ألقت رئيسة "حزب الديموقراطيون الأحرار" السيّدة ترايسي داني شمعون محاضرة" بعنوان"بين المنظور والغير منظور: دور المرأة في زمن الحرب والسلم في لبنان"
إستهلّت الرئيسة ترايسي المحاضرة بالحديث عن الوضع الأمني والسياسي الّذي يشهده لبنان في الآونة الأخيرة والنكسات الهائلة الّتي حلّت به على الصعيدين الأمني والسياسي، بما في ذلك إلغاء الإنتخابات البرلمانية الديموقراطية مرتين متتاليتين وفشل محاولات انتخاب رئيس للبلاد وذلك لمدّة تزيد عن سنة. وأشارت أنّ هذا الغموض السياسي إنعكس بدوره سلبا" على الحالة الأمنية وخاصة" في ظل الحرب في سوريا والآن في العراق ممّا أدّى، حسبما قالت، إلى ارتفاع غير مسبوق للإرهاب المحلي..
وأضافت أنّه في هذه الأجواء الغير مستقرة، تود أن تسلّط الضوء عن مدى تأثير ذلك عليها شخصيا" وعلى كل إمرأة ترغب أن تدخل المعترك السياسي اللبناني في الوقت الحالي، وعمّا كانت عليه كامرأة إبّان الحرب الأهلية الطويلة الّتي دامت 18 سنة..
ومن ثمّ تساءلت ما إذا كانت حياتها ووضعها كامرأة قد يكون مختلفا" جدا" عما هي عليه الآن لو كانت قد ولدت رجلا" في خلال الحرب الأهلية اللبنانية أوالاّن كشخصية سياسية لبنانيّة. وقالت أنّها تعتقد أنّ حياتها قد تكون مختلفة جدا" عمّا هي عليه الآن لو كانت رجلا" لأنّها إذا كانت رجلا" من المرجّح أن تكون قد شاركت في الحرب واستشهدت شأنها شأن الكثير من رفقائها المحاربين. وأضافت أنّه حتى لو نجت وبقيت على قيد الحياة في حقبة العنف الشديد تلك، لكانت على الأرجح قد استشهدت في مجزرة 21 أكتوبر 1990عندما اغتيل والدها وأخواها طارق البالغ من العمر سبع سنوات وجوليان خمس سنوات، لأنّ الهدف من هذه المجزرة، حسبما قالت، كان القضاء على جميع الورثة السياسيين الذكور. ثمّ أضافت أنّه لو نجت لكانت على الأرجح الآن في سدّة المسؤولية للمحافظة على إرث الشمعونيين وإكمال مسيرتهم.
وتكلّمت رئيسة "حزب الديموقراطيون الأحرار" عن وضع المرأة في الشرق الأوسط في ظلّ قيام ما يسمّى بالدولة الأسلاميّة في بلاد العراق والشام ووسط التطرّف الديني، ووصفت الحقبة بالقاتمة وخاصة" بالنسبة للمرأة. ووصفت المرأة بالضحيّة الصامتة الّتي تعاني من أعمال وتصرّفات الذكور، وذكرت على سبيل المثال المرأة التي تعاني لفقدان إبنها أو والدها أو أخيها، وذكرت بانّ النساء غالبا" ما يشعرن بأنّ ليس بيدهنّ حيلة ولا أحد يكترث لهنّ.
وأضافت السيّدة شمعون أنّه لا أحد يكترث للمرأة أو يعيرها انتباها" أثناء الحروب فتعامل وكأنّها غير مرئية للعيان والضرر الّذي يلحقها يعتبر ضرر عرضي أو هامشي. وبالرغم من أنّ حفنة قليلة من النساء تعطى منبرا" لإحلال الأمن فإنه في الغالب لا يكون لهنّ أي دور في صنع القرارات. وكلما اشتدّ الوضع خطورة" كلّما إنخفضت مشاركة المرأة.
ونوّهت رئيسة الحزب بأنّ الوضع الأمني في لبنان في الوقت الحاضر هو أشد خطورة ممّا سينعكس سلبا" على إشراك المرأة في السياسة وهذا بالرغم من التقدّم الخجول المحرزفي 2013 حيث أعلنت 45 إمرأة ترشيحها للإنتخابات النيابية مقارنة" ب 12 إمرأة في عام 2004. ووضّحت أنّ مشاركة النساء في الحياة السياسيّة له وضعه الخاص في لبنان لأنّ طبيعة وميّزات المجتمع اللبناني تشهد شدّ حبال بين الإمتثال للوضع الحالي والتحرّر منه.
وأوضحت أنّ الأنظمة والقوانين المتعلّقة بالمرأة في لبنان تقع ضمن قانون العائلة وينظر بها في المحاكم الشرعيّة وتخضع لرحمة التفسيرات الدينيّة، وأضافت أنّه بالرغم من أنّ المادّة السابعة تنصّ على المساواة في الحقوق والواجبات بين كافة المواطنين، إلا أنّ الدستور يولي حقّ النظر بالقضايا المتعلّقة بالزواج والطلاق والإرث وحضانة الأطفال والإعالة الى المحاكم الشرعيّة على اختلافها. وقالت أنّه كل الديانات لديها محاكم شرعيّة مستقلّة عن الدولة أو عن المحاكم المدنيّة ممّا يؤدي الى إلغاء القوانين اللبنانية الّتي تحمي كل أفراد المجتمع ويجعل من الصعب بمكان تعديل القانون في المسائل المتعلّقة بالمرأة بطريقة تجعلها موحّدة.
ومن ثمّ انتقلت رئيسة الحزب الى الحديث عن الكيان العائلي في لبنان والدور الأساسي الّذي يلعبه في تحديد دور المرأة في السياسة والمجتمع، وشدّدت أنّ الأطياف السياسيّة التي تشمل الأقارب والمناصرين تركّز على الولاء الى العائلة والوفاء الشخصي للقائد أوكما سمّته الزعيم وتعتبر هذه الأطياف إبن القائد الوريث الطبيعي لمركز والده السياسي ولإجتماعي والقيادي من خلال إنتقال السلطة من جيل الى جيل.
وناقشت السيّدة ترايسي شمعون الدورالذي تلعبه المرأة في السياسة أو الّذي يمكنها أن تلعبه في لبنان اليوم، وقالت أنّ وضع المرأة أشبه بوضع أيّ شخص لا تنطبق عليه صفة "الولد البكر" أي نجل قائد أو زعيم سياسي في لبنان، حيث يكون هؤلاء تحت رحمة قائد لبناني يعطيهم فرصة لأن يكونوا على لائحته الإنتخابيّة ويؤمّن لهم بذلك حظوظ النجاح في الإنتخابات. وأضافت أنّه لا يوجد في الأفق القريب أي مشروع قانون جديد يؤمّن تمثيل عادل ممّا يجعل نسبة حظوظ القادمين الجدد والنساء قليلة أو شبه معدومة.
ومن ثمّ تكلّمت عن إنتمائها الى عائلة سياسية وكيف هذا الإنتماء ساعدها في التقدّم في المجال السياسي وسمح لها أن تجتاز عقبة كونها إمرأة. ولكنّها قالت انّه مع أنّها تقدّر هذا الشيء إلا أنّها لا تتفهّم نظام يتقبّل النساء لمجرّد أنهنّ صورة طبق الأصل أو نسخة عن أقاربهنّ الذكور. ودعت الى وجوب النظر الى المرأة كشخص بحدّ ذاته ويجب أن تقبل وتقدّر لفكرها وقدراتها ومهاراتها ولا لمجرّد إنتمائها العائلي السياسي.
وأثنت رئيسة "حزب الديموقاطيون الأحرار" على جهود جدّها الرئيس الراحل كميل شمعون الّذي كان أوّل من أعطى المرأة حقّ التصويت، ودعت الى إحلال المساواة بين المرأة والرجل والى التمثيل العادل للمرأة في الحكومة والبرلمان وذلك عبر إحلال الديموقراطية الحقيقيّة أوّلا" ومن خلال التالي:
1- حماية البرلمان من التمديد الذاتي عبر إسترجاع سلطة وصلاحية رئيس الجمهوريّة في حلّ البرلمان لمنع التمديد والّتي كان قد خسرها بعد إتّفاق الطائف.
2- إعتماد قانون إنتخابات مبنيّ على التمثيل النسبي في المحافظات الكبرى ممّا قد يساعد الأشخاص الجدد من إختراق المعترك السياسي الّذي هو الآن مقفول في وجههم.
3- فرض مشاركة النساء من خلال فرض نظام النسبة الإنتقاليّة والتأكّد من الإشراك العادل للنساء في الإنتخابات لتعزيز فرص التصويت لهنّ.
4-تشجيع النساء على الإنضمام للجيش وقوى الأمن الداخلي والتأكّد من فرص ترقيتهنّ بشكل عادل.
وقالت السيّدة شمعون أنّها منذ أن فتحت عينيها على الدنيا وجدت نفسها في بيئة سياسيّة بامتياز وذكرت كيف فقدت عائلتها كلها على مذبح الوطن وقالت أنّها تعتبر نفسها من الجيل اللبناني الثالث وأنّه حان الوقت لجمهوريّة ثالثة تعكس هموم وشجون الوطن والمواطن وتمثّل تغييرا" جذريا" من خلال إعتماد نوع آخر من القيادة، نوع يتحمّل المسؤوليّة ويتأكّد من إحلال المساواة في التمثيل والشفافيّة في المنهج. ودعت الى بناء حكومة تسعى الى تقديم الخدمات للمواطنين وتهدف للنمو المستديم. ودعت الى تفعيل دور المرأة ومسؤولياتها الإجتماعيّة وتعزيزالمساواة عبر إشراك النساء بصورة متساوية في صنع القرارات الأمنيّة والمحليّة والخارجيّة.
وختمت مشيدة" بالمنتدى وبأهميّته في نشرالتوعية وتسليط الضوء على وضع المرأة والعوائق الّتي تحول دون تبوّئها المراكز القياديّة وخاصة" أنّ المساواة وتكافؤ الفرص تعتبر حجر الزاوية لبناء مجتمع عادل وناصف.
تانيا باولي بوعاصي
أمينة الإعلام
مفوضية الديمقراطيون الأحرار - أستراليا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق