وجّهت عمدة الداخلية في الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يرأسه الوزير علي قانصو دعوة إلى الأمناء وأعضاء المجلس القومي لحضور اجتماع المجلس المقرر عقده في مركز الروشة بتاريخ 30 تموز 2017، وفي حال عدم اكتمال النصاب يُعتبر المجلس منعقداً حكماً بمن حضر في 6 آب 2017.
وأرفقت الدعوة إلى الاجتماع ببرنامج عمل من نقطتين:
أولاً، مناقشة تقريري رئيس الحزب (علي قانصو) ورئيس المجلس الأعلى (محمود عبد الخالق).
ثانياً، تقديم الاقتراحات حول أوضاع الحزب العامة خطياً إلى المجلس الأعلى.
من حيث المبدأ، يشكل انعقاد المجلس القومي دورياً مناسبة طبيعية لمناقشة عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية خلال الفترة الفاصلة بين المؤتمر القومي العام 2016 الذي أنجب هاتين السلطتين وبين اللحظة الراهنة. ومن الطبيعي أيضاً أن يوفر مثل هذا الاجتماع فرصة لتدارس أوضاع الأمة ولطرح مشاريع عملية تعزز الوجود القومي الاجتماعي على المستوى الشعبي، وتعدّ الحزب لمواجهة التحديات المصيرية المقبلة.
لكننا ندرك جميعاً أن ما يجري في المؤسسات الثلاث التي تحمل اسم الحزب السوري القومي الاجتماعي هو غير مبدأي وغير طبيعي، كي لا نقول أكثر من ذلك.
إذا تناسينا مؤقتاً العشرات ممن منحوا رتبة الأمانة خلال الأشهر الماضية بهدف تعزيز موازين القوى الداخلية في الحزب السوري القومي الاجتماعي (قانصو)، فإن المجلس القومي المنعقد سنة 2016 هو الذي أنجب مجلساً أعلى باشر مسؤولياته بارتكاب جريمة موصوفة من خلال تعديل الدستور مفصلاً على قياس الرئيس السابق النائب أسعد حردان بحيث يبقى في موقع الرئاسة لفترة ثالثة
متتابعة. وعندما أصدرت المحكمة الحزبية الموقرة حكمها بإلغاء ذلك التعديل المعيب، كان هذا المجلس الأعلى هو الذي أقال عضوي المحكمة ما دفع رئيس المحكمة إلى تقديم استقالته احتجاجاً مع الإصرار الشديد عليها. واستكمل المجلس الأعلى خطته بتعيين بدلاء متناغمين مع مراكز القوى داخل الحزب.
حتى رئيس الحزب الوزير علي قانصو الذي انتخبه هذا المجلس الأعلى بعد سقوط خطة التعديل الدستوري، لم يتردد في خرق النظام الحزبي الذي يمنع الجمع بين مسؤولية رئاسة الحزب من جهة وأي منصب حكومي من جهة أخرى، والذي يحصر بالمجلس الأعلى وحده حق تسمية الأعضاء للمناصب الحكومية. وأدى تشبث قانصو بمنصبيه إلى تلك الأزمة الحزبية التي لاكتها الأقلام الإعلامية خلال الأشهر الماضية. وقد وصلت تلك الأزمة إلى حد استقالة عدد من أعضاء المجلس الأعلى والردفاء بحيث بات النصاب القانوني مفقوداً... مما عطل عمل السلطة التشريعية بالكامل لفترة غير قليلة.
غير أن سياسة المصالح الخاصة والتسويات الفردية أبقت عدداً من الأعضاء المستقيلين "قدماً في الفلاحة وقدماً في البور"، مما ساعد السلطة التنفيذية ـ بدعم من غالبية أعضاء المجلس الأعلى القابلين أو الصامتين عن كل الارتكابات المناقبية والنظامية ـ على تمرير سلسلة من الإجراءات لعل أخطرها على الإطلاق: ما يتعلق بـ "تأديب" المحكمة الحزبية التي عرقلت الخروقات الدستورية، وكذلك منح رتبة الأمانة لعدد من الأتباع والمريدين، وأخيراً الدعوة إلى المجلس القومي بهدف التخلص نهائياً من "المشاغبين" في المجلس الأعلى واستكمال السيطرة على ما تبقى من الصف الحزبي... خصوصاً أولئك الذين ما زالوا أسرى الفهم الخاطئ لمعنى الالتزام بنظام الشكل!
على القوميين الاجتماعيين الاعتراف المؤلم بالواقع المر للحزب السوري القومي الاجتماعي (قانصو):
1 ـ السلطة التنفيذية ساقطة دستورياً، بقدر ما هي ساقطة مناقبياً وسياسياً.
2 ـ المجلس الأعلى فقد مصداقيته بارتكابه سلسلة من الجرائم الحزبية بدءاً من تعديل الدستور، إلى إعادة انتخاب حردان، ثم انتخاب قانصو، ثم عجزه عن إجبار هذا الأخير على التخلي عن الوزارة أو إقالته من رئاسة الحزب.
3 ـ لجنة منح رتبة الأمانة خسرت الشرعية الأخلاقية بعد إقدامها على توزيع الرتب بالجملة والمفرق.
4 ـ المجلس القومي، حتى قبل انضمام الدفعة الجديدة من الأمناء إلى صفوفه المكتظة، فقد مصداقيته أيضاً بانتخابه ذلك المجلس الأعلى.
هذا الواقع يجعل من "مناقشة تقرير رئيس الحزب ورئيس المجلس الأعلى"، كما جاء في نص الدعوة إلى المجلس القومي، عملاً منافقاً إلى أبعد الحدود. فـ"الرئيسان" منتحلا صفة وفق المعايير القومية الاجتماعية، يشاركهما في ذلك مَنْ يمسك بمفاتيح السلطة الأمنية والسياسية والمالية في الحزب. وهما مسؤولان مباشرة عن سلسلة من الانتهاكات الدستورية والمناقبية. ولن يكون "تقرير" كل منهما أمام الأمناء والمندوبين إلا بمثابة صفعة احتقار في وجه كل من يشارك في اجتماع المجلس القومي، يستوي في ذلك الجاهلون بحجم الجريمة المرتكبة بحق الحزب، أو القابلون بعامل النظام فقط، أو القانعون بأن السكوت عن هذه المفاسد هو مفتاح جنان المصالح الفردية والطموحات الشخصية.
حزب النهضة القومية الشاملة، حزب الغايات السامية، الحزب الذي تحتاجه الأمة الآن أكثر من أي وقت مضى... هذا الحزب أدخله بعضهم في دوامة الانحدار نحو الانحطاط والفردية والاستزلام والمصالح الشخصية.
هذه دعوة مباشرة إلى مقاطعة اجتماع المجلس القومي. وهي في الوقت نفسه دعوة إلى عمل تأسيسي ينطلق من العقيدة القومية الاجتماعية بأقانيمها المتلازمة: المبادئ والدستور والمناقب.
إنها لحظة التجلي... إنها لحظة الخيار بين نهضة العز ونهضة الذل!
مفوضية سيدني المستقلة
مع تحيات موسى مرعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق