الأربعاء، 25 مايو 2022

عودة آل ماركوس إلى السلطة في الفلبين

  


كتب د. عبدالله المدنية ـ

كما كان متوقعا، فاز "بونغ بونغ ماركوس"، النجل البكر لديكتاتور الفلبين السابق "فرديناند ماركوس" في الانتخابات الرئاسية الفلبينية التي جرت مؤخرا، محققا فوزا ساحقا على أقرب منافسيه (نائبة الرئيس المنتهية ولايته "ليني روبريدو") بحصوله على أكثر من 30 مليون صوت، أي ضعف الأصوات التي نالته الأخيرة. 

حدث هذا على الرغم من أن ماركوس الإبن تجنب المقابلات الإعلامية ونادرا ما تحدث عن آرائه ومواقفه السياسية وكيفية قيادته للبلاد، باستثناء تركيزه على إعادة الوحدة للبلاد. وهذا يدعونا لطرح سؤال "لماذا اختاره الفلبينيون لقيادتهم؟" وهم يعلمون أنه إبن الديكتاتور الذي حكمهم 20 عاما (من 1965 ــ 1986)، منها 14 عاما بالأحكام العرفية بدعم أمريكي، وشهدوا في عهده أكثر صور الانتهاكات والسجن والتعذيب والقتل خارج منظومة القانون والفساد والنهب قتامة. هل نسوا ثورة الجيش والشعب والكنيسة عام 1986 التي نجحت في إسقاط والده وطرده من البلاد ليعيش ويموت منفيا في هاواي؟ وهل ضعفت ذاكرتهم إلى حد نسيانهم فساد والدته إيميلدا التي حملت معها مليارات الدولارات من المجوهرات وسبائك الذهب والتحف إلى المنفى قبل عودتها منه بعد عامين من وفاة زوجها، علما بأنها مفرج عنها حاليا بكفالة إلى حين النظر في استئناف تقدمت به لإلغاء حكم صدر عام 2018 بسجنها 11 عاما لإخفائها أصولها؟ بل كيف تغاضوا عن حقيقة أن بونغ بونغ نفسه أدين عام 1997 بالتهرب الضريبي، ناهيك عن أنه يواجه قضايا ضريبية جديدة بملايين الدولارات في الفلبين والولايات المتحدة بسبب أملاك والده الضخمة؟


لا يمكن تبسيط الإجابة بالقول أن ذاكرة الشعوب قصيرة أو أن المقترعين صوتوا لبونغ بونغ لأنهم سئموا من الساسة التقليديين الذين فشلوا حتى في توفير أجواء الأمان التي سادت زمن ماركوس الأب. ذلك أن فوز الرجل فوزا كاسحا تقف وراءه عوامل كثيرة أخرى منها أولا وقوف الرئيس المنتهية ولايته "رودريغو ديتيرتي"، بكل ماله من ثقل وشعبية في الأقاليم الجنوبية، خلفه، ما جعل المعجبين والموالين للأخير، يمنحونه أصواتهم، خصوصا وأن دوتيرتي عقد تحالفا استراتيجيا مع ماركوس الإبن بحيث تترشح إبنته المحامية والعمدة السابقة لمدينة دافاو "سارة دوتيرتي ــ كاربيو" على بطاقته الانتخابية كنائبة للرئيس، فكان أن حصدت "بطاقة ماركوس ــ دوتيرتي" أصوات أنصار آل ماركوس في الشمال وأصوات عشيرة دوتيرتي في الجنوب. هذا علما بأن دوتيرتي سعى في وقت من الأوقات إلى ترشيح ابنته للرئاسة خلفا له، وحينما تفاجأ بنزول بونغ بونغ إلى حلبة السباق، شنّ على الأخير حملة شعواء وصفه فيها بالزعيم الضعيف والشقي المدلل، بل حذر الجماهير من "عودة السلالة الماركوسية الفاسدة" إلى قصر مالاكانيان الرئاسي. وفي هذا السياق لا بد من التذكير أن دوتيرتي وصل إلى الحكم عام 2016  بدعم قوي من آل ماركوس، فرد لهم الجميل من خلال الموافقة على إعادة دفن ماركوس الأب في مقبرة الأبطال بمانيلا، من بعد 20 سنة كانت فيها الجثة معروضة داخل صندوق زجاجي في مقابر العائلة.

من العوامل الأخرى التي ساهمت في فوز بونغ بونغ ــ كما تردد ــ ثراء أسرته الذي ساعده في الانفاق ببذخ على حملته الانتخابية وشراء الذمم واستخدام منصات التواصل الاجتماعي بصورة مكثفة لإقناع الناخبين بأفضليته على منافسته الرئيسية "ليني روبريدو". ويمكن أيضا إضافة عاملين مهمين آخرين: أولهما هو اختلاف نوعية المشاركين في هذه الانتخابات عن الانتخابات السابقة، بمعنى أن نسبة كبيرة منهم كانت من فئات الشباب التي لم تعش زمن ديكتاتورية ماركوس الأب وأهوالها ولم تتجرع مرارتها، فكان من السهل اقناعها بأن عهد الأخير كان عصرا ذهبيا عم فيه السلام والإزدهار الاقتصادي. وثانيهما هو اصطفاف العديد من العائلات الفلبينية الثرية خلف بونغ بونغ بغية تفويزه على أمل استعادتها للنفوذ الاقتصادي الذي كانت تتمتع به زمن والده.


هل يا ترى سيقوم ماركوس الإبن، الشبيه بماركوس الأب في سلوكياته وصوته ومشيته وحركة يده، بحكم الفلبين على طريقة والده؟ أم على طريقة سلفه دوتيرتي؟

المتوقع، طالما أنه مدين لدوتيرتي بالفوز، أن يسعى الرئيس الجديد داخليا إلى مواصلة سياسات سلفه لجهة مواصلة الحرب على المخدرات، والاستمرار في برنامج تطوير البنية التحتية والصحية، وتعزيز سياسات المحسوبية، مع تجميد مكافحة الفساد وتحقيقات حقوق الإنسان كحماية لنفسه وعائلته من المساءلة في قضايا قديمة، وأيضا كحماية لسلفه المتهم بالقتل خارج إطار القانون في الحرب على المخدرات. أما خارجيا فيتوقع منه تعزيز علاقات التعاون والشراكة الدفاعية مع واشنطن، رغم استيائه من القضايا المرفوعة ضده في الولايات المتحدة، وذلك إرضاء لجنرالات جيشه ولقسم كبير من الفلبينيين المعجبين بالحضارة الأمريكية. لكن المتوقع أيضا بالتزامن أن يواصل سياسات سلفه في مغازلة بكين من منطلق أنه لا يمكن لإقتصاد الفلبين أن يعمل دون الاستثمارات الصينية والتجارة مع الصين. وبطبيعة الحال فإن الصينيين مستعدون لتقديم الحوافز والمساعدات للرئيس الجديد لتحريره من اي ضغوط أمريكية أو غربية.

والحقيقة أننا لا نبالغ لو قلنا أن بونغ بونغ سيكون واقعا في سياساته الخارجية أمام مأزق! فاعتماده على بكين اقتصاديا يعني عجزه عن تأكيد حقوق الفلبين السيادية في بحر الصين الجنوبي، واعتماده عسكريا ودبلوماسيا على واشنطن يعنى عدم قدرته على تجاوز مسائل الحكم الرشيد ومكافحة الفساد وحقوق الانسان ذات الأهمية لدى الأمريكان.



د. عبدالله المدني

*أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: مايو 2022م


الاثنين، 23 مايو 2022

المجلس العالمي لثورة الأرز: الاستفادة من الزخم الشعبي يتطلب مسؤولين سياديين في سدة قيادة مجلس النواب، الحكومة ورئاسة الجمهورية


يهنئ المجلس العالمي لثورة الأرز الشعب اللبناني في الوطن وبلاد الانتشار على نتيجة الانتخابات النيابية التي جرت مؤخرا ولو في ظل السلاح الغير الشرعي والذي انكفأ إلى مربعه الأمني حيث فرض نفسه على الطائفة الشيعية الكريمة والتي لم تخلو يوما من الوطنيين المناضلين الأحرار الذين جاهر البعض منهم بشكل واضح وعلني بضرورة الخلاص من هيمنته عليهم. وقد بان بوضوح الرفض الشعبي لمن يغطي السلاح وبالتالي الاحتلال من بقية الفئات فأسقطت الصناديق بعضهم وهزت عروش آخرين طالما تبجحوا بتمثيل الأكثرية. كما أظهرت هذه الانتخابات أهمية الديمقراطية والتجديد في من يخوض غمار السياسة فزادت الآمال بتحسين الأداء وادخال الأفكار الحديثة والرؤى المتجددة التي تمثل مستقبل البلد وبذرة الطموح لاستعادة دوره الريادي على كافة المستويات.


من هنا يرى المجلس العالمي لثورة الأرز ضرورة العمل سريعا على الاستفادة من الزخم الشعبي والالتفات العالمي لما قام به اللبنانيون وذلك بالمباشرة بطرح التوجه الجديد وخطة عمل الكتلة السيادية للمرحلة القادمة ونحن نقترح بعض الأفكار العملية برسم ممثلي الشعب اللبناني الجدد كما يلي:

- في ملف رئاسة المجلس التي نقترح على الرئيس بري التخلي عنها طوعا ليثبت بأنه لا يزال يتذكر نضاله التاريخي بمواجهة الاقطاعية السياسية ولو في أواخر عمله السياسي وبعد أكثر من ثلاثين سنة على تسلمه هذا المنصب بدون انقطاع (اطال الله عمره). ونقترح أن يرشح النائب علي عسيران مثلا من نفس الكتلة على أن يلتزم بالشروط الواجب اتباعها لمسيرة المجلس بروحية جديدة بينما يجب الاعلان عن اسم نائب رئيس المجلس والذي نقترح بأن يكون مثلا النائب غسان الحاصباني الذي سبق ومارس هذه المهمة أو النائب ملحم خلف الملم بالقانون وبتفاصيل معاناة الناس أثناء الثورة كما يجب أيضا اعلان أسماء رؤساء اللجان النيابية المقترحة.


- في ملف رئاسة الوزراء يجب المبادرة بطرح اسم من تقترحه الكتلة السيادية لتسلم هذا المنصب فورا وبالنسبة لما نراه لن يكون هناك أفضل من اللواء اشرف ريفي الذي واجه كل المصاعب وثابر على موقفه الوطني وهو يمتلك الرؤية والوضوح والخبرة الطويلة في مجال ادارة الحكم بشفافية.


- وأخيرا يجب طرح اسم الرئيس المقترح من قبل الكتلة السيادية وقد يكون الدكتور جعجع أو غيره من الشخصيات البارزة مثل النائب ميشال معوض أو الدكتور فارس سعيد أو النائب كميل شمعون والتي تتفق عليها الكتلة وذلك ليعرف العالم منذ اليوم ما هي أطر السياسة القادمة للدولة وبرامج المرشحين.


الأحد، 22 مايو 2022

استراليا: الإنتخابات عبر ورسائل


كتب عباس علي مراد ـ

بعد الكوارث الطبيعية من حرائق الغابات إلى الفيضانات ووباء الكورونا الذي ما زالت مخاطره حاضرة، بالإضافة إلى الفضائح الجنسية التي تصدرت الحدث السياسي العام الماضي، وفضائح التقديمات المالية لمساعدة نواب الأحرار في المقاعد المتأرجحة للفوز بمقاعدهم، ضربت البلاد عاصفة سياسية عنيفة بعد الإنتخابات النيابية الفيدرالية الأسبوع الماضي حيث قلبت الوضع السياسي رأساً على عقب.

في قراءة للنتائح، أكد الناخب الأسترالي أن وعيه السياسي يتقدم على وعي السياسيين الذين من المفروض بهم قيادة البلاد حتى يتفرغ المواطنون لحياتهم. ما حصل في العقد الأخير وخصوصاً في السنوات الثلاث الأخيرة بعد الفوز المعجزة لرئيس الحكومة السابق سكوت موريسن في انتخابات عام 2019 كان له تداعياته الكارثية على موريسن وحزبه (الأحرار) الذي تحول إلى ركام سياسي بدون زعيم يعتد به بعد الإطاحة برؤوس يطلق عليها "النجوم" وإخراجها من البرلمان وأهمها وزير الخزينة جوش فرايدنبرغ.

اعتقد موريسن أن بإمكانه الحكم بمعجزة، لكن إخفاقاته جعلته شخصياً محور العمل السياسي وسُلط الضوء على ادائه وأسلوبه الذي نفر المواطنين منه ومن حكومته التي أغرقت البلاد في بحر من الدين العام (865 مليار دولار) وفشله في ان يكون قريباً من الناس ومعاناتهم وخصوصاً النساء، فاتسعت الهوة بينه وبين الشعب،  فتارة لا يحمل خرطوم ماء لمكافحة الحرائق، وتارة أخرىً اننا لسنا في حالة سباق لتأمين اللقاحات لمعالجة الكورونا، وطوراً تهربه من لقاء ضحايا الفيضانات وضحايا الإغتصاب.  

لقد نجح برنامج موريسن لحفظ الوظائف (جوب كيبر) أثناء أزمة الكورونا  رغم ما رافقه من هدر لمليارات الدولارت التي حصلت عليها بعض الشركات بدون وجه حق، ومع ذلك دافع موريسن ووزير خزينته جوش فرايدنبرغ بشراسة عن الخطة ولم يسع لإستعادة تلك الأموال.


ومن الملاحظات المهمة على حدث نهاية الأسبوع فقد أظهرت نتيجة الإنتخابات مفاجآت على أكثر من صعيد. 

1- فشل استطلاعات الرأي للمرة الثانية على التوالي بتوقعاتها حيث توقعت فوز العمال عام 2019 ليفوز سكوت موريسن بمعجزته، واليوم رغم فوز حزب العمال الا أنه  لم يحقق نصرا حاسماً ليشكل حكومة بمفرده كما كانت تتوقع كل إستطلاعات الرأي التي أصبحت مصداقيتها على المحك.

2- تراجع الأصوات الأولية للحزبين الكبيرين (عمال 31.8% وهي الأدنى منذ 100عام، أحرار 35.7%)  وهو ما  له دلالته، لأن ابتعاد الناخبين عن الحزبين يحمل رسائل قوية  بأن سياسة الحزبين لم تعد تعكس توجهات الرأي العام، وهذا التراجع مستمر من تسعينات القرن الماضي، حيث كانت النسبة تقارب 90% للحزبين بينما هي الآن حوالي 68%، وقد لعبت طريقة اختيار بعض المرشحين وإنزال المقربين من القيادة الحزبية بالمظلات في بعض المقاعد الآمنة  دوراً واضحاً حيث عاقب الناخبون الحزبين، فالعمال خسروا مقعد فولر  الذي ترشحت عنه كريستنينا كينلي بتزكية من قيادة الحزب مع أنه من اكثر المقاعد الآمنة للعمال في سدني وحتى في أستراليا. أما الأحرار فخسروا عدة مقاعد لصالح المرشحين المستقلين ولنفس السبب حيث فرض موريسن بعض المرشحين المقربين منه في (شمال سدني، ونتورث، ماكالار ووارنغا) 

3- أكثر من 30% من الناخبين اقترعوا لصالح المستقلين والأحزاب الصغيرة خصوصأ حزب الخضر الذي حقق فوزاً تاريخياً ويحتمل أن يصل عدد نوابه إلى اربعة ويمكن ان يحصلوا أعلى نسبة من النواب للأحزاب الصغيرة التى تؤهلهم للاحتفاظ بميزان القوة في مجلس الشيوخ.

النواب المستقلون وحزب الخضر لهم اهتمامات مختلفة ولكن هناك اتفاق بينهم على قضيتين مهمتين الإحتباس الحراري واقامة مفوضية فيدرالية للنزاهة ومكافحة الفساد بصلاحيات فعيلة، وهذا ما كان يرفضه سكوت موريسن الذي وصف مفوضية مكافحة الفساد في نيو سوث ويلز بأنها (محكمة كنغارو) أي محكمة ميدانية بالإضافة إلى الإنقسام الحاد داخل الائتلاف الحكومي (الأحرار والوطني) حول التغيرات المناخية وتخفيض نسبة انبعاث الكربون في الجو, 


4- حكومة موريسن هي أول حكومة في أستراليا تخسر الإنتخابات في زمن الكورنا، بينما باقي الحكومات في الولايات اعيد انتخابها وبأكثرية واضحة.

5- انتخاب أول رئيس وزراء أسترالي من خلفية غير انكلوسكونية، ومن خلفية طبقية فقيرة، هذا ما ردده انثوني البانيزي أثناء وبعد الحملة الإنتخابية  في خطاب النصر حيث قال: يمكنك ان تصل إلى أعلى المناصب بغض النظر عن اسم عائلتك او كنت من عائلة فقيرة، هذا ما أشار إليه الإعلامي ديفيد سبيرز عن فوز ألبانيزي الذي نشأ في المنازل الحكومية وإنتقل إلى (اللودج) مقر رئيس الحكومة الرسمي. 

البانيزي هو الزعيم العمالي الرابع بعد غوف ويتلم وبوب هوك وكيفن راد منذ الحرب العالمية الثانية الذي يفوز بالإنتخابات من المعارضة. 

6- فوز حزب العمال ولكن عدم مقدرته تشكيل الحكومة بمفرده حيث سيضطر الحزب للتحالف مع الأحزاب الصغيرة او المستقلين لتشكيل حكومة أقلية. 

7- ما يسمى المقاعد الآمنة لم تعد آمنة ابداً، هذا ما ظهر جلياً حيث خسر العديد مقاعدهم الآمنة التي كانوا يحتفظون بها بنسبة تتجاوز ١٠ بالمئة.

8- مصير تحالف حزبي الاحرار والوطني اصبح على المحك وحسب وزرير المالية السابق سيمون برنغهام فإن من واجب حزب الأحرارالدفاع عن قيمه.

بعد ما تقدم وغيره ما لا يتسع المجال لسرده، ما هي العبر والرسائل التي يجب على الحزبين الكبيرين استخلاصها واستنتاجها من انتخابات نهاية الأسبوع الماضي؟

رئيس الوزراء الجديد انثوني البانيزي ارتكب عدة أخطاء أثناء الحملة الإنتخابية، لكن الناخبين منحوه وحزبه فرصة تاريخية مشروطة. أما في الحكم فممنوع عليه الخطأ وبما انه اصبح هو الشخص المسؤول عليه ان يحقق أمنيات المواطنين ويواجه المشاكل والتحديات بعيداً عن لوم الأحرار على فشلهم او ارثهم الثقيل.

البداية مشجعة فخطاب الفوز الذي القاه مساء السبت الماضي كان خطاباً مهماً ومشجعاً وتوحيدياً، ولكن العبرة تبقى في التنفيذ لأن الناخبين سيكونون له بالمرصاد، واعتقد انه رأى بأم العين ماذا حصل لموريسن، وعلى البانيزي ان يتذكر دائما أن المعارضة لا تربح انتخابات بل الحكومة تخسرها.

أما بالنسبة لحزب الأحرار فبعد هزيمته المدوية وحتى لا يتوه في صحراء المعارضة لسنوات طويلة عليه إعادة النظر في سياسته والتي كلفت أستراليا والأستراليين غالياً خلال العقد الأخير، خصوصاً سياسة الحزب ومقاربته لقضايا الإحتباس الحراري والتغييرات المناخية  والطاقة وعلاقته مع النساء اللواتي صببنا جام غضبهن ضده في انتخابات الأسبوع الماضي واختيار قيادة غير جرافة سكوت موريسن كما وصف نفسه التي جرفت قاعدة الحزب بعيدا،ً والأسترالين الذين قالوا "كفى".

وصف محرر الشؤون السياسية في الهيرالد بيتر هارتشر موريسن بأنه يمتاز بعدم الكفاءة، ولديه الكثير من الإخفاقات، والكثير من عدم الأمانة والكثير من الفساد الناعم أكثر من اللازم. ويتابع هارتشر في النهاية  لم يكن لدى موريسن ما يقدمه، لا توجد لديه حلول، ولا مبادئ، مجرد صخب مفاده أن الناس لا يمكن أن يثقوا … ورد الناخبون بالمثل من خلال عدم تقديم أي شيء له في المقابل.

وقد لخص هذه الحالة وزير المالية السابق سيمون برنغهام بقوله: ان حزب الأحرار لديه الكثير ما يفتخر به، لكن هناك دروس وعبر حقيقية على الحزب ان يأخذها بعين الاعتبار ويتعلم منها ونستطيع ان نؤمن ذلك إذا ما تحركنا بسرعة. 

أما بالنسبة للمواطنين هناك عبرة مهمة هي ان المشاركة في الحياة السياسية تؤتي ثمارها، هذا ما اثبتته نتائج انتخابات السبت 21/5/ 2022 لأنه من خلال المشاركة نحمي الديمقراطية فلا يستطيع السياسيين اعتبارنا جزءاً من عدتهم السياسية والسلطوية وكأن ذلك امر مسلم به. 

أخيراً، إن الفكرة القائلة بأن حكومة الأقلية هي وصفة لعدم الإستقرار الذي يقترب من الفوضى هي كذبة استخدمها موريسن لتخويف الناخبين، مع العلم انها قد تكون أكثر مسؤولية وقد تحقق إصلاحات مهمة وتتسم بالشفافية والمساءلة، وخير مثال على ذلك حكومة نيو سوث ويلز الحالية برئاسة كلادس بيرجكليان وخليفتها دومينيك بيروتيت وهذا ما كان عليه الحال مع حكومة جوليا غيلارد الفيدرالية عام 2010-2013.

السبت، 14 مايو 2022

الشهيدة شيرين ابو عاقلة تحاكم الاحتلال وتفضح الضالعين بجريمة اعدامها


كتب سري  القدوة ـ

جريمة اغتيال الصحفية الاعلامية الفلسطينية المقدسية شيرين أبو عاقلة إثر استهدافها من قبل قوات دولة الاحتلال والفصل العنصري برصاصة في الرأس أثناء تغطية اقتحام قوات الاحتلال لمخيم جنين لترفع عدد ضحايا الشهداء والمستهدفين من الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين الذين قتلوا برصاص جنود جيش الاحتلال إلى (83) صحفية وصحفي منذ العام 1972 وتلك الجريمة التي استهدفت الإعلامية أبو عاقلة تعد عمل مقصود ومدبر واغتيال مكتمل الأركان حيث كانت ضحية مباشرة لإرهاب الدولة المنظم وحكومة التطرف الاسرائيلية التي تتصرف بعقلية العصابات الإجرامية وجاءت هذه الجريمة نتيجة التحريض الممنهج على الصحافيين الفلسطينيين الذي تمارسه دولة الاحتلال ضدهم لدورهم المهني في كشف الحقيقة وفضح جرائمه إلى جانب صمت المجتمع الدولي على جرائم الاحتلال التي يرتكبها بحق أبناء الشعب الفلسطيني بسبب ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين .


 اليوم وبرحيل شرين تركت دلائل وشهود واضحة على جرائم الاحتلال لتفضح سياسة الاعدام الميداني التي تمارسها حكومة الاحتلال وتعري منظومة القضاء والفساد الامني والأخلاقي في جيش قائم على ممارسه العدوان وفرض هيمنته بالقوة العسكرية ويبالغ في استخدام القوة ضد شعب محتل يطالب بحقوقه وقوات الاحتلال بفعلتها الشنيعة تريد التعتيم على الحقيقة والتستر على جرائمها البشعة بحق الشعب الفلسطيني لذلك استهدفت فكر ولغة وخطاب شرين الاعلامي ولتغتال الحقيقة والكاميرا وترحل شيرين تاركة وراءها ادلة واضحة لمحاكمة الاحتلال على جرائمه ولتوضع حد لسياسته التصفوية حيث يدرك الاحتلال جيداً الدور الهام الذي تلعبه وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية في نقل الحقيقة للعالم وأيضا فضح وسائل الإعلام للانتهاكات الجسيمة التي تقوم بها قوات الاحتلال كما أن الاحتلال بفعلته الشنيعة يريد تخويف وإرهاب الصحفيين والصحفيات للحيلولة دون نقل الحقيقة للعالم معتقدا ان هذا المخطط ممكن ان يمر او ينال من ارادة الاعلاميين الفلسطينيين او من وطنيتهم وإصرارهم على مقارعة المحتل مهما بلغت جبروته وممارساته العدوانية الظالمة .

ومن خلال تلك الوقائع لا بد من التحرك الدولي وعلى كافة المستويات لفضح ممارسات الاحتلال وضرورة العمل على فتح تحقيق دولي محايد ومستقل وشفاف تحت إشراف المحكمة الجنائية الدولية للوقوف على جريمة استهداف قوات الاحتلال للصحفية أبو عاقلة وضرورة إطلاق حملة دولية من قبل نقابة الصحفيين الفلسطينيين والاتحاد الدولي للصحفيين ومؤسسات حقوق الانسان الفلسطينية والعربية والمنظمات الدولية غير الحكومية لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين وذلك لمنع إفلات الجناة من العقاب .


 بات من المهم العمل وبشكل عاجل لرفع قضية حقوقية قانونية بشأن هذه الجريمة أمام المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة القادة والسياسيين الإسرائيليين الذين يحرضون علانية على قتل ابناء الشعب الفلسطيني وحان الوقت لتعمل الأمم المتحدة والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وأهمية حماية الصحافيين والطواقم الإعلامية العاملة في الأراضي المحتلة .

على الامم المتحدة اتخاذ موقف مباشر من قضية اغتيال الاعلامية الفلسطينية شرين ابو عقلة  كونها تعد جريمة مكتملة الاركان تم ارتكابها من قبل جيش الاحتلال واعتبار استهداف الصحافيين أثناء تغطيتهم النزاعات والحروب المسلحة جريمة حرب على غرار استهداف طواقم الإسعاف كونها تشكل انتهاكاً صارخاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2222) الخاص بحماية الصحافيين الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق المنازعات المسلحة كونهم أشخاص مدنيين ويجب حمايتهم بهذه الصفة بمقتضى أحكام الاتفاقيات الدولية .

الثلاثاء، 10 مايو 2022

الهند .. واحة استقرار ونمو في بحر من الفوضى


كتب د. عبدالله المدني ـ

في الوقت الذي يعيش فيه معظم دول جنوب آسيا حالة من اللااستقرار السياسي معطوفة على أزمات ومشاكل اقتصادية في صورة ارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية ونقص السلع وانقطاع الكهرباء وتدهور قيمة العملة المحلية ونفاذ خزائن الدولة من احتياطي النقد الأجنبي، على نحو ما هو حاصل في سريلانكا وباكستان، دعك بطبيعة الحال من حالتي إيران وأفغانستان .. في هذا الوقت نجد الهند وحدها، في ذلك الجزء من العالم، تتمتع بالإستقرار السياسي مع اقتصاد صاعد ونمو متواصل، ما جعلها خامس اقتصاديات العالم.

وإذا كان مصدر استقرارها السياسي هو نظامها المدني الديمقراطي المستند على دعامتي العلمانية والفيدرالية، فإن صعودها الاقتصادي ناجم عن التحولات والخطط المدروسة التي اعتمدتها الدولة منذ أن خلعت رداءها الإشتراكي البائس واعتمدت اقتصاد السوق بديلا في مطلع التسعينات، ناهيك عما يتمتع به المواطن الهندي من مهارات العمل في مختلف القطاعات بفضل التعليم الجيد والانفاق على البحث العلمي اللذين استثمرت الدولة الهندية فيهما الكثير منذ فجر الاستقلال. 

وتكفينا الإشارة هنا إلى حقيقة أن احتياطيات الذهب والنقدالأجنبي في الهند ترتفع سنويا بنسبة 21%، ووصلت اليوم إلى 561 مليار دولار، فيما يتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في العام الجاري إلى 9.2%  أي إلى مستواه الطبيعي قبل جائحة كورونا التي أدت إلى انكماش الاقتصاد في عامي 2020 و2021 بنسبة 7.3% وتسببت في فقدان ملايين الوظائف.

وفي الوقت الذي نجد فيه جارات الهند يعشن في شبه عزلة أو تخنقهن العقوبات الدولية ولا يجدن سوى التسول من الدول والمنظمات العالمية، نجد الهند محتفظة بثقلها السياسي كلاعب اقليمي كبير لا يمكن تجاهله. ولعل أوضح دليل على صحة ما نقول أنها ظلت طوال الشهرين الماضيين منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية محجة لقادة ومسؤولين كبار من مختلف دول العالم، مع سعي كل دولة إلى كسب ودها وضمها إلى صف سياستها الخارجية.

وقد تجلى ذلك أولا في زيارة قام بها نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي "دوليب سينغ" موفدا من الرئيس بايدن، وتبعها لقاء عن بعد بين بايدن ونظيره الهندي "ناريندرا مودي". وتجلى ثانيا في توافد وزراء خارجية ألمانيا وبريطانيا وروسيا والصين على نيودلهي كل على حدة، ثم عقد قمة هندية ــ يابانية. وتجلى ثالثا في محادثات هاتفية مطولة تناولت الحرب في أوكرانيا بين مودي وكل من الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" ورئيس الحكومة الأسترالية "سكوت موريسون" والرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي". ثم توج هذا النشاط بأول زيارة لرئيس الوزراء بريطانيا "بوريس جونسون" إلى الهند، وهي الزيارة التي وصف فيها الضيف علاقات بلاده بالهند بأنها "منارة في البحارة العاصفة، وحاول خلالها استمالة الهند وابعادها عن حليفتها التاريخية الروسية عبر تقديم إغراءات في صورة شراكة استراتيجية طويلة الأمد شاملة اتفاقيات إقتصادية ودفاعية وتجارية وأمنية واستثمارية وتكنولوجية وبيئية وفضائية. وخلال الشهر الجاري استقبلت ألمانيا وفرنسا والدانمارك الزعيم الهندي بحفاوة ووقعت معه اتفاقات شراكة في العديد من الحقول.

كل ما سبق إنْ دل على شيء فإنما يدل على تحول نيودلهي إلى مركز مهم للدبلوماسية الدولية، وهو في الوقت نفسه مؤشر على دور الهند ومكانتها الكبيرة وحرص المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة والمعسكر الشرقي بقيادة روسيا والصين على كسب ودها بشتى السبل.

ولعل ما يؤكد أن الهند لم تعد بلدا يفرض الآخر عليه إملاءاته أو يلوي ذراعه لإتخاذ مواقف معينة هو أن واشنطن التي اعتادت ممارسة سياسة العصا والجزرة إزاء الدول الأخرى لم تتجرأ على التلويح بعقوبات ضد نيودلهي لثنيها عن موقفها المحايد في الأزمة الأوكرانية أو عن مواصلة تعاونها العسكري والاقتصادي مع موسكو، واكتفت بتوجيه رسائل امتعاض لم تجد لها صدى في أروقة صناعة القرار الهندية. ويبدو أن لهذه السياسة الأمريكية المهادنة إزاء الهند علاقة بحرص واشنطن على استمرار وتعزيز التحالف الرباعي الهندي الأمريكي الياباني الأسترالي لمحاصرة التمدد الصيني في المحيطين الهندي والهاديء والذي تلعب فيه الهند دور تسهيل الملاحة والتجارة الدولية وتأمين أمنها واستقرارها.

كما وأن بريطانيا، تحاشت توجيه النصح للهنود حول علاقاتهم بالروس، بل أن رئيس حكومتها صرح أثناء زيارته للهند التي جاءت في خضم تعبئة بريطانية غير مسبوقة ضد موسكو، قائلا: "موقف الهند من روسيا معروف ولن يتغير. فالهند لديها علاقة تاريخية مع روسيا والجميع يحترمها".

والمؤكد أن سياسة الهند الخارجية المستقلة، وموقفها المحايد في الحرب الأوكرانية نابع من تمسكها بمصالحها الوطنيّة قبل شيء. فهي لا تريد معاداة روسيا، التي تربطها بها علاقاتٌ وطيدةٌ وتحالف استراتيجي منذ زمن الاتحاد السوفيتي، كي لا تخسر الصفقات الدفاعية والنووية والتجارية الضخمة التي وقعتها مع موسكو. كما أنها حريصة على علاقات دافئة مع الروس أملا في أن يلعبوا دور القوة الردعة ضد أي عدوان صيني على الهند مستقبلا، لأن الأزمة الأوكرانية أثبتت للعالم أن الولايات المتحدة والغرب لن ينجدا أصدقاءهما كما يجب في ساعات المحن.



د. عبدالله المدني

*أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: مايو 2022م


الاثنين، 9 مايو 2022

تنفيذ القرار 1559 بمراحل وتامين مطار ثانٍ كان موقف المجلس العالمي في الكونغرس الاميركي


واشنطن في 9 آيار 2022

قام المجلس العالمي لثورة الأرز الأسبوع الماضي بالتحضير لمؤتمر في واشنطن العاصمة الأميركية بمشاركة جمعيات لبنانية واغترابية وحضور سياسيين وأعضاء من الكونغرس وقادة راي وصحافيين واعلاميين وذلك لدراسة الوضع اللبناني الحالي ووضع خطة طريق لمحاولة استرجاع السيادة وحكم القانون. وقد حضر المؤتمر وفد من المجلس العالمي لثورة الأرز برئاسة الرئيس جو بعيني الذي حضر من استراليا كما شارك بعض الأعضاء في ادارة الجلسات وعرض النقاط العملية لاستعادة سيادة القانون وقيام الدولة في لبنان. وكان من أهم النقاط التي عرضت وتطلبت المقترحات والحلول الفورية أو الطويلة الأمد ما يلي:

- سيطرة جماعة الحرس الثوري الإيراني على الحكم في لبنان بواسطة حزب الله الذي صادر قرار الطائفة الشيعية وتفرد باستعمال السلاح لفرض هيمنته وارهابه على اللبنانيين ابتداء من الطبقة السياسية التي أجهضها بالاغتيالات من جهة وحماية نشر الفساد وتغييب القانون من جهة أخرى وصولا إلى اسقاط الدولة بمؤسساتها ونظمها المالية والاقتصادية والادارية والتي وصلت إلى الفشل الذريع وغياب الثقة ما أدى إلى افقار الناس.

- معاداة الدول الصديقة ونشر ثقافة الحقد والتخريب التي لطخت وجه لبنان في الداخل والخارج وأفقدته مساندة الأصدقاء والأشقاء على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية وحتى المعيشية.

- دفع اللبنانيين إلى الهجرة وافراغ البلاد من الطاقات وذلك لاضعاف روح المقاومة ومعارضة مشاريع الهيمنة وفرض سياسة الأمر الواقع التي لا يرضى عنها المنطق السليم.

- من هنا وجب الاسراع بطرح حل عملي وسريع لكسب الوقت ووقف النزف واستعادة المبادرة على صعيد البناء والتمسك بالانجازات واعادة تمكين المؤسسات من العمل والسيطرة على الوضع.

- وبينما يعتبر تنفيذ القرارات الدولية وخاصة منها 1559 هو المدخل لأي حل يمنع تفاقم الوضع ووقف تدخل وهيمنة جماعة الحرس الثوري الذين لا يهمهم من لبنان وأبنائه سوى تدمير الدولة لجعله قاعدة لهم على المتوسط ينطلقون منها لتهديد الغرب والشرق على السواء، فإن طرح سيطرت الدولة بأجهزتها منفردة ولو على بعض المناطق الرافضة لسلطة حزب السلاح كمرحلة أولى لوقف التدهور يعتبر الحل المتبقي والممكن لعودة الاستقرار ومنع التدهور السريع.

- وفي موضوع الانتخابات النيابية التي يعتقد البعض بأنها ممكن أن تسهم في تغيير الواقع استمع المجتمعون إلى طروحات قادة لبنانيين معارضين ومرشحين للانتخابات إن بالحضور الشخصي أو عبر الشاشة حيث عرضت وجهات النظر المتعلقة بما يجري والتخوف من الوضع الحالي ونتائجه.

وقد كان لقاء الجمعيات المنظمة وبعض الحضور مهما على صعيد تفهم كافة وجهات النظر وشرح مواقف المجلس العالمي لثورة الأرز تجاه الوضع الحالي ودقته كما قام وفد من المشاركين بزيارة لمعهد الشراكة للمحافظين CPI حيث التقوا برئيس تكتل الحرية في الكونغرس الأميركي النائب سكوت باري الذي استمع إلى بعض الاقتراحات وشرح موقف التكتل تجاه الموضوع اللبناني وأبعاده.  

 

جو بعيني، رئيس المجلس العالمي للثورة الارز


الجمعة، 6 مايو 2022

هل تفكك عملية"العاد" واقتحامات الأقصى حكومة بينت؟


كتب راسم عبيدات ـ

العملية  التي نفذت في مستوطنة" العاد" بالأمس من قبل م ق ا و م ي ن فلسطينيين التي يسكنها اليهود الحريديم المتشددين،والذين هم جزء من عمليات التحريض على اقتحامات المسجد الأقصى بشكل مستمر وهدم مسجده القبلي من أجل اقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم،ناهيك عن أنهم عراب الإستيطان والطرد والتهجير والتطهير العرقي والإستيلاء على المنازل الفلسطينية في البلدة القديمة من القدس وسلوان والشيخ جراح. مستوطنة " العاد" مقامة على قرية المزيرعة المهجرة والتي تتبع ادارياً لمدينة الرملة ..هذه العملية جاءت في ذروة احتفالات دولة الإحتلال بما يسمى عيد استقلالها،نكبة شعبنا الفلسطيني،وفي ظل حالة غير مسبوقة من الإستنفار الأمني وعمليات الحصار والإغلاق المفروضة على الضفة الغربية...وهذه العملية التي لم تستطع اجهزة امن دولة الإحتلال الوصول الى منفذيها او حتى معرفة هويتهم حتى الان،مؤشر على أن منظومة امن دولة الإحتلال،قد أصيبت بعطب في عصبها المركزي،وأن مواطني دولة الإحتلال تتعمق حالة فقدانهم لأمنهم الشخصي ..وباتوا لا يثقون لا بحكومة بنيت ولا بأجهزة امن دولتهم. وتلك العملية" ليس فقط أفسدت على المحتفلين بنكبة شعبنا الفلسطيني "إستقلال" دولة الإحتلال فرحتهم بهذا الإحتفال،بل جاءت لتقول بأن شعبنا الفلسطيني استعاد وعيه،وبات على قناعة تامة بأنه قادر على مواجهة الإحتلال ومجابهته وقادر على تحقيق إنتصار عليه،وان حقوقه المغتصبة،لن ينجح رسم ونسج وإقامة التحالفات الأمنية والعسكرية الإستراتيجية بين دولة الإحتلال والعديد من دول النظام الرسمي العربي المنهار والمتعفن في شطبها وتجاوزها ...هذه العملية التي يصنفها المحتل تحت بند عمليات الذئب المنفرد،يصعب كشفها في مراحل الإعداد والتخطيط والتهيئة والتنفيذ،تلك العمليات التي يحاول المحتل تقليل ومنع وقوعها،من خلال عمليات استباقية يسميها ب" جز العشب" تقوم على اغتيالات وتصفيات استباقية بحق من يعتقد المحتل أنهم قنابل موقوته،وكذلك الملاحقة والمطاردة المستمرة،والإعتقالات الإدارية،ناهيك عن تشديد الإجراءات الأمنية والحصار والإغلاق والتجويع ...هذه العملية السابعة التي تحدث خلال ما لا يزيد على شهرين،وواضح بأن المواجهة والمجابهة مع المحتل تمتد على طول وعرض مساحة فلسطين التاريخية،وتتوحد فيها الساحات الفلسطينية ،- 48 -،ضفة،قدس وقطاع غزة،وهذه العملية أتت في ذروة الإقتحامات للسمجد الأقصى،والتي خططت لها الجماعات التلمودية والتوراتية،بأن تكون غير مسبوقة لعدد المقتحمين،ولممارسة الطقوس والصلوات  التلمودية والتوراتية بشكل علني في ساحات الأقصى،ورفع اعلام دولة الإحتلال في ساحاته وعلى قبة صخرته،وكذلك غناء ما يعرف بالنشيد الوطني لدولة الإحتلال،ولكن تصدي المرابطين والمعتكفين والمصلين لتلك الجماعات التي لم تستطع ان تحشد الأعداد الكبيرة التي تحدثت عنها،وعدم تمكنها من رفع اعلام دولة الإحتلال،جاء كنتيجة لحالة القلق والخوف التي يشعرون بها،وكذلك حكومة الإحتلال واجهزة امنها،تدرك بأن  قوى وفصائل ا ل م ق ا و م ة الفلسطينية في قطاع غزة لن تترك القدس ولا الأقصى،ولن تتخلى عن معادلات ردعها ولا ربطها للساحات الفلسطينية مع بعضها البعض،ولذلك منعت المتطرفين من رفع اعلامهم في ساحات الأقصى.....ولتأتي بعد ذلك عملية مستوطنة " العاد" في إطار وسياق الرد الطبيعي على جرائم الإحتلال وما يحدث من عمليات اغتيال واعتقالات وحصار واغلاق وتجويع وهدم منازل،وخاصة ما تتعرض له مدينة جنين ومخيمها،وكذلك رداً على محاولة العبث بوضع المسجد الأقصى وفرض وقائع جديدة فيه لجهة تكريس تقسيمه زمانياً ومكانياً،وتغيير طابعه القانوني والديني والتاريخي،تمهيداً لإقامة الهيكل المزعوم.


من الواضح بأن عملية مستوطنة " العاد" سيكون لها تداعياتها،على صعيد الوضع الداخلي الإسرائيلي، المزيد من الخوف وعدم الأمان في جبهة الإحتلال الداخلية،ومخاطر تفكك حكومة بينت،حيث المعارضة بقيادة نتنياهو والأحزاب الدينية وقوى اليمين المتطرف،ستوجه وتقود حملة شرسة ضده وضد حكومته من أجل إسقاطها بإتهامه بالضعف والخنوع لقوى "الإرهاب" ا ل م ق ا  و م ة الفلسطينية،وكذلك الرضوخ لمطالبها بعدم السماح للجماعات التلمودية والتوراتية بتنفيذ مخططاتها التهويدية في الأقصى،والتي يدرك بينت بأن استمرارها،من شأنه زيادة الضغوط الشعبية على القائمة العربية الموحدة بقيادة منصور عباس للإنسحاب من الحكومة الإسرائيلية وإسقاطها،وكذلك حدوث انسحابات للعديد من اعضاء الكنيست ، اعضاء يمينيين متطرفين من شأنه أن يسقط تلك الحكومة،ويذهب بدولة الإحتلال نحو انتخابات مبكرة خامسة خلال ثلاث سنوات.

حكومة بينت تتزايد عليها الضغوط وتتعمق أزمتها الداخلية،والأمور ذاهبة نحو التصعيد ومطالبات بالعودة الى سياسة الإغتيالات بحق قادة  ا ل م ق ا و م ة الفلسطينية في قطاع غزة،وعلى رأسهم قائد حركة ح م ا س في قطاع غزة  يحيى السنوار،الذي شاركت كل أجهزة دولة الإحتلال،بما في ذلك صحفيين ومحللين عسكريين وسياسيين،على تحميله المسؤولية عن هذه العملية،لكونه في خطابه الأخير في ذكرى يوم القدس العالمي، دعى الى تصعيد اعمال ا ل م ق ا و م ة ضد دولة الإحتلال،بكل الطرق والوسائل بالسلاح الناري والسواطير والسكاكين وغيرها من أشكال ا ل م ق ا و م ة الأخرى.

فهل ستقود عملية مستوطنة " العاد" الى سقوط حكومة بينت من بوابتي  الأقصى وفقدان الأمن،أم أن بينت سيهرب الى الأمام ويعيد خلط الأوراق،ويقدم على عمليات اغتيال  وتصفيات بحق قادة فصائل ا ل م ق ا و م ة الفلسطينية في القطاع،ويذهب نحو مواجهة مفتوحة قد تقود الى إندلاع حرب إقليمية..؟؟.أم انه لن يجازف بذلك لأن الجبهة الداخلية لدولة الإحتلال غير قادرة وجاهزة لمثل هذه الحرب الإقليمية وبالتالي يجازف بسقوط حكومته والذهاب الى انتخابات مبكرة خامسة.

ماذا يحدث في سريلانكا وما اسباب اضطراباتها؟

 


بقلم: د. عبدالله المدني*

شهدت سريلانكا مؤخرا تظاهرات شعبية واضطرابات وفوضى اقتصادية واجهتها حكومة الرئيس غوتابايا راجاباسكا باعلان حالة الطواريء وحظر التجول وحجب مواقع التواصل وتشديد الاجراءات الأمنية، بل أدت هذه الأحداث إلى إستقالة جميع وزراء الحكومة وانتقال 16 نائبا برلمانيا من صفوف الحزب الحاكم إلى صفوف المعارضة، الأمر الذي فقد معه حزب الرئيس راجاباسكا أغلبيته البرلمانية الضعيفة أصلا، وجعله يدعو إلمعارضة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية لمعالجة الأوضاع.

الأسباب الكامنة وراء اندلاع الاحتجاجات الشعبية في هذا البلد الآسيوي الذي لا يكاد يخرج من أزمة إلا ويدخل أخرى، تتمثل في حدوث مأزق اقتصادي غير مسبوق أثرت على أحوال السكان البالغ تعدادهم 22 مليون نسمة. وهذا المأزق ناجم عن عدة عوامل تضافرت مع بعضها لتخلق أوضاعا صعبة بعد أن استبشر السريلانكيون بانتهاء الحرب الأهلية والخروج من أزمة دستورية قبل نحو ثلاث سنوات.

مما لاشك فيه أن الحرب الأوكرانية الراهنة وما تسببت فيه من قفزات كبيرة في أسعار النفط لعبت دورا في نشوء المأزق واستياء المواطنين من نقص الوقود والانقطاعات المستمرة للكهرباء لفترات تصل إلى 13 ساعة يوميا. أضف إلى ذلك تداعيات جائحة كورونا التي أدت إلى اغلاق المؤسسات وتوقف الأعمال وانقطاع الحركة السياحية (المصدر الرئيسي للدخل)، ناهيك عن انخفاض تحويلات العمالة السريلانكية من الخارج (المصدر التقليدي الرئيسي للعملة الصعبة). كل هذا وغيره أثر سلبا على قدرة الدولة على تأمين الوقود والغذاء والدواء والسلع الأخرى الضرورية. غير أن هناك عوامل داخلية صرفة ساهمت في وصول الأوضاع إلى حالة حرجة وكارثية. إذ لا يجب إغفال دور الحكومة الشعبوية الحالية في هذه الفوضى، كونها راهنت على الأغلبية السنهالية ومنظماتها المتشددة في تشييد نظام حكم مركزي صارم مع وعود بالإزدهار التي فشلت فيه الحكومات الإئتلافية السابقة.


فالرئيس راجاباكسا قدم خلال حملته للفوز برئاسة سريلانكا في عام 2019 رؤية للإستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي بعد سنوات من المماحكات السياسية والانحدار الاقتصادي، وبموجب هذه الرؤية أقدمت حكومته بعد فترة وجيزة من توليه السلطة، على تخفيضات ضريبية ضخمة أدت إلى خفض إيراداتها بنسبة 28٪ (بحسب بيانات البنك المركزي السريلانكي). ما خلخل مسار الضبط المالي الذي سلكته الحكومة السابقة، وما تعارض أيضا مع نصائح ومراجعات صندوق النقد الدولي لعام 2019 التي تضمنت ضرورة بذل جهود متواصلة لزيادة الإيرادات في عام 2020 حماية للإقتصاد الوطني من الصدمات والضغوط مع السماح بمرونة سعر صرف الروبية. 

كان من نتائج رؤية راجاباسكا أن راح اقتصاد البلاد ينحدر إلى الحضيض عاما بعد آخر مع تضاعف العجز التجاري (حتى وصل إلى 1.1 مليار دولار) وانخفاض احتياطيات النقد الأجنبي (حتى وصل الشهر الماضي إلى 2.3 مليار دولار فقط بعد أن كان 7.6 في عام 2019) وتفاقم مشاكل سداد السندات المستحقة (حتى بات عليها سداد مليار دولار مع حلول يوليو المقبل). وفي محاولة منها للسيطرة على الوضع قامت الحكومة باجراءات تضمنت خفض قيمة العملة المحلية وكبح جماح الوارادات ورفع أسعار الوقود وأسعار الفائدة، لكن تلك الإجراءات لم تأت بالنتائج المرجوة.

وبقرار كولومبو إغلاق برنامج صندوق النقد الدولي في البلاد في أوائل العام الماضي، زادت متاعبها خصوصا بعدما تم تخفيض التصنيف السيادي لسريلانكا إلى B- أولا ثم إلى CC فصارت بموجب ذلك مقييدة لجهة الوصول إلى العملات الأجنبية، الأمر الذي لم تجد معه مفرا من اللجوء إلى احتياطياتها من النقد الأجنبي لتسوية مدفوعاتها. وطوال هذه الفترة كابرت الحكومة فلم تذهب إلى صندوق النقد الدولي لطلب خطة انقاذ طارئة بحجة أن ذلك سوف يعرض سيادة البلاد للخطر، وفضلت، بدلا من ذلك، أن تلجأ إلى صفقات مقايضة مع كل من الهند والصين.

غير أنها، مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية في أوائل العام الجاري، وتجنبا للإفلاس، اضطرت متأخرة كثيرا إلى طلب حزمة إنقاذ مالي من صندوق النقد الدولي، والسعي بالتزامن للحصول على قروض عاجلة من الهند.

وبطبيعة الحال، رأت نيودلهي في أزمة جارتها فرصة لتعزيز نفوذها الجيوسياسي هناك في مواجهة سياسات بكين المعروفة للتمدد في المحيط الهندي. وهكذا وافقت الحكومة الهندية على فتح خط ائتمان بقيمة مليار دولار لمساعدة كولومبو على شراء السلع الأساسية ، بما في ذلك النفط والأدوية. كما أنها قبلت إجراء محادثات مع نظيرتها السريلانكية لتقديم قرض للأخيرة بقيمة 1.5 مليار دولار.

أما صندوق النقد الدولي فقد قال في بيان له أنه لا يجري حاليًا محادثات مع كولومبو، لكنه يتعاون مع سلطاتها لتحديد برنامج إصلاح هيكلي شامل لسريلانكا يضمن لها اللازم النمو المستدام، مضيفا أن أي خطة تقدمه لأنتشال هذه البلاد من مأزقها وتجنيبها الإفلاس لا بد أن يشمل إجراءات صارمة وطويلة ومؤلمة مثل خفض الإنفاق الحكومي والإعانات ، وخصخصة الشركات المملوكة للدولة ، ووقف طباعة النقود ، وتعويم سعر الصرف ، وتسريح العاملين في القطاع العام، وهو ما يناور الرئيس راجاباسكا حوله خوفا من نقمة شعبية عارمة قد تطيح به.



د. عبدالله المدني

*أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي من البحرين

تاريخ المادة: أبريل 2022م


الأحد، 1 مايو 2022

هل الحرب الإقليمية باتت وشيكة؟


كتب راسم عبيدات ـ

 جاء  بالأمس السبت خطاب السنوار زعيم حركة ح م اس في قطاع غزة منسجماً ومتناغماً ومتفقاً مع خطابات بقية قادة محور ا ل م ق ا   و  م ة في المنطقة من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإمام علي خامينئي الى قائد حرس ا ل ث  و ر  ة الإيراني الجنرال حسين سلامي الى سماحة السيد ح س ن ن ص ر  ا ل ل  ه والسيد عبدالله الحوثي زعيم أ ن ص ا ر  ا ل ل ه اليمني وزياد النخالة أمين عام حركة ا ل  ج ه اد ا لإ س لا م ي،فجميعهم أجمعوا ان معركة القدس والأقصى قادمة،وأن علي الجميع شحذ الهمم والإستعداد لتلك المنازلة الكبرى،فعندما يقول سماحة السيد بأن شعار ومقولة نحتفظ لأنفسنا بالرد في الزمان والمكان المناسبين قد سقط الى غير رجعة،كما قال سابقاً بان زمن الهزائم قد ولى وهذا زمن الإنتصارات،وسيكون هناك رد فوري على أي عدوان اسرائيلي، يستهدف دول وحركات محور ا ل م ق ا  و  م  ة ،وان زوال الأماكن الدينية اسلامية ومسيحية في القدس "الأقصى " و" القيامة" يعني زوال دولة الإحتلال،و وكذلك عندما يؤكد السنوار على أن سيف القدس لن يغمد وسيبقى مشرعاً حتى تحرير القدس والصلاة في الأقصى،وأن المعركة لم تنتهي مع نهاية شهر رمضان المبارك،بل ستبدأ مع سعي الإحتلال لفرض التقسيم الزماني في الأقصى،وعلى الشعب الفلسطيني أن يعد أسلحته لهذه المعركة والمواجهة من سلاح ناري الى فؤوس وسكاكين،وعندما تقول طهران بأن أي عدوان على أي وجودات لها في المنطقة،فهذا يعني من ضمن الردود قصف يطال عمق دولة الإحتلال،فهذه كلها مؤشرات على أن هناك منازلة كبرى في الطريق ليست بالبعيد،وسنفصل عنها في هذه المقالة.


يجمع قادة محور ا ل  م ق  ا  و  م  ة على مركزية قضية القدس في الصراع مع المحتل،ولذلك أطلقوا على اسم حلفهم ومحورهم،"محور القدس"،القدس التي جعل لها المرشد الأعلى لل ث و ر  ة الإيرانية آية الله الخميني  قدس الله سره ورضوان الله عليه،يوماً خاصاً بها في الجمعة الأخيرة من كل شهر رمضان المبارك منذ 43 عاماً،في استشراف للمستقبل،ووضوح في الرؤيا السياسية قل نظيره،فيوم القدس الذي كان يجري الإحتفال به في العديد من البلدان العربية والإسلامية،بات اليوم يحتفل به الملايين في العواصم والمدن العربية والإسلامية،في رفع لمنسوب الوعي بأهمية قضية القدس ومركزيتها في الصراع مع المحتل،وبأنها ما زالت قبلة الشعوب العربية والإسلامية وبوصلتها،وهنا نخص بذلك اليمن وايران.

هناك الكثير من المتغيرات والتطورات المتلاحقة والمتسارعة،وهناك الكثير من صواعق التفجير التي قد تدفع نحو انفجار المنطقة والإقليم،فالإحتلال بات يخشى من قيام حرب تترابط فيها الساحات الفلسطينية وساحات محور ا ل م ق ا و م ة،والأزمة الداخلية السياسية التي تعصف بحكومة الإحتلال...والصواعق التفجيرية للمنطقة والإقليم ،منها ذكرى نكبة شعبنا الرابعة والسبعين "يوم العودة" وما يسمى بمسيرة الأعلام في ذكرة يوم " توحيد القدس" استكمال إحتلال القسم الشرقي من المدينة،وسعي المحتل لفرض التقسيم الزماني والمكاني في الأقصى ..ولعل المناورات العسكرية الواسعة التي ستقوم بها دولة الإحتلال الشهر القادم وتستمر شهراً كاملاً بمشاركة لكل قطاعاتها العسكرية جوية وبرية وبحرية ...والتي قد تدفع نحو نشوب حرب شاملة،كنتاج لسيطرة القوى " الداعشية" ال ص ه ي و ن ي ة على القرار السياسي في دولة الإحتلال،وتحكمها في بقاء وسقوط الحكومة الإسرائيلية الحالية وأي حكومة قادمة ..ولعل المعادلات الجديدة التي تحدث عنها السيد في خطابه في ذكرى يوم القدس ، بالرد على أي هجوم اسرائيلي بشكل فوري ومباشر،في أي استهداف اسرائيلي لأي قوة من قوى محور ا ل م ق ا و م ة ..يؤشر الى زمن خوض اسرائيل لمعركة بين حربين قد ولى ... المستقبل القريب،بات يحمل الكثير الكثير من العوامل التي تدفع نحو الحرب الشاملة .





يجمع قادة دولة الإحتلال بأن العمليات التي جرت وتجري في فلسطين سواء في الداخل الفلسطيني- 48 – او في الضفة الغربية والقدس،هي نتاج لمعركة او عملية ما يسمونه ب "حارس الأسوار،عملية سيف السيف القدس،وبأن تلك العمليات الفردية من طعن ودهس واطلاق نار،هي الأخطر على دولة الإحتلال،ـتلك الدولة القائمة على الجمع بين الأمن والإحتلال،فهذه العمليات  من الصعب كشفها في مرحلة التهيئة والإعداد والتخطيط والتنفيذ،فلا يمكن رصدها او استشعارها لا بالأدوات البشرية ولا بالوسائل التكنولوجية من أجهزة  تجسس ورقابة وغيرها.  

وهذه العمليات تحفر عميقاً في مستقبل دولة الإحتلال  وجبهته الداخلية،التي بات المواطن " الإسرائيلي" يعيش حالة من فقدان الأمن الشخصي،ويتولد لديه شعور بعدم الثقة بجيش وأجهزة مخابراته غير القادرة على توفير الأمن له،وكذلك هذه العمليات تقول بأن ما يسمى بمنظومة الأمن الإسرائيلي التي بني عليها هالة كبيرة من القدرات "الخارقة" ،هي منظومة هشة ومن السهولة اختراقها.

دولة الإحتلال باتت تشعر انها تتعرض لخطر وجودي،وبان مشروعها المتعلق بإقامة "اسرائيل" الكبرى أخذ في الإنكفاء خلف الجدران والأسوار،وان هذه الدولة أصبحت محاطة ب"غابة" من الصواريخ،وبأن الوقائع والمعطيات تفرض عليها خوض حرب على أكثر من جبهة في آن واحد،وهي التي على مدار صراعها مع العرب والفلسطينيين،تحرص على خوض معاركها وحروبها وتوقيع المعاهدات والإتفاقيات معهم بشكل منفرد،اليوم لم يعد هذا ممكناً بعد ان رسم قادة محور ال  م ق ا  و  م ة معادلاتهم واستراتيجياتهم الردعية والعسكرية ،وهي تدرك بأن قادة هذا المحور يشكلون نواة صلبة وخطراً حقيقياً  على وجود دولة الإحتلال،ولذلك خرجت صحافة الإحتلال ومحلليه العسكريين صباح هذا يدعون الى اغتيال قائد حركة ح م اس في القطاع السنوار،وان إطلاق سراحه خطئاً لأنه ساهم في قلب معادلات فلسطينية وعربية وإقليمية.

قادة دولة الإحتلال هم يدركون بأن معركة "سيف القدس" في أيار من العام الماضي هشمت دولتهم سياسياً وعسكرياً،واعادت ربط الساحات الفلسطينية قدس و 48 – وضفة وقطاع غزة،ويقر قادتهم بفشل مسيرة اوسلو ،وهم يعرفون جيداً بأن خوض حرب مفتوحة عنوانها" القدس والأقصى" ستوحد ليس فقط الساحات الفلسطينية،بل ربما ستذهب في الوضع الى حرب اقليمية  تخشاها اسرائيل،فهي تدرك بأن اسلوبها التكتيكي الذي يعطيها التفوق ما يسمى بمعركة بين حربين،والقائم على الإنهاك المستمر للعدو بإستخدام قوة عسكرية كبيرة،لم يعد ممكنا،وهي تعرف تماماً بانها غير قادرة على الذهاب لحرب شاملة قد تكلفها وجودها،وكذلك غير قادرة على دفع ثمن تسوية سياسية تستجيب للحد الأدنى من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.


دولة الإحتلال لأول مرة تواجه خطر وجودي،وهي تقر بأن القيود التي فرضت عليها في "غزوة" الأقصى ،يوم الأحد 17/4/2022،والتي ارادت من خلال اقتحام جيشها وشرطتها للمسجد القبلي في تجاوز للخطوط الحمر،ان تقيس ردة فعل الشارع المقدسي خاصة والفلسطيني عامة،ومواقف المرابطين والمعتكفين والمصلين،لكي تستكمل وترسم مشروع التقسيم الزماني والمكاني للأقصى،وتسمح للجماعات التلمودية بممارسة أخر طقوسها التلمودية والتوراتية في ساحات الأقصى،إدخال ما يعرف بقرابين الفصح وذبحها في الأقصى،ولكن الصمود الأسطوري و ا ل م ق ا و م ة الشرسة وتهديدات قادة ا ل م ق ا و م ة واجنحتها العسكرية من القطاع،جعلت حكومة الإحتلال تتراجع عن الإستمرار في مخططها ومشروعه لإرضاء الجماعات التلمودية والتوراتية،ومنعت إقتحامها للأقصى في العشر الأواخر من شهر رمضان،وفرضت قيوداً على مسيرة اعلامها ومنعها من الوصول الى ساحة باب العامود،وبهذا تكون كما قالت الصحافة الإسرائيلية،بأن  ح م ا س انتصرت في معركة الوعي،وهي لم تسيطر على الأقصى بالمعنى المادي،وصمود وثبات المرابطين والمعتكفين والمصلين في الأقصى،دفعت السنوار للقول بأن مناظر جنود الإحتلال وهم يقتحمون الأقصى يجب ان لا تتكرر.

حكومة بينت تعيش ازمة سياسية داخلية عميقة،ليس سببها فقط فقدان النصاب والشرعية في الكنيست،ولكن فقدانها لمنظومة الردع والإتهامات لها بأنها ضعيفة امنياً أمام الفلسطينيين وايران،وكذلك الخوف على سقوط الحكومة،بسبب تحكم "الداعشية" اليهودية في القرار السياسي الإسرائيلي،وتفكك وتفتت وتشظي الأحزاب الإسرائيلية الكبرى وضعف دورها في القرار السياسي،كل ذلك قد يدفع ببينت للقيام بعملية هروب للأمام والتصعيد والذهاب الى حرب،وخاصة أن المتغيرات التي تحدث على مستوى العالم والإقليم والمنطقة، لا تجري رياحها بما تشتهي اسرائيل،فالمتغيرات الحاصلة نتيجة الحرب الروسية الأمريكية الأوروبية الغربية على أرض اوكرانيا،وما قد يتمخض عنها من المزيد في التراجع للمشروع الأمريكي وبروز عالم تعددية قطبية ،والإنشغال الأمريكي في الأزمة الأوكرانية،وتراجع الإهتمام بالملف النوي الإيراني مقلق،وقد يجعل ايران تتقدم كثيراً في برنامجها النووي نحو إمتلاك القنبلة النووية،وحلف التطبيع العربي الرسمي،غير قادر على مساعدة اسرائيل وحمايتها وتوفير الأمن لها.ولذلك كل أجواء المنطقة المتلبدة والمتفجرة،تجعل دولة الإحتلال التي أعلنت عن القيام بأوسع مناورات عسكرية على الحدود الشمالية بمشاركة كل قطاعاتها العسكرية جوية وبرية وبحرية تقترب كثيراً من الإنفجار،وخاصة اذا ما ارتكب بينت وحكومته حماقة في الأقصى او القيام بعملية عسكرية تجاه قطاع غزة او لبنان.