه مسؤوليتها عن هذه العملية،ولكن هناك شكوك قوية بأن هناك أطراف لها علاقة بها داخل نظام زيلنسكي  في اوكرانيا،وخاصة بأنه حسب الحديث الروسي من قبل الرئيس بوتين،بأنه جرى تهيئة معبر لهروب المنفذين بإتجاه اوكرانيا، وبأن التوقيت الذي جرى فيه تنفيذ هذه العملية،والتحذيرات التي أصدرتها السفارة الأمريكية لرعايا دولتها بعدم إرتياد الأماكن العامة قبل تنفيذ تلك العملية،لأن هناك خشية وتوقعات تقول بإمكانية قيام  جماعات إرهابية بتنفيذ عمليات في أماكن عامة،يدفع للقول بأن  محاولة الولايات المتحدة للقول بان "داعش" هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن تلك العملية،ربما يشير بأن هناك علم او معرفة من قبل جهات في نظام زيلنسكي بالإضافة الى  إمكانية أن  يكون بصمات أخرى امريكية وغربية،حيث التحقيقات مع تلك المجموعة الإرهابية،ستبين الصلات لتلك المجموعة والعلاقات والجهة التي مولت وخططت ورسمت عملية التنفيذ،والتي تحرص أمريكا على حصرها في تنظيم "داعش" الإرهابي كجهة وحيدة متهمة، وأن العملية لم تأت على خلفية الصراع الروسي – الغربي الدائر على أرض اوكرانيا،لأنها تدرك جيداً بأن الرد الروسي على تلك العملية إذا ما ثبت تورط نظام كييف فيها،سيكون قاس جداً،وسيتخطى كل الخطوط التي وضعتها روسيا لنفسها للعملية العسكرية في  اوكرانيا ،وربما يطال رأس النظام،والرئيس الروسي السابق ميديفديف ونائب رئيس المجلس القومي الروسي قال " الموت بالموت"،ليس فقط لمن شارك ،بل ولمن أرسل وخطط ودرب ومول،وكذلك مما يجعل التشكيك عالي في الرواية الأمريكية بحصر الإتهام في هذه العملية الإجرامية فقط ب "داعش" هو أن


 "الولايات المتحدة الأميركية بدت، بصورة واضحة، أنّها تستخدم الشمّاعة داعش للقيام بأعمالها القذرة، سواء في روسيا أو في الشرق الأوسط".

وكذلك بالنظر الى العامل الجغرافي، فإن معظم العمليات الإرهابية التي كانت تنفذ ضد روسيا تاتي من المناطق الجنوبية،مثل القوقاز وآسيا الوسطى،ولكن هذه العملية أتت من المنطقة الشمالية القريبة من دول أوروبا الشرقية واوكرانيا،وكذلك أظهرت مقاطع الفيديو المنتشرة على الإنترنت ،بأن القدرات اللوجستية الكبيرة،ليس من السهل نقلها من مسافات بعيدة،وكذلك القدرات التدريبية العالية لهذه المجموعة,وكذلك لا يوجد اشتباك مباشر مع روسيا ل"داعش" ،بل الإشتباك المباشر مع أمريكا التي تقول بأنها قتلت عدد من قادتهم.

ومن ناحية أخرى لعل حصر المسؤولية عن هذه العملية الإجرامية والوحشية بجماعة" داعش"،ربما الهدف منه نقل الإهتمام الدولي وغيره عن ما يجري في قطاع غزة،وما تقوم به " اسرائيل" من جرائم وحصار وتجويع متعمد للمدنيين نحو هذه العملية الوحشية التي نفذتها "داعش"،كونها واحدة من الجماعات التي تتبنى فكر تكفيري وتختطف وتوظف الدين الإسلامي لخدمة من يعملون على تشغيلها وتمويلها ،ونحن شاهدنا كيف جرى "تدعيش" حركة المقاومة الإسلامية حماس في معركة 7 اكتوبر من قبل الرئيس الفرنسي ماكرون،وهذا من شأنه المساواة بين حركة حماس و"داعش" كتنظيمات إرهابية،وبالتالي وسم الإسلام بالإرهاب.

وكذلك لا بد من القول بأن الجماعات الإرهابية ،من "داعش" و"نصرة" و"قاعدة" ومتفرعاتها وغيرها من المنتوجات الإرهابية،التي جرى توظيفها وتشغيلها وتمويلها وتسليحها من قبل قوى دولية وإقليمية وعربية وقفت على رأسها أمريكا وتركيا،فتركيا هي المشغل والحامي لتلك الجماعات وتمدها بالسلاح والمال وتوفر لها الجغرافيا الأمنة،من خلال إحتلال جزء من الأراضي السورية في منطقة أدلب وأريافها ، من أجل خلق حالة من عدم الإستقرار الأمني والسياسي في أكثر من دولة وخاصة سوريا والعراق وليبيا ،وكذلك جعلها تعيش حالة من الإستنزاف الداخلي،بما يمنع من تعافيها وسيطرتها على مواردها،وبالتالي أن تصبح معادية للمشاريع والمخططات والأهداف الأمريكية في المنطقة.

 العملية أتت في توقيت مشبوه مباشرة بعد إجراء الإنتخابات الروسية،والتي جرت بسلاسة وبمشاركة شعبية واسعة،وليفوز فيها الرئيس الروسي بوتين بأغلبية ساحقة (87)% من الأصوات،وللمرة الخامسة كإحتفاء شعبي بهذا الرئيس الذي نجح في منع إسقاط روسيا مالياً عبر بوابة العقوبات المالية الأوروبية والأمريكية القاسية،وكذلك نجح في إحتواء الحرب التي قادها "   الناتو" ضد روسيا بالإختباء خلف أوكرانيا....بوتين قاد روسيا نحو نهوض إقتصادي جعلها تزاحم اليابان على الموقع الرابع إقتصادياً،وكذلك في الجانب العسكري باتت روسيا تتبوأ الموقع الأول عالمياً ،وخاصة فيما يتعلق بأسلحتها النووية الإستراتيجة وصواريخها الفرط صوتية ...وروسيا التي كانت تستعد لكي تحتفل بالنصر، بعد أن وصل الجيش الأوكراني الى حد الإنهيار،وتحقيق روسيا لإنتصارات استراتيجية، جاءت هذه العملية الإرهابية  التي خطط لها في دوائر مظلمة تعرفها أمريكا وبريطانياً جيداً،من وجهة اكثر من خبير ومحلل عسكري وسياسي ...تريد القول للروس بأن احتفالكم بالنصر مبكر عليه،وسنغرقككم بعمليات إرهابية تستنزفكم داخلياً وتمنع إنتصاركم،وبالنسبة لأوكرانيا عليكم التفاوض معنا مباشرة من أجل إقتسام أوكرانيا.

هذه العملية الإرهابية والوحشية والتي لن يتأخر الرد الروسي عليها،وربما عبر تصعيد عسكري غير مسبوق في اوكرانيا وسوريا، بضرب  أوكار وقواعد ومقرات البنية الإرهابية في تلك الدولتين،وهي قد تدفع بروسي الى شن حرب شاملة على اوكرانيا ،لكي تحسم هذه الحرب بشكل نهائي وتعلن إنتصارها،او ربما اذا ما سعى " الناتو" الى توريط جيشه مباشرة في الحرب على روسيا،من خلال التواجد في اوكرانيا، كما قال الرئيس الفرنسي ماكرون،حيث جرى نفي هذه النية من أكثر من دولة اوروبية منها المانيا وايطاليا،ولكن اذا ما فرضنا بأن " الناتو" قد يتورط في هذه الحرب بشكل عسكري مباشر، فهذا سيضع العالم أمام حرب نووية، وحرب عالمية ثالثة مدمرة.

الأربعاء، 20 مارس 2024

بانكوك تطرح طريقا بديلا لمضيق ملقا

  


بقلم: د. عبدالله المدني*

من المعروف أن مضيق ملقا يلعب دورا محوريا كطريق بحري لنقل حوالي ربع اجمالي السلع المتداولة في العالم، بما فيها نفط الشرق الأوسط  إلى كوريا الجنوبية وتايوان والصين واليابان والفلبين ودولا أخرى في المحيط الهاديء، لكن هذا المضيق يمثل نقطة اختناق استراتيجية، وعادة ما يشار إليه بالمعضلة. كما أن مخاوف كثيرة راجت في العقود الأخيرة حول سهولة تعرضه لأعمال القرصنة أو لعمل إرهابي بقصد تعطيل الملاحة الدولية والإضرار بالتجارة العالمية.

اليوم تطرح الحكومة التايلاندية مشروعا طموحا لتوفير طريق بري بديل للمضيق وتروج له وتبحث عن مستثمرين عالميين لتنفيذه. فخلال قمة التعاون الإقتصادي لآسيا والمحيط الهاديء (إبيك) التي استضافتها مدينة سان فرانسيسكو في نوفمبر 2023، عرض رئيس الوزراء التايلاندي "سريتا تافيسين" فكرة إنشاء جسر بري جنوبي للسكك الحديدية للربط بين الشرق والغرب تجاريا بتكلفة نحو 3 مليار دولار، كي يكون بمثابة طريق مختصر وآمن لإمدادات النفط والسلع الأخرى، وأبدى استعداد بلاده للعمل مع جميع الشركاء قائلا أن المشروع سيخلق 280 ألف فرصة عمل وسيزيد من حجم الناتج المحلي الإجمالي لتايلاند بنسبة 5.5 بالمائة سنويا. 

يتضمن المشروع المذكور بناء مينائين عميقين في مدينتي رانونغ" و"شومفون" بالإضافة إلى 90 كيلومترا من السكك الحديدية والطرق السريعة عبر برزخ "كرا" الذي يفصل بين بحر أندامان وخليج تايلاند في جنوب البلاد.

يعتقد المراقبون أن طرح هذا المشروع هو بديل لمشروع "قناة كرا" كونه أرخص تكلفة (بنحو 25 مليار دولار تقريبا) وأقل ضررا على البيئة ولا يخلق جدلا قانونيا ودستوريا. والمعروف أن فكرة حفر قناة يشق التراب التايلاندي بطول 100 كيلومتر وعرض 400 متر من أجل وصل خليج تايلاند ببحر أندامان، فكرة تم تداولها منذ القدم وكان غالبا ما يتم إلغاؤها، لكن الصين عادت ونفضت عنها الغبار في عام 2015، وتحمست لها كجزء من مشروع طريق الحرير البحري، وهو ما قابله رئيس الحكومة العسكرية التايلاندية السابقة الجنرال "برايوت تشان أوشا" في عام 2018  بالقول أن القناة المقترحة ليست ضمن أولويات حكومته، وأن التراب التايلاندي غير قابل للتجزئة من خلال حفر قناة مائية يفصل أقصى جنوبه عن شماله.

والحقيقة أن مشروع بانكوك المقترح، سيخدم بكين بالدرجة الأولى، خصوصا إذا ما احتدمت الخلافات الصينية الأمريكية حول تايوان ووصلت إلى حالة حرب بين البلدين وقررت واشنطن فرض حصار على مضيق ملقا كوسيلة لتعطيل تجارة الصين ووارداتها من الطاقة. ذلك أن مشروع الجسر البري المقترح سيمكن الصين من تفريغ وارداتها في ميناء رانونغ المطل على بحر أندامان ونقلها برا بالسكك الحديدية إلى ميناء شومفون المقابل المطل على خليج تايلاند لتنطلق من الأخيرة بحرا إلى موانيء جنوب الصين. ومن ناحية أخرى يمكن للصادرات الصينية أن تستخدم نفس المسار نحو وجهاتها العالمية دون المرور بمضيق ملقا.

وعلى الرغم من بعض الانتقادات التي وجهت للمشروع بدعوى أنه غير اقتصادي ويتطلب خدمات لوجستية كثيرة بتكلفة مضاعفة ووقتا أطول في التفريغ والنقل البري وإعادة تحميل السفن نحو الصين، فإن بانكوك ماضية في حملة ترويجية مكثفة له، بل عقد وزراؤها اجتماعات مع مسؤولين صينيين وأمريكيين وأوروبيين ومصارف استثمارية آسيوية، وتستعد لطرحه أيضا على مسؤولين في شركة موانيء  دبي العالمية.

ولئن أبدت بكين اهتماما بالمشروع خلال زيارة وزير خارجيتها "وانغ لي" لبانكوك مؤخرا، ولئن قيل أن البنك الآسيوي للإستثمار في البنية التحتية (مقره بكين) معجب بالفكرة ويدرسها، فإنه من غير الواضح حتى الآن موقف الإدارة الأمريكية وموقف البنتاغون الأمريكي من المشروع من منظور عسكري كونه يزود الصين بطريق شحن بديل في سيناريوهات أي حرب محتملة بين الصين والولايات المتحدة. ومن هنا قيل أن بانكوك وضعت نفسها في موقف حرج مع حلفائها الأمريكيين، بل تساءل البعض عما سيحدث إذا ما تم تنفيذ المشروع وقامت واشنطن مستقبلا بفرض حصار على مينائي "رانونغ" و"شومفون" التايلانديين، بغية منع الصين من استخدامهما، والضغط عليها اقتصاديا. هذا ناهيك عن احتمال أن يثير المشروع المقترح حفيظة الهند فتتأزم العلاقات الهندية التايلاندية الودية كونه يساعد الصين على الوصول بسهولة أكبر إلى مياه المحيط الهندي.



د. عبدالله المدني

*أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: مارس 2024م



الاثنين، 18 مارس 2024

الحملة على وكالة الغوث واللاجئين " الأونروا" تتصاعد


بقلم :- راسم عبيدات


عملية "شيطنة" وكالة الغوث واللاجئين"الأونروا"،بهدف تصفية وجودها في مدينة القدس،بكافة مؤسساتها الصحية والتعليمية والمجتمعية والخدماتية، تشهد تصاعداً غير مسبوق ،وخاصة في ظل الحكومة الحالية...حيث أقدم مجموعة من المستوطنين المغرقين بالعنصرية والتطرف،صباح اليوم الإثنين 18/3/2024،على وضع ملصقات على بوابات المقر الرئيسي في الشيخ جراح،تدعو الى اغلاقه،وأطلق أحد المستوطنين عبارات تحريضية ضد العاملين في الوكالة بالقول"  "الأونروا هي جزء من حماس، انت مشارك بما جرى في 7 اكتوبر، وبتاخد معاشك من هاي المنظمة، انت بتقول انك ما بتدعم الارهاب طب ليش انت هون اطلع من هون".

كذلك قام المستوطنون بوضع أكياس سوداء على أبواب مقر الوكالة الرئيسي، في تهديد واضح للعاملين هناك ،بأن عليهم أن يخلوا المقر وإلا فإن حياتهم ستكون مهددة،وسيجري المس بهم جسدياً... وأيضاً طالبوا بأن يتم اغلاق مركز التدريب المهني ، والواقع في مدخل مخيم قلنديا والتابع لوكالة الغوث واللاجئين" الأونروا"...والهجمة على وكالة الغوث واللاجئين في القدس،ليست بالجديدة،ففي شهر كانون ثاني من عام 2019،وبعد اجتماع لما يعرف بمجلس الأمن القومي " الإسرائيلي،عقد في مكتب رئيس الوزراء لحكومة الإحتلال نتنياهو،اتخذ قرار بالعمل على اغلاق مدارس وكالة الغوث واللاجئين في القدس،وكذلك إغلاق كافة مراكزها الصحية ومصادرة كل عقاراتها وممتلكاتها،وتحويلها الى بلدية الإحتلال،وبما يشمل إخراج مخيم شعفاط، بأن يكون جزء من مدينة القدس ....واضح أنه بالتزامن مع الحرب الشاملة التي تشن على شعبنا في  قطاع غزة والضفة الغربية ،فإن الحرب على الوكالة كشاهد على نكبة شعبنا،وضعت في قلب دائرة الإستهداف الأمريكي- " الإسرائيلي" ،حيث وجهت "إسرائيل" تهم لعدد من العاملين في الوكالة في قطاع غزة، بأنهم كانوا جزء مشارك في عملية 7 أكتوبر التي شنتها المقاومة الفلسطينية وفي القلب منها حركة حماس،ولم تقدم أية ادلة وحقائق واثباتات على طبيعة تلك الإتهامات،حيث أقدمت رئاسة الوكالة على فصلهم من عملهم،قبل التحقيق معهم وإدانتهم،ودون أن يجري تشكيل لجنة تحقيق مهنية في ذلك،ولكن "إسرائيل" لم تقدم او تزود لا محكمة العدل الدولية ولا رئاسة الوكالة ولا الإتحاد الأوروبي بأية اثباتات على اتهاماتها...وفي إطار تلك " الشيطنة للوكالة " وعملها في القطاع والتي تقدم خدماتها ورعايتها الصحية والطبية والإغاثية والتعليمية ومساعداتها الإنساينة لأكثر من 2 مليون و 300 ألف مواطن فلسطيني في القطاع،في ظل حصار غير مسبوق وتجويع حتى الموت وإنعدام لأي ظروف حياة إنسانية تبقي الغزيين على قيد الحياة،قامت الولايات المتحدة بالإستجابة الفورية للإتهامات "الإسرائيلية"، ولتعلن عن وقف تمويلها للوكالة،وليحذوا حذوها 19 دولة أوروبية،هذه الخطوات كانت تًنذر بتوقف شامل لخدمات الوكالة في كامل قطاع غزة،في ظروف إنسانية غاية في الصعوبة وغير مسبوقة من الجوع وفقدان  كل مقومات الحياة، والهدف هنا واضح من قبل أمريكا وتوابعها من  الدول الأوروبية الغربية، هو " شيطنة" وكالة الغوث وتصفية خدماتها، ونزع الدور الوطني والسياسي عنها،وتحويلها الى منظمة اغاثية إنسانية كواحدة من المؤسسات التي تعني بقضية اللاجئين في العالم بشكل عام،والهدف النهائي الوصول بالوكالة الى معادلة " المال مقابل التوطين" ،ولكن مع إنكشاف عدم صدقية أو وجود أدلة وإثباتات دامغة على صحة الإتهامات " الإسرائيلية"،كما قالت الدول والهيئات الدولية التي طالبت "اسرائيل" بأن تزودها بإثباتات وأدلة حول المتهمين وتهمهم، فقد أعادت العديد من الدول الأوروبية تمويلها لوكالة الغوث واللاجئين " الأونروا"، ولكن الحملات على الوكالة لم تتوقف،حيث توجه لها إتهامات، بان المنهاج الذي تدرسه يتضمن مضامين تحريضية،خاصة فيما يتعلق بقضايا حق العودة ،وتمجيد للأسرى والشهداء،وأيضاً الدعوات للتمسك بالأرض،واعتبار الأراضي الفلسطينية عام 1948 مدن فلسطينية محتلة،بالإضافة المواضيع التي تضمن قصائد واشعار ومواضيع وطنية.


من الواضح بان الحرب على وكالة الغوث واللاجئين" الأونروا" ،من أجل "تطويعها" وتقنين خدماتها وتمويلها، يندرج في إطار الحرب الشاملة التي تشن على  شعبنا الفلسطيني،حيث مخاطر الطرد والتهجير قائمة وتزداد،سواء في قطاع غزة او الضفة أو القدس والداخل الفلسطيني -48 -، فعدا " إسرائيل" وأمريكا اللتان تعملان على هذا المشروع بشكل كبير، هناك دول أوروبا الغربية،والعديد من القوى الإقليمية وعدد من دول النظام الرسمي العربي منخرطة في هذه المشاريع والمخططات.

"هندسة" الوجود البشري الفلسطيني في القطاع والضفة الغربية والداخل الفلسطيني – 48 -،لمنع ان يشكل الشعب الفلسطيني أغلبية في فلسطين التاريخية،ما بين النهر والبحر قائم ومستمر، سواء ضمن عمليات الإستيطان والضم والتهويد في الضفة الغربية،وعبر إطلاق يد المستوطنين وتسليحهم ،لكي يواصلوا اعتداءاتهم المستمرة على شعبنا في الضفة الغربية،وتهديدهم، بان عليهم الرحيل طواعية الى الأردن،واذا لم يستجيبوا لذلك،سيجري طردهم وترحيلهم بالقوة  وفي الداخل الفلسطيني – 48 -  أيضاً،تجري عمليات التهويد على قدم وساق في الجليل ولعل أكبرها وأوسعها في النقب،أما في مدينة القدس،فعمليات التطهير العرقي لا تتوقف سواء في أحياء سلوان الستة، بطن الهوى والبستان ووادي حلوة وعين اللوزة وواد الربابة وواد ياصول، وكذلك أحياء الشيخ جراح ،الغربي " جورة النقاع" وحي الشيخ جراح الشرقي  والعديد من الأحياء المقدسية الأخرى.

هناك قرار سياسي أمريكي- " اسرائيلي"  بشطب وكالة الغوث واللاجئين بشكل نهائي، فوزير مالية " اسرائيل" سموتريتش قال،انه في اليوم التالي لوقف العدوان على قطاع غزة، فوكالة الغوث يجب أن لا تكون موجودة،فهي تباعد السلام،وتسهم في التحريض على دولة الإحتلال.


الأثر الإستراتيجي لإغلاق وكالة الغوث واللاجئين في القدس

لا يمكننا الحديث عن محاولات تصفية وكالة غوث اللاجئين دون العودة إلى أواخر عام 2017 عندما اعترف الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل وقراره نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى العاصمة المحتلة.

حيث قال إنه لا بد من التخلص من المسؤولية الدولية فيما يتعلق بشرقي القدس حينها،وترافق ذلك مع حملة على الأونروا طالب خلالها أعضاء كنيست ووزراء بإغلاق مقراتها في القدس بادعاء أنه لا يجوز أن تكون فيها مؤسسات دولية تتعامل مع المدينة باعتبارها جزءا من أراض فلسطينية محتلة.

وفي ظل الحملة المتواصلة على وكالة الغوث واللاجئين "الأونروا"  ومؤسساتها وخدماتها في القدس ،والتي تتصاعد يوماً بعد يوم،ووصلت حد وضع الأكياس السوداء أمام مقرها الرئيسي في القدس. في تهديد واضح لحياة العاملين في الوكالة،فأخشى أن يستفيق المقدسيون يوما دون وجود "الأونروا" ومؤسساتها التعليمية والصحية في القدس،وبما يتركه ذلك  من الأثر الإنساني المباشر على الناس من خلال إغلاق المؤسسات التي تقدم الخدمات بشكل مباشر لهم، فإن هناك أيضاً أثرا سياسيا إستراتيجيا يتمثل في نزع المسؤولية الدولية عن السكان الفلسطينيين داخل القدس وتركهم للسيادة الإسرائيلية بشكل كامل.

الثلاثاء، 12 مارس 2024

ماهي سياسة نيوزيلندا في عالم مضطرب ومنقسم؟


 بقلم: د. عبدالله المدني*

مثل أستراليا، تعتبر نيوزيلندا نفسها جزءا من محيطها الجغرافي الآسيوي بحكم الموقع، وبالتالي فهي معنية بالمتغيرات والتطورات الجيوسياسية في المنطقة، خصوصا وأنها مع جارتها الأسترالية ضمن التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ناهيك عن أنها شريك لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ومن هنا يعيب البعض على حكومتها الإئتلافية الحالية برئاسة العمالي كريس هيبكينز تراخيها ولا إكتراثها لجهة الانفاق العسكري على التسليح والتدريب درءا لمخاطر متوقعة في عالم مضطرب ومنقسم يسوده عدم اليقين، أي على خلاف ما قامت به كل من السويد وألمانيا مؤخرا على سبيل المثال بسبب الحرب الأوكرانية. كما أن البعض الآخر يعيب عليها عدم امتلاكها لإستراتيجية خاصة بالأمن القومي للبلاد، كما كان الحال زمن الحكومة السابقة التي كانت أول حكومة نيوزيلندية ترسم استراتيجية للأمن القومي.

والحقيقة أن مثل هذه الانتقادات تضاعفت على ضوء اندلاع الحرب بين روسيا الإتحادية وأوكرانيا من جهة، والتوتر القائم في بحر الصين الجنوبي بسبب سياسات بكين التوسعية من جهة أخرى، ثم تفاقمت أكثر مع ما جرى ويجري في الشرق الأوسط، وتحديدا العمليات العسكرية الأخيرة في البحر الأحمر وباب المندب.

صحيح أن نيوزيلندا بعيدة جغرافيا عن أماكن هذه الأزمات والتطورات، لكن الصحيح أيضا أنها ليست بعيدة عن تداعيات الأحداث وتأثيراتها التي تشمل العالم كله، خصوصا وأن نيوزيلندا ليست دولة محايدة كسويسرا. فمثلا فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، قامت ويلنغتون، من موقعها كشريك للناتو، بتقديم السلاح والتدريب والمساعدات لأوكرانيا دون المشاركة في القتال، كما أنها انضمت إلى الإجراءات المتخذة ضد موسكو في محكمة العدل الدولية، ما وضعتها في قائمة المناوئين لروسيا، فماذا سيكون حالها لو امتدت نيران الأزمة الأوكرانية إلى مناطق أبعد من أوروبا؟.

أما في ما خص سياسات بكين في بحر الصين الجنوبي وإزاء الجزر المتنازع عليها مع مجموعة من دول جنوب شرق آسيا، فإن ويلنغتون أعربت مرارا عن قلقها بخصوص تلك السياسات الصينية، رافضة بشكل خاص ما تقوم به بكين من أعمال لمنع السفن الفلبينية من الوصول إلى جزر متنازع عليها، على الرغم من صدور قرار من محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي لصالح مانيلا في عام 2016، بل وصل الأمر إلى مواجهة في العام الماضي بين البحرية الصينية وفرقاطة نيوزيلندية خلال ما عرف بـ "مناورة حرية الملاحة". وبهذا فإن نيوزيلندا مصنفة أيضا في قائمة خصوم الصين الشيوعية، خصوصا وأنها تؤكد على عدم وجود اساس قانوني لمطالبات الصين بحقوق تاريخية لها في جزر واقعة في بحر الصين الجنوبي.

ومع اندلاع المواجهات العسكرية في مياه البحر الأحمر بين الولايات المتحدة والحوثيين، تحول تركيز ويلنغتون نحو مسالة حماية الممرات المائية العالمية، بدليل تعهدها مع تسع دول أخرى بالدفاع عن الأرواح وحماية التدفق الحر للتجارة وضمان سلامة أحد أكثر الممرات المائية أهمية في العالم، على الرغم من عدم مشاركة بحريتها حتى الآن في العمليات العسكرية الجارية.

ولعل كل هذه الحيثيات هي التي دفعت البروفسور ألكسندر غيليسبي، أستاذ القانون بجامعة وايكاتو النيوزيلندية لدعوة الحكومة النيوزيلندية إلى مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية على المستوى العملي واللوجستي من خلال زيادة الاستثمار في جيشها ورفع نسبة الإنفاق الدفاعي إلى ما لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي، أسوة بما تفعله الحكومات الغربية الحليفة، مع التنسيق الدفاعي مع جاراتها الأسترالية الأقرب، مشيرا إلى أن نيوزيلندا لا تحتاج إلى تغيير سياستها القائمة على رفض امتلاك السلاح النووي، ولا تحتاج إلى أسلحة بيولوجية أو قدرات سيبرانية او أسلحة الذكاء الصناعي، بقدر ما تحتاج إلى تحسين قدراتها الدفاعية. ويرى البروفسور غيليسبي أن أفضل عمل تقوم به نيوزيلندا هو  ألا تعول كثيرا على تحالفها مع الأمريكيين (خصوصا في ظل عدم ارتباطها حتى الآن باتفاقيات للتجارة مع واشنطن على غرار الاتفاقيات التي يتمتع بها الشركاء الآخرون، ما يعرضها لمخاطر كثيرة في حال نشوب الحرب)، وأن تقوم، بدلا من ذلك، بعقد اتفاقيات دفاعية مع دول ذات قيم مماثلة لقيمها ونهجها وتفكيرها مثل أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وكندا والهند. أما الإكتفاء بمراقبة الأوضاع المتفجرة من حولها، وعدم توقع الأسوأ، وإهمال الاستعدادات العسكرية، وعدم رسم سياسات واضحة للأمن القومي، فهو موقف طوباوي غير محتمل في نظر غيليبسي.



د. عبدالله المدني

* أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: مارس 2024م



الاثنين، 11 مارس 2024

ميناء جو بايدن المؤقت ظاهره إنساني وباطنه إستعماري


بقلم :- راسم عبيدات

بعد خطاب "حالة الإتحاد"،الذي ألقاه الرئيس الأمريكي جو بايدن،يوم الجمعة 8/3/2024،وتطرق فيه الى الوضع الإنساني الصعب في قطاع غزة،والعدد الكبير من المدنيين الذين قتلتهم " إسرائيل" وترمل اعداد كبيرة من النساء،وإستمرار الموت بالجوع والأمراض والأوبئة والقصف " الإسرائيلي" المتواصل، يبدو بأن بايدن الذي لم يكترث لمصير هؤلاء السكان وما يتعرضون له من إبادة جماعية،طوال فترة العدوان على قطاع غزة لأكثر من خمسة شهور،حيث دعم وشارك في هذا العدوان بشكل قوي،والجسر  الجوي من الأسلحة الأمريكية ل" اسرائيل"،لم يتوقف منذ بداية 7 أكتوبر،ويبدو بأن عوامل داخلية وخارجية، لعبت دوراً مهماً في قراره  بأن يعمل على إنشاء ميناء بحري " مؤقت" حسب قوله في شمال قطاع غزة،وفق خرائط لهذا المشروع  تقع في منطقة شمال قطاع غزة،فوق حقول الغاز في تلك المنطقة، هذا الميناء المدعوم بألف جندي أمريكي من قوات المارينز...فبادين الذي صحا فجأة ليذرف دموع التماسيح على مصير السكان المدنيين في قطاع غزة،وما يتعرضون له من مجازر وأوضاع إنسانية مأساوية لم يشهدها او يعرفها التاريخ البشري بماضيه وحاضره ،حيث أصبح 90% من سكان القطاع نازحين،ودمرت أكثر من 70 % من منازل القطاع،عدا التدمير الممنهج الذي طال البنى التحتية والطرقات وكل البنى والمؤسسات المدنية قطاع صحي"  مشافي  ومراكز طبية،ناهيك  عن تدمير شبكات الكهرباء والماء والصرف الصحي ومراكز الإيواء والمؤسسات التعليمية ودور العبادة وغيرها. بايدن  هول المجازر والمناظر المرعبة لجثث أطفال في الشوارع وجثث متحللة تنهشها الكلاب الضالة وغيرها في القطاع،والتي دفعت بالرأي العام العالمي في التحول على المستوى الشعبي أوروبياً وأمريكياً بشكل كبير ضد "إسرائيل" وأمريكا"،ولكي تندلع مظاهرات ومسيرات إحتجاجية واسعة ،ولتطال ليس العواصم الأوروبية والأمريكية،بل الكثير من مدن تلك الدول،هذه المظاهرات وخاصة في أمريكا،والتي رأت فيها شريك مباشر ل" إسرائيل" في جرائم الإبادة الجماعية حسب القضية المرفوعة من قبل  دولة جنوب أفريقيا على " إسرائيل"  ،والتي باتت تهدد مصير بايدن الإنتخابي بأن لا يتمكن من العودة للبيت الأبيض في ولاية رئاسية ثانية،حيث الولايات المتأرجحة والتي تحسم في مصير الانتخابات،وخاصة متشغان ومعها بنسلفانيا، والتي يقطنها أغلبية عربية وإسلامية،حيث الإنتخابات التمهيدية التي جرت هناك،قال أكثر من 100 الف مصوت،بأنهم سيصوتون بلا ملتزم للحزب الديمقراطي والرئيس بايدن، ويضاف الى ذلك إقدام الطيار الأمريكي أورون بوشندل على حرق نفسه أمام السفارة "الإسرائيلية" في واشنطن منتصراً للإنسانية ورافضاً للشراكة الأمريكية في جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة،وما اعقب ذلك من قيام العديد من الجنود والضباط الأمريكان بحرق شاراتهم العسكرية إحتجاجاً على الموقف الأمريكي من الحرب على قطاع غزة.


بايدن الذي رفض أي وقف إطلاق نار لدواعي إنسانية في القطاع،من خلال استخدام حق النقض " الفيتو" ضد مشاريع القرارات التي قدمتها أكثر من دولة روسيا والإمارات  وغيرها،بالإضافة الى إفشال مشروع قرار جزائري ،يدعو لصدور بيان رئاسي من مجلس الأمن يحمل " إسرائيل" مسؤولية "مجزرة الطحين" على دوار النابلسي في القطاع،والتي راح ضحيتها أكثر من الف مواطن،وأمريكا لم ترفض هذا القرار فقط،بل حتى توجيه لوم أو انتقاد الى " إسرائيل" رفضته.

الخلاف الأمريكي – "الإسرائيلي" ،رغم كل الحديث عن الخلافات بين الطرفين،وزيادة حدة الإنتقادات الأمريكية لسياسات نتنياهو وكيفية إدارته للمعركة والحرب على القطاع،وبأن تلك السياسات والمواقف تضر ب"إسرائيل" أكثر ما تنفعها،ولكنها بقيت في إلإطار التكتيكي،مع الاتفاق على استمرار الحرب على القطاع، لأن شروط وقف هذه الحرب،وفق الشروط الأمريكية  " الإسرائيلية" لم تنضج بعد.

هذا الميناء الذي يجري التجهيز لبنيته التحتية بمشاركة اوروبية غربية وموافقة " اسرائيلية"،على أن يجري تمويل تكاليفه البالغة 35 مليون دولار ،عبر ثلاثة دول عربية خليجية ،هناك اهداف مباشرة من إنشائه بعيداً عن ما يعرف بالبعد الإنساني،الذي لم يحرك الإدارة الأمريكية بالمطلق ولم يكن هاجسها، فأهداف المشروع المباشرة ،في المدى القريب،يقف في مقدمتها إعادة هندسة جغرافيا قطاع غزة ،عبر تقطيع اوصالها،وترتيب اولويات سكانها،بالترافق مع المشروع "الإسرائيلي" المتمثل بشق شارع بعرض 6 ونصف كم يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه ويصل الى البحر المتوسط ،وبما يوفر السيطرة الكاملة ل"اسرائيل" على كل معابر القطاع والتحكم في مداخله ومخارجه، أي العمل على فك علاقة القطاع مع مصر براً وبما يقطع صلتها بالقطاع جغرافيا وسياسياً ،ويلغي دور معبر رفح بالكامل،والذي تصر " اسرائيل" وبشراكة امريكية واوروبية غربية وتواطؤ عربي على عدم فتحه لدخول المساعدات الإنسانية غذائية ودوائية ووقود وغيرها،وأيضاً من ضمن هذه الأهداف،ايجاد جماعات عائلية وقبلية وعشائرية، تكون البديل ل حماس والمقاومة الفلسطينية بتولي توزيع المساعدات الداخلة عبر هذا ميناء على سكان القطاع،كبديل عن السلطة القائمة والقوى السياسية،الأمر الذي دعا قوى المقاومة،للقول بأن كل من تسول له نفسه التعاطي،مع مثل هذه المشاريع المشبوهة،والعبث بالجبهة الداخلية ،ستجري معاملته كخارج عن الصف الوطني،وليأتي رد العائلات والعشائر والقبائل،بالقول أنها لن تكون بديلاً عن الممثل السياسي،ولن تكون خارج المشروع الوطني،ولن تساهم في العبث في الجبهة الداخلية،وهي جزء من وحدة هذا الشعب ولحمته.

مع إصرار " اسرائيل" وأمريكا لتنفيذ العدوان على مدينة رفح،من أجل استكمال أهداف الحرب،لكي تلحق هزيمة ساحقة بالمقاومة الفلسطينية من وجهة نظرهم، ولكن على أن يراعى فيها من وجهة نظر الأمريكان،تجنب قتل المدنيين،والعمل على ايجاد أماكن أمنة لهم،وبان يجري ترحيلهم مسبقاً قبل القيام بالعملية البرية،والتي قد تسبب بمجازر بشرية وأعداد كبيرة من الضحايا،ولذلك سيكون من اهداف هذا الميناء مدخل لتهجير سكان القطاع الى قبرص ومن هناك للدول الأوروبية ،ولا ننسى بأن هذا الميناء ستكون القرارات المتعلقة بالمساعدات الإنسانية والإشراف عليها وطرق وآليات توزيعها،خارج إطار سيطرة مؤسسات الشرعية الدولية،أي مصادرة أي دور لوكالة الغوث واللاجئين "الأونروا" المطلوب تصفيتها،وهي التي جرى "شيطنتها" امريكياً و"اسرائيليا" ،عبر توجيه ادعاءات وإتهامات لعدد من العاملين فيها بالمشاركة في معركة 7 أكتوبر،دون تحقيقات وأدلة دامغة،للوصول بها الى معادلة "المال مقابل التوطين".

أما الهدف الإستراتيجي لهذا الميناء،فهو السيطرة على حقول الغاز في منطقة شمال غزة" غزة مارين"،حيث يوجد هناك 35 مليار متر مكعب من الغاز النقي في تلك المنطقة،تريد الشركات النفطية الأمريكية العملاقة التي دفعت جزء من تكاليف الحرب على قطاع غزة السيطرة عليها واستثمارها،وهذا المشروع يندرج ضمن الإستراتيجية الأمريكية، التي جاءت شراكتها وقيادتها لهذه الحرب عسكرياً وأمنياً على شعبنا في قطاع غزة،تحت شعار الأمن القومي الأمريكي، وهي من أجل حماية مصالحها والدفاع عنها في المنطقة،وإعادة تموضعها الجيو استراتيجي من غرب أسيا حتى منطقة الشرق الأوسط ،تريد محاصرة التحالف الروسي- الصيني- الإيراني،ولكي تقطع الطريق على المشروع الصيني،طريق " الحزام والطريق" والعودة به الى مساره القديم،من الهند الى دول الخليج العربي بحراً،السعودية والإمارات، الى هذا الميناء الذي سيجري إنشاؤه في قطاع غزة،ومن ثم الى ميناء حيفا في "اسرائيل"،لكي يكون الميناء الوحيد الذي يجري من خلاله تصدير النفط والغاز الى أوروبا الغربية،التي تعاني أزمة طاقة كبرى،بسبب العقوبات الروسية المفروضة عليها،لمشاركتها أمريكا في العقوبات المفروضة على روسيا،ولهذه الغاية والهدف دمرت أمريكا ميناء بيروت،واخرجت "اسرائيل" بالقصف المتواصل ميناء اللاذقية السوري عن الخدمة،وأمريكا ما يحركها في  إقامة ميناء غزة "المؤقت"،والذي تسعى "اسرائيل" الى شراء الميناء الأوروبي في قبرص المقام لإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، حتى تكتمل لها السيطرة على المينائين "الأوروبي في قبرص واسدود الذي تسيطر عليه" وعمليات تفتيش البضائع الداخلة والخارجة للقطاع،وكذلك حركة الأفراد.

وحروب أمريكا في المنطقة حكمتها السيطرة على نفط وغاز المنطقة والتحكم في ممراتها البحرية وموقعها الجغرافي الجيو استراتيجي،ولهذا جرى غزو العراق وإحتلاله عام 2003،والسيطرة على نفطه،وفرضت أمريكا على العراقيين،عندما اضطرت للإنسحاب منه معادلة "النفط مقابل الغذاء" ،وهي كذلك تحتل شرق سوريا الغنية بالنفط والغاز،لكي تستمر في سرقة النفط السوري،وما جرى في ليبيا من غزو وتغذية لصراعاتها الداخلية عبر طرفين إقليميين  ولتستمر تلك الصراعات على السلطة،في حين تسيطر أمريكا على النفط والغاز والليبي ،وكذلك الحرب العدوانية التي شنت على اليمن لمدة سبع سنوات،وقف الغاز والنفط اليمنيين في مقدمة أهدافها.

ولذلك نرى بأن هذا الميناء الذي سيقام في شمال قطاع غزة،لن يكون مؤقتاً ولا من أجل دخول المساعدات الإنسانية للقطاع المحاصر والمدمر ،والتي ٍأسرع وأرخص الطرق لدخولها فتح المعابر البرية،وبالذات معبر رفح،بل سيكون هذا الميناء كحال ما جرى ويجري في سوريا والعراق وليبيا واليمن ،سيطرة على الغاز الغزي في منطقة الشمال،مدعوماً بقوة عسكرية.

الجمعة، 8 مارس 2024

خطاب بايدن: تضليل ومغالطات وإشاعة اوهام


بقلم :- راسم عبيدات

خطاب " حالة الإتحاد" الذي القاه الرئيس الأمريكي بايدن  فجر اليوم الجمعة ،والذي تحدث فيه عن قضايا داخلية امريكية،ورفع  فيه شعار الحماية والدفاع عن " الحرية والديمقراطية "،والتي سيراها الشعب الأمريكي بعد ان يمنحه الثقة لولاية رئاسية ثانية...وبالنسبة لنا كفلسطينين وعرب ومسلمين وكل الشعوب المظلومة ،فهي تدرك ديمقراطية امريكا وحرياتها في سلوكها على ارض الواقع ....كوبا وفنزويلا  وافغانستان والعراق وسوريا وايران وفلسطين وليبيا واليمن والصومال...التي " انتفعت" وأستفادت " من "نعم" و"خيرات" ديمقراطية أمريكا وحريتها،قتلاً وحصارا وتجويعاً وعقوبات اقتصادية ومالية بحق شعوبها،ودعماً لأنظمة ديكتاتورية وفاسدة،وتدخل فظ في شؤون تلك الدول الداخلية،عبر اسقاط انظمة حكم اختارتها شعوب تلك الدول بإرادتها الحرة ....ولذلك كل الشعوب والدول التي تعارضت قياداتها مع الأهداف والمصالح الأمريكية،صنفت على انها دول داعمة ل" الإرهاب"  أو جزء من محور " الشر"  الأمريكي،وهذا ينطبق على حركات التحرر  التي تناضل من أجل حق شعوبها في نيل حريتها وإستقلالها، أو التخلص من انظمة مغرقة بالفساد والديكتاتورية .ونحن كشعب فلسطيني  أصبحنا نحفظ عن ظهر قلب ديمقراطية أمريكا وحريتها  ...ويكفي إفتخاره بأنه صهيوني وبأنه سيبقى مخلص ل" اسرائيل" مدى حياته...وفقط للتذكير عندما قدم للمنطقة في تموز /2022،والتقى الرئيس ابو مازن،وطالبه بضرورة وقف الإستيطان  واعادة فتح قنصليتهم في القسم الشرقي من المدينة واعادة فتح مكتب المنظمة في واشنطن،والعمل على فتح افق سياسي من أجل إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/1967،حيث رد عليه،بالقول عليك ان تنتظر عودة المسيح لكي يحقق لك هذه المطالب...بايدن الذي اضطر تحت ضغط المظاهرات الحاشدة التي كانت تحتشد بالقرب من البيت الأبيض  ومقر "الكونغرس" الأمريكي ، لسلوك طريق أطول، حيث ضمن الشعارات التي رفعها المتظاهرين ردا على الموقف الأمريكي المشارك في حرب الإبادة الجماعية "ارث بايدن هو الإبادة الجماعية" ولا "تقتلوا باسمنا،وارفعوا الحصار عن قطاع غزة واوقفوا الحرب عليها،والقول هنا للمتظاهرين ....بايدن صحيح انه تحدث عن الوضع المأساوي لشعبنا في قطاع غزة،وبأن الغالبية من المواطنين الذي استشهدوا،من النساء والأطفال،وليسوا من المقاومة الفلسطينية،وأن هناك الكثير من النساء ترملت،وبأن هناك نقص حاد في المساعدات الغذائية والدوائية،وبأنه وجه من اجل إقامة رصيف بحري عائم، دون تواجد عسكري للجيش الأمريكي ،من أجل استقبال المساعدات من غذاء ودواء وماء ومساكن مؤقتة،،،،وربما حمل إنذار مبطن الى " اسرائيل" ،بأن عليها ان تحمي المدنيين،وكذلك عدم وقوع موظفي الإغاثة في مرمى نيران  الجيش "الإسرائيلي" ،ولكن بايدن يدرك تماماً،بأن هذا العدد الكبير من المدنيين الذين جرى قتلهم وجرحهم،متجاوزين ال 103  ألآلاف ،هم سقطوا بنيران اسلحة امريكية جرى تزويد "اسرائيل" باحدثها من صواريخ موجهة وقنابل خارقة للتحصينات وأحدث انواع السلاح،ولم تفرض امريكي أي عقوبات عسكرية أو مالية على " اسرائيل" وحتى اتجاهات تصويتها في مجلس الأمن الدولي،بقيت توفر الحماية وشبكة الأمان ل" اسرائيل" من أي قرارات قد تتخذ ضدها او عقوبات تفرض عليها، بسبب ما تقوم من عمليات قتل وقمع وتنكيل وحصار وتجويع،فهي اتخذت حق النقض " الفيتو" ضد مشاريع قرارات قدمت لمجلس الأمن ،من اجل وقف لإطلاق النار في قطاع غزة لدواعي إنسانية،بل ومنعت صدور بيان رئاسي من مجلس الأمن ،لمشروع قرار تقدمت به الجزائر من أجل إدانة " اسرائيل" بسبب إتهامها بإرتكابها لمجزرة " الطحين" على دوار شارع الرشيد،ولم تقبل حتى بالإنتقاد لها.

بايدن في موقفه هذه يريد ان يستعيد ثقة الرأي العام الأمريكي وكذلك ثقة العرب والمسلمين في الولايات المتأرجحة،وخاصة متشغان وبنسلفانيا،والتي تشكل عامل مرجح في الفوز في الإنتخابات،حيث صوت أكثر من 100 الف مواطن ،في ولاية متشغان، باللا ملتزم بالنسبة لبايدن والحزب الديمقراطي،وكذلك قيام الطيار الأمريكي اورون بوشندل بحرق نفسه امام السفارة "الإسرائيلية" في واشنطن ،احتجاجاً على المشاركة الأمريكية في الحرب والإبادة الجماعية في قطاع غزة،وكذلك قيام العديد من الجنود والضباط الأمريكان بحرق شاراتهم العسكرية  دعماً لهذا الطيار الأمريكي، الذي انتصر لإنسانيته،بالإضافة الى الموقف من الهجرة  وتراجع النمو الإقتصادي وغيرها،ربما تطيح ببايدن وتمنع فوزه لولاية رئاسية ثانية.

بايدن اعاد تاكيد التزامه بأمن "اسرائيل" ودعمها المطلق والإخلاص لها  طوال الحياة،ويرى بان جذر المشكلة ،هو يتمثل في قوى المقاومة الفلسطينية  وفي قلبها حماس،والتي عليها أن تطلق سراح الأسرى من جنود ومدنيين "اسرائيليين"،وعليها ان تلقي السلاح وتسلم قادتها،أما بالنسبة لنتنياهو وحكومته فهم" حمائم سلام" ،ويريدون " السلام"،ولكن هذا الشعب الفلسطيني وقيادته في غزة او حتى في الضفة والتي قدمت تنازلات طالت قضايا كثيرة وكبيرة،فهم لا يريدون "من يريد "السلام" ،فنتنياهو في خدمة "السلام" يقول بأنه لن يكون هناك دولة فلسطينية بين النهر والبحر، من يريدون "السلام"،هم من عقدوا مؤتمراً في القدس تحت عنوان "الطرد والتهجير يجلب السلام" ،وبأنه يجب العودة الى أرض الأهل في مستوطنات "غوش قطيف في قطاع غزة،من يريد "السلام"،من يدعو الى قصف غزة بالسلاح النووي،والبحث عن اساليب أكثر الماً من الموت لتعذيب الفلسطينيين...من يريد "السلام" من يدعو الى محو شهر رمضان الفضيل،من يريد "السلام" من يقوم ببناء عشرات ألآلاف الوحدات الإستيطانية في الضفة الغربية والقدس...من يريد "السلام"،من يقول بانه لا يوجد شعب فلسطيني وهذا اختراع عمره أقل من 100 عام...من يريد "السلام" من يسلح المستوطنين ويقومون كل يوم بإعتداءاتهم على القرى والبلدات الفلسطينية،حيث القتل وتدمير الممتلكات وحرق المركبات والمحاصيل وقطع الطرقات،من يريد "السلام" كحاخام يافا الياهو مالي ...نعم هؤلاء هم من يريدون "السلام" ..؟؟ ،اما الشعب الفلسطيني الذي سلبت ارضه وطرد وهجر وترتكب بحقه جرائم الإبادة الجماعية، فهذا شعب " إرهابي" وقياداته " إرهابية " لا تريد السلام ..؟؟....دولة الورق والإسطوانة المشروخة التي تريدونها يا سيادة الرئيس الأمريكي ومعكم دول الغرب الإستعماري،والتي بقيتم تضحكون فيها على دقون القيادات المنهارة عرب وفلسطينيين،منذ 30 عاماً ونحن نسمع نفس الإسطوانة،ودون أي خطوة عملية، تجعل الشعب الفلسطيني يثق بكم ولو بنسبة 1%،فأنتم ما تريدونه امتصاص الغضب الشعبي العربي والفلسطيني،حماية لمصالحكم في المنطقة،وحماية أمن "اسرائيل"،وأن تتسيد المنطقة ،وتبقى تذل أمة بأكملها،وتمنع أي مشروع وحدوي بين اقطارها .

شعار الدولة الفلسطينية وحل الدولتين،فقد بريقه ولمعانه،ولم يعد يقنع أصغر طفل فلسطيني، فحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة على جزء من فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس،وضمان حق للعودة لللاجئين وفق القرار الأممي (194) ،فقط هي شعار يستخدم في زمن الأزمات،وما بعد انتهائها نعود للمراوحة في نفس المكان،مع اعطاء الضوء الأخضر ل" اسرائيل" لكي تستكمل مشاريعها ومخططاتها،لكي تسيطر بشكل كامل على كل فلسطين " ارض الميعاد"،حل الدولتين،يحتاج الى اعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني،واتخاذ خطوات عملية على أرض الواقع ،تنفذ وتطبق هذا الحل،وليس عقد مؤتمرات مارثونية لإعادة النقاش والبحث في هذا الحل ...."طحن بدون طحين".

وفي النهاية اعتقد بأن القيادة التي تشيد بخطاب بايدن ما زالت تعيش أوهامها وغيبوبتها السياسية وانفصالها عن الواقع. 

الثلاثاء، 5 مارس 2024

مخاطر الإعتماد على التصدير .. إندونيسيا نموذجا


بقلم: د. عبدالله المدني*

هناك ثمة اقتصادات في عالم اليوم تعتمد في نموها على التصدير، وإذا كان الاقتصاد الصيني هو النموذج الأبرز وبسببه تعاني الصين اليوم من عثرات خطيرة على نحو ما فصلناه في مقال سابق، فإن إندونيسيا، عضو مجموعة العشرين الاقتصادية، وأكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، يعاني هو الآخر، علما بأن حجم اقتصادها قدر في عام 2019 بنحو 40 مليار دولار، مع توقعات بأن يتخطى حجمه حاجز الـ 130 مليار دولار بحلول عام 2030

والحقيقة أن الخبراء لطالما أشاروا على الحكومة الأندونيسية بضرورة تقليل الإعتماد على صادرات السلع الأساسية مع تعزيز التنويع الإقتصادي، وبالفعل سعت الحكومة إلى ذلك من خلال إنشاء مناطق اقتصادية خاصة ومنح إعفاءات ضريبية لجذب المستثمرين الصناعيين، بل إنها تبنت في العام 2020، بسبب الركود الناجم عن جائحة كورونا، نهجا أكثر صرامة لجهة تصدير بعض السلع مثل خام النيكل الذي تعتبر أندونيسيا أكبر منتج له، وذلك سعيا منها لزيادة القيمة المضافة. 

ولأن النيكل مادة مهمة لإنتاج معظم البطاريات القابلة لإعادة الشحن (بطاريات السيارات الكهربائية تحديدا)، فقد زادت أهميته في سلسلة التوريدات العالمية بشكل كبير، خصوصا في ظل الإهتمام العالمي بقضايا المناخ ومحاربة الانبعاثات الكربونية، كما وأن أسعاره شهدت ارتفاعات متتالية بسبب حظر تصديره، وهو ما صب في صالح أندونيسيا إلى جانب ما استفادته هذه البلاد من استثمارات بنحو 14 مليار دولار أمريكي لبناء مصهرين للنيكل في مقاطعتي "ملوكو أوتارا" و"سولاويسي" المنتجتين للخام، وهي استثمارات حققت لأندونيسيا معدلات نمو مضاعفة في عام 2021. وبشرت بنجاحات إندونيسية في قطاع إنتاج البطاريات وتصنيع السيارات الكهربائية أيضا.

صحيح أن حظر تصدير خام النيكل حقق نتائج مذهلة للبلاد بدليل أنه أدى إلى زيادة قدرها نحو 30 ضعفا في قيمة صادرات أندونيسيا ذات الصلة بالنيكل، لكن الصحيح أيضا أن استخدام الحظر كأداة من أدوات السياسات الصناعية والاقتصادية خلق تشوهات في السوقين المحلي والعالمي. وفي هذا السياق تخبرنا "كريستينا غوبتا"، الباحثة المشاركة في مركز دراسات السياسة الإندونيسية، أن احتساب القيمة المضافة المحلية أمر ليس بالسهل وقد يكون مضللا  إذا لم تحسب في المنتج النهائي للتصدير (البطاريات مثلا) تكلفة الطاقة اللازمة للإنتاج والمدخلات الأخرى، وتضيف الباحثة ما مفاده أن حمى توجيه النيكل بكثافة لصناعة البطاريات من أجل التصدير سعيا وراء تنمية خزينة الدولة، سوف يحرم قطاعات صناعية إندونيسية أخرى من هذا الخام، ولاسيما صناعة الفولاذ، خصوصا وأن النيكل الأندونيسي أكثر ملاءمة لإنتاج الفولاذ المقاوم للصدأ من البطاريات المتجددة.

من جانب آخر، يمكن القول أن لسياسات حظر تصدير بعض السلع الأساسية ذات الاستخدامات العالمية كالنيكل آثار جانبية سلبية، منها أن تلك السياسات قد تحفز بعض المصنعين الأجانب إلى إيجاد بدائل للنيكل أو صناعة بطاريات لا يدخل فيها هذا المعدن أصلا، وهو ما أقدمت عليه الصين فعلا، ومنها أيضا احتمال أن تخسر أندونيسيا، بسبب سياسات الحظر مصداقيتها كدولة عضو في منظمة التجارة الحرة ومجموعة العشرين، إلى حد الدخول في دعاوي وقضايا مع شركائها التجاريين، علما بأن الإتحاد الأوروبي مدعوما من الولايات المتحدة اشتكت أندونيسيا لدى منظمة التجارة العالمية لفرضها ضوابط على وارداته من النيكل. وهذا يجعل أندونيسيا غير قادرة على الشكوى والتذمر إن عاملها الإتحاد الأوروبي بالمثل إذا ما أرادت تسويق بطارياتها أو مركباتها الكهربائية في أوروبا.

ومن المآخذ على راسمي السياسات الاقتصادية في جاكرتا، أنهم يدفعون البلاد نحو استثمارات هائلة في صناعة السيارات الكهربائية بحجة تلبية متطلبات المناخ النظيف من جهة، ومن جهة أخرى بدعوى وجود ميزة تفضيلية لأندونيسيا في هذه الصناعة متمثلة في انتاج بطارياتها المعتمدة على النيكل المحلي، وذلك مقارنة بدول الغرب التي لا يزال فيها تصنيع السيارات الكهربائية ومكوناتها أكثر تكلفة من من السيارات التقليدية. وأحد المآخذ هو أن السوق المحلي محدود وغير قادر على تصريف المنتج من هذه السيارات، وأن التصدير إلى الأسواق الأوروبية ليس بالأمر السهل وتقف دونه عقبات كثيرة. ومن هنا اقترح بعض الخبراء على حكومة جاكرتا أن تركز في الوقت الحالي على صناعة الدراجات الكهربائية على اعتبار أن تصنيعها أسهل وأسعارها بيعها أقل، ناهيك عن سهولة تصريفها في السوق محلي.



د. عبدالله المدني

* أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: فبراير 2024م



الجمعة، 1 مارس 2024

مجزرة "الطحين" فشل عسكري وأهداف سياسية


بقلم :- راسم عبيدات


مجزرة " الطحين" التي ارتكبها جيش الإحتلال أمس الخميس 29/2/2024 على شارع الرشيد "دوار النابلسي " في قطاع غزة،والتي راح ضحيتها ما لا يقل عن الف شهيد ومصاب من الفلسطينيين،الذين أنهكم الحصار والجوع، لكي يحصلوا على  كميات من الطحين من شاحنات المساعدة ،ويسدوا به رمق جوعهم وجوع أطفالهم،ولكن ألة الحرب" الإسرائيلي" استكثرت عليهم ذلك،وقصفتهم بوابل نيرانها لتحصد أرواحهم بين شهيد وجريح،ولكي تطلق " اسرائيل" تبريراتها وذرائعها لتلك المجزرة،بالقول بأنها كانت نتيجة التدافع الكبير حول الشاحنات من قبل المواطنين،وأن جيشها اطلق النار في الهواء،من أجل تفريق المواطنين،ولكن بقدرة قادر سقط الف شهيد وجريح..؟؟.

المهم هذه المجزرة الرهيبة والتي لقيت ردود فعل منددة ومُدينة لها،شملت الدول الأوروبية،ودفعت بالرئيس الكولومبي "غوستافو بيدرو لوقف استيراد السلاح بشكل مطلق من " اسرائيل" والمطالبة بقطع كامل العلاقات مع رئيس وزرائها نتنياهو،وموقف الرئيس الكولومبي وحملة الإدانة والتنديد العربية والإقليمية والدولية،ومطالبة الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، قابلها موقف أمريكي حامي ل"اسرائيل" كالعادة من قرارات قد تتخذ في مجلس الأمن الدولي،تدين جرائمها ومجازرها وتحملها المسؤولية عن ذلك،كيف لا وهي صاحبة مشروع الحرب على قطاع غزة،ومن يقودها عسكرياً وأمنياً،تحت ما يعرف بالأمن القومي الأمريكي،ولذلك هي منعت صدور بيان رئاسي من مجلس الأمن الدولي،يعبر عن قلقه من هذه المجزرة الرهيبة،ويحمل " اسرائيل" المسؤولية عنها،حيث دعت الجزائر على خلفية تلك المجزرة لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي.

وصدور مثل هذا البيان الرئاسي يحتاج الى إجماع دولي،ولكن هذا الإجماع الدولي لم يتحقق،فنال المشروع الجزائري 14 صوتاً وعارضته أمريكا.

من الهام القول بأن هذه المجزرة ،اتت في ظل عدوان " اسرائيلي" مستمر ومتواصل على كامل قطاع غزة في يومه السابع والأربعين بعد المائة،دون تحقيق أي من اهدافه الإستراتيجية ، عسكرية وميدانية بنصر أو صورة نصر بالقضاء على المقاومة الفلسطينية وفي قلبها حماس وإستعادة الأسرى جنود ومدنيين بدون مفاوضات مع المقاومة الفلسطينية،وهذا يقول بشكل واضح،ليس كما يردد نتنياهو بانه بات قريب من القضاء على حماس والوصول الى قادة المقاومة وقتلهم او اسرهم،واستعادة الأسرى بدون مفاوضات مع المقاومة،والتي كسرتها المقاومة الفلسطينية في المرحلة الأولى من العدوان.

وسائل الإعلام "الإسرائيلية " من صحيفتي " هارتس" و" يديعوت احرنوت" العبريتين،ومحلل الشؤون الإستخبارية والأمنية في جريدة " يديعوت أحرونوت" رونين بيرمان،قال بأن ما يتحدث عنه نتنياهو بما يعرف ب" النصر المطلق"،مجرد كذب وأوهام،فلا اسرى سيعودن بدون تفاوض ولا قضاء على حماس سيتحقق،ووجهة النظر هذه عبر عنها روؤساء وزراء وقادة اركان "اسرائيليين" سابقين يهود بارك ويهود اولمرت ودان حلوتس وغيرهم من القادة "الإسرائيليين".

هذه المجزرة تزامنت مع إنسحاب جيش الإحتلال من حي الزيتون،بعد عمليات عسكرية شرسة استمرت احد عشر يوماً،دون ان يتمكن جيش الإحتلال من تحقيق اهداف العدوان،او أن يحرز تقدماً يبنى عليه،وأن حدة الإشتباكات وشراستها التي جرت مع قوى المقاومة، قالت بعكس ما قاله نتنياهو، بأن المقاومة ليست قريبة من الإنهيار، بل هي ما زالت قوية وقادرة  على الصمود والمقاومة وإيقاع المزيد من الخسائر في صفوف جيش الإحتلال جنوداً وضباط ومعدات وأليات عسكرية.

بعد قمة باريس الأمنية الثانية، شنت " اسرائيل" ومعها أمريكا والعديد من الفضائيات العربية الملتحقة بالركب الأمريكي – "الإسرائيلي" ،حملة اعلامية ونفسية شرسة ومركزة على قوى المقاومة الفلسطينية، بإشاعة الوهم عن تقدم في مفاوضات تبادل الأسرى،وبأن هدنة لوقف إطلاق النار باتت قريبة وفي متناول اليد ،والهدف من تلك الحملة، بأن تنجح أمريكا و"اسرائيل" ومعها العديد من دول النظام الرسمي العربي الوظيفي ، في التأثر على مواقف المقاومة من وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى، لجهة خفض سقوفها وشروطها للهدنة وصفقة تبادل الأسرى،أي أن ينجحوا عبر المكائد السياسية في تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه في الميدان،وليأتي الرد من قبل المقاومة الفلسطينية،وعلى لسان العديد من قادتها،وفي المقدمة منهم اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد،بأن المقاومة أبدت مرونة في شروط التفاوض،ولكن دون التنازل عن ثوابتها في وقف إطلاق النار والإنسحاب "الإسرائيلي" الكامل من القطاع.

بعد هذا الفشل لجأت هذه الأطراف الى طريقة مجربة في العراق وسوريا ولبنان،بتشديد الحصار والتجويع والخنق الكلي لكل مصادر العيش لسكان القطاع،بمنع وتقنين دخول المساعدات الإنسانية،وخاصة للمناطق الشمالية من القطاع،وتخيير المواطن الغزي ما بين الموت جوعاً او عبر الأوبئة والأمراض او الموت عبر القصف والغارات.

قد نفهم بأن نتنياهو يضع العصي في الدواليب،ولا يريد ان يكون هناك صفقة تبادل،ولا تشكل له او لبن غفير وسموتريتش حياة الأسرى "الإسرائيليين" أولوية،وهو يعرقل عقد هذه الصفقة،ويستمر بالتلويح بالحرب الشاملة على رفح،لتحقيق ما يسميه ب" النصر المطلق"،وتوسيع الحرب لتشمل الجبهة الشمالية،والحقيقة أن ما يريده عدم تحقيق هذه الصفقة، لأنها قد تفجر حكومته من الداخل، بإنسحاب بن غفير وسموتريتش منها،وبما يتسبب بمحاكمته وسجنه وغيابه الكلي عن المشهد السياسي ...ومن غير المفهوم،أن " اسرائيل" بحاجة لمسار تفاوضي مستمر، وان لم يصل الى نتائج،ولكنه "يفرمل" من تصاعد الأوضاع ضد جرائم الإحتلال دولياً،مسار محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية،ومسار  حلول شهر رمضان،وما قد يترتب على ذلك من وضع قيود على المصلين في شهر رمضان المبارك، من تفجر للأوضاع في القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني- 48- .

ولكن ثمة هناك دوافع واهداف سياسية تقف خلف مثل هذه المجزرة،ولعل في مقدمتها دفع المقاومة الفلسطينية لوقف او تعلق مسار التفاوض بشأن صفقة تبادل الأسرى،أو ممارسة الضغوط على المقاومة ،لجهة تخفيض الشروط والسقوف لمطالب التهدئة وصفقة تبادل الأسرى،أو دفع الحاضنة الشعبية، تحت طائلة الجوع والحصار والأمراض والأوبئة والقصف المتواصل لتغيير نهجها وخياراتها ومواقفها من المقاومة،وهذا العامل اختبر وجاء بنتائج عكسية.

وثمة احتمال أخر،انه بفشل الأهداف العسكرية لهذا العدوان،قد يجري استدراج تدخل دولي لوقف إطلاق النار،كما حصل في لبنان عام 1996،عندما فشلت حملة ما يعرف ب"عناقيد الغضب" بوقف استمرار إطلاق صواريخ حزب الله على مستوطنات الشمال،حيث جرى إرتكاب مجزرة " قانا" اللبنانية،ليفتح الطريق أمام وقف الحرب ،عبر بنود تفاهمات نيسان 1996 ،والتي كان من الصعب ترويجها بدون الربط بينها وبين تلك المجزرة والضغط الدولي لوقف تلك الحرب.

جريدة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية،تقول بأن الرئيس الأمريكي بايدن يعمل من أجل الوصول لتهدئة وصفقة تبادل قبل شهر رمضان المبارك،واذا ما شعر بأن نتنياهو يعرقل عقد الصفقة والقبول بالتهدئة، فإن الخلافات بينه وبين نتنياهو ستتصاعد،وسيسمع كلام أشد من بايدن،لأن  صفقة تبادل أسرى هي خطوة أولى ضرورية في خطة أكبر، هدفها تغيير وجه الشرق الأوسط، وتشمل تسوية مع لبنان بوساطة مبعوث بايدن إلى الشرق الأوسط، عاموس هوكشتاين، وتطبيع علاقات بين إسرائيل والسعودية، وبداية إعادة إعمار قطاع غزة وضلوع معين للسلطة الفلسطينية، واستمرار المسار نحو دولة فلسطينية.