هدى شديد- نيويورك المصدر: "النهار"
يطل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من منبر الامم المتحدة في كلمة باسم كل لبنان، وفيها سيؤكد امام الجمعية العمومية ثوابت الموقف اللبناني من كل القضايا الدولية والإقليمية ولاسيما ما يتعلق منها بلبنان، وابرزها قضية النزوح السوري وضرورة العمل على عودتهم الامنة الى مناطق مستقرة في سوريا.
رئيس الجمهورية لن يكون في موقع الرد على كلام الرئيس الاميركي دونالد ترامب ولا في موقع المساجلة في قضايا تعني لبنان ولديه مواقفه الثابتة منها. وحتى وان اعتبر مجرد اعلان هذه الثوابت من على المنبر نفسه الذي أطلّ به الرئيس الاميركي بمثابة رد غير مباشر على كل ما يقال او يخطط وله علاقة بلبنان، فوفق مصادر الوفد اللبناني، ان الخطوط العريضة لكلمة الرئيس عون لن تتغيّر لا بل هي تأكيد على ثوابت يجمع عليها اللبنانيون أياً كانت التوجهات او المخططات الخارجية. وهو سبق ووصف التوطين بالجريمة ولم ينتظر حتى الان ليعلن رفض لبنان القاطع لمشروع من هذا النوع.
وفِي كلمته باسم لبنان، ستحضر كل الملفات والثوابت الوطنية وقد تكون بمثابة اجابات لبنانية على كل النقاط المثارة ومنها ما قاله الرئيس ترامب. ففي الكلمة اطار خصص للكلام عن النازحين السوريين واطار آخر للكلام عن اللاجئين الفلسطينيين ، من دون ان يكون ذلك رداً على ترامب بقدر ما هو موقف ثابت للبنان ولم ولن يتغير. كذلك سيؤكد الرئيس عون على وحدة الموقف الداخلي وعلى حماية التنوع السياسي والطائفي كأولوية حمت لبنان من كل الهزات التي تعرض لها خلال السنوات الاخيرة، ومنعت الاقتتال الداخلي في بلد تحوطه الحرائق والنزاعات. وانطلاقاً من هذه التركيبة اللبنانية الفريدة والمتميّزة سيطلب الرئيس عون جعل لبنان مركزاً دولياً لحوار الحضارات والثقافات والأديان.
رئيس الجمهورية لم يشارك في حفل الاستقبال الذي أقامه الرئيس الاميركي دونالد ترامب لرؤساء الدول والوفود المشاركة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. هل هو غاب او تغيّب عن لقاء كان يفترض ان يشهد اول مصافحة بين الرئيسين؟ لا يبدو في ذلك أي فرق. فقد علم من مصادر الوفد انه لم يكن متحمساً في الاساس للمشاركة ،وربما يكون مضمون كلمة ترامب شكل دافعاً اضافياً لعدم الحضور.
واذا كان ترامب فضّل مصلحة بلده على غيرها، كذلك فضل الرئيس عون بدلاً من الذهاب للقائه، الذهاب الى لقاء مع الجالية اللبنانية نظمه رئيس بعثة لبنان الدائمة في الامم المتحدة السفير نواف سلام، وشارك فيه لبنانيون وأميركيون من اصل لبناني من مختلف الولايات الاميركية وحضره: وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، مستشار رئيس الجمهورية للعلاقات الدولية الوزير السابق الياس بو صعب،اضافة الى السفير سلام وعقيلته السفيرة سحر بعاصيري، والسفير اللبناني المعيّن في واشنطن غابي عيسى، والقائمة بأعمال السفارة اللبنانية في واشنطن السفيرة كارلا جزار، وقنصل لبنان في نيويورك مجدي رمضان، والمرشحة اللبنانية لمنصب المديرة العامة التنفيذية للاونيسكو السيدة فيرا خوري لاكويه.
الرئيس عون عبّر عن "سروره لتواجده مع ابناء الجالية اللبنانية في نيويورك، وانهم كما المغتربين اللبنانيين في كل انحاء العالم، محط اهتمامه وان الزيارات التي يقوم بها او تلك التي يقوم بها وزير الخارجية والمغتربين، غايتها الاستماع الى اللبناني اينما وجد، وان يشعر ان الدولة ليست بعيدة عنه وهي تهتم به وتعزز ارتباطه بوطنه الام".
وشدد رئيس الجمهورية على "ان لبنان تمكن من تخطي الصعوبات والمشاكل والهزات التي تعرض لها والمنطقة وهي تعتبر الأعنف منذ الحرب العالمية، وذلك بفضل وعي اللبنانيين وادراكهم ان الاختلاف في السياسة مهما كان قاسياً، لا يجب ان يفسد الوحدة الوطنية وهذا ما تجسد من خلال حصر الخلاف بالسياسة فقط وعدم اتساعه ليتحول الى مواجهات امنية، والعمل معاً لما فيه مصلحة لبنان وتطوره وازدهاره".
ودعا الرئيس عون أبناء الجالية في نيويورك الى "زيارة لبنان خلال العطل السنوية وكلما سنحت لهم الفرصة، ليحتفلوا مع اهلهم واصدقائهم واحبائهم بعودة البلد الى عافيته بشكل تدريجي".
أما السفير سلام فعبّر عن فرح نيويورك "باستقبال رئيس لبنان للمشاركة في اعمال الجمعية العامة بعد ثلاث سنوات من الغياب الرئاسي. وقال ان تواجد ابناء الجالية في نيويورك ومنهم من قدم من ولايات اخرى، انما هو للتعبير عن مدى الفرحة بحضور رئيس الجمهورية ودلالات هذا الحضور لجهة تعافي لبنان بعد الانتخابات الرئاسية".
ولفت الى "الفرحة التي تغمر المغتربين اللبنانيين برئيسهم من جهة، وبممارستهم حقهم في الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة، آملاً ان يتم تخصيص مقاعد لهم في الدورات اللاحقة".
"تاسك فورس فور ليبانون"
رئيس الجمهورية كان التقى في مقر اقامته، وفد "تاسك فورس فور ليبانون" برئاسة ادوارد غبريال، وحضور أعضاء الوفد اللبناني والقائمة بأعمال السفارة اللبنانية في واشنطن كارلا جزار. وجرى خلال اللقاء التركيز على العلاقات اللبنانية- الأميركية ودور الوفد في تعزيزها وتفعيلها في مختلف المجالات، كما اشاد اعضاء بالوفد بالانجاز العسكري الذي قام به الجيش اللبناني ونجاح عملية "فجر الجرود" ووقعها الايجابي على العاملين في المجال السياسي في الولايات المتحدة.
وأمامهم دعا الرئيس الى التواصل معه من اجل تعزيز العلاقات اللبنانية- الاميركية، شاكراً الجهود التي يبذلها "تاسك فورس فور ليبانون" من اجل ايصال الرأي اللبناني الى الادارة الاميركية والحديث مع المسؤولين الاميركيين الرسميين والسياسيين لما فيه مصلحة لبنان. ولفت الرئيس عون الى ان الجيش اللبناني قادر على الوقوف في وجه الارهاب والارهابيين، وان المساعدات التي تصله تعتبر اساسية ليتمكن من القيام بمهامه كاملة امام عدو صعب ومتمرس نجح في زرع الخوف والقتل في كل انحاء العالم.
وطمأن الرئيس عون اعضاء الوفد الذين سألوه عن الوضع في لبنان، بأن الامور تسير على السكة الصحيحة، وانه عازم على اكمال مسيرة الاصلاح ومكافحة الفساد، مشيراً الى انه لا يمكن القضاء على الفساد خلال تسعة اشهر فقط، الا انه يمكن اعادة لبنان الى سابق عهده، وان اموراً كثيرة قد تحققت بالفعل ولا يمكن الاستهانة بها، ولو انها تبقى قليلة نسبة الى العمل الكبير الذي يجب القيام به.
ونبّه الرئيس عون من جهة ثانية، من الخطر الاسرائيلي الذي لا يزال جاثماً وتربص اسرائيل بلبنان، واستمرارها في انتهاك سيادته من خلال الخروقات اليومية لاجوائه وللقرارات الدولية، لافتاً الى ان المجتمع الدولي لم يتمكن من الزامها التقيد بالقرارات المتخذة، ولا حتى بالحلول الدولية المطروحة لارساء السلام في المنطقة".
امين عام منظمة التعاون الاسلامي
الى ذلك، التقى الرئيس عون في مقر إقامته ايضاً امين عام منظمة التعاون الاسلامي الدكتور يوسف العثيمين مع وفد من اعضاء المنظمة.
وتطرق اللقاء الى القضايا ذات الاهتمام المشترك ولاسيما المتعلقة منها بالاوضاع في المنطقة وتطوراتها والتحديات في مواجهة التطرف والارهاب.
وهنأ العثيمين في مستهل اللقاء الرئيس عون على الانتصار الذي حققه لبنان ضد المنظمات الارهابية، مشددا على الدور المميز الذي يلعبه في المنطقة في التصدي لآفة التطرف نتيجة تركيبته الفريدة والتعايش الاسلامي-المسيحي الذي يجمع بين افراده. واكد العثيمين دعم المنظمة للبنان في سعيه ليكون مركزا دوليا لحوار الاديان والحضارات، مشددا على وضع كل امكاناتها في سبيل تحقيق هذه الفكرة.
بدوره، رحب الرئيس عون بالوفد واكد على اهمية عمل المنظمة في محاربة الارهاب والتطرف وفي ايصال الصورة الحقيقية للاسلام بما يمثله من اعتدال وانفتاح على الاخر.
ورأى ان التطرف مرض خبيث يهدد المنطقة بمجملها ولكن العالم اجمع بدأ يعي لمدى خطورته ما يتطلب تضافر الجهود لمحاربته والقضاء عليه.
تصريح العثيمين
وبعد اللقاء تحدث العثيمين الى الاعلاميين فعّبر عن سعادته بلقاء الرئيس عون وقال: "جئت الى هنا لأستمع الى آراء فخامته وتوجيهاته في جملة من القضايا الدولية، وتم التركيز على ايضاح موقف المنظمة من بعض المسائل الدولية وخصوصاً قضية ميانمار وما حصل مؤخراً من تهجير لمجموعة كبيرة من المسلمين الى بنغلادش، وأبدى فخامته تعاطفه مع كل قضايا النازحين والهجرة، بما في ذلك ما يعانيه لبنان والاردن من وجود اعداد كبيرة منهم وما يسببه من ضغط على الخدمات والبنى التحتية، لاسيما وان لبنان بلد صغير واصبح ذات كثافة سكانية عالية."
اضاف:"استمعت ايضاً الى آراء فخامته في ما يتعلق بظاهرة الاسلاموفوبيا والمشاعر ضد المسلمين في اوروبا وكيف تتسلل الافكار المنحرفة والمتطرفة الى عقول الشباب عبر الانترنت، وكان تعليق فخامته في هذه المسألة في منتهى الكياسة، عندما اشار الرئيس عون الى أن مثل هذه الامور التي تحدث عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لم تؤثر على النسيج الاجتماعي والثقافي في لبنان. فهذا يدل على تماسك المجتمع وأن الاعتدال هو الاصل في لبنان. وفي الحقيقة لقد سعدت كثيراً في تقييمه لمجمل الامور وأنا أتطلع الى الاستماع الى كلمة فخامته غداً في الامم المتحدة."
سئل: هل تطرقتم الى موضوع جعل لبنان مركزاً لحوار الحضارات والاديان؟
أجاب: طبعاً. إن فخامة الرئيس يؤكد في شكل عام على أن كل المشاكل سواء بين الدول او الجماعات لا تحل إلا عبر الحوار. فالله خلقنا مختلفون في الدين والاعراق والاثنيات، ولكن المهم هو الحوار ووجود حد أدنى من التعايش والعيش مع بعضنا البعض."